الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقات تونسية في مقامة قيسيّة

الطايع الهراغي

2021 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


" وضع الحرب بغير مكان الحرب وحيث مكان الحرب تقلّد سيفين من الخشب "
-- مظفّـــــر النّـــــواب--
" وقد وصلت الرّسالة التي بحرها بالحكم مسجور ومن قرأها مأجور"
-- أبو العلاء المعرّي / رسالة الغفران --
قيــل : استأذن العقــل علــى الحــظّ فلــم يــأذن لــه .فقــال لــه: لــِم لـــم تــأذن لـــي ؟. قــال : لأنّـــك تحتـــاج إلـــيّ ولا أحتـــاج إليـــك " .
آلة صاحب الدّولة السّيف للتّرويع والقلم للتّرويض . في انتظار أن ينتصر العقل على الجنون اختار صنّاع القرار المصابين بمرض الغباء الرّابض في ذهنيّتهم البدائيّة إعلاء سلطة القلم إحياء لفنّ المناظرات -- إخوانيّها وسلطانيّها -- لهندسة خارطة طريق تجنّب التّونسيّين عناء التّنقيب في أمّهات الكتب والمراجع والتّجارب الإنسانيّة لنحت أقوم المسالك في تدبّر حكم الممالك. صواريخ الرّيّس السّعيد كالأطباق الطّائرة تذروها الرّياح ذات اليمين وذات الشّمال ، لا تستقرّ على حال فتعود إلى قواعدها سالمة من كلّ أذى ما دام ساكن قرطاج بكلّ شيء عليم وبفنون الحكم جدير وبألاعيب الفاسدين ودسائس المفسدين خبير." إذا قال لم يترك مقالا لقائل // بملتقطات لا ترى بينها فصلا " وإذا نطق "كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع // لذي إربة في القول جدّا ولا هزلا " .كذب المعرّي -- وأيم الله -- عندما ادّعى زورا وبهتانا " إنّي وإن كنت الأخير زمانه // لآت بما لم يسطعه الأوائل ".وأكثر منه افتراء هذا الذي اسمه أبو الطيّب المتنبّي " أنام ملء جفوني عن شواردها // ويسهر القوم جرّاها ويختصم ". وأكثر من الجميع تطاولا على " الأسياد " الشّريف الرّضيّ أغلق باب الاجتهاد في صروف البلاغة والبيان بتجميعه لخطب الإمام علي في كتاب أبى إلاّ أن يعتبره " نهج البلاغة ". وما درى المسكين أيّ جرم ارتكب عندما توهّم أن أمّة البلاغة قدرُها الاتّباع لا الإبداع ، عاجزة عن الإتيان بمثل ما أتى به الأوائل . فما قوله -- دام عزّه -- في ما رشحت به الرّسالة القيسيّة لرئيس جمهوريّة تونس الأبيّة إلى صاحب المقام الرّفيع رئيس البرلمان من حفريّات بلاغيّة تذهل لها كلّ مرضعة عمّا أرضعت ويخرّ لها جبابرة البيان [أصحاب المعلّقات مع جاحظهم وصحبه من فرسان الكلام ]ساجدين . فمن أين لهم أن يتدبّروا استهلالا تشرئبّ له الأعناق وتتحيّر منه وله العقول الفيّاضة والدّرّاكة التي تعتقد أنّها ملمّة بالمفاهيم والكلّيّات -- فما بلك بالجزئيّات--؟ . .............................................................................................................
الدّرّة المكنونــة والجوهــرة المصونــة ................................. بخطّ مغربيّ أصيل دبّج رئيس تونس الحرّة رسالته، تدليلا-- لمن يستهويهم تدبّرالدّليل --على حسم أستاذ القانون الدّستوريّ إشكاليّة الأصالة والمعاصرة في فهمها المابعد حداثيّ التي سهر الخلق جرّاها وتنابزوا وتدافعوا فما أفلحوا في فكّ طلاسمها . ولن يفلحوا .والحال أنّها أسهل من تعريف الماء بأنّه ماء بما هي تخلّص من التّبعيّة للمشرق وإعلاء خصوصيّة المغرب ، وفي بلد "أحسن دستور أخرِج للنّاس" وبأجمل الخطوط الكونيّة : الخطّ المغربيّ. فهل ثمّة أكثر التزاما ووفاء لاعتزاز التّونسيّين بمنجزات ثورتهم وإبداعات حكّامهم ؟. .....................................................................................................
"من قيس سعيّد رئيس الجمهوريّة التّونسيّة إلى السّيّد رئيس مجلس نوّاب الشّعب ". النّباهة بعينها. فلا أحد غيره مستبطن لعلاقة التّماهي مع شعبه والذّوبان فيه حتّى أنّه لا يرى بدّا من تذكير " الشّعب يريد " بأنّ له رئيسا اسمه قيس سعيد ، وعليه أن يحفر الاسم في الذاكرة . فمن يدري ماذا تخبّئ غوائل الزّمان ؟ علاقة الوجد بينهما كائنة قبل أن تنصّبه العناية الإلهيّة رئيسا . ولا أحد سواه قادر على تمثّل التّنافر بين الشّعب التّونسيّ ورئيس برلمانه -- إن صحّ أنّه برلمانه وليس برّ أمان النّوّاب ورئيس مجلسهم-- . الإشكال ليس في " السّيّد رئيس مجلس الشّعب " بل في السّيّد راشد الغنّوشي . لا شكّ أنّ التّغافل المقصود عن التّصريح باسم رئيس البرلمان يترجم حكمة لا يفقه كنهها إلاّ الضّالعون في العلم .فمقام رئيس الجمهوريّة -- خاصّة إذا سلّمنا بأنّه من خارج السّيستام-- أعلى وأرفع شانا ، وله أفضال على المنصب، وليس للمنصب عليه أيّ فضل . لذلك توجّب التّذكير والتّنصيص بالتّصريح وليس بالتّلميح على الاسم لمن تمكّن منهم المرض وسكنهم الشّكّ ونخر الحسد قلوبهم وأعمى الحمق بصيرتهم. تجنُّبُ الرّيّس ذكر اسم رئيس البرلمان يعود إلى واحد من ثلاث : استصغار المتلقّي وإشعاره بأنّ بين مكانة رئاسة الجمهوريّة ورئاسة البرلمان مسافة ضوئيّة / ترجمة "تباين" جماعة " الشّعب يريد " مع رئيس حركة النّهضة الذي تطاول يوما على المقامات وادّعى أنّه هو أيضا رئيس ، وهو أمر إلى الرّدّة والمروق أقرب في عرف شيعة قيس السّعيد / حفر لغويّ في دلالات الاسم الـذي يحيل إلى الرّشد والرّشاد والإرشاد والاسترشاد والتّرشد والمرشد بما تحمله هذه الإيحاءات والإحالات من مرجعيّة فقهيّة في بعدها التّقليديّ-- ولِم لا سائر الخلفاء الرّاشديـن والرّاشديّـة --؟. وسيّدنـا الرّئيــس -- " أدام الله جمال البراعة بسلامته " وأعلاه على من يجادل في كنوز بلاغته -- مرهف الحساسيّة مِن ولكلّ ما يتعلّق بالعقل الرّاشد الذي يبيح احتكار قراءة الدّستور وتأويله ويتطيّر من الفسّاد والفاسدين ويصاب بالإغماء في صورة ذكرهم بالأسماء . والرّسالة -- كما المقامة -- لا بدّ أن تُحلّى بالجميل من الشّعر ، وهو ما استطابه صاحب المقامات القيسيّة هذه المرّة على خلاف عادته في مراسلاته السّابقة إلى مرؤوسيه -- رئيس برلمانه ورئيس حكومته -- . الأبيات ، بقطع النّظر عن ذيوعها بين النّاس ، تطرح أكثر من تساؤل .فصاحبها أبو العتاهية وافد على عالم الزّهد من عالم اللّهو والمجون .فهل أراد حاكم قرطاج تذكير حاكم باردو بأنّه دخيل على حقل التّقوى والورع وأنّ سياسته في إدارة المجلس فيها من "المجون " ما يعادل ما كان عليه أبو العتاهيّة قبل أن يستقرّ به المقام في رحاب الزّهد والتّزهّد . ومطلع القصيدة " أذلّ الحرص والطّمع الرّقابا " و في السّياق الذي حشرها فيه الرّئيس الأوحد ألصق بالثّـلب لا بالنّصح . أمّا الأبيات المنتقاة فتشكيك في حكم " السّيّد رئيس مجلس الشّعب "، إن لم تكن خلعا له وقدحا في قانونيّة ودستوريّة ومشروعيّة قيادته لسفينة البرلمان -- رغم الأمواج المتلاطمة وظلم ذوي القربى-- بالجزم والتّطليق إنشاء بيّنا مثنى وثلاثا ورباعا بإجماع كلّ الفقهاء وكلّ المذاهب وبفتاوى أكبر حوزة فقهيّة لدولة الفقيه ، هديّة ثورة الصّندوق -- انتخابات 2019 التي تجبّ كالصّلاة ما قبلها -- كما يلهج بذلك أنصاره ورهط من أعداء اليوم أصدقاء الأمس لمّا كانت الأرض ياقوتة والجوّ لؤلؤة والسّماء صافية والعصافير تزقزق والشّعب مقبل على أرغد عيش . ......................................................................................................
" وليس بحاكم من لا يبالي // أأخطا في الحكومة أم أصابا ". لكلّ أمّة مهديّها المنتظر، ومهديّ هذه " الأمّة " معلوم معلوم معلوم .ما أعيته زقفونة ولا جحجلول -- مع صادق الاعتذار من شيخ المعرّة -- ولكلّ ثورة حواريّها ،وحواريّ ثورتنا قيس السّعيد ، وفي رواية أخرى -- مطعون في صحّتها من الجبهة السّنيّة -- راشد الخريجي الغنّوشي -- بعد الاعتذار من سيّد قرطاج على ذكر الاسم عوضا عن المهنة : تسييرعراك مكوّنات المجلس بقليل من الحنكة وكثير من المحاباة لتدعيم فوائد صلة الرّحم. .......................................................................................................
البداية والنّهاية. ................................... " السّلام علينا ، وعليكم مثل الذي ألقينا " .بهذا الانتفاخ للأنا تنفتح الرّسالة السّلطانيّة وتشي بهويّة منشئها ومبدعها : وافد على السّياسة من خارج فضاء ومتطلّبات السّياسة، أسير فتنة كرسيّ السّلطة ، ناقم على مكر التّاريخ الذي قد يوفّـر فرصة منفلتة من دبر التّاريخ لمن لا يملك غير مؤهّلات الفشل وكلّ مقوّمات العجز . فلم يبق له إلاّ أن ينتقم من السّياسة والسّياسيّين تهجينا وترذيلا وتأثيما بعقليّة تقليديّة ثأريّة محافظة ، مشدودة إلى العصور الخوالي ، معاديّة لـ"ـضريبة " العصر ، مستفزّة لما سواها ، لا تتصالح مع ذاتها إلاّ بإقصاء الآخر وتبخيسه ، يردّد مع شيخ المقامات بديع الزّمان الهمذاني " الذّنب للأيّام لا لي // فاعتب على صرف اللّيالي، بالحمق أدركت المنى // ورفلت في حلل الجمال ". ......................................................................................................
" والسّلام علينا وعليكم وعلى من اتّبع الهدى". انغلقت الرّسالة ، انتهت المهمّة واستراح المحارب بعد رحلة شاقّة في مبارزة قد تكون يائسة في حينها لكثرة المناوئين ولكنّها ظافرة تاريخيّا . ولا عزاء لمن لم يتّبع الهدى، له عفو من ربّ رحيم تعويضا عن " شحّ " من " رؤسائه " الميامين .لا لوم على رئيس ، فنّ البلاغة ديدنه ، وسحر البيان فتنته ، وعلم السّياسة عقدته، والاستماتة في تسخير كرسيّ الرّئاسة لتطويع بيت السّياسة هوايته في منازلة خصومه ممّن لم يتّبعوا الهدى بالشّكل الذي نزّله إمام فنّ التّرسّل-- في طبعته المابعد حداثويّة الأخيرة، طبعة 2021 -- في خطبه النّاريّة ضدّ أعدائه من القوم الضّالّين . ........................................................................................................
فنّ الهرطقة. ......................................... الهرطقة بدعة والبدعة من الإبداع والأبداع خرق للمالوف ، تجديف ضدّ التّيّار-- تيّار الامتثال--، ولِم لا ضدّ الجميع؟ " ليس الهرطوقي من يحترق بالنّار بل الهرطوقي من يشعل المحرقة " -- شكسبير--. ذلك ما تمثّــله رئيس جمهوريّتنا وحامي حمى دستورنا والقائد الأعلى لقوّاتنا المسلّحة ورائد النّهضة في إحياء فن التّرسّل الإخوانيّ والسّلطانيّ في نسخة فريدة بخطّ مغربيّ مائة بالمائة لا مجال فيه للدّخيل وتطويعه ليتلاءم مع حاجيّات العصر ولسان حاله يردّد في الصّبح والعشيّ " أن تكون هرطوقيّا أو لا تكون. تلك هي المشكلة ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة