الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى الثالثة للثورة.. هل جنت المرأة السودانية ثمار تضحياتها؟

مزدلفة عثمان

2021 / 4 / 11
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



يسود إجماع واسع وسط السودانيات والنخب، وكل من كان يرصد حراك الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، بأن السودانية لم تحصد أي ثمار توازي التضحيات الجسام التي قدمتها على مدى 5 أشهر قادت خلالها آلاف النساء والشابات احتجاجات الشوارع الطويلة وحزن تبعا لذلك نصيبا وافرا من الاعتقال والمطاردات ولم يسلمن من الضرب والتنكيل والتحرش.
وفي الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يتحدث في ولاية جنوب كردفان ظهر أول أمس الخميس معترفا بأن تمثيل المرأة في السلطة لا يزال دون الطموح، ثم يشير إلى أن الصفوف الأمامية، في مؤتمر السلم والأمن والتنمية الذي تسلم توصياته، محتكرة للرجال، كانت مئات النسوة يجبن شوارع الخرطوم مطالبات بإصلاح القوانين ومنددات بالدعوات لضربهن في الشوارع بسبب الزي غير اللائق في نظر البعض.
مطالبات بتفعيل نص القانون الملغى
وكانت دعوات تسيدت مواقع التواصل الاجتماعي طوال الأسبوع الماضي تحرض على جلد كل من لا ترتدي زيا محتشما، وهو عين ما كان يتم تحت ستار قانون النظام العام الذي تم الغاؤه بعد الثورة، وعززت تلك الدعوات مطالبات مدير شرطة ولاية الخرطوم بتفعيل نص القانون الملغي مما أثار بوجهه موجة متعاظمة من الغضب أثمرت عن إقالة المسؤول الشرطي من منصبه.
وللتعبير عن حجم السخط على الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الانتقالية مع قضايا المرأة والاستمرار في وضعها بحالة الانتظار، تنادت تجمعات نسوية لإسماع اصواتهن لأعلى الجهات القانونية، فكان 8 أبريل/نيسان موعدا لتسليم مذكرة للجهات العدلية متضمنة مجموعة مطالب، وللمفارقة فإن الموكب النسوي وأثناء طريقه الطويل من وزارة العدل إلى النيابة العامة تعرضت فيه عديد من المشاركات للتحرش فلم يترددن باللجوء إلى القانون وتدوين بلاغات ضد الفاعلين.
البيان النسوي
وتطالب النسوة في مذكرتهن المعنونة (البيان النسوي) بضرورة مشاركة النساء في كافة مستويات الحكم بالمناصفة على الأقل، وتعديل قانون الانتخابات للسماح للنساء بالترشح بالإنابة عن مجتمعاتهن وليس فقط ضمن القوائم النسوية، مع ضمان مشاركة النساء الفاعلة في مباحثات السلام، وإعداد الترتيبات الأمنية وآليات العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية.
ودعين لإزالة كافة العقبات التي تحد من المشاركة السياسية الفاعلة للنساء، بما في ذلك ضمان المساواة داخل الأسرة وإلغاء كافة القوانين والسياسات التمييزية بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية، القانون الجنائي، قانون العمل، وسن تشريعات وسياسات تجرم التمييز القائم على النوع، وطالبن كذلك بمساواة النساء أمام المحاكم والاعتراف بالشهادة الكاملة في القضايا الجنائية.
وطالبن بمنحهن الحق في استخراج الأوراق الثبوتية لأطفالهن وبالأخص منح الأمهات حق منح اسمهن لأبنائهن في حالة الأب مجهول الهوية أو فشل إثبات النسب، والحق في الطلاق وضمان حصول النساء على جزء من الثروة المتحصلة أثناء الزواج حتى في حالة الفراق، اعترافاً بمساهمتها الاقتصادية المتمثلة في مهام الرعاية ومساواة النساء في الميراث، إضافة إلى مطالب أخرى عديدة.
المساواة النوعية
كما دعين إلى اعتماد مرجعية المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بالمساواة النوعية في كافة التعديلات والإصلاحات القانونية والسياسية، مع ضمان أمن وسلامة النساء والفتيات في الفضاء العام والخاص، بتشكيل نيابات ومحاكم متخصصة في التعامل مع العنف القائم على النوع.
ومن بين المطالب كذلك إصلاح منظومة إنفاذ القانون والقضاء لضمان سيادة حكم القانون وبناء مؤسسات عدلية تلبي التطلعات للعدالة، وتحترم الحقوق والحريات والتنوع الثقافي والديني والنوعي والإثني.
إقصاء النساء
وتؤكد الصحفية المدافعة عن قضايا المرأة عائشة السماني إن النساء لم يحصدن ولو 1% من مقدار التضحية التي قدمنها طوال 30 عاما في مواجهة حملات التنكيل المستمرة التي كان يمارسها قادة النظام المعزول.
وتشير إلى أنه برغم تعهدات الحكومة بإشراك النساء في صنع القرار فإن ذلك لم يحدث، لسيطرة "الفكر الذكوري" كما أن الخطاب الديني "السلفي المتشدد" أيضا لا يزال مسيطرا ويعمل على تكبيل حرية المرأة.
وترى عائشة أن الإرادة السياسية غير متوافرة لدى قادة الحكومة الانتقالية لمساندة قضايا النساء والتوقيع على اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" والتي تحمى النساء من عنف كثيف يطالهن باستمرار.
وترفض الحديث الشائع عن عدم توافر كوادر نسوية مؤهلة لخوض العمل السياسي العام أو التنفيذي، وتشير إلى أن الأحزاب السياسية تلعب دورا بإقصاء النساء من المشهد بسبب تحكم "العقلية الذكورية" داخلها.
وسبق أن أعاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قائمة مرشحين للمقاعد الوزارية إلى التحالف الحاكم (قوى الحرية والتغيير) بسبب عدم تمثيل النساء بالقدر الكافي، لكن قوى التحالف لم تلتزم بتقديم مرشحات لتقلد الوزارات كما يقول مسؤول رفيع بالحكومة للجزيرة نت، علاوة على أن المجتمع السوداني لا تزال تتسيده عقلية متشددة حيال ولاية المرأة للشأن العام حيث ترى كيانات قبلية أن تنصيب امرأة حاكما فيه تقليل من شأن الرجال، وهو ما واجه حكومة حمدوك حين قررت اختيار امرأة لمنصب الوالي في نهر النيل شمال البلاد.
بطاقة تنافس
وتصف هالة الكارب المديرة الإقليمي لشبكة المبادرة الإستراتيجية لنساء القرن الأفريقي (صيحة) أحوال النساء ما بعد الثورة بالمحزن جدا.
وتضيف : مع الأسف مشاركة النساء ودعمهن للتغيير لم تحظ بأي تقدير من مجموعة النخب التي تولت الحكم في السودان، ورغم ادعاءات الحكومة الانتقالية في المحافل الدولية وغيرها أنها بصدد القيام بتغييرات جذرية حول أوضاع النساء والفتيات في السودان فإنها تجاهلت أوضاعهن داخليا".
وتعتقد الكارب أن حقوق المرأة باتت تستخدم بطاقة للتنافس السياسي بين قوى التغيير وبقايا النظام السابق، وهو ما أدى -كما تقول- إلى تواصل الانتهاكات التي كانت تحدث واستمرار التحقير والتهميش للنساء الفقيرات اللائي يشكلن الغالبية، كما تغض الحكومة الطرف عن خطاب الكراهية الذي يروج له "الظلاميون" في الشوارع.
وبحسب المسؤولة الإقليمية فإن الحكومة تعطي هذه القوى الضوء الأخضر للتعدي وانتهاك حقوق النساء دون أن تحركا ساكنا، وبالتالي فإنها تتحمل مسؤولية ضعف القوانين والسياسيات والتباطؤ في اتخاذ خطوات فاعلة في توفير بيئة آمنة للنساء والفتيات وتقدير حقيقة أن أوضاعهن تستحق الاهتمام لأن حقوقهن انتهكت بشكل منظم طوال العهد السابق خاصة في مناطق النزاعات والحروب.
وتنتقد الكارب بشدة إهمال الحكومة الانتقالية لأوضاع النساء في دارفور بعد أن بات الاغتصاب أمرا اعتياديا على غرار عهد البشير الذي أدانته المحكمة الجنائية بسبب حزمة انتهاكات بينها جرائم الاغتصاب بحكم وجوده على رأس الدولة، ثم تردف "ما الذي يجعلنا لا ندين الحكومة الانتقالية الحالية بذات الجرم لأنهم أيضا جالسون في أعلى السلطة دون فعل شيء لوقف الجرائم المنظمة والعنف الذي تواجهه النساء".
مسؤولية الأحزاب
وتحمل القيادية في حزب المؤتمر السوداني هنادي الصديق القوى السياسية مسؤولية الإخفاق في تمثيل النساء بالقدر المتفق عليه في الوثائق المكتوبة حيث يفترض أن تصل نسبة المشاركة في هياكل الحكم إلى 40%، وهو ما جانبه الواقع في كل تكوينات الحكومة الانتقالية التي أعقبت الثورة.
وتشير إلى أن عديد من الأحزاب لم تهتم بتأهيل الكادر النسوي وترفيعهن لمستوى قيادي في حين يغيب الوعي السياسي عن أخريات ينتظمن صفوف الأحزاب، وهو ما ينعكس على الأداء العام حين تتولى شخصية نسوية مقعدا تنفيذيا دون أن تتمتع بالكفاءة، مستشهدة بالتمثيل النسوي في أول تشكيل حكومي بعد الثورة حين قدمت الوجوه اللائي تقلدن المناصب أداء خجولا "دون الطموح".
وفي المقابل، تؤكد الصديق أن عديدا من الأحزاب تؤثر التضحية بكفاءة امرأة لترفيع رجل مكانها أو تحدث في أحيان كثيرة عملية إقصاء متعمد بسبب تلك النظرة القاصرة التي ولدت أجساما نسائية تحاول الانعتاق من الكيان الحزبي، وهو في رأيها يعكس مؤشرا خطيرا ينبغي تداركه بمنح النساء وضعهن داخل الكيانات الحزبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب


.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة




.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات


.. المحتجة إلهام ريدان




.. المعلمة المتقاعدة عفاف أبو إسماعيل