الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفلة بني مزار

مجدي مهني أمين

2021 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ترن في أذني قصيدة "الكعكة الحجرية" لأمل دنقل، يرن في أذني بقوة هذا المقطع القائل:
(صفعته يد..
أدخلته يد الله في التجربة!)
وكنت أنا من أدخلتني يد الله في التجربة، تجربة أن أسمع ريماس، طفلة بني مزار، وهي تبكي أمها مريم، والحقيقة لم تكن ريماس هي التجربة، بل كراس، فقد سمعت القصة وعرفت أن كراس، طفل الثلاث سنوات، تصدي للقاتل كي يحمي أمه، كيف وقف بين ساقي أمه كي يمنع القاتل من ارتكاب جريمته، فكان أن قتله سائق التوكتوك، وقتل أمه، صورة الطفل البطل كانت تهزني هزا، تخلعني وترفعني وتسقطني، تماما مثلما حدث له، وهنا جاء من بعيد صوت ريماس، شاهدت صورتها في الفيديو مستلقية على الأرض، وأوقفت الفيديو سريعا:
- يعني لو كانت صورة كارس البطل، التي في ذهني، ترفعني وتسقطني، فكيف سيكون حالي لو سمعت ريماس؟
أوقفت الفيديو، وعبرت على صفحتي بالفيسبوك أني لم أستطع سماع طفلة بني مزار، وجاءتني كلمات الأصدقاء، لا أعرف أن كانت مؤنبة أم مشجعة ، كتبوا يقولون:
- كانت فتره قاتله بالدموع لما سمعتها : "مش هنساك ياماما"
يقصد فترة مشاهدة فيديو الطفلة ريماس.
- أنا زيك بالضبط ماكانش عندى شجاعة و لا قدرة أتحمل بكاء البنت.
- أنا كمان زيك.. وحزينة جدا من ساعتها. الطفلة قطعا محتاجة دعم وتأهيل نفسي كبير هي ووالدها المسكين.
- انا كمان مقدرتش اكمل الفيديو، دموعها صعبة جدا.
- متحملة اللي اكبر منها ميقدرش عليه.
في مساء ذات اليوم شاهدت في برنامج تلفزيوني قصة رجل وهو يمر بلحظة صعبة، ويطلب دعم السماء وكيف جاءه هذا الدعم كي يستطيع مواجهة الموقف الذي يمر به، في الحقيقة صدّقت الرجل، وطلبت العون وشاهدت الفيديو، ومررت مع ريماس بلحظات الألم وهي ملقاة على فراشها تقول:
- "عاوزة ماما ترجع لي.. يا حبيبيتي يا ماما..عاوزة أخويا يرجع لي.. مش هنساكي يا ماما.. مش هنساكي أبدا.. عاوزة أموت وأروح لماما.. قتل ماما كتير وجري ورايا علشان يموتني.."
وكتبت على صفحتي أني تشجعت، وشاهدت طفلة بني مزار، ومتشددا بخبرة الرجل الذي طلب المساعدة من الله، قلت لها:
- "الله قادر أن يعطيك سلام يا بنيتي، ويحول آلامك إلى نور يمحو العنف من القلوب."
وأكملت باقي يومي مع صورة الطفل البطل كراس، الطفل الذي أراد أن يحمي أمه، كان معي، يمنعني من النوم، رجوت أن يكون كراس من أوائل من أراهم عندما أرحل عن الدنيا، أريد وقتها أن أراه كي أشد على يديه وأهنئه على شجاعته غير المسبوقة. أي أن شاهدت ريماس وبقيت مع كراس.
طبعا يتنظر الجميع العقاب الرادع للقاتل الآثم، ولكني تمسكا برسالة الرجل الذي شاهدته يطلب دعم السماء، دعوت من قلبي أن يملأ الله قلب ريماس وأسرتها بالسلام، هذا السلام الذي انتزعه العنف المفرط، انتزعه منا جميعا،
- فما الذي يدعو القاتل سائق التوكتوك للقتل؟
- ما الذي يدعوه أن يحمل معه ساطورا؟
- ما الذي يدعوة لقتل إمرأة؟ لقتل طفل؟ للجري وراء طفلة محاولا قتلها هي أيضا؟
لا شك أنه هو أيضا يفتقد السلام، يفتقد الدعم، يشعر بضعف يجعله يحتمي بساطور يحمله معه أينما يذهب.
هي جريمة تتطلب قضاء عادل، لكنها جريمة تتطلب منا النظر لهذه الفئة المنكودة، فئة سائقي التوكتوك، لا شك أنها فئة تتطلب رعاية خاصة، رعاية ترد لهم انسانيتهم، حتى لا يتحولوا لقنابل إنسانية موقوته تنفجر هكذا في وقت غير معلوم فتقتل المزيد من مريم وكراس، وتترك الكثير من أطفال مثل ريماس مستلقين على الأرض يبكون ضحايا تلك الفئات المهملة الغاضبة؛ التي تتحول بالمزيد من الإهمال إلى فئة مارقة، علينا أن نتحرك حتى لا تتحقق نبؤة أمل دنقل وتصبح
المنازل أضرحة،
والزنازن أضرحة،
والمدى أضرحة،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE