الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اثيوبيا الطموحة القوة الصاعدة أثر و تأثير سد النهضة على المنطقة 2-3

عبير سويكت

2021 / 4 / 13
دراسات وابحاث قانونية


الجزء الثانى

أثيوبيا و القبضة الخانقة على مصر و السودان


أثيوبيا تصف سد النهضة "بالمشروع التنموي" ، لكنها لطالما كانت ساخطة عن قسمة المياة و الإتفاقية التاريخية، و تنادى بما تسميه حقوق دول المنبع، و تعمل جاهدة للترويج لذلك، و عليه حاولت ان تحشد فى صفها العديد من دول حوض النيل، و اقناعهم بان الاتفاقية التاريخية للمياه التى نصت قانونيًا و نظمت علاقات المياة بين مصر و السودان و اثيوبيا هى مجرد إتفاقية إستعمارية من قبل بريطانيا، و بصفتها الدولة العظمى المستعمرة آنذاك صاغتها أصالةً و نيابةً عن دول حوض النيل اوغندا و كينيا و تنزانيا فى عام 1929.

أثيوبيا تعتبر قسمة المياة ظالمة، و أن القدح المعلى فيها لمصر بنسبة 55,5 مليار، و السودان بنسبة 18,5مليار، و المعلوم ان الاتفاقية لا تنص فقط على حصة مصر المكتسبة من المياه بل و تتضمن إقرار دول الحوض بهذه الحصة، و تعطيها حق" الفيتو" الاعتراض حال إنشاء هذه الدول لمشروعات على فروع النيل ترى مصر فيها أنها تهدد أمنها المائي، و تنص كذلك الاتفاقية على تقديم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان، و تمكنها من إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية، و عليه فقد أبرمت مصر اتفاقًا مع بريطانيا نيابةً عن أوغندا بخصوص إنشاء سد على شلالات "أوين" لتوليد الطاقة، ورفع مستوى المياه في بحيرة فيكتوريا، لكي تتمكن مصر من الاستفادة منها وقت التحاريق (الذي ينخفض فيه منسوب النيل بشدة)، على أن تدفع النفقات اللازمة وتعويض الأضرار التي تصيب أوغندا من جراء ارتفاع منسوب المياه في البحيرة.
و إتفاق 1959 كان إستكمالاً لاتفاقية عام 1929، وتم عقب استقلال السودان عن بريطانيا عام 1956، تم توزيع حصص المياه بين البلدين والبالغة 84 مليار متر مكعب بحيث تخصص منها 55 مليارا و500 مليون متر مكعب لمصر، و18 مليارا و500 مليون متر مكعب للسودان، و ان كانت بعض دول المنبع الثماني رفضت الاتفاقية واعتبرتها غير عادلة.

و نعود لمحاولة أثيوبيا تجهيز العتاد، و حشد الصفوف لتنفيذ مشروعها، و حتى لا يصبح سخط أثيوبيا مجرد حديث تأخذه الرياح خطت أثيوبيا خطى جادة لتنفيذ رؤيتها بحشد دول حوض النيل، و عقد العديد من الاجتماعات لوزراء مياه دول حوض النيل على سبيل المثال لا الحظر:
-اجتماع كنشاسا مايو 2009م بالكنغو الديمقراطية
-اجتماع الإسكندرية في يوليو 2009
-اجتماع مدينة شرم الشيخ بمصر
و صنفت جميعها بالفاشلة لتمسك كل من مصر والسودان بالحقوق التاريخية لاتفاقية مياه النيل لعام 1929، والخلاف حول المادة المتعلقة بالأمن المائي.

و كانت أثيوبيا مهندسة إتفاقية عنتيبي بيوغندا (إتفاقية إطار العمل التعاوني)، حيث تمكنت أثيوبيا من إقناع رواندا، تنزانيا،يوغندا فى مايو من عام 2010، و من ثم لحقت بهم كل من كينيا و بوروندي، و بهذا تنجح أثيوبيا باقناع ست دول من الدول الأعضاء لحوض النيل حول رؤيتها، و إيجاد الوعاء الشرعى لإتفاقية عينتبى الهادفه لنزع الحصص الشرعية للمياة لكل من مصر و السودان، تحت مظلة معاهدة أفريقية جديدة لتقسيم الحصص و الموارد المائية تنتهي بموجبها الحصص التاريخية لمصر والسودان وفقا لاتفاقيات 1929 و1959.

و آنذاك منحت كل من مصر والسودان مهلة عام واحد للانضمام إلى المعاهدة، إلا ان دولتى المصب مصر و السودان كان لهما موقف متحفظ من جانب السودان، و رافض قطعًا من جهة مصر، و الاتفاقية شملت 13 بند تقريبًا، و كانت الفقرة (B14) المتعلقة بالأمن المائي و المقترح الأوغندى لحل وسط يجمع بين مصالح وأهداف مصر، ومواقف باقى دول المنبع المتطلعة للتنمية والتى تأمل ألا يؤثر عليها تقديم أى تنازل قد ينال من طموحاتها، فكان تقديم اوغندا آنذاك مقترح لصياغة مفهوم الأمن المائى بالفقرة رقم (14 B) التى تنص على عدم الاضرار بالاستخدامات الحالية (لمصر والسودان)، وكذلك الاستخدامات المستقبلية ( إى حق دول المنبع فى إقامة مشروعاتها التنموية المستقبلية).
لكن احتدام الخلافات، و تنافر المواقف، و تضارب المصالح ما بين دولتى المصب ودول المنبع حال دون تصديق مصر والسودان على الاتفاق الإطارى، ما دفع مصر لتجميد نشاطها داخل مبادرة حوض النيل، و وصفت المبادرة بأنها معبرة عن مصالح دول المنبع دون دول المصب.
و عليه تقاعست كل من دولتى المصب مصر و السودان من التوقيع، بينما تحفظت ثم انضمت دولة جنوب السودان لتلحق بإثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا، الأمر الذى رأى فيه الخبراء انه يخل بتوازن القوى داخل دول الحوض، وليس في صالح دول المصب التي ستصبح تحت رحمة ما يقرره الآخرين، فقد كانت أحد نقاط الخلاف آنذاك حول تعديل إتفاقية الإطار التعاوني على نهج يتوافق مع رؤية السودان ‏ومصر بان القرار يجب أن يتم بموافقة كل الدول أو بالأغلبية، شريطة أن تشمل ‏هذه الأغلبية السودان ومصر، فيما أصرت الدول الأخرى على أن يتم التعديل بالأغلبية ‏دون تحديد أي دول ضمن هذه الأغلبية‎.

و المعلوم ان مصر كان ترى انه سياسيًا و تكتيكيًا يجب إيجاد ثغرة تمنع التصديق على الاتفاقية التى يجب توقيع ستة دول عليها ، فكان هناك حديث حول اريتريا و كيف يتثنى لمصر ان تقنع اريتريا بتحويل عضويتها من مراقب في مفوضية حوض النيل باختيارها إلى عضو كامل العضوية ، إستناداً على ان هذا حقها دون استئذان احد، وبذلك يكون الموقعون على اتفاقية عنتيبي 2010 لاعادة توزيع حصص مياه النيل ستة اعضاء ضد خمسة لم يوقعوا وهم مصر والسودان وجنوب السودان التى التحقت فيما بعد، والكونغو واريتريا وبذلك تفقد الاتفاقية الاغلبية المطلقة وتكون اغلبية هامشية، أو خيار اخر يتمثل فى إمكانية احداث تواصل دبلوماسى مع احد دول منابع النيل الابيض التي وقعت على اتفاقية عنتيبي وهم بروندى ورواندا وكينيا واوغندا وتنزانيا لتجميد موافقتهم على الاتفاقية، و الانظار كانت تتجه نحو كينيا وتنزانيا، فاذا نجحت الاستراتيجية يكون بذلك غير الموقعين اغلبية وتفقد الاتفاقية جدواها.

لكن فى نهاية المطاف بعد توقيع ستة أعضاء على الإتفاقية دخلت حيز الشرعية، و وافقت حوالى 13 جهة دولية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، والبنك الدولي،والأمم المتحدة على إتفاقية عينتبى ، فكانت المفاجاة هى التحول التكتيكى لاثيوبيا للسيطرة المائية، حيث وجدت ضالتها فى إنفاذ و إكمال مشروع الألفية "سد النهضة " الذى يحقق طموحاتها، و لا يكلفها شئ و لا يلزمه بشئ، و هى التى مهدت لذلك مسبقًا و قامت بعمل دؤوب فى هذا الجانب ، و بذلت مجهودات عظمى، و قامت بعملية الترويج المستمر بشتى الأساليب و الطرق لحقوق دول الحوض في توليد الطاقة وإحداث التنمية لمجتمعاتها، و ساعدها على ذلك مواكبة المناخ السياسى نظرًا للوضع السياسى السئ و الضعيف لمصر ما قبل و بعد الربيع العربي، و إنشغال مصر بوضعها الداخلى الحرج آنذاك.


و يبقى السؤال قائم ماذا عن مصر و السودان و أثر و تاثير سد النهضة عليهما.

نواصل للمقال بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تواصل الاستعدادات لاقتحام رفح.. هل أصبحت خطة إجلاء ا


.. احتجوا على عقد مع إسرائيل.. اعتقالات تطال موظفين في غوغل




.. -فيتو- أميركي يترصد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة | #رادار


.. مؤتمر صحفي مشترك لوزيري خارجية الأردن ومالطا والمفوض العام ل




.. ليبيا - الأمم المتحدة: بعد استقالة باتيلي.. من خذل من؟