الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللوبي الإسرائيلي والمساعدات العسكرية لإسرائيل ( الجزء الثاني)

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2021 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تدرك مجموعات الضغط أن المساعدات بمختلف أنواعها من المقومات الهامة لإسرائيل ، ويحدث ذلك في كل المناسبات السانحة ، رغم أن هذه المجموعات تدرك جليا أن إسرائيل حاليا يمكن أن تقف على قدميها نتيجة استحواذها على معظم مراكز الأبحاث العالمية وسيطرتها على أسواق الالكترونيات والنانو تكنولوجي وسوق الاتصالات .
تأخذ المساعدات الاقتصادية أشكالا مختلفة ، لكن الجزء الأكبر من الدعم الأمريكي يأتي للحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط بحدوده الكبرى . لا تحصل إسرائيل فقط على حق الوصول للأسلحة الأمريكية من النوع الممتاز مثل طائرات إف -15-إف 16-إف35 –طائرات بلاك هوك والذخائر العنقودية والقنابل الذكية فقط بل أصبحت مرتبطة أيضا بمؤسسات الدفاع والاستخبارات من خلال مجموعة من الاتفاقيات والروابط غير الرسمية . يذكر أحد تقارير الكونغرس الأمريكي أن سلسلة المساعدات العسكرية الأمريكية ساهمت في تحويل الجيش الإسرائيلي إلى أحد أكثر الجيوش العسكرية تطورا من الناحية التكنولوجية في العالم .
وورد صحيفة وول ستريت جورنال في أحد تقاريرها الهامة أن إسرائيل تتمتع بحرية واسعة بشكل غير اعتيادي في انفاق الأموال إذ تتولى وكالة التعاون الأمني والدفاعي (DSCA) جميع عمليات الشراء وتراقب المساعدات الأمريكية لجميع متلقي المساعدات العسكرية الآخرين ، لكن إسرائيل تتعامل مباشرة مع المتعاقدين العسكريين مقابل جميع مشترياتها تقريبًا ثم يتم تعويضها من حساب المساعدة الخاص بها. إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تُعفى فيها العقود التي تقل قيمتها عن 500.000 دولار من المراجعة والتدقيق الأمريكية.

وقد تم الكشف عن المخاطر المحتملة الكامنة في هذه الترتيبات الرقابية المتساهلة نسبيًا في أوائل التسعينيات ، عندما تبين أن رئيس قسم المشتريات في سلاح الجو الإسرائيلي ، العميد رامي دوتان ، قد اختلس وحوّل لحسابه بشكل غير قانوني ملايين الدولارات من المساعدات الأمريكية. وتذكر صحيفة وول ستريت جورنال أن دوتان اعترف في النهاية بالذنب في إسرائيل وحكم عليه بالسجن لسنوات طويلة وقام بتقسيم أوامر الصرف المالية للبقاء دون عتبة 500000 دولار. ومع ذلك ، قال رئيس سلف وكالة التعاون الأمني والدفاعي (DSCA) ، ووكالة المساعدة الأمنية الدفاعية ، اللفتنانت جنرال تيدي ألين ، لاحقًا أمام لجنة فرعية في الكونجرس أن توصية المفتش العام بوزارة الدفاع بأن يتم "تجديد" برنامج المساعدة لإسرائيل قد تم رفضها لأنها قد تسبب " اضطرابات في علاقاتنا "مع اسرائيل.

بالإضافة إلى المساعدة الاقتصادية والعسكرية التي سبق وصفها ، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل ما يقرب من 3 مليارات دولار لتطوير أسلحة مثل طائرة لافي ودبابة ميركافا وصاروخ أرو. كما تم تمويل هذه المشاريع من خلال وزارة الدفاع الأمريكية وغالبًا ما يتم تصويرها على أنها جهود بحث وتطوير مشتركة ، لكن الولايات المتحدة لم تكن بحاجة إلى هذه الأسلحة ولم تنوي أبدًا شرائها لاستخدامها الخاص . و قد تم إلغاء المشروع في نهاية المطاف على أساس الفعالية من حيث التكلفة ( إضافة إلى تكلفة الإلغاء التي تتحملها الولايات المتحدة)، ولكن ذهب غيرها من الأسلحة في ترسانة إسرائيل على حساب العم سام. و تشمل ميزانية الدفاع تفاصيل الأمريكية تفاصيل تخدم مصلحة إسرائيل ، مخصص للتحسين وقسم مخصص للإنتاج . وبالتالي ، فإن الأموال التي تدفعها واشنطن لمساعدة صناعة الدفاع الإسرائيلية على تطوير أو إنتاج "مشاريع الأسلحة المشتركة" هذه هي في الواقع شكل آخر من أشكال الدعم. تستفيد الولايات المتحدة أحيانًا من التكنولوجيا التي تتطور في الشركات الإسرائيلية ، لكن أمريكا تستفيد أكثر إذا تم استخدام هذه الأموال لدعم صناعات التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة. وقد تمت ترقية العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الثمانينيات ، كجزء من جهود إدارة ريغان لبناء "إجماع استراتيجي" مناهض للسوفييت في الشرق الأوسط . ووقع وزير الدفاع كاسبار واينبرغر ووزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون مذكرة تفاهم في عام 1981 لتأسيس "إطار عمل للتشاور والتعاون المستمر لتعزيز أمنهما القومي المشترك.

وقد أدى هذا الاتفاق إلى إنشاء مجموعة تخطيط المساعدة الأمنية المشتركة (JSAP) ، والمجموعة العسكرية السياسية المشتركة ، والتي تجتمع بانتظام لمراجعة طلبات المساعدة الإسرائيلية، وتنسيق الخطط العسكرية ، والتدريبات المشتركة والترتيبات اللوجستية . وعلى الرغم من أن القادة الإسرائيليين كانوا يأملون في معاهدة رسمية للتحالف، وأصيبوا بخيبة أمل بسبب الطبيعة المحدودة لاتفاقية الإطار ، إلا أنها كانت تعبيرًا رسميًا عن التزام الولايات المتحدة أكثر من البيانات الرئاسية السابقة ، مثل تصريحات كينيدي الخاصة لغولدا ميرين عام 1962.

وعلى الرغم من التوترات حول مجموعة واسعة من القضايا مثل مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية ، وقصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 ، وضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية في عام 1981 ، وغزوها للبنان في عام 1982 ، ورفضها المفاجئ "لخطة ريغان" "من أجل السلام في أيلول 1982 - زاد التعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة بشكل مطرد في سنوات ريغان. وبدأت التدريبات العسكرية المشتركة في عام 1984 ، وفي عام 1986 أصبحت إسرائيل إحدى ثلاث دول أجنبية تمت دعوتها للمشاركة في مبادرة الدفاع الاستراتيجي الأمريكية (المعروفة أيضًا باسم "حرب النجوم. و في عام 1988 ، أعادت مذكرة اتفاق جديدة التأكيد على "الشراكة الوثيقة بين إسرائيل والولايات المتحدة" ووصفت إسرائيل بأنها "حليف رئيسي من خارج الناتو" إلى جانب أستراليا ومصر واليابان وكوريا الجنوبية. والدول التي تتمتع بهذا الوضع مؤهلة لشراء مجموعة أكبر من الأسلحة الأمريكية بأسعار منخفضة ، والحصول على أولوية تسليم فائض العتاد الحربي ، والمشاركة في مشاريع البحث والتطوير المشتركة ومبادرات مكافحة الإرهاب الأمريكية. تحصل الشركات التجارية الإسرائيلية من الولايات المتحدة أيضًا على معاملة تفضيلية عند تقديم عطاءات للحصول على عقود دفاع أمريكية.

ومنذ ذلك الحين ، توسعت الروابط الأمنية بين البلدين. بدأت الولايات المتحدة بتخزين الإمدادات العسكرية في إسرائيل في عام 1989 ، وصوت الكونجرس في عام 2006 لزيادة المخزون من حوالي 100 مليون دولار إلى 400 مليون دولار في عام 2008 . وقد تم تبرير هذه السياسة كطريقة لتعزيز قدرة البنتاغون على الاستجابة بسرعة للأزمات الإقليمية ، لكن وضع الإمدادات الأمريكية في إسرائيل هو في الواقع طريقة غير فعالة للاستعداد لهذا الطوارئ ، ولم يكن البنتاغون أبدًا متحمسًا لهذه السياسة.

ووفقًا لشاي فيلدمان ، الرئيس السابق لمعهد جافي للدراسات الإستراتيجية بجامعة تل أبيب ، فإن "الترتيبات الحالية تسمح فقط بتخزين العتاد الذي يمكن استخدامه أيضًا في حالات الطوارئ من قبل القوات الإسرائيلية. ومن وجهة نظر مخططي البنتاغون، فإن هذا يعني أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون متأكدة تمامًا من توفر الأسلحة والذخيرة المخزنة في إسرائيل في حالة الأزمات. علاوة على ذلك ، فإن ترتيب "الاستخدام المزدوج" هذا يعني أنه بدلاً من تخزين الأسلحة والذخائر للوحدات الأمريكية المحددة مسبقًا ، يجب توزيع الأسلحة من المخزونات العامة في ظل ظروف الأزمة ثم دمجها في وحدات قتالية مختلفة ، مما خلق كابوسا لوجستيا . إن الغرض الحقيقي من برنامج المخزون هو تعزيز احتياطيات إسرائيل من المعدات، وليس من المستغرب أن ذكرت شبكة يديعوت أحرونوت الإخبارية ، وهي خدمة إخبارية على شبكة الإنترنت تابعة لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ، في كانون الأول 2006 أن "جزءًا كبيرًا من المعدات الأمريكية المخزنة في إسرائيل ... استخدم في حرب صيف 2006 في لبنان ".

بناءً على تقارير مجموعات العمل الأخرى التي تم إنشاؤها خلال الثمانينيات ، أنشأت الولايات المتحدة، وإسرائيل مجموعة عمل مشتركة لمكافحة الإرهاب في عام 1996 ، وأنشأت "خطًا ساخنًا" إلكترونيًا بين البنتاغون ووزارة الدفاع الإسرائيلية . ولتعزيز الروابط بين الدولتين ، تم منح إسرائيل حق الوصول إلى نظام الإنذار الصاروخي الأمريكي القائم على الأقمار الصناعية في عام 1997. ثم ، في عام 2001 ، أقامت الدولتان " حوارًا استراتيجيًا بين الوكالات" يجري سنويا لمناقشة "القضايا طويلة المدى ". وقد تم تعليق المنتدى الأخير مؤقتًا بسبب النزاع بين اسرائيل والولايات المتحدة حول المبيعات الإسرائيلية للتكنولوجيا العسكرية الأمريكية إلى الصين ، لكنه انعقد مرة أخرى في عام 2005.

وكما يتوقع المرء ، فإن التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل يمتد أيضًا إلى مجال الاستخبارات . ويعود التعاون بين أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية إلى أواخر الخمسينيات من القرن الماضي ، وبحلول عام 1985 ورد أن الولايات المتحدة واسرائيل وقعا حوالي عشرين اتفاقية لتبادل المعلومات الاستخباراتية. منحت إسرائيل الولايات المتحدة حق الوصول إلى الأسلحة السوفيتية التي تم الاستيلاء عليها ، وإلى التقارير الواردة من المهاجرين من الكتلة السوفيتية ، بينما زودت الولايات المتحدة إسرائيل بصور الأقمار الصناعية خلال حرب تشرين الأول عام 1973 وقبل إنقاذ الرهائن في عنتبة عام 1976 ، وبحسب ما ورد ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في تمويل العديد من عمليات الاستخبارات الإسرائيلية في أفريقيا. و في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ، منحت الولايات المتحدة إسرائيل إمكانية الوصول إلى أشكال معينة من المعلومات الاستخباراتية التي حرمت منها أقرب حلفائها في الناتو. وعلى وجه الخصوص ، ورد أن إسرائيل تلقت وصولاً غير محدود تقريبًا إلى المعلومات الاستخباراتية من قمر الاستطلاع KH-11 المتطور. "ليس المعلومات فقط ، بل الصور نفسها" ، بحسب رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ، بينما كان وصول البريطانيين إلى نفس المصدر محدودًا بدرجة أكبر. كما تم تقييد الوصول إلى هذه البيانات بعد الغارة الإسرائيلية على المفاعل النووي العراقي في عام 1981 ، ولكن يُعتقد أن الرئيس بوش الأول سمح بنقل معلومات الأقمار الصناعية في الوقت الحقيقي حول هجمات سكود العراقية خلال حرب الخليج عام 1991.

وعلى النقيض من معارضة واشنطن طويلة الأمد لانتشار أسلحة الدمار الشامل ، دعمت الولايات المتحدة ضمنيًا جهود إسرائيل للحفاظ على التفوق العسكري الإقليمي من خلال غض الطرف عن برامجها السرية المتنوعة لأسلحة الدمار الشامل ، بما في ذلك امتلاكها ما يزيد عن مائتي قنبلة أسلحة نووية. كما ضغطت حكومة الولايات المتحدة على عشرات الدول للتوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 1968 ، لكن القادة الأمريكيين لم يفعلوا الكثير للضغط على إسرائيل لوقف برنامجها النووي وتوقيع الاتفاقية. ومن الواضح أن إدارة كينيدي أرادت كبح جماح طموحات إسرائيل النووية في أوائل الستينيات ، وأقنعتها في النهاية بأن تسمح إسرائيل للعلماء الأمريكيين بالقيام بجولة في منشأة الأبحاث النووية الإسرائيلية في ديمونا للتأكد مما إذا كانت إسرائيل تحاول إنتاج قنبلة نووية . نفت الحكومة الإسرائيلية مرارًا أن لديها برنامج أسلحة ، وتباطأت في تحديد مواعيد الزيارات ، وفرضت قيودًا مشددة على دخول المفتشين عند حدوث الزيارات. وهكذا ، فإن الزيارة الأولى للولايات المتحدة ، في 18 أيار 1961 ، حيث شارك فيها عالمان أمريكيان فقط ، واستغرقت الزيارة أربعة أيام فقط ، قضى يوم واحد منها فقط في موقع ديمونة . وبحسب وارين باس ، "كانت استراتيجية إسرائيل هي السماح بزيارة ... لكن ضمنت إسرائيل عدم عثور المفتشين على أي شيء". وبعد الضغط عليها للسماح بزيارة متابعة بعد عام ، دعا الإسرائيليون بشكل غير متوقع مسؤولي لجنة الطاقة الذرية الأمريكية لتفقد منشأة إسرائيلية مختلفة للقيام بجولة مرتجلة في ديمونا .
وكما يلاحظ وارين باس ، فإن هذه الزيارة "بالكاد تستحق التسمية بالتفتيش ، لكن إدارة كينيدي "لم تبدو متحمسة لخوض معركة".

صعّد كينيدي ضغوطه في العام التالي ، ومع ذلك ، أرسل كل من بن غوريون وخليفته ، ليفي إشكول ، عدة رسائل صارمة تطالب بإجراء عمليات تفتيش نصف سنوية "وفقًا للمعايير الدولية" وتحذر من أن " التزام هذه الحكومة ودعمها لإسرائيل يمكن أن يقود لخطر جدي " إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على تبديد مخاوفها بشأن طموحات إسرائيل النووية. أقنعت تهديدات كينيدي قادة إسرائيل بالسماح بزيارات إضافية ، لكن التنازل لم يؤد إلى الامتثال الإسرائيلي.

يقال أن أشكول قال لزملائه بعد استقبال كينيدي في تموز عام 1963 : " أنا مرعوب من أن الرجل سوف يأتي إلينا ، وقال إنه سوف يأتي؟ في الواقع ، يقال أنه يمكن أن يزور الموقع في ديمونا ..."

في زيارات أخرى ، لم يُسمح للمفتشين بإحضار أدوات خارجية أو أخذ عينات. كما تذكرنا الحالات الأخيرة في العراق وكوريا الشمالية ، فإن مثل هذه التكتيكات التشويقية هي جزء من قواعد اللعبة لجميع الناشرين السريين.

ظل المسؤولون الأمريكيون متشككين بشأن خطط إسرائيل النووية ، لكن خداع إسرائيل نجح لأنه لم يكن كينيدي ولا خليفته ، ليندون جونسون ، على استعداد لحجب الدعم الأمريكي إذا لم تكن إسرائيل أكثر استعدادًا. ونتيجة لذلك ، يلاحظ أفنير كوهين في تاريخه التفصيلي لبرنامج إسرائيل النووي ، "كان الإسرائيليون قادرين على تحديد قواعد الزيارات الأمريكية، واختارت إدارة جونسون عدم مواجهة إسرائيل بشأن هذه القضية ، خشية أن تنهي إسرائيل الترتيب ، هدد كينيدي كلاً من بن غوريون و ليفي أشكول بأن عدم الامتثال قد يعرض للخطر الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل ورفاهيتها ، لكن جونسون لم يكن مستعدًا للمخاطرة بأزمة أمريكية إسرائيلية بشأن هذه القضية ، وبدلاً من التفتيش كل ستة أشهر ، عمليًا
استقر رأي جونسون على زيارة سريعة مرة واحدة في السنة أو نحو ذلك. وعندما جاء مدير وكالة المخابرات المركزية ريتشارد هيلمز إلى البيت الأبيض في عام 1968 لإبلاغ جونسون بأن المخابرات الأمريكية قد خلصت إلى أن إسرائيل تمتلك بالفعل قدرة نووية ، أخبره جونسون أن تأكد من عدم عرض الدليل على أي شخص آخر ، بما في ذلك وزير الخارجية دين راسك ووزير الدفاع روبرت ماكنمارا. ويذكر الصحفي سيمور هيرش ، "كان هدف جونسون في مطاردة هيلمز واستخباراته - بعيدًا وواضحًا: لم يكن يريد التعرف على ما كانت وكالة المخابرات المركزية تحاول إخباره به ، لأنه بمجرد قبول هذه المعلومات ، سيتعين عليه التصرف بناءً عليها. و بحلول عام 1968 ، لم يكن لدى الرئيس الأمريكي نية بفعل أي شيء لوقف القنبلة الإسرائيلية ."
تحتفظ إسرائيل بالإضافة إلى ترسانتها النووية ، ببرامج أسلحة كيميائية وبيولوجية نشطة ولم تصدق بعد على اتفاقية الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية. المفارقة هي أنه من الصعب أن تفوت حقيقة أن الولايات المتحدة ضغطت على العديد من الدول الاخرى للانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي، والعقوبات المفروضة على الدول التي تحدت رغبات الولايات المتحدة وحصلت على أسلحة نووية على أي حال، ذهب الرئيس الأمريكي إلى الحرب في عام 2003 لمنع العراق من السعي أسلحة الدمار الشامل، و فكر في مهاجمة إيران وكوريا الشمالية وسورية لنفس السبب. ومع ذلك ، دعمت واشنطن منذ فترة طويلة حليفًا معروفًا بأنشطته السرية في مجال أسلحة الدمار الشامل ، ومنحت ترسانته النووية تفوقا على جيرانه وحافزًا قويًا للحصول على أسلحة الدمار الشامل وتطويرها بنفسه.

وباستثناء الدعم السوفيتي الجزئي لكوبا ، من الصعب التفكير في حالة أخرى قدمت فيها دولة إلى دولة أخرى مستوى مماثلًا من المساعدة المادية على مدار هذه الفترة الممتدة من التاريخ . واستعداد أمريكا لتقديم بعض الدعم لإسرائيل ليس مفاجئًا ، بالطبع ، لأن قادة الولايات المتحدة فضلوا منذ فترة طويلة وجود إسرائيل وفهموا أنها تواجه بيئة تهديد معادية. ويرى قادة الولايات المتحدة أيضًا المساعدة لإسرائيل وسيلة لتعزيز أهداف السياسة الخارجية الأمريكية الأوسع.

ومع ذلك ، فإن الحجم الهائل للمساعدات الأمريكية لافت للنظر. وقد كانت إسرائيل أقوى من جيرانها قبل بدء أي مساعدة عسكرية أمريكية كبيرة ، وهي الآن دولة مزدهرة ومتطورة . لقد كانت المساعدة الأمريكية بلا شك مفيدة لإسرائيل ، لكنها لم تكن ضرورية لبقائها حتى الآن كما يروج أنصارها من مجموعات ضغط أو منظمات أو شركات علاقات عامة .

والميزة الأكثر تفردًا في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل هي أنه غير مشروط وبطبيعة سجية على نحو متزايد . ربما هدد الرئيس أيزنهاور بوقف المساعدة بعد حرب السويس (على الرغم من أنه واجه معارضة كبيرة في الكونجرس عندما فعل ذلك) ، لكن تلك الأيام قد ولت. ومنذ منتصف الستينيات ، استمرت إسرائيل في تلقي الدعم السخي حتى عندما اتخذت إجراءات يعتقد القادة الأمريكيون أنها غير حكيمة وتتعارض مع المصالح الأمريكية. تحصل إسرائيل على مساعدتها على الرغم من رفضها التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وبرامج أسلحة الدمار الشامل المختلفة . كما تحصل على مساعدتها عندما تبني المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا (وتخسر فقط مبلغًا صغيرًا من خلال التخفيضات في ضمانات القروض يعاد تعويضه بسخاء لاحقا. وعلى الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة تعارض سياسات إسرائيل أحيانا مثل ضم الأراضي الفلسطينية الجديدة وتهويد القدس أو عندما تبيع التكنولوجيا العسكرية الأمريكية لأعداء محتملين مثل الصين ، أو تقوم بعمليات تجسس على الأراضي الأمريكية ، أو تستخدم الأسلحة الأمريكية بطرق تنتهك القانون الأمريكي مثل استخدام الذخائر العنقودية في المناطق المدنية في لبنان أو غزة فإنها تحصل على مساعدة إضافية عندما تقدم تنازلات من أجل السلام ، لكنها نادراً ما تفقد الدعم الأمريكي عندما تتخذ إجراءات تجعل السلام بعيد المنال. وهي تحصل على مساعدتها حتى عندما يتراجع الإسرائيليون عن تعهداتهم التي قطعوها على رؤساء الولايات المتحدة. وعد مناحيم بيغن الرئيس رونالد ريغان أنه لن يمارس الضغط ضد البيع المقترح لنظام أواكس طائرة إلى المملكة العربية السعودية في عام 1981، على سبيل المثال ، لكن بيغن ذهب بعد ذلك إلى مبنى الكابيتول هيل وأخبر لجنة في مجلس الشيوخ أنه يعارض الصفقة.

قد يعتقد المرء أن كرم الولايات المتحدة من شأنه أن يمنح واشنطن نفوذاً كبيراً على سلوك إسرائيل ، لكن هذا الافتراض غير صحيح. إذ أنه عند التعامل مع إسرائيل ، في الواقع ، لا يمكن لقادة الولايات المتحدة عادة الحصول على تعاون إلا من خلال تقديم جزرات إضافية (زيادة المساعدة) بدلاً من استخدام العصي (التهديدات بوقف المساعدة. وعلى سبيل المثال ، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على المصادقة العلنية على قرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي صدر أصلاً في تشرين الثاني 1967 ، والذي دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب الأيام الستة في الخامس من حزيران 1967 - فقط بعد أن أعطى الرئيس ريتشارد نيكسون تأكيدات خاصة بأن إسرائيل ستتلقى المزيد من الطائرات من الولايات المتحدة. علاوة على ذلك ، فإن قبول إسرائيل لاتفاقية وقف إطلاق النار التي أنهت ما يسمى بحرب الاستنزاف مع مصر (سلسلة مطولة من الاشتباكات الجوية والمدفعية والمشاة بدأت على طول قناة السويس في أذار 1969 واستمرت حتى 1970) تمت بعد تعهد أمريكي بتسريع تسليم الطائرات إلى إسرائيل ، وتوفير إجراءات إلكترونية مضادة متقدمة ضد الصواريخ المضادة للطائرات التي يقدمها الاتحاد السوفيتي لمصر وسورية ، وبشكل أعم ، "للحفاظ على توازن القوى وفق المفهوم الإسرائيلي." ووفقا لشمعون بيريز (الذي شغل منصب وزير بلا حقيبة في هذه الفترة)، "أما بالنسبة لمسألة الضغوط الأمريكية فإننا لن نقبل بها ، وأود أن أقول إننا نعالج مع الجزرة أكثر من العصا ، وفي أي حال لن نهدد قط بالعقوبات ".

استمر هذا النمط خلال السبعينيات ، حيث تعهد الرؤساء نيكسون وفورد وكارتر بمبالغ أكبر من المساعدات في سياق محادثات فك الارتباط مع مصر وأثناء المفاوضات التي أدت إلى اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة السلام المصري الإسرائيلي عام 1979. على وجه التحديد ، زادت المساعدات الأمريكية لإسرائيل من 1.9 مليار دولار في عام 1975 إلى 6.29 مليار دولار في عام 1976 (بعد استكمال اتفاقية سيناء الثانية) ومن 4.4 مليار دولار في عام 1978 إلى 10.9 مليار دولار في عام 1979 (بعد معاهدة السلام النهائية مع مصر ( و كما هو مبين أدناه ، قدمت الولايات المتحدة أيضًا عددًا من الالتزامات الأخرى لإسرائيل من أجل إقناعها بالتوقيع على مفاوضات السلام . و بنفس الطريقة، أعطت إدارة كلينتون إسرائيل المساعدة على النحو متزايد كجزء من معاهدة السلام مع الأردن في عام 1994، وجهود كلينتون لدفع عملية أوسلو للسلام وقدم لإسرائيل تعهدا إضافيا بقيمة 1.2 مليار دولار من العسكرية المساعدات لإسرائيل لكسب قبول إسرائيل لاتفاقية السلام (واي) مع الفلسطينيين عام 1998. وعلق رئيس الوزراء نتنياهو الاتفاقية بعد وقت قصير من توقيعها ، بعد مواجهة عنيفة بين حشد فلسطيني ومواطنين إسرائيليين. طبقاً للمفاوض الأمريكي دنيس روس ، "كان من الصعب الهروب من الاستنتاج بأن بيبي ( نتنياهو) يستاء من الحادث ويستعمله لتجنب التنفيذ . وكان هذا مؤسف، لأن الفلسطينيين كانوا يعملون بجد لتنفيذ معظم من الالتزامات بموجب واي، لا سيما في مجال اعتقال المشاغبين (وفق التصنيف الاسرائيلي) و مكافحة الإرهاب من المنظور الإسرائيلي. ولكن كما الباحث الاسرائيلي ابراهام بن تسفي يلاحظ،" إن بنيامين نتنياهو يسكب الكلورين بالأطنان على علاقات الولايات المتحدة من أصدقائها في إشارية سياسية إلى مقدار الضرر الذي تلحقه إسرائيل مع جيرانها وبالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية الخاصة ".

في الواقع ، تواجه محاولات استخدام النفوذ الأمريكي المحتمل عقبات كبيرة ونادرًا ما تتم محاولة ذلك ، حتى عندما يكون المسؤولون الأمريكيون منزعجين بشدة من الإجراءات الإسرائيلية. وعندما نفد صبر الرئيس جيرالد فورد ووزير الخارجية هنري كيسنجر مع التعنت الإسرائيلي خلال مفاوضات فك الارتباط مع مصر في عام 1975 ، خرج التهديد بتقليص المساعدات وإجراء إعادة تقييم بعيدة المدى للسياسة الأمريكية عن مسارها عندما وقع ستة وسبعون من أعضاء مجلس الشيوخ على خطاب برعاية من منظمة أيباك AIPAC تطالب بأن يظل فورد "متجاوبًا" مع احتياجات إسرائيل الاقتصادية والعسكرية (وهي من المجموعات الضاغطة داخل المؤسسات الأمريكية المختلفة) ، واستطاعت منع تقليص المساعدات الأمريكية بشكل فعال ، ولم يكن أمام فورد وكيسنجر سوى خيارات قليلة لاستئناف الدبلوماسية "سياسة الخطوة خطوة" ومحاولة الحصول على تنازلات إسرائيلية من خلال تقديم حوافز إضافية.

كان الرئيس جيمي كارتر منزعجًا بالمثل من فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في تنفيذ الشروط الكاملة لاتفاقيات كامب ديفيد مع مصر لعام 1989و هي اتفاقية الاختراق التي وضعت إطارًا لمعاهدة السلام اللاحقة بين مصر وإسرائيل) ، لكنه لم يحاول أبدًا الارتباط مع الولايات المتحدة لامتثال إسرائيل. وكان مسؤولو إدارة كلينتون محبطين بنفس القدر عندما لم يلتزم رئيسا الوزراء نتنياهو وباراك بجميع التزامات إسرائيل في اتفاقيات أوسلو للسلام مع الفلسطينيين ، وقيل إن كلينتون كان "غاضبًا" عندما تراجع باراك عن التزامه بنقل ثلاث قرى في القدس إلى السيطرة الفلسطينية ، معلنا أن باراك يجعله "نبيا كذابا" في نظر زعيم أجنبي آخر مثل ياسر عرفات . كما انفجر كلينتون غاضبا عندما حاول باراك تغيير الأرض خلال مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 .
وقال له ديفيد سوميت: "لا يمكنني الذهاب لرؤية عرفات وهو يتقلص! يمكنك تقديم شيء ما ، هذا غير مقبول. هذا ليس حقيقيا. هذا ليس جديا". ومع ذلك ، لم ترد كلينتون على هذه المناورات بالتهديد بحجب الدعم عن اسرائيل. من المؤكد أن أمريكا حجبت المساعدة من حين لآخر مؤقتًا للتعبير عن استيائها من أفعال إسرائيلية معينة ، لكن مثل هذه الإيماءات عادة ما تكون رمزية وقصيرة الأمد ، وليس لها تأثير دائم على السلوك الإسرائيلي.

في عام 1977 ، على سبيل المثال ، استخدمت إسرائيل ناقلات جند مدرعة أمريكية للتدخل في جنوب لبنان (وهي خطوة انتهكت كلاً من متطلبات قانون مراقبة تصدير الأسلحة التي تقضي باستخدام الأسلحة الأمريكية فقط " للدفاع المشروع عن النفس " وتعهد رئيس الوزراء مناحيم بيغن وقتها بعدم اتخاذ أي إجراء أو مهاجمة لبنان دون استشارة واشنطن أولاً) ثم نفى القيام بذلك ، و بعد أن كشفت معلومات استخباراتية متطورة عن خداع إسرائيل ، هددت إدارة كارتر بإنهاء الشحنات العسكرية المستقبلية وأمر بيغن بسحب المعدات لكن لم يفعل ولم تنتهي الشحنات العسكرية .

هناك مثال آخر مشابه وهو قرار إدارة ريغان بتعليق مذكرة التفاهم مع إسرائيل لعام 1981 بشأن التعاون الاستراتيجي بعد ضم إسرائيل الفعلي لمرتفعات الجولان ، لكن ريغان نفذ لاحقًا البنود الرئيسية للاتفاق على الرغم من أن إسرائيل لم تتراجع عن الضم. كما أوقفت الولايات المتحدة شحنات الذخائر العنقودية بعد أن انتهكت إسرائيل الاتفاقات السابقة المتعلقة باستخدامها أثناء غزو لبنان عام 1982 ، لكنها بدأت في توريدها مرة أخرى رسميا في عام 1988.

لقد ساعد الضغط الأمريكي أيضًا في إقناع إسرائيل بعدم شن هجوم شامل على قوات منظمة التحرير الفلسطينية التي لجأت إلى بيروت بعد الغزو الإسرائيلي عام 1982، لكن قادة إسرائيل أنفسهم في الأساس كانوا مترددين في اتخاذ هذه الخطوة ، وبالتالي لم يكونوا بحاجة إلى الكثير من الإقناع. وفي عام 1991 ، ضغطت إدارة بوش الأولى على حكومة شامير لوقف بناء المستوطنات، وحضور مؤتمر السلام المخطط له بعد حجب ضمان القرض البالغ 10 مليارات دولار ، لكن التعليق استمر بضعة أشهر فقط، وتمت الموافقة على الضمانات بمجرد أن حل إسحاق رابين محل شامير. رئيس الوزراء. وافقت إسرائيل على وقف بناء المستوطنات الجديدة لكنها واصلت توسيع الكتل القائمة ، وزاد عدد الطبقات في الأراضي المحتلة بمقدار 8000 شقة (14.7٪) في عام 1991 ، بواقع 6900 شقة (103٪) في عام 1993 ، بمقدار 6900 شقة ( 9.7٪) في عام 1994 ، و7300 شقة (9.1 ٪) في عام 1996 ، إن معدلات البناء أعلى بكثير من النمو السكاني الإجمالي في إسرائيل خلال هذه السنوات.

تكررت حادثة مماثلة في عام 2003 ، عندما حاولت إدارة بوش الثانية الإشارة إلى معارضتها لـ "الجدار الأمني" الإسرائيلي في الضفة الغربية من خلال إجراء تخفيض رمزي في ضمانات القروض الأمريكية لإسرائيل. كان من الممكن أن يكون التخفيض حجب للضمان بالكامل أو تقليص المساعدات الخارجية المباشرة تأثير ، لكن بوش فقط حجب جزءًا من ضمان القرض يعادل التكاليف المقدرة لتلك الأجزاء من الجدار التي كانت تعتدي على الأراضي الفلسطينية . كان على إسرائيل ببساطة أن تدفع سعر فائدة أعلى على جزء صغير من قرضها ، وهي غرامة تصل إلى بضعة ملايين من الدولارات بالمقارنة مع مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية التي تحصل عليها إسرائيل بالفعل (وتتوقع الحصول عليها في المستقبل) ، كانت هذه بالكاد صفعة على المعصم فقط ، و لم يكن لها تأثير واضح على سلوك إسرائيل.
يساهم اللوبي الإسرائيلي ليل نهار في تحسين صور إسرائيل في أمريكا والضغط على أصحاب القرار لمنعهم من ممارسة ما يجب أن يفعلوه تجاه بلدهم أولا قبل الأخرين .
......يتبع......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف