الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الفقر

محمد رضا عباس

2021 / 4 / 17
الادارة و الاقتصاد


أتذكر جيدا ان أحد ساسة المحاصصة والذي فشل في قيادة وزارة الصناعة العراقية , كان دائما يوعظ من خلال الفضائية العراقية ان فشل وزارته هو قيمة الدينار العراقي بوجه الدولار الأمريكي , وان تخفيض قيمة الدينار سيكون حبل النجاة الى الصناعة العراقية. الوزير الأسبق كان يريد ان يقول ان تخفيض قيمة الدينار العراقي سوف يرفع أسعار البضائع المستوردة قياسا بالإنتاج العراقي , وهكذا سيتحول المستهلك العراقي من شراء البضائع الأجنبية الى البضائع العراقية الصنع. وطالما وان راتب الوزير كان يكفي العيال ويزيد , فلا داعي ان يفكر لحظة واحدة بمصير الملايين من فقراء العراق.
لقد تحقق حلم الوزير , وتم تخفيض قيمة الدينار العراقي بوجه الدولار الامريكي , والذي قد كوى المستهلك العراقي وحرق جيبه , وزاد من عدد الفقراء والذي أصبح عددهم يساوي ما يقارب ثلث الشعب العراقي واي ارتفاع في أسعار السلع والخدمات ستكون بنسبة لهم الحرمان من وجبة العشاء إذا استطاعوا توفير ثمن افطارهم ووجبة الغداء..
تقول ام حسين المسؤولة عن تربية خمسة أبناء منذ ان فقدت زوجها وهي تتحدث عن صيام شهر رمضان " إذا أردنا ان نصوم , علينا ان نأكل بما يكفي , بينما سعر كيلو رام الطماطة ارتفع من 500 الى 1000دينار". ويقول أبو حيدر, وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 32 عاما ويتقاضى 900 ألف دينار , وهو اب لثلاث أطفال يقطن منزلا بالإيجار عند أطراف العاصمة بغداد" الراتب في الظروف العادية لا يغطي ما تحتاجه اليه العائلة وأحيانا كثيرة اضطر للاقتراض لإكمال الشهر , ولأدفع فواتير مولد الكهرباء وايجار البيت ومصاريف الأطفال".
وامام الضائقة المالية التي يعاني منها اغلب العراقيين , والتي تبعد عن أصحاب القرار بعشرات الكيلو مترات , يصبح عليهم ان يكونوا كثيري التودد الى البقال والعطار والحلاق وجيرانهم صاحب بيع ملابس الأطفال من اجل انقاذهم من النوم جوعا او حماية أولادهم من برد الشتاء. هذه الهموم حملها التاجر أبو عمار الى وكالة فرنس بريس , والذي بات يخشى توقف عمله في حال عدم تمكنه من شراء سلع لبيعها , لان " عائلان كثيرة تتبضع بالدين. ووصلت ديون بعض منها الى أكثر كم مئتي إلف دينار".
ان المشكلة في العراق هو لدينا مجلس تشريعي يشرع القوانين دون المبالات بنتائجها العكسية على المواطنين , ومن هذه القوانين هو قانون تخفيض الدينار العراقي. البنك المركزي قرر بتخفيض قيمة الدينار ولكن البرلمان العراقي وافق على هذا التخفيض بدون النظر الى تأثيراته السلبية على المواطن العراقي. كان من المفروض ان يفكر أعضاء البرلمان بمصير الملايين من العراقيين , وتوفير الخيارات من اجل التخفيف من وطأة ارتفاع الأسعار. لقد كان بيان النائبة عالية نصيف جدير بان يدرسه البرلمان العراقي قبل الموافقة على تخفيض قيمة الدينار , والذي جاء في بعض فقراته " ان المواطن له حقوق على دولته , فاين حقوق المواطن العراقي على دولته التي خفضت سعر الدينار؟ اليس من واجبها تخفيف الاثار السلبية الناجمة عن هذا الاجراء بدلا من ترك الشعب في مهب الريح؟ وكيف ستواجه الاسر محدودة الدخل هذا الغلاء الفاحش الذي سيعود بنا الى زمن الحصار الاقتصادي ".
لقد كان قرار تخفيض الدينار العراقي قرارا سياسيا بامتياز ولا علاقة له بالاقتصاد او تشجيع " صنع في العراق" , لان لا يوجد في العراق منتوج قابل للتصدير يستفاد منه المصدرين. القرار كان ببساطة محاولة بتقليص حجم العجز المالي في ميزانية 2021. ان الغاية من تخفيض العملة المحلية في الاقتصاديات المتقدمة او البلدان التي يعتمد اقتصادها على التصدير هو من اجل رفع صادراتهم وبالتالي رفع الإنتاج الوطني , زيادة فرص العمل , ورفع المستوى للمواطنين. ان القرار العراقي جاء عكس المطلوب , حيث كان من اول افرازاته هو تخفيض مستوى المعاشي للعراقيين , والذي بدوره سوف يقلص حجم الإنتاج الوطني , ويضيف اعداد جديدة الى جيش العاطلين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با