الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كانت العقوبات الأمريكية على ايران في مصلحة ايران ... ؟ ( 1 )

آدم الحسن

2021 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


المنطق التقليدي يقول أن ليس هنالك عقوبات على دولة ما من قبل دولة اخرى هو أمر فيه فائدة على الدولة التي تفرض عليها العقوبات بل هي دائما و على كل الأصعدة مضرة و لا يرافقها اي شكل من اشكال المنافع لهذه الدولة ,
هذا المنطق التقليدي يقول ايضا أن العقوبات هي جزء من الأفعال العدائية التي تمارسها دولة ما ضد دولة اخرى اذ ليس هنالك عقوبات ذات نتائج ايجابية و اخرى ذات نتائج سلبية على من تفرض عليه العقوبات , فنتائج كل العقوبات دون استثناء هي عقوبات سلبية لا ترغب بها اي دولة .

قبل البحث عن جواب فيما اذا كانت العقوبات الأمريكية على ايران هي في مصلحة ايران .... ام لا ... ؟ لابد من بحث موضوع ذات علاقة مباشرة هو :
الاقتصاد الريعي و اللعنة النفطية .

يكون اقتصاد دولة ما اقتصادا ريعيا بعد توفر أو تحقق الشروط التالية :
اولا : أن تكون هذه الدولة من الدول الغير متطورة صناعيا أو زراعيا .
ثانيا : أن تكون الدولة و ليس القطاع الخاص هي من تمتلك الثروة الطبيعية .
ثالثا : أن تكون الثروة الطبيعية متوفر في هذه الدولة بكميات كبيرة و قيمتها التبادلية في الأسواق العالمية عالية نسبيا .
رابعا : أن تكون كلفة استخراج الثروة الطبيعية واطئة و بالتالي تكون حصيلة القيمة الإجمالية التي تحصل عليها الدولة من هذه الثروة عالية نسبيا و تشكل نسبة مرتفعة من الدخل القومي و من الأنفاق الحكومي لهذه الدولة .

بعد تحقق هذه الشروط عندها يقال أن اقتصاد الدولة هو اقتصاد يعتمد على الريع من الثروة الطبيعية .

الثروات الطبيعية التي تجعل من اقتصاد دولة ما اقتصادا ريعيا هي النفط و الغاز أو المعادن الثمينة كالذهب و الماس و غيرها .
في الحالة الإيرانية , النفط و الغاز هو الثروة الطبيعية , و الدولة التي تفرض العقوبات على ايران هي امريكا .

عموما , في الدول النفطية عندما تكون الكمية المتوفرة من النفط أو الغاز فيها كبيرة نسبيا و اذا كانت كلفة استخراج هذه الثروة قليلة نسبيا مما تجعل دخل الحكومة المسيطرة على ايرادات هذه الثروة عالية يكون الاقتصاد فيها اقتصادا ريعيا يجلب لهم ما يمكن تسميته باللعنة النفطية .

ففي الدول ذات الاقتصاد الريعي و الثروة هي من النفط تكون شعوبها مستهلكة غير منتجة و الأنفاق الحكومي فيها يكون معتمدا على ايرادات هذه الثروة الكبيرة التي تتحقق دون وجود عملية انتاجية حقيقية في الصناعة و الزراعة , و تزيد حكومات هذه الدول من القدرة الشرائية للمواطن عموما و للموظف الحكومي خصوصا من خلال ميزانية حكومية يشكل فيها الأنفاق الحكومي على المجالات الاستهلاكية و التشغيلية النسبة العظمى منها و لا يحظى القطاع الإنتاجي و الاستثماري على نسبة مهمة فيها لأسباب عديدة منها الضغط المتزايد على الحكومة من عموم الشعب لتوفير حاجاتهم الاستهلاكية بشكل سريع و غير مرتبط بتطور القاعدة الإنتاجية لهذه الدول .
تدخل شعوبها هذه الدول النفطية ذات الاقتصاد الريعي في سبات يبعدها عن الحاجة للعمل و التطور و الإنتاج و كأن هذه الشعوب تقول لنفسها :
ما دام هنالك انبوب لتصدير النفط و الغاز و انبوب موازي له يتدفق منه مليارات الدولارات لتمويل ميزانيتنا الاستهلاكية فلا خوف علينا , لكنهم بالتأكيد لا يعرفون بأنهم سيحزنون لأنهم دخلوا في غياهب اللعنة النفطية ... !

حين تصيب اللعنة النفطية شعبا ما فسيتحول هذا الشعب الى ماكنة للاستهلاك الشره دون أن يكون له نشاط مهم في العملية الإنتاجية أو في التطور التكنولوجي و العلمي الذي تسير عليه الكثير من بلدان العالم , و هذا سينعكس بطبيعة الحال على الأخلاق و العلاقات الاجتماعية فالمجتمعات المنتجة تتغير عاداتها و اخلاقها و الأعراف السائدة فيها حسب التطور و التنمية الاقتصادية في بلدانهم بعكس الشعوب المصابة باللعنة النفطية و منها بعض شعوب الدول العربية فهذه الشعوب تبقى تعتز بتخلفها الحضاري رغم أن عقال شيوخهم و دشاديشهم و حتى النعال الذي في اقدامهم المنتفخة من الدسم مكتوب عليها صنع في الصين ... ! و تتسابق دولهم في بناء الأبراج الشاهقة .... و المصيبة انهم يفتخرون بأن في بلدهم اعلى برج في العالم رغم أنهم لم يصنعوا حتى و لو برغي واحد في هذا البرج فكل شيء فيه استخدم في بنائه مصنوع في بلدان اخرى , التصميم و التنفيذ و كل شيء تم بأيادي و عقول شعوب بلدان اخرى ... و حين تسألهم :
فلماذا اذن تفتخرون ... ؟
فيأتيك الجواب .... بفلوسنا ... !

بعض الدول اصابتهم اللعنة النفطية اعلى من غيرها من البلدان النفطية و وصلت الإصابة عند بعض الشعوب بدرجة عالية جعلتهم يفتخرون بأنهم اطلقوا قمرا صناعيا الى الفضاء و حين تسألهم :
هل الصاروخ الذي نقل القمر من صنعكم ...؟
يقولون لا .
و هل القمر الصناعي من صنعكم ...؟
يكون الجواب ايضا لا .
و كذلك الحال بالنسبة للسؤال عن العلماء و الخبراء و الكادر الفني الذين اشرفوا على كل شيء من بداية المشروع حتى وضع القمر الصناعي في المدار المخصص له و يكون الجواب :
كلهم من الأجانب عملوا ... بفلوسنا ... !

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال