الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قصة قصيرة / منعم
علي قاسم مهدي
2021 / 4 / 16الادب والفن
منعـــــــــــم
قصة قصيرة
( بدأت حياتي بالكتاب كما سوف انهيها بلا شك بين الكتب)
سارتر
(1)
كان القدر الشيء الذي وفر الإجابات الكاملة، عن الذي جرى لمنعم بطل هذه القصة من أحداث، فقد نتج عنها أنها كانت غير مترابطة مقارنة بالآخرين. فهو بسخرية مريرة صادقة يعبر عن ذاته . ويأخذ عليه البعض هذا كتهمة خطيرة ضده .
إذ يعلن بأنه بالموت والحب يمكن أن يحيى الإنسان، فالاختيار من حقك دون القدر. إن وفر الأفكار التي كانت تتلاطم كأمواج البحر بقوة بين طيات أفكاره المنشغل ،يصدر عنها صوت بعمق بواطنه الظاهرة للجميع يعيش بعدمية وعبثية ،يعلن عن ما يؤمن به كثيرا بصدق دون تلكؤ .حاول مرات كثيرة أن ينهي حياته . إنها رغباته المحيرة حيث يعلن بعد كل محاولة يقوم بها (( أن الإنسان ولد لأجل حرية مطلقة )) وان العالم بل معنى فان ما أقوم به يتوقف عليّ ،ولن يؤثر على احد إلا على نفسي أنا .
(2)
كثيرا ما يشعر بالقلق ساعة الالتحاق إلى حيث الموت. يقلق مما سيحدث في المستقبل، يعرف كثيرا بان هذا لن يفيده بشيء، بل يزيد من مستوى توتره.
قلق بشان بعض الأمور التي من المحتمل ألا تحدث أبدا. يسمع صوت خافت ينبع من داخله يعيد اتزانه، صوت أكثر أجزاء روحه صدقا. يقول عش لحبك.
(3)
كتب مرة إلى صديق له .
عليك بمجهود آخر إن أردت أن تكون متحررا، عليك بالجنون. نعم جنون الإيمان، بان لا معنى للحياة بغير الحب، فمن غير الحب، يعاني الإنسان من الملل وفقدان الهدف والضعف والمرض.
(4)
مضى شهران على لقاءه الثاني بحبيبته ،ظل مزاجه يتعكر كل يوم ،بحث عنها لكن دون جدوى بقى يوم واحد على التحاقه إلى حيث الموت المحتم .الفشل نفسه ،شعر بعاطفة للأمكنة التي تتواجد فيها ، المكان الذي جلسا في آخر مرة .
- ترى أين هي ألان.
هكذا كان على الصدفة أن تحدث، إذ كان في آخر ظهيرة له قبل الالتحاق. أمام الكلية التي تدرس بها، لمحها قرب الباب الرئيسي، لحظة استبد به شوق عارم،
- هي بالفعل .
أشار إليها من بعيد، ابتسمت وتقدمت نحوه . جلسا في مقهى قريب من الكلية
- أين كنتِ ،لقد زدتني مرارة أكثر مما أنا عليه .
- دعنا ألان، وتعال قل لي أنتَ أين كنت .
ضحكا بصوت عالي .
- الحياة مملة دون محفزات ، الحب محفز . والموت محفزا كذلك.
- هذه فلسفة
- سميها ما شئتِ ، أفكاري أعلنها لأنها ما أريد واحييا من اجلها .
- أكمل أيها الفيلسوف، كيف الموت محفز
- عندما أغادر برغبتي إلى حيث النهاية التي أريد، أكون قد أوقفت الزمن وتحكمت به .. الزمن لا يتوقف لهذا ممتعا جدا أن انطلق محدثا خللا في مساره الأهوج، عندما أحب أو أموت.
- أيعقل هذا
- نعم وفاء، ابحثي عن القوة التي تكمن داخلك، عندما تجدينها ستمنحك وجودا أسمى، وجودا يمنحك الطمأنينة والأمل. كما فعلت بحثت عن معنى الحياة، كان محض سؤال يتردد داخلي، جاءني الجواب ( لا ذات سامية هناك، وإنما هناك شعور )*سارتر .عندها لمع المعنى وأصبحت الصورة واضحة وأكثر إشراقا.
- لا افهم
- تعجز اللغة أحيانا كثيرة عن إيصال معنى روح ما نريد .
- كيف.
- اتبعي حدسك، لان المعرفة كلها ترجع أو تستنتج من الإدراك الذاتي .
توردت وجناتها من الضحك، وانتعشت أساريرها وسرت شحنة حركت داخلها قوة عجيبة جعلتها تشعر براحة واسترخى لذيذان. ودبت بها لحظة مملؤة سعادة ،لكن دون أمل ، إي شعور هذا ،انه انقلاب ربطها بسلاسل من حديد مع منعم .
- عالم عجيب ،عالم متغيرات وتناقضات مذهلة ، قبل لحظات كنت لا أدرك لوجودي غير معنى واحد، أن استمر هكذا .
خرجا ، ركبت هي الباص، رفع يده لوداعها .
(5)
انطلقت سيارة الالتحاق ، منذرة بجحيم لا يطاق جحيم الوحدة والاغتراب، حيث الموت المحفز للبقاء، الموت الذي يؤمن بأنه الرغبة العارمة للنجاة من فوضى العالم المليء بالأكتاب إلا من الحب.
- أين هو المكان الذي يخفق بالحب، لا يوجد إلا في مخيلة المحب علينا أن نعيش حالمين كي ننجو من الضياع. حالمين بالمحبوب والسعادة التي يوفرها الحب. .
مرت ساعات رحلته حالما باللقاءات القادمة، ممسكا بها بقوة، دس يده في جيب حقيبته اخرج كتاب وعلبة سكائر، لعن اللحظة التي حرمته متعة أن ينفث دخان سكارته في وجه العالم، ارجع علبته، وبدا بتصفح الكتاب . مستغرقاً متأملاً شاردا بأفكاره التي لا تبدو له متزن في تلك اللحظة، أغلق الكتاب.
- ما جدوى أن تقرءا أفكار غيرك إذا كانت لا تتوافق مع ما تؤمن به، إنها مضيعة للوقت. كلنا نقرا لأدراك معنى لحياتنا، ونحدث الآخرين عنا، لكن دون مشاعر، أحياء بلا أحاسيس، أي عالم هذا. مجبرا أم مخيرا على أن تعيش هكذا، تُفسر أفكارك للآخرين، تجهد نفسك كثيرا من اجلها، وتخونك الكلمات العاجز عن التعبير.
يشعر منعم بان الاضطراب والفوضوية هما أعمق تجذرا من النظام الذي يؤمن به الآخرين ، يقول دائما .
- (عندما تعيش منعزلا عن الآخرين وتنظر إليهم وتراقب سلوكهم ،ترى أكثر وأعمق مما يجب).* مقتبسة من رواية الجحيم
ترك الكتاب في مكان جلوسه بالحافلة ، وترجل منها، استقر في مكانه بعد خطوات من ابتعاده عن الباص، نظر إلى السماء خاطبها بصوت مسموع .
- وحدكِ تدركين معنى وجودنا. ومضى .......
انتهت
بغداد 30/11/2020
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م
.. الموسيقى التصويرية لتتر نهاية مسلسل #جودر بطولة النجم #ياسر_
.. علمونا يا أهل غزة... الشاعر التونسي -أنيس شوشان-