الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليل اميركي طويل يوشك على الانتهاء

عدلي عبد القوي العبسي

2021 / 4 / 13
العولمة وتطورات العالم المعاصر


اذا كان ممكنا لنا القول بان القرن الاميركي امتد من العام 1920 وحتى العام 2020
فانه يمكننا القول بالمحصله ان العام الحالي هو اول اعوام القرن الصيني الواحد والعشرين
وما يحملنا على هذا القول هو هذه التغيرات الدوليه العاصفه والمتسارعه التي حدثت في العام الماضي والحالي والتي تكشف لنا وباوضح صوره هذا الصعود المدهش لدول ناهضه كبرى ومتوسطه وبروز مشاريع عملاقه والاعلان عن سياسات واتفاقات و تحالفات جديده تسحب كلها البساط من اقدام النفوذ الغربي الاطلسي على العالم دفعه واحده وتقلب الطاوله رأسا على عقب امام هذا النفوذ الذي امتد لعقود من الزمن .
لقد القت نتائج الحرب العظمى الثانيه بظلالها على المسرح الدولي على شكل صعود قوتين عظميين تجسدا في المعسكرين الشرقي والغربي لينتهي القرن العشرين على هيمنه احاديه اميركيه على خلفيه ثوره المعلومات والاتصالات و تعمم النهج النيوليبرالي المتوحش وفتح الاسواق عنوه وتعاظم سطوه الاحتكارات الغربيه الكبرى وتسيد نزعه العسكره الاميركيه للعالم
لكن كل هذا بدأ يتلاشى خلال السنوات المنصرمه مع تزايد مؤشرات حدوث تغيير في النظام العالمي
من الاحاديه القطبيه الى التعدديه ومن النفوذ الاميركي السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي الى الانحسار والتراجع ومن نهج التوحش النيوليبرالي الى مناقشات العوده الى السياسات الاجتماعيه ومن فتح الاسواق عنوه الى بعض الحمائيه ومن التغلغل الاميركي في كل مكان الى التكتلات والتحالفات الاقتصاديه والسياسيه والعسكريه المضاده
ومن التفوق التكنولوجي الاميركي الى بروز التفوق الروسي والصيني في مجالات عديده
ومن الكلمه المسموعه لاميركا في كل مكان الى المعارضه الواسعه والتحدي لاميركا حتى في اوساط حلفائها في جميع ارجاء المعموره
ومن الجدار الامني الصلب الى الهشاشه وسهوله الاختراق ومن التماسك الاجتماعي الداخلي الى تفجر المشكلات والازمات الاجتماعيه في المجتمع الاميركي بل والمجتمعات الغربيه الاطلسيه ككل .
وبالاضافه الى ما اظهرته كارثه وباء كورونا العالمي من مقدره عظيمه ومدهشه لدوله الصين الشعبيه ومعها دول شرقيه ناهضه اخرى في التعامل الاداري الناجح والسيطره على الوباء باستخدام احدث التقنيات واساليب التحشيد والتعبئه والتوعيه والتنظيم مع بروز قدر كبير من التفوق العلمي في فهم الوباء وانتاج لقاحات مضاده له على درجه عاليه من الامان والموثوقيه قياسا باللقاحات الغربيه
بالاضافه الى ما اظهرته دول غربيه اطلسيه عظمى من عجزوقصور اداري واجتماعي وعلمي ايضا
في كبح انتشار الوباء ووقف تداعياته الكارثيه على الاقتصاد والصحه والامن
ولا شك ان نجاح الشرق الناهض ابان كارثه كورونا هو مؤشر على القوه الجديده ومركز الثقل الحضاري الجديد وسيحافظ هذا الشرق على ميزات الرعايه الصحيه العموميه على اختلاف انماطها
تحسبا للعوده المتكرره للوباء واشباهه بينما سيلتقط الغرب ومناطق اخرى الدرس العظيم للعوده الى ميزات التامين الصحي والضمان الصحي والاهتمام الاوسع بالبنيه التحتيه الصحيه كما كان الحال في السابق في القرن الماضي قبل الانتقال الى التوحش الريغاني التاتشري .
ان كارثه كورونا ودروسها وتداعياتها سوف تحفز وتسرع من قدوم موجه اجتماعيه تاسعه ( نقول انها قد بدأت بالفعل
ولها عامين تقريبا ) ان اهم وابرز نتائج هذه الموجه هو العوده الى انتشار وسياده نمط من الاقتصاد الاجتماعي يشبه ذلك الذي كان ابان سنوات (الثلاثينات - السبعينات ) الذهبيه .
والمفاجئات التي لا تنتهي لم تتوقف عند ازمه كورونا فقط بل امتدت الى مجالات اخرى
ولمسناها من خلال حوادث اخرى لا تقل ادهاشا واهميه ودلاله كمثل الهجوم السيبراني واسع النطاق على الدوله الاميركيه الذي نفذه قراصنه شرقيون و الانقسام الحاد في المجتمع الاميركي والذي ظهر بوضوح كبير اثناء الانتخابات الاميركيه الاخيره والتراجع الامني الكبير داخله جراء هذا الانقسام الذي تغذيه افكار اليمين الاميركي العنصري الانعزالي والتي تعكس في العمق ملامح الازمه الاقتصاديه الكبيره التي تنخر هذا المجتمع منذ عقود .
لدى قطاع واسع من الاميركيين رغبه في الانسحاب من المجال العالمي والانكفاء نحو الداخل لاعاده ترتيب البيت في اطار من شعور شعبي ونخبوي متعاظم بتراجع دور الدوله والامه الاميركي على الصعيد العالمي بسبب هشاشه الداخل اقتصاديا واجتماعيا وامنيا وابداعيا !!
الازمه الاميركيه بما هي ازمه نظام راسمالي امبريالي متوحش كشرت عن انيابها في تعاظم المديونيه وزيف معالجات البطاله و تراجع الاقتصاد الحقيقي
والتراجع الاقتصادي التجاري امام الصين وتفاقم الهشاشه و استمرار وتعاظم الركود وتراجع الابتكار
وتعاظم اشكالات مخاطر الطاقه الاحفوريه وتصاعد دعوات الانتقال الى الطاقه البديله وتزايد صراع قوى الاقتصاد الداخلي الكلاسيكي والجديد
وتزايد معدلات العنف والجريمه والعنصريه والتفكك الاسري و تعاظم ظاهره اليمين العنصري المتطرف ومعاداه الهجره والاجانب
في الاثناء ازداد الحديث عن فقدان الحلم الاميركي والشعور بخيبه الامل في كتابات الباحثين والصحافيين و تصريحات الساسه فاميركا تغيرت و بدأت تفقد تفوقها الحضاري حتى في المجالات التي كانت تمثل في الحقيقه جوانب قوه وتطور حضاري لها !.
ان التغير الطفيف في سلوك وسياسه الاداره الاميركيه الديموقراطيه الحاليه حيال اهم وابرز الملفات والقضايا الخارجيه والداخليه هو مشهد صادم للكثيرين فهو يعكس ايضا مدى الهشاشه والارتباك والجمود الذي وصلت اليه الاداره والنخب في الدوله الاميركيه .
ولا اوضح مثال في ذلك من هذا العجز الراهن حيال قضايا الشرق الاوسط الذي تبديه هذه النخب في مقابل المبادره والتحرك و النقلات الشطرنجيه المدهشه لدول الشرق الناهض كالصين والهند وروسيا وايران وباكستان وغيرها
ففي الوقت الذي تخسر فيه اميركا والغرب من رصيد قوتها في هذه المنطقه ومناطق اخرى من اقاليم الشرق (حتى حلفائها التي سعت ولا تزال تسعى لتجميعهم في حلف واسع يشبه النيتو الشرق الاوسطي ضدا على الصين وروسيا وحلفائها تجدهم مختلفين معها ومفككين وفي نزاع سياسي معها ومع زملائهم داخل هذا الحلف الشرق اوسطي وسط ارتباك و عجز اميركي واقتراب بالمقابل يتسم بالدهاء من قبل الخصوم روسيا والصين !!.
العام الحالي هو عام الارقام الصينيه المدهشه حيث اعلن صندوق النقد الدولي ان الصين وصلت هذا العام الى مستوى اكبر اقتصاد في العالم اعتمادا على مقياس ومؤشر اكثر صوابا وهو مقياس القوه الشرائيه وهذا اعتراف متأخر فجر مفاجأه ساره للكثيرين
جنبا الى جنب مع حقائق انها باتت المصنع الاكبر والتاجر الاكبر والمقرض الاكبر في العالم وباتت تقود طابورا طويلا من التعاون الاقتصادي الدولي يمتد لعشرات الدول من مختلف القارات
بل وتحقق اختراقا مدهشا ومعها حليفتها روسيا في منطقه الشرق الاوسط واخر مفاجئات هذا الاختراق هو اتفاقيه التعاون الاستراتيجي الصيني الايراني والذي يضع محاولات اميركا وحليفتها الدوله الصهيونيه لتدمير ايران في مهب الريح !
فاذا يمكننا ان نقول ان العام الحالي هو البدايه الزمنيه الفعليه لقرن جديد حيث الانعطافه التاريخيه لمركز ثقل جغراسياسي حضاري جديد حيث بدأت ترتسم فيه الخارطه الجديده للممرات التجاريه البريه والبحريه ومعها ارتسمت بالفعل ملامح النفوذ الجيوسياسي الاستراتيجي الجديد والتغير الحاصل في موازين القوى العالمي
لتصبح قاره اسيا ومعها الاتحاد الاوراسي مركز الثقل الاقتصادي والسياسي والعسكري الجديد في العالم
ويكفي ان نرى عده ممرات تجاريه عالميه بديله جديده يتم التهيئه لها حاليا لتلعب دور الشرايين الجديده في جسم الاقتصاد العالمي القادم في القرن الجديد .
ممر القطب الشمالي وممر جنوب - شمال ( العابر لايران ) بالاضافه الى الممرات البريه والبحريه لمشروع طريق الحرير الصيني العملاق اضخم مشروع في التاريخ ومشاريع انابيب الطاقه بين الصين وسيبيريا
ومشاريع السيل الشمالي والسيل التركي وغيرها وكلها تؤدي الى نهضه تجاريه عملاقه للشرق وينتج عنها اثار جيوسياسيه استراتيجيه عظيمه تصب في مصلحه نهوض اركان الشرق الناهض الجديد .

في هذا العام اعلنت الصين عن حدوث تفوق في مجال عسكره الفضاء وحرب الاقمار الصناعيه ونفذت العديد من المناورات العسكريه العالميه بالشراكه مع حلفائها واكثرت من اطلاق التهديدات في وجه الامبرياليه الاطلسيه ردا على تدخلاتها وسياساتها العدائيه ضدها .
وبدأت تبرز الى الواجهه ملامح الحرب التنافسيه التكنولوجيه في مجال الاتصالات والنقل واخذ الاهتمام يتعاظم بقضيه تغير المناخ وابدت الصين ايضا اهتماما بهذا المجال ولتعلن عن مشاريع جمه في المدن الخضراء ولتعترف بضروره التغيير في اسوأ ملف تعاني منه الصين ( تلوث المدن )بسبب الطفره الصناعيه التي حدثت في الخمسين عاما الماضيه .
ان مشاريع المدن الخضراء و النقل النظيف السريع الكهرومغناطيسي والطاقه البديله وربط المدن في الصين والجوار بهذه المشاريع الثوريه ستنقل واقع بلدان الشرق الى مرتبه الصداره الحضاريه في غضون ثلاثه عقود فقط .
هذه المشاريع اخذت تأخذ الحيز المعقول في خارطه التنميه الاستراتيجيه وهو ما يعني تسريع النهج الجديد والبدايه الجديده وحث الخطى على طريق قرن جديد قادم تدشنه الصين هذا العام في اطار استراتيجيه كبيره وصولا الى العام 2049 وهو العام الذي تطمح فيه الصين الى ان تصبح القائد الاكبر لمسيره حضاره القرن الواحد والعشرين .
وبالمقابل نرى تحركا اميركيا اطلسيا وغربيا يائسا ومسعورا لكبح جماح هذا التبدل المفاجئ ومحاوله استخدام مختلف اساليب العرقله والتأخير والاحتواء بالاساليب العقابيه الاقتصاديه والسياسيه والاعلاميه والتخريبيه الامنيه السيبرانيه او بمحاوله انشاء تحالفات جديده كما هو حال المحاوله البائسه مع الهند واستراليا وكوريا الجنوبيه واليابان .
مع ادراك صعوبه تغيير المسار او ايقافه والوصول الى مسأله التعامل مع الامر الواقع وهو ما نلمسه من بعض تصريحات (الامبراطور الاخير ) جو بايدن عندما يتحدث عن الرغبه الصينيه المحمومه في قياده العالم وهو الرئيس الذي سيدخل التاريخ بوصفه اخر الرؤساء الاميركيين الامبراطوريين في التاريخ .
ان محاولات بايدن التاريخيه تاتي متأخره وهي تشبه بلغه كره القدم ما يسمى ب ( اللعب في الوقت بدل الضائع )
ولكن يبدوا ان نصائح العشرات من كبار رموز النخبه العالميه امثال كيسنجر وطلال ابو غزاله وغيرهم بدأت تؤتي اكلها
حيث يستعد السياسيون الاميركان ومعهم حلفاءهم الاروبيين ونزولا عند نصائح الخبراء والمستشارين الكبار للتعامل مع الواقع العالمي الجديد وضروره الدخول في ماراثون حوار طويل مع الصين وحلفاءها من اجل بحث ترتيبات النظام العالمي الجديد الذي سيتم تقاسم النفوذ فيه بين المعسكرين الجديدين الشرقي والغربي ولكن ليس لفتره طويله وانما على المدى القريب فقط عقدين او ثلاثه .
فالقرن الواحد والعشرين هو قرن الشرق الجديد القائد لمسيره الحضاره العالميه في القرن الواحد والعشرين وهو القرن الصيني بامتياز والتسميه هنا تتجه للدوله القائده والرائده ذات النموذج العالمي الجديد الطموح القابل للتقليد والتصدير كما المح لذلك قبل اعوام ولاول مره القائد العالمي الشجاع شي جين بينغ بعد فتره انكفاء طويله وعدم تدخل في شئون الدول الاخرى وهو النهج الذي لم يعد له معنى في الوقت الراهن خصوصا اذا كان للرفاق في مجلس الشعب والمكتب السياسي وقياده الجيش الشعبي رغبه شديده في انقاذ البشريه ووضع حد للعبث والجنون الاميركي الاطلسي الامبريالي والهوس الماسوني بالنخبويه والتفوق العرقي الذي يقود شعوب العالم الى شفير الهاويه والهلاك والاستعباد ! وتفشي الظلم والتمييز اللاانساني .
نعم الوضع يتغير الان والصين بحاجه الى الحشد والتعبئه الامميه الواسعه النطاق للدول الصديقه والحليفه من اجل صياغه النظام الدولي العادل الجديد وهي مسأله تكاد تكون حتميه ومفروغ منها مهما حدث من صراعات واحداث كبرى عالميه مفاجئه وغير متوقعه ومهما تفننت قوى الحلف الغربي الشيطاني في ابتكار اساليب التدمير الموجهه للقوى الشرقيه الصاعده المستنيره بنور الامميه والعداله للشعوب المستضعفه في وجه بقايا الغطرسه الاستعماريه
نقول مهما تفننت القوى الامبرياليه في ابتكار اساليب التدمير الا انها لن تكون بمستوى ضخامه وتسارع النهوض الشرقي العظيم الذي سيشمل العشرات من الدول الكبيره والمتوسطه تتقارب معا وتتعاون لتشكل جبهه عالميه شرقيه من اجل التنميه والامن والتقدم وستنضم اليها لاحقا حتما العديد من الدول الاسلاميه والعربيه ايضا !!.
فمهما كان حجم التدخل الغربي الاطلسي العدواني فهذا لن يغير من الامر شئ واتجاه التاريخ الراهن يسير في تجاوز حقبه الغرب وطي صفحه الحضاره الغربيه الى الابد او لنقل بالاحرى وراثه الشرق الناهض للحضاره الغربيه بملامحها حيث (الحداثه والفكر العلمي العقلاني والعلمانيه والتمدن والصناعه والثورات العلميه الصناعيه والراسمال وظهور طبقتي البورجوازيه والبروليتاريا والديموقراطيه وحقوق الانسان واخيرا الاشتراكيه الجديده وغيرها )
وانتقالها الى الشرق
في ما يشبه تحققا مدهشا لنبؤه الفيلسوف الالماني الشهير ( شبنجلر ) مطلع القرن الماضي الذي تكلم عن انحطاط وافول الغرب وصعود الجنس الاصفر
ويلتقي هنا ( وياللمصادفه التاريخيه المدهشه والسعيده ) مساران يندمجان في مسار تاريخي واحد
اولهما : هو مسار عوده الشرق الى الصداره الحضاريه في عمليه يحب الكثيرون ان يسموها (وراثه الحضاره الغربيه )
وثانيهما : مسار تجاوز النظام الراسمالي الراهن الذي طبع الحضاره الغربيه بطابعه الخاص او تطبع هو بطابع الحضاره الغربيه الخاص والانتقال عبر مرحله انتقاليةطويله الى نظام اقتصادي اجتماعي جديد يتسم بالعقلانيه والعداله والانسانيه وهو ما اطلق علماء الاجتماع والاقتصاد عليه تسميه النظام الاشتراكي
هذه الحقبه كان ابرز ملامحها تغول الامبرياليه الاطلسيه
وايديولوجيتها النيوليبراليه المتوحشه حيث هيمنه الاحتكارات الغربيه على العالم و انتشار الاقتصاد الغير حقيقي الفقاعي المالي على حساب الانتاجي الصناعي
وسياده مفاهيم العنصريه و الاستخفاف بالبيئه وسياده نمط من الاقتصاد الاستهلاكي القائم على مبدأ الربح المدمر للطبيعه ولاخلاق الانسان والبعيد كل البعد عن الترشيد والعقلانيه والاستدامه
ويكفينا ان نعلم ان كارثه كورونا وقاره النفايات الثامنه و الاحتباس الحراري و عسكره العالم و اندلاع الحروب وتفشي الفساد الممنهج وتصاعد معدلات الجريمه والعنف والارهاب والعنصريه والمهاجرين ضحايا الغرق في البحر وعوده انتشار الخرافات وتسطيح الثقافه ووو كلها دلائل فشل النظام الراسمالي
وتؤكد الحاجه الى البديل الافضل .
ماذا نتوقع من اقتصاد مأزوم يلجأ طواغيته للخروج من نفق الازمات الى استخدام القوه العنفيه او الناعمه لنهب ثروات الشعوب واستعبادها وتحطيم ممانعتها لتبقى مجتمعاتها اسواقا لتصريف المنتجات وعمالها عبيدا للانتاج واوطانها الى ابقار حلوبه للتزويد بالطاقه والمعادن والمال
هذه الحقبه السوداء في التاريخ البشري تميزت بمفارقات عجيبه على صعيد الايديولوجيا والثقافه والعلم
ففي الوقت الذي يسود فيه نهج التفكير العلمي التقدمي الانساني لدى الكثيرين نرى سياده ثقافات عرقيه رجعيه يمينيه متطرفه بخلفيه ماضويه دينيه في اوساط الغالبيه الشعبيه ولدى الكثيرين من ابناء النخب والطبقات البورجوازيه العليا او نرى سياده ثقافه اخرى شبيهه لها في بعض الجوانب ثقافه كوزموبوليتانيه ليبراليه اورو مركزيه اطلسيه واهمه بنفس عنصري و لا تخلو هي الاخرى من رواسب الفكر الرجعي الديني واحاديث بلهاء من قبيل تفوق عرق او جماعه دينيه مختاره بمباركه من رب السماء وتجدها منتشره في الاوساط الاجتماعيه ذاتها !.
ومثل هذه التفاهات يشترك فيها ويتشابه فيها الكثير من المسيحيين والنازيين والصهاينه والماسونيين
وهم بمجموعهم يمثلون ظاهره الانحطاط الفكري والثقافي و الاخلاقي في هذه الحضاره الغربيه المفلسه.
في المقابل ولدى الطرف الاخر الذي يمثل في الوقت الراهن حقا طرف النور والاستناره الحقيقيه ويمثل الضمير والانسانيه واللب الحضاري والذي ظهر على مسرح التاريخ كنتاج ابداعي ثوري تاريخي لاعظم الثورات الانسانيه الثوره الروسيه والصينيه والفيتناميه وغيرها (المعسكر الشرقي وحلفائه في الجنوب ) ستسود مفاهيم وسياسات عن الانتاج والاقتصاد الحقيقي و المنفعه التجاريه المتبادله واحترام سياده الدول وخصوصياتها الثقافيه والتضامن الاممي والحاجه الى صياغه نظام دولي جديد عادل يتسم بتلتكافؤ والنديه والحوار والتعاون والتعاضد في سبيل تقدم البشريه ورخائها
ويبرز فيه دورا متعاظما للدوله الوطنيه في تنظيم الاقتصاد وتحقيق قدر من اعاده توزيع الثروه في صالح الطبقات الشعبيه الكادحه بدلا من نظام لا يخدم الى الاغنياء الطفيليين فقط .
وستختفي النزعه التسلطيه الامبرياليه على الدول الضعيفه لمصلحه الشريك الصديق الاممي الحريص على مبدأ رابح - رابح في العلاقه بدلا من النهب السائر في اتجاه واحد من الاطراف الى المتروبول الامبريالي حيث احتكار التكنولوجيا والسيطره على الاسواق وتحكم الخبراء والجواسيس و سيطره القوه العسكريه و غسيل الايديولوجيا للعقول وتسطيح الثقافه و الترويج للخرافه وشن الحروب الاستعماريه التدميريه و نشر الاوبئه وتدمير البيئه و تحطيم محاولات تحقيق الامن الغذائي للشعوب وهي العناوين التي يحركها دافع الربح الراسمالي الشرير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب