الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الهاوية -5-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 4 / 15
الادب والفن


لست معنية بما يقول
في داخلي غناء
ينصحني ، بينما أشتمه مبتسمة
يعتقد أنّه نجح ، لم يسمع صوت غنائي
أغني شتائمي عنه
أهزّ رأسي بالموافقة
أدير ذهني عمّا قال بعد الجملة الأولى
يستمرّ طربي
أغرق في ذاتي
أكابر على الإخفاق
أرسم صورة مزيفة لنا
أبهرجها ، أعرضها للبيع
تصبح لوحة يتداولها الناس
أحاول أن أستعيدها
أنا من صنع لوحتي
يسخرون مني:
من أنت حتى يكون لك لوحة؟
يختفي فجأة ذلك الطرب الأصيل
ترحل معه ابتسامة
أتكوّر مستسلمة
يعود ليقدم لي النصيحة
لا يراني
تحوّلت إلى حجر
أصبحت في حكم المجهول
. . .

نعيش أحياناً في مكان لا نشعر بالانتماء إليه ، نتعوّد عليه، وعندما نفارقه نحزن . لم نجرّب متعة السياحة، ولم نخرج من أمكنتنا التي لا ننتمي لها في أغلب الآحيان، رغم تشابهنا ، أغلبنا يستعمل نفس التعابير ، و له نفس المواقف، رغم ذلك فأغلبنا يعادي بعضنا .
أعتقد أحياناً أنّني لا أعيش على هذا الكوكب، أكثر ما أطمح له خيالي يجعلك تستمرّ من خلاله . أصبح عمري ستين عاماً ، أشعر أن خبرتي خبرة طفل في عمر السأبعة. أسأل أحياناً : ربما ارتكبت جرماً فظيعاً في هذه الحياة، فكم مدّة العقوبة ، وهل هي متناسبة مع الجرم؟
أتدري يا ياسر أنني أستغرب كيف قتلت الزّمن؟
تأتي إلي الفتيات ليفضفضن ، و أساعدهن على قتل الوقت فقط ، هنا لا يوجد أحلام، و لا آمال ، سيكتشفن ذلك، لكن أشدّ على أيديهم كي يكبر حلمهمن، ويعشن لأجله . من تأتي إلي من النّساء هنّ المطلقات ، و الفتيات المضطهدات من عوائلهن . نقتل الوقت معاً بالثرثرة عن الأمل ، ثم يأتي الليل فنعيش في أحلام يقظتنا، ولا نشعر بالوقت عندما يمرّ لأنّنا أشبعناه وهمأً
أشعر أحياناً أنّني أعيش في حلم يشبه الكابوس ، أستجمع قواي لأفرّ هاربة ، لا تساعدني رجلاي على المشي، أتسمّر في مكاني مستسلمة للخوف بينما شفتاي تردّد ليته حلم! فجأة أستيقظ ، أرى أن أمنيتي تحققت ، فقد كان حلماً ، لكنّه يتكرّر في كلّ ليلة فهو جزء من حياتي .
أحلامي تدور حول الخوف ، فمرّة أرى نفسي في زريبة ، و أخرى في وكر ضبع، و في أحسن الأحوال أرى قرينتي ترصد أحلامي فأختبئ من عيونها الكثيرة تحت اللحاف ، و أصرخ أمّي . أمي . . .
صراع بيني وبيني
ربح وخسارة
تستمرّ المعارك ، تحتدم
يهدّ القتال حيلي
أعيش بين ويلين
تحيط بي جدران لم يكتمل بناؤها
أتكوّم كجثّة
أحسدني
على جدراني الأربعة
أهذي بأغنية عن ليلي
وعدوني :أنّ بعد الصبر الفرج
وأن من زرع حصد،
النّجاح خلف الباب
فكنت أعمل كالدواب
هي فترة من العمر، بعدها ينتهي التعب
نسيت عمري ، تمسكت بالصبر
زرعت، انتظرت موسم الحصاد
فلكل مجتهد نصيب
تحضّرت لحصد الموسم
قبضت على الرّيح
ناديت أحبتي
أتاني الصدى
أجبته :
أرغب أن أتحسس وجوههم
أن أشمّ رائحتهم
أين هم ؟
كان صدى
وكنت أحصد أغماراً من الرّيح

ماذا تعني كلمة الصبر؟
تعني قلّة الحيلة و الاستسلام إذا كان الصبر على الإيذاء ، وتعني الإكراه على الأمر عندما يكون الصبر على فقد عزيز مثلاً .
صبرت على الأيّام ، كنت أناجيها ، أبكي بكاء منفرداً على أوتارها ، وكان الحزن يغزوني فألوذ بالليل ، يأخذني إلى عالم سحري أصنعه من أجلي . في الصباح أغازل قرص الشمس، أعود منتشية بالحياة . هكذا كانت دورة الصبر عندي .
تربيت على يد بقرتنا الحلوب ، كان حلمي أن تكون البقرة لي ، فلولاها لما كان لنا حياة، أحياناً كنت أسأل نفسي: لماذا تحب أمي البقرة أكثر مني؟ لم أتمالك نفسي، سألت السؤال لأمي . أجابتني إجابة مقنعة: البقرة مصدر رزقنا . سوف أحبّك لا حقاً . لا وقت لدي الآن .
-قولي أكثر يا نوال . أشعر أن كلماتك تخرج من داخلي ، و أنّني أقف أمام قاض عادل سوف يسمع ما أقول، يعيد حقي لي. أتدرين! قد تكونين الأمر الوحيد في حياتي الذي أعيش من أجله. رغم هذا فإنّني أفكر في عدم العيش ، أتمنى أن تصيبني رصاصة طائشة، فما بيني و بينك ليس حباً. هو شرح لمأساة مشتركة ، ربما تكون أنقى من الحب. عندما كنت ضابطاً كنت أبحث عن الحبّ ، وكان للحبّ شروط ، فالفتاة التي يمكن أن أحبها يجب أن تكون فتيّة ، شقراء، من عائلة محترمة ، بمعنى أن يكون أبوها لواء، أو مالك لسلسلة مطاعم ، و أن تنفق وقتها على راحتي . لو لم يأسرني العدو لكنت وجدتها، فالكثيرات يرغبن برفيق ينظر له المجتمع بعين الاحترام . الأسر علّمني الكثير، لم يعد عندي تلك النّظرة الأنانية للأشياء . تعلّق قلبي بإحدى السّجانات ، لكنّني لم أبح لها. عندما كنت أراها أنسى أنّني في السّجن ، ويبدو أنه كانت تبادلني تلك المشاعر، لكن كلانا كان يعرف أن تلك العلاقة لا مستقبل لها ، فاكتفيت أن تلقيت إرشاداتها حول الدراسة، و استطعت أن أحصل على شهادة حرفية في فن الديكور .
-عندما كنت شابة في الثلاثين ، حاولت أن أكتب شيئاً أشبه بالصحافة ، ومن جملة ما كتبت ، وتم نشره على صحيفة " المعاكسة " مقال عن شخص يدّعي أنّه من النّخب، وكان له باع في تشجيع تجمّع إرهابي على القتل، كانوا يدفعون له. كتبت أشياء أعرفها عنه كونه كنا معاً في الإعدادية ، فأرسل لي شخصاً ليسألني من أنا ، وكيف أتطاول عليه، لم أستمع لما قاله الشّخص ، استمريت في غيّي، ماهي إلا سنوات إلا وكان في استقبال الشخص رئيسة وزراء دولة غربية حيث نقل أمواله لها ، وقبل أيام حصد جائزة . الأغنياء لا يدفعون مقابل الجائزة ، بل تمنحهم اللجان الجائزة تحبباً طمعاً في وظيفة أرقى . عندما سمعت بنبأ الجائزة كتبت بعض الكلمات، لكنّني لم أنشرها، حقيقة أحبّ أن أنشر لكنّني في الستين، وعلى من تكتب أن تكون دون الثلاثين، وعليها مسحة من الجمال، وتستطيع أن تجلس في المقابلة على التلفاز بموديل يحبّه من يقدّمها . كتبت:
هل أعتذر؟
فاز بالجائزة
كيف أفوز بجائزة ؟
راهنت على وضاعته ،
وصفته بالجاهل الغبي
سأل من تلك التي تتحدّث عني ؟
تدعي أنّها كاتبة !
أرسل رسائله لي عن طريق أصدقاء لنا
اتهمونني بالردّة
خفت
لست مستعدة لأكون نجمة الموت على وسائل التواصل
اختفيت أنا
احتفى هو مع عليّة القوم بماله
دارت السنون الخمس
نال الجائزة
و نلت عقوبة الآخرة
يجب أن أعتذر منه:
عذراً لأنّني كنت مغرورة
و كان طريقك مفروشاً بالدّم
كنت ساذجة
وكنت تجمع ثمن النّجاح
عذراً لأنّني اعتقدت أن الموهبة تسهل الانتشار
وأن المال زائل
كنت ساذجة سيدي
المال يصنع الشهرة
يصنع الموهبة
ويفتح الطريق أمام الجوائز
عذراً تعلّمت منك الدّرس
أحترم ذكاءك الدموي
و أنحني أمام عبقريتك في اكتساب جميع الصفات:
ثائر ، وطني، ملك المال، صعب المنال ، لو أردت أن تعمل عنده جهزّ لباس عبد ، ومنبر مديح للثوار ، وعلى رأسهم سيدنا الرحيم . أصبح يشبه الله، يحاسب ويعاقب، و أنا أطلب التوبة منه . عذراً منك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و