الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة عودة

سامح ادور سعدالله

2021 / 4 / 17
الادب والفن


عودة

كان يحلم يوماً بالعودة , وظل هذا الحلم يراوده طيلة سنوات الغربة , كيف ينسى و من ينسى أيام الصبا ؟
أصبح أكثر قلقاً في الأيام الأخيرة . داخله حماسة قوية للعودة هناك إلى أرض الوطن . الدار القديمة و الحقول و الأشجار و النخيل , لكن هناك من يرفض عودته لأزال هناك موانع كثيرة , حِقد و معارك و مشكلات , لأن الدم مهما أن طال الزمان و أبتعد المكان لا يُنسى أبداً ربما تهب رياح التغيير في كل مكان . هبت قوية في الألفية الجديدة و العولمة , لَكن ربما كان هذا غير كافي للنسيان .
صراع داخلي (حب الحياة , حب الوطن و العودة ) الأثنان يتصارعان كل منهما يرد أن يسود علي حساب الأخر عشق الوطن و البيت القديم النخلة التى نبتت يوم ميلاده و كبرا معا و كان حالة فريدة بين أنسان و نخلة علاقة غير مفهومة ولكن تكلم عنها كل أهل القرية و قد فارقها دون ذنب قد أقترفه و منذ رحل عنها لَم تعد تعطي ثمراً .
و لأسباب التهور و الحقد و البغض بسبب هولاء فرضت قيود مُميتة جعلت البرىء جاني و الطليق الحر مكبل بقيود لا يراها خلف أسوار عالية .
لاتعطي الشمس نورها في ظل الأحباب و الأهل و لكن عليك أن تعيش محروم من الحب و الدفء و غيرهما. عيش كيفماء شئت ؟
لكن قرر العودة رغم كل الصعوبات و الضيقات كان قرار لا رجعة فيه فداخله شوق لا يفرغ و إصرار لا يلين و قرر أن يقهر كل هذه الصراعات التي تدور بداخله و يكن أهتدي بعد تفكير كثير أن تكون العودة بشروط لجاء لبعض الخطط, لابد و أن يقوم به أولاً حتى يطمئن للعودة بسلام أرسل رسله ليستطلع الأخبار هناك . دخل الرسول ليلاً و كانت القرية قد أنتشرت به أعمدة الأنارة , على حسب الوصف وصل إلى البيت و منها إلى دوار العمدة , قد مرق من خلال الطريق علي منازل الخصوم, كان تغيير شامل و كامل كل الأماكن و الأركان قد هبت ريح التغيير عليها بقوة حتى دخلت بين الشقوق و الأزقة و ظهرت البيوت الجديدة بجواره العتيقة جدران خرسانية بجوار جدران طينية و مطاعم كبيرة فخمة و أفران خبز للفينو و الشامي و مقاهي تقدم( خدمات الواي فاي ) قربت البعيد و شيدت مدرسة أبتدائية و أخرى إعدادية و دور لحضانة و وحدة صحية , تتضاءل دور حلاق الصحة و أختفت تماماً القابلة (الداية )و لكن مازالت الماشية تخرج إلى الحقول و الأوز و البط يسبح في الترع و مجاري المياه
و كذلك النخيل و الحقول و المبادي الأولى كما هي لَم يصبها رياح التغيير رجع المرسال المزدوج ينقل الأخبار صحيحة كما هي , و لكن كان الراى
الأول و الاخير له . تردد كثيراً و لكن قرر أخيراً العودة و لكن بشروط .
عليه أن يذهب للقرية ليلاً في ظل جناح الليل المظلم الأمن ليستر عليه من ضوء الشمس الكاشف . أتعود بعد هذه الغربة ألى الوطن متخفي غريب ؟
لمن يكن مجرم و قاطع طريق بل كان قلب نابض بالحب و السلام و عقل يطمح لأبعد ما فوق الأفق لأجل قريته المحببة إلى قلبه المتسع ليشمل كل البشر و اولهم الخصوم .
و أنتظر حتي نامت القرية كلها و نزل من طريق الجبل و لأزال يتذكر الطريق المؤدي إلى الدار القديمة تخطى الطريق مسرعا ً حتي لا يصطدم بأحد من أهل القرية و هو يعرف جيداً لا غريب يدخل إلا و أن يقدم تقرير مفصل لأسباب زيارته و كم تستغرق و عند من و غيرها .
مضت ساعات الفجر الأربعة الأولى أسرع الخطى أندهش و أنفرجت أسارير وجهه المضطرب عندما وجد توأمته لأزالت علي قيد الحياة أقترب منها و حضنها بقوة و قبلها و مرر نظره عليها من جزعها حتي أخر سعفها العالي و جريدها التي كان يرحب به بفعل ريح الليل النادي , تلك هي النخلة التى قضى معها سنوات الصبا , كان بيته علي بعد خطوتان فقط أصابته نشوة العودة و النصر بما خطط , الدار أمامه و دخل الباب و لَم يجد عناء , أغلق الباب خلفه و أشعل لمبة الجاز ذات العويل لأزالت موجودة و الغاز باقي فيها , وجد كل شيء كما هو أعشاش الحمام الزاجل كان لايزال إلى الأن باقي , مكان البقرة و عجلها و مرابطهم و الأوتاد كما هي , كذلك السياج الذي يحوي التبن .
ثم قفز سريعا إلى الدرج مثلما كان يفعل قديما و هو فتي رشيق و صعد علي السلم الطيني إلى أعلى و هنا وجد الحجرة التي كانت تنام فيها الأسرة كلها تذكر الوالدين و الأخوة خرج إلى السطح الذي كان مقابل حجرة النوم كانت الفرن لازالت موجودة و مسح بأصابعه ( الصماد ) المتراكم من الفرن البلدي و تذكر رائحة الخبز البلدي الذي كان يخرج لتوه من الفرن و دقائق حتي صاح ديك الجيران
و سمع صوت خوار الماشية تستعد للخروج و الأستمتاع بدفء الشمس و التمرغ بين الحشائش ,
و لكنه قرر أن يبقى فترة نهار اليوم القادم داخل البيت حتي تمر الساعات و الليل الجديد ليرحل مرة أخرى إلى أن تتحسن الأمور , يكتشف خطط أفضل .
و بينما يفكر فى الوضع الراهن حتي أنتشرت رائحة الدخان من بيت الجيران التي لازالت تشعل الفرن البلدي بالوقود البدائي (من البوص و مخلفات الماشية )
وأشتم رائحة الماضي البعيد و أعادت له صورة حقيقية قديمةً عند عودته من المدرسة و يجر ى عند أمه لتعطي له رغيف الخبز الساخن الغارق فى الزبد و السكر صنع خصيصا له و التي كانت أكلته المفضله التي ينتظرها من أسبوع لأسبوع كل يوم ( الخبيز) يتمني أن يدفع ربع أرباحه و تجارته و أملاكها لآجل رغيف الخبز هذا بشرط أن يكون من صنع أمه



و أستند على الصومعة القديمة و لأزال به بعض الحنطة , ليرى البيت المجاور لتعيد إليه ذكريات أخري , يراقب المشهد والسيدة العجوز تحمل العجين بين يداها و تهبط به إلى الوعاء ليصدر فرقعة محببة لأذنه و كيف السبيل للعودة مرة أخرى لهذه العهود أو العودة المطلقة ؟
أرتجف و حزن و زرفت عيونه دمعات معدودة و لَم يتمالك أعصابه و جلس القرفصاء و بينما يحاول تجميع شتاته أكفهر وجه السماء و رعدت و تتساقط الأمطار في غير موعدها و كان البرق يكشف حدود المكان و صوت الرعد أختلط بصوت البارودو تزلزلت القرية كلها و سمع صراخ و عويل من جميع أرجاء المكان من البيوت و الحقول و المدرسة و كأن القرية ترفض رياح التغيير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .