الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التناسق في قصيدة - أدرّب القلب - جراح علاونة-

رائد الحواري

2021 / 4 / 17
الادب والفن


التناسق في قصيدة
" أدرّب القلب "
جراح علاونة"
أدرّب القلب على حبّكَ
كطفلٍ صغيرٍ يحاول المشي
للمرة الأولى
خطوة.. خطوتان
أحبّكَ،
أقولها بصوتٍ خافتٍ
هي خطوتي الأولى
نحوكَ..
أحبّكَ.. أحبّكَ،
أقولها كَمَن يردّد
اسمًا غريبًا؛
إنّها استهجاني
من جنون الحياة
وجنونكَ
إنّها ورغبتي بالعبث
أحبّكَ.. أحبّكَ.. أحبّكَ
أردّدها كصرخةٍ ثائرةٍ
وأعلم أنّها انتفاضة الروح
على صمت القلب
أدّرب القلب على حبّكَ
ككهلٍ يحاول أنْ يقطع النهر
دون أنْ يُصاب بالبلل!!"
دائما هناك روح للنص الأدبي، وعلى المتلقي أن يصل إليها ليكشف جمالية هذه الروح، تبدأ القصيدة بحديث عن فعل "حبك" الذي تحتاجه الشاعرة، فبدا الفعل مجهول غير مكتمل المعالم، وقد لفظ مرة واحدة وأقرن "أدرب" مستعينة بفعل "المشي"، وواضحت أنها كالطفل الذي لا يحسن الكلام، فبدا وكأن (النقصان) في "حبك" مسألة طبيعية، ثم تأتي صيغة المثني "خطوة ..خطوتان" ليتبعها اللفظ كاملا "أحبك" وهذا يشير إلى نجاح الشاعرة في تعلمها للفظ ما تحتاجه وترغب فيه
لكن دائما البداية صعبة وتحمل شيء من الخوف/الخجل وعدم الثقة لهذا أتبعت الكلمة "أحبك" "بصوت خافت"، كما أن تبرر/تفسر هذا الأمر بقولها: "هي خطوتي الأولى" فنلاحظ أنها تركز على البداية والتي نجدها في: طفل صغير، للمرة/خطوتي الأولى" فتكرار الأولى وتأنيثها يشير إلى أن لفظ "أحبك" لم يأتي بسهولة لكن بعد تعب وجهد.
لكن نتفاجأ بأن هناك خطوتان بعد أن سبقتها كلمة "نحوك" فبدا المشهد متناسق ومرتب بطريقة سلسة، فهناك طفل يريد المشي، فشاهد من يحبه/ من سيحقق له رغباته وحاجته، فساهمت هذه المشاهدة على قيامة بخطوة اضافية: "أحبك .. أحبك" وهذه الثنائية لم تقتصر عند كلمة "أحبك" بل تعدتها إلى التوضيح اللاحق "يردد" فتكرار حرف الدال وتتابعه يشير إلى توحد الشاعر مع ما تكتبه، مع مشاعرها وإحساسها.
إذن هناك تقدم/نضوج واضح عند الشاعرة، التي استطاعت أن تنجز خطوتين بسرعة، وهذا النضوج لم يقتصر على الفعل فحسب، بل تعداه إلى الفهم/المعرفة، من هنا أدركت أنها تقوم بأمر ليس (عادي)، لهذا عملت على تبرير/تفسير هذا الأمر من خلال قولها: "جنون الحياة، جنونك" فقد تجاوزت مرحلة الطفلة وبدت ناضجة وعارفة بأمر الحب، لكن في هذه المعرفة مقرونه بالاندفاع السريع والرغبة الجامحة: "جنون الحياة، جنونك، رغبتي بالعبث" وهذا يشير إلى المرحلة الثانية، مرحلة (المراهقة)، لكنها (مراهقة) واعية وتدرك تفاصيها، من هنا تم إيضاح تفاصيلها.
تصل الشاعرة بحبها إلى الذروة، عندما تكرر "أحبك" ثلاث مرات: " أحبّكَ.. أحبّكَ.. أحبّكَ" فالعدد ثلاثة يشير إلى الكمال والقدسية، بمعنى أن حبها اكتمل ونضج ووصل إلى الذروة، وهذا ما أكدته عندما أرادته أن قدمته بهذا الوصف: " أردّدها كصرخةٍ ثائرةٍ" فتكرار وتتابع حرف الدال جعلت لفظ "أحبك" تصل إلى المتلقي بقوة ووضوح ومن ثم ترسخ في العقل والقلب.
وكما كانت هناك بداية/"الطفل"، كانت النهاية/"ككهل" الذي لم يعد يحسن النطق/الكلام، فعادت إلى ما كانت عليه في البدايات الأولى لا تحسن النطق، فكتفت بكلمة "حبك" دون أقرانها بأنا، لكن جمالية الخاتمة:
" ككهلٍ يحاول أنْ يقطع النهر
دون أنْ يُصاب بالبلل!!"" أنه جاءت تحمل حكمة الشيخ/الكهل، فقدمت موقفها من "أحبك" بطريقة غير مباشرة، بطريقة تُوصل الفكرة/الرغبة/الحاجة إلى الحبيب بطريقة حكيمة وراشدة، فلم تعد تستخدم كلمات الشباب المتحمس المتمرد:
" أردّدها كصرخةٍ ثائرةٍ
وأعلم أنّها انتفاضة الروح "
من هنا نجد تطور الوعي/المعرفة متناسق مع الحالة العمرية للمشي وللنطق، وأيضا متناسق مع مراحل العمر، الطفل، المراهقة، الشباب والنضوج، ومن ثم الشيخوخة/الكهل.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى


.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب




.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً