الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرطان التخصص والتذرير ..وانعكاسه علي العلوم الطبيعية والسياسة والمجتمع المدني

بشير صقر

2021 / 4 / 13
العولمة وتطورات العالم المعاصر


التخصص في العلوم الطبيعية دفع البشرية نحو تعميق المعرفة ونحو الإجادة ؛ لكن العرَضَ الذى خلّفه التخصص خلق وحشا أدى إلى تذّرير المعرفة وباعد بين أجزائها وحولها إلى جزر معزولة ؛ وصار سمة سلبية طبعت العصر بأكمله. لقد أفقد ذلك الوحشُ العلمَ نظرته الشاملة التي ظل يتحلى بها عقودا طويلة.. وبدد هدفه الأسمى ( صالح البشر ) ، كما باعد بين فروع العلم الواحد وتخصصاته المختلفة حيث تحولت الوسيلة ( التخصص والإجادة ) إلى هدف مؤقت ما لبث أن اغتال الهدف الأبعد والأسمى ( النظرة الشاملة ) و ( المصلحة العامة للبشر) .

والقيادة هي النظرة الأشمل .. لمفردات ووحدات الحياة بغرض توظيفها لتتناغم وتفضى إلى الهف المنشود. وهى التي تنحاز دائما لذلك الهدف - تقدم وإسعاد البشر- في جميع فروع المعرفة ( العلوم الطبيعية والفنون والآداب والسياسة) وكل أنشطة الحياة دون إخلال بنظامها الطبيعي .

القيادة هي الهارموني الذى يمزج أنغام مجموعة من الآلات لإخراج اللحن الشجي الذى هو المنتج النهائي المتسق.

لقد أدي منطق التخصص إلي تذرير المعرفة ( أي تحويلها إلي ذرات ) نظراً لآلية عمله ولضيق أفقه وانعزاليته .

وبدلا من الإصرار علي تماسك الأحزاب السياسية واستمرارها والسعي للحوار بينها والتشارك في المعارك الجماهيرية الذي يعد نوعا من الحوار العملي وتكون نتيجته مزيدا من التقارب والاتحاد ثم الوحدة .. يحدث العكس وهو الانفراط حيث تتلقفهم منظمات المجتمع المدني التي تتأسس بالمئات ؛ وبعد أن كانت مجموعة من الأحزاب الراديكالية - قليلة العدد – تعمل فى مختلف المجالات الكفاحية ( عمال ، فلاحين ، طلاب ، مثقفين ، حرفيين ومهمشين وعاطلين وأرباب معاشات ) وتنشط في كل المساحات الجغرافية علي امتداد المجتمع توَّزع أعضاؤها علي المنظمات الجديدة للمجتمع المدني ولحق بهم مئات آخرون من شرائح الطبقة المتوسطة وحولوا مهام الأحزاب السابقة إلي وظائف صغري والمهمة الواحدة إلي عديد من التخصصات القزمية اللامتناهية.

وعلي سبيل المثال تحولت المهام الحزبية في المجال الاجتماعي إلي مهمات أصغر ( كحقوق المرأة ، وحقوق الشباب ، والحق في المدينة ، والحق في السكن، والحق في مياه الشرب .. إلخ ) وهذه المهمات الأصغر تمزقت إلي أخري أكثر تخصصا وأشد قزمية فصارت منظمات المرأة مثلا موزعة علي ( المساعدة القانونية ، وحقوق المرأة المعيلة ، وحقوق حرية الزواج والطلاق والتساوي في العصمة .. إلخ ). والأهم في كل ذلك أنها لاتعمل معا فلا رابط يربطها .. ولا تشارُك يجمعُ جهودَها ..ولا أهداف توحد توجهاتها بل يحكمها التنافس خصوصا إذا ما كانت تتلقي تمويلا أو تبرعات.
إن توحيد الإرادة في مجال العلوم الطبيعية يضفي عليها سمة الشمول والترابط ، وتوحيدها في مجال السياسة يصبغها بصبغة التماسك وبُعد النظروالتلاحم الشعبي، وينعكس علي المجتمع بالتنوع والتباين والتناغم والاتساق والوحدة .. وهو ما يسعي له البشر الأسوياء والثقافات المتقدمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث