الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الهاوية -4*

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 4 / 12
الادب والفن


عندما تقدّم المجهول بخطى ثابتة نحونا عرفناه ، لم نعد نخاف منه ، لم يعد مجهولاً ، بالعكس تماماً كان معروفاً،واضحاً ، فقط نحن من موهنا حقيقته ، وصنعنا منه بعبعاً نخافه، لأن داخلنا يطلب ذلك الخوف. ذلك المجهول معلوم أكثر من خطواتنا المترددة في الذهاب لمقابلة عمل ، فقد جهلنا قدراتنا ، إمكانياتنا، دواخلنا ، وبعض نبضات قلوبنا ، نفكّر بقصورنا الذي منعنا من الفرح ، ولا ندري أنّنا نحن من وضع العراقيل أمام الفرح، أو أنّنا نحن من كبّل نفسه بأشياء ليست ذات قيمة . نعم . المجهول هو نحن ، أما ما نسميه المجهول فهو ملك لا يتنازل عن عرشه. ملك ظالم لكنّه واضح المعالم ، ومعلوم جداً .
نشأت على الخوف من جميع الأشياء ، تحدّيت جميع الأشياء، وصفوني بالمرأة القوية ، بينما كنت في أغماقي مكسورة . ابتعدوا عنّي لأنّني مطلّقة ، وكأنّه ذنبي أن أبي زوجني في الثالثة عشر من عمري .
ألمح في نظرات الجيران تحاشياً للحديث معي ، هم يخافونني لأ،ني وحيدة، يخشون أن أحلّ ضيفاً على مائدتهم كي أبعد الملل عن نفسي.
رغم أن تجربتي في الزواج كانت مرّة، لكنّني كنت أسعى دائماً إلى زواج متوازن، وعندما طلب يدي رجل أحبني رفضت طلبه!
يبدو أنّني منذ طفولتي مصابة بالنّحس

فخطواتي الأولى كانت غريبة الأطوار ،
بكائي مخنوق لا تسمعه أمّي،
لا يكترث له حتى الزّوار .
تعلّقت بالوحدة ، اخترت مساري
داعبت القمر في ليل صيف
كان لي ، فأهل الدار نيام
كتابي بيدي ، نجم يدوّن أسراري
نسيم يهبّ على وجنتي فأنتشي
يحضرني الفرح ، أسرح في خيالي
حالمة أبداً ، أفق بعيد يشدني
أصنع عالماً من خيالي
لولاه لما أكملت مسيرتي
كان النهار بائساً ، الليل يحاكي آمالي
عشت في الليل ، وعاش بي
أحياناً أراقصه ، و في مرات ينساني
. . .
-كم هو ممتع حديثك ياانوال !
ماذا أقول عن نفسي ، و أنا الذي كنت أتباهى ببذلتي العسكرية، و بقيادة الطائرة ، و رغم أنّهم كانوا يعلموننا أن نضرب أهدافاً وهمية نسميها عدّواً لم يخطر ببالي أنّنا سوف نخوض حرباً حقيقية ، في الحقيقة لم تكن حرباً حقيقية، لم تكن ظهورنا محمية، وكنا ضحية السياسة . لقد دخلت كليّة الطيران كي يصبح عندي دخلاً وعائلة، و أطفالاً وليس من أجل أن أصبح قاتلاً . الآن أنا ضحية ، غير موجود في الواقع.
لا أحد معنيّ بتضحياتك
أصبحت ضحيّة،
الضحايا يلامون
يغادرهم أقرب الناس لهم،
مهما قدّموا يحاسبون ،
يقلل الجميع من شأنهم
يتجنبونهم
صوت الحقيقة لا نسمعه
نقف مع الظّالم
نصنع منه بطلاً
ينزوي المظلومون في العتمة
خوفاً من أن يقام عليهم الحدّ،
ربما أقاموا عليهم كلّ الحدود
أنت غير محمي بمجتمع أو قانون
يخافون منك لأنّك فقير، لأنّك مقهور، لأنّك سجين
يهربون كي لا يلوّث صعودهم اسمك
حتى لو كنت أباً أو أمّاً أفنت حياتها لآجلهم
لا حد يهتم لشرف النساء عندما يملكن القوة
ولا لبطولة الرّجال عندما يملكون المال
فقط أنت البطل لليوم ، نرفعك على أكفنا إلى القبر
، غداً نسجل على صفحتك تهمة الخيانة
نحن مهوسون بالتنكيل بالضحية
كان الأسر عندي نمط حياة
تعودت على الرتابة
على انتظار وجبة طعام
على إلغاء الحلم ، وعدم البحث خلف الباب
كنت أعيش أيامي، لا أعرف كيف تمرّ ، عندما مرّت عليّ السّنون تمسكت بذلك المكان ، لا أعرف أين أذهب فيما لو خرجت ، سوت على غير هدى، وندائي يرفض التغيير، لم أعد أؤمن أنّ التغيير القادم قد يكون إلى أفضل، لكنها مضت في غمضة عين ، وها أنا أقف حائراً دون هوية أو انتماء .
أبعديني يا حبيبتي عن ماضيّ ، عن حاضري ، وحدك تستطيعين إعادة بنائي، فقد خسرت ذلك النّور الذي كان داخلي، خسرت الأمل ، لم أتوقع أن ألتق بشخص مثلك ، كلي توق أن نكمل حياتنا معاً ، ففي المساء ينكمش جسدي من الوحدة لو لم تكوني في حياتي . العمر يبدأ في الستين، ولا زلنا صغاراً على الحبّ.
-أعرف أنّك صادق بمشاعرك ، لكنّك لست في الستين من عمرك، لولا ذلك الحزن الذي يكسو جسدك من رأسك حتى أخمص قدميك لبدوت شاباً في الثلاثين، مع ذلك كنت أبحث عن رفيق يؤنس وحدتي، كنت أنظر في عيونهم فأراهم ذئاباً، أختبئ منهم . البعض يقول لي مجاملاً : الحياة دون رجل أفضل . لا يأتي منهم سوى المتاعب، ومن جرّب حظه مرّة عليه أن لا يتعب نفسه.
تجاوزت فكرة الضّحية منذ عشرين عاماً، بحثت عن شخص يقبل بي كما أنا ، لكن لا أحد . أنت الشخص الوحيد الذي يقول لي ما يقول ، أنا أيضاً أرغب بقضاء أيامي مع رفيق يفهمني ، وهذا لا يعني أنّني ملاك . لا تدعني أنفجر غضباً ، كي أحافظ على رصانتي . لا بأس أن نكون أصدقاء نعيش تحت سقف واحد ، فالصداقة لا تعترف بفوارق العمر .
أرى أن العالم لا زال ينظر لي بالغيرة في مسيرة فشلي .

لا زال العالم يغار منّي
لأنني أنا، قد لا أكون أنا
لا زال البعض له موقف مبدئي منّي
وضعني يوماً تحت مرآته
وفسرّني ضمن محظوراته
غادرت أيامه بهدوء
نسيته ، نسيت حكاياته
الليل ملعب حبّي وحربي
لا أحتاج سواه، يفسرني ، و يتبع دربي
لو كنت تدري كم كانت ليلتي حانية
لأرفقت بها ، أنهكتها
كلما عاندتها تعانقني
ولا نغفو ، الوقت يداهمنا
بناء على نصيحة الليل
نسيت أسماء البعض
ومن فرّ مني
فأنا هي أنا
و أنت تغار منّي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع