الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل يوم كتاب؛ من فيض الذاكرة

مهند طلال الاخرس

2021 / 4 / 16
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


#كل_يوم_كتاب
من فيض الذاكرة كتاب لعبد الرحمن عوض الله يقع على متن 288 صفحة من القطع المتوسط، وهو كتاب يمثل الجزء الاول من سيرة ذاتية ومسيرة نضالية للمؤلف، والكتاب من اصدار مركز فؤاد نصار في رام الله سنة 2008.

الكتاب بجزئه الاول يمثل سيرة الكاتب الخاصة منذ الولادة في اسدود وسيرة ومسيرة ونضال الشعب الفلسطيني من خلال البقعة الجغرافية اسدود وامتدادها الطبيعي قطاع غزة.

في الفصل الاول يبدا الكاتب الحديث عن عائلته وقريته واهم مظاهر الحياة الاجتماعية والزراعية ووالتعليمية والسياسية فيها ، مقدما في فصله هذا سيرة روائية مفعمة بحب فلسطين من خلال تسليط النظر على كثير من مظاهر الحياة الفلسطينية قبل النكبة اضافة الى قدرة الكاتب على توظيف الارث التاريخي لفلسطين من خلال نصوص الكتاب مما يشكل رافعة قيمية ومعرفية مستفيضة بالنسبة للقاريء.

وبعد حديث البدايات واستذكار الديار وحديث المواصي والبيارات ورغد العيش وهناه على ارض الوطن كان لا بد للكاتب من ان يهزنا من احلامنا ليبلغنا سريعا فصل المأساة؛ في هذا الفصل لا يفوت الكاتب ان ينهيه بسلسلة احداث النكبة والهجرة من اسدود وتشتت شمل العائلات وققص اللجوء المحزنة وحكايا وتفاصيل موثقة للخيانة العربية واوضاع الجيوش العربية المزري وما رافق هذه الاحداث من ضياع القسم الاكبر من فلسطين.

في الفصل الثاني يتحدث الكاتب عن اللجوء الى غزة وتفاصيل ذلك اللجوء ومرارته من جوع وضياع وتشريد مردفا كثيرا من القصص الواقعية عن عودة كثير من الافراد(والكاتب منهم) وتسللهم الى قراهم بغية احضار ما تركوه من مواعين ومؤن وما رافق عمليات التسلل هذه من مصادمات مع جيش الاحتلال.

ثم يتحدث الكاتب عن توقيع الهدنة بين مصر والاحتلال في رودس والتي انسحبت بموجبها القوات المصرية من الفالوجة وعراق المنشية وبعد يومين طردت القوات الاسرائيلية جميع سكانهما.

ولا يفوت الكاتب في الصفحة 90 ان يستذكر قضية الشهيد المناضل روحي زيد الكيلاني وكيفية جره وزملاء له مربوطا الى الخيول من نابلس الى عمان حتى استشهد على الطريق ، كما يستذكر الكاتب قضية ضم الضفة الغربية للاردن وحكاية مؤتمر اريحا المزعوم ويورد كثير من التفاصيل في هذا الشأن.

يتحدث الكاتب عن واقع التعليم بعد النكبة 103 والصعوبات المرافقة، وعن اغتنامه فرصة تقديم امتحان الشهادة الثانوية التوجيهي في السجن المصري اثناء الاعتقال سنة 1953 ومن ثم نجاحه في رحلة اصرار واجتهاد مميزة لم ينل من عزمه لا الاحتلال ولا الاعتقال ولا الاستبداد.

في الفصل الثالث يتحدث الكاتب عن نشاطه الحزبي والنضالي ، كما يتطرق في هذا الفصل الى خطورة مشاريع التوطين وكيفية التصدي لها وطرق مجابهتها وافشالها في ذلك الوقت. وفي هذا الفصل يرد اسم الشاعر معين بسيسو وفتحي البلعاوي كأبرز الاسماء من القيادات في التصدي لهذا المشروع ص 135، وصولا لزيارة عبد الناصر للقطاع سنة 1955وابرز القرارات المرافقة للزيارة ومنها تشكيل الكتيبة 141.

ثم يتطرق الكاتب في ص 143 الى دور الشيوعيون الفلسطينيين في النضال الوطني والعروبي والاممي من خلال استعراضه لتجربة المعتقلون الشيوعيون الفلسطينييون لدى النظام المصري بزعامة عبد الناصر. كما لا يفوت الكاتب ان يتحدث عن زملائه ورفاقه المعتقلون الشيوعيون المصريون في سجون عبد الناصر، كما لا يفوت الكاتب ايضا التطرق لتجربة الحزب الشيوعي العراقي وتضحيات الرفاق هناك بعد اندلاع ثورة 14/7/1958 بقيادة عبد الكريم قاسم.

في الفصل الرابع يتناول الكاتب قصة اعتقاله من منزله في قطاع غزة واقتياده الى مركز امن النصيرات عام 1959 وثم توديعه على متن القطار المتجه لمصر مع عشرين اخرين منهم معين بسيسو والبرقوني ونمر هنية واخرين للسجن الحربي في مصر، ولا يفوت الكاتب ان يستعرض فصول هذه التجربة في هذا السجن عبر صفحات الكتاب لما لهذا السجن في الخارج من اسطورة دموية وصورة مأساوية سببها برامج وطرق التعذيب ووحشيتها علاوة على سوء الخدمة والنظافة والاكل. وفي هذا السجن يتحدث الكاتب عن كثير من فصول وفضل المعرفة من خلال التلاقي مع قيادات وكوادر الحزب الشيوعي المصري المعتقلين معهم في نفس السجن.

ثم يتحدث الكاتب عن تجربة سجن الواحات وكيف اصبح هذا السجن مدرسة ومزرعة وجامعة ص 194...ثم يتحدث عن الافراج عنه بعد اربع سنوات وعودته الى مخيم النصيرات ص 221 واجواء الفرح والاستقبال بعد هذا الغياب وبعد هذه التجربة.

ثم يتحدث الكتاب عن تأسيس منظمة التحرير ص 225 ومواقف الاطراف منها ولا سيما التنظيمات ذات الوجود على الساحة الفلسطينية في غزة، وفي هذا الفصل وعند الصفحة 235 وبعد عام من زواجه يرزق صاحبنا(المؤلف) باول مولود له (امنة).

في الفصل الخامس ص243 يتحدث الكاتب عن اجواء حرب النكسة والظروف والاسباب التي ادت الى ذلك وحتى وقوع الاحتلال واستحكامه، ولا يفوت الكاتب ان يستحضر بعضا من صور ومجريات الاحداث المؤلمة والتي رافقت النكسة كحادثة الدبابات المصرية المتهالكة والتي تعطلت على الطريق ولم يصل منها سوى سبع دبابات الى رفح، وفي رفح عادت وتعطلت فقام الشباب بدفعها وسط الحرب!

كما يستحضر الكاتب في ص 247 قصة وصول الدبابات الاسرائيلية الى رفح وقد رفعت على دباباتها وسياراتها العسكرية اعلام الجزائر، وكتب عليها شعارات الجيش الجزائري!

كما يستحضر الكاتب في ص 253 كيفية محاولة الحكام الاسرائيليون في القطاع اقناع اللاجئين بالنزوح الى الاردن والاقامة فيها، وهم مستدعين لتوصيلهم لعمان ودفع تكاليف سفرهم بالاضافة لمبلغ من المال لتدبير امورهم، والانكى من كل ذلك موقف النظام الاردني من هذا النزوح والوارد نصه على متن ص 253 و 254! وليس هذا وحسب؛ بل ويتحدث الكاتب عند ص 258 عن موقف الحزب الشيوعي الاردني انذاك من خلال محاصرة حزب الكاتب ومقاطعته والتحريض عليه للرفاق الحزبيين في كل الدول العربية والاشتراكية والطلب بعدم التعامل معه وبعدم تقديم اي مساعدة له!

ثم يتحدث الكاتب عن دور حزبه ورفاقه في تشكيل الجبهة الوطنية الفلسطينية في اواسط 1973 ويستعرض تجربة غنية بالاحداث والمواجع التي رافقت ظروف تاسيس وصعود الجبهة الوطنية لا سيما قضية سليمان النجاب وزوجته ومحاولة الاحتلال الاعتداء عليها بغية ارغامه على الاعتراف ص 261، وصولا الى مطاردة صاحبنا من الاحتلال واختفاءه لثلاث شهور ومن ثم تأمين مغادرته الى الاردن سرا ص 280.

الكتاب سيرة ومسيرة لمناضل فذ تتضمن شهادة حية على مجمل الاحداث المتعلقة بالشيوعيون الفلسطينييون ضمن نطاق جغرافي محدد متمثل في قطاع غزة وان تمددت الاحداث الى اطراف القطاع في كثير من التفاصيل.

الكتاب قيم وزاخر بالمعلومات ويتسلسل زمنيا بطرحها استنادا الى تطور مسيرة صاحبنا الكاتب ونمو دوره ووعيه السياسي، ولم يحل بين غياب صاحبنا عن كثير من الاحداث الكبيرة والمحطات المفصلية غياب هذه الاحداث وعدم ذكرها في ثنايا الكتاب، بل استطاع صاحبنا من توظيف كل تلك الاحداث واستحضارها حتى لو عنوة في احيانا كثيرة، لكن احسن بذلك واجاد؛ فالغاية من هذه السيرة وغيرها حفظ التاريخ وكتابته باقلام من صنعوه وعايشوه، وان لا يترك تاريخنا للريح وشذاذ الافاق واقلامهم ثم يقول قائل لماذا لم تدقوا جدار الخزان؟

يقول الكاتب التشيكي ميلان هوبل: "أن شئت استئصال شعب ما ، فلتكن أول خطوه مسح ذاكرته ، اسحق ثقافته ، ودمر تاريخه ، احرق كتبه، ثم كلف من يتولى بناء ثقافة جديدة واختراع تاريخ جديد ، ولن يمضي وقت طويل قبل أن تبدأ الأمة في نسيان ما هي وكيف كانت".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط