الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل يوم كتاب؛ بابلو نيرودا

مهند طلال الاخرس

2021 / 4 / 18
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


#كل_يوم_كتاب
بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال كتاب للدكتور الطاهر احمد مكي من القطع الصغير ويقع على متن 270 صفحة وهو من اصدارات سلسلة روز اليوسف المصرية سنة 1974.

والكتاب يتحدث عن سيرة ومسيرة الشاعر التشيلي الكبير بابلو نيرودا من الميلاد وحتى الوفاة، فيتناول الكتاب في ثنايا صفحاته حياة بابلو نيرودا وعائلته من المولد والنشأة والتعليم والتيتم والعمل والترحال والسفر الى اوروبا واسيا وافريقيا وفائدة كل تلك التجارب على مسيرته الشعرية والنضالية، بالاضافة الى مساهمة تلك التجارب في الثراء المعرفي والانساني لبابلو نيرودا وبروز اثرها واضحا وجليا على نزعته الانسانية، وانتصاره لكل قوى الثورة والتحرير على امتداد ارجاء المعمورة، ويعتبر بابلو نيرودا واحداً من أكبر شعراء اللغة الإسبانية على مدى التاريخ.

كتب بابلو نيرودا قصائد قُدر لها أن تنتشر أولا في أنحاء تشيلي ولتنتقل بعدها إلى كافة أرجاء العالم لتجعل منه الشاعر الأكثر شهرة في القرن العشرين من أمريكا اللاتينية.

ولد بابلو نيرودا صاحب الاشعار الخالدة والمقولة الاجمل:"يموت ببطئ .. من لا يسافر .. من لا يقرأ .. من لا يسمع الموسيقى" في قرية بارال بتشيلي واسمه الحقيقي "نيفتالي رِيّيس باسوالتو" في تموز عام 1904 ،قبل شهر واحد من وفاة والدته. ثم انتقل إلى بلدة تيموكو مع والده الذي عمل سائق قطار وتزوج مرة أخرى.

في هذه البلدة أنهى دراسته الثانوية وبدأ ينشر أولى محاولاته الأدبية في إحدى صحفها باسمه الحقيقي وهو في الثالثة عشرة، وكانت البداية بمقالة حملت عنوان "حماسة ومثابرة"، قبل أن ينشر في العام التالي قصيدته الأولى "عيناي"، في إحدى مجلات العاصمة "سانتياغو".

في العام 1919 ،بدأ ينشر تحت عدة أسماء مستعارة، قبل أن يتخذ لنفسه، بصورة نهائية، اسماً عُرف واشتُهر به "بابلو نيرودا" بسبب إعجابه الكبير بالشاعر والكاتب القصصي التشيكي "جان نيرودا" الذي عاش في براغ بين عامي 1834–1891 وبسبب اعجابه بالشاعر الفرنسي بول فرلين 1844-1896 بحيث اختار بابلو نيرودا من الفرنسي اول اسمه ومن التشيكي ثانيه وكان نيرودا يحب اسمه هذا ويراه لقبا موسيقيا.

عام 1920 حصل على الجائزة الأولى من لجنة مهرجان الربيع في بلدة تيموكو، واختير رئيساً للنادي الأدبي في هذه البلدة، كما انتُخب نائباً للأمين العام لجمعية الطلبة في تلك المنطقة. وفي العام التالي انتقل إلى سانتياغو وانتسب إلى معهد لإعداد مدرّسي اللغة الفرنسية، وحصل في العام نفسه على الجائزة الأولى في مسابقة أعدّها اتحاد طلبة تشيلي، عن قصيدة حملت عنوان "أغنية المهرجان"..

ظهرت مجموعته الشعرية الأولى "الشفقيات" عام 1923 ، وفي العام التالي نشر مجموعته الثانية "عشرون قصيدة حب وأغنيةٌ يائسة"؛ وفي العام 1925 ،ترأّس تحرير إحدى اجمللات الأدبية وأسهم في تحرير مجلات أدبية عديدة أخرى. عام 1926 نشر أول كتاب له في النثر الفني بعنوان "خواتم" بالمشاركة مع "توماس لاغو"، ثم نشر رواية بعنوان "القاطن وأمله". كما بدأ في العام ذاته بترجمة أعمالِ لعدد من الكتّاب والشعراء الفرنسيين.

عام 1927 بدأ مرحلة جديدة من حياته، فعمل قنصلاً فخرياً في "رانغون"، ثم يف "كولومبو" ثم "باتابيا" بجزيرة جاوه الأندونيسية، التي تزوج فيها من "ماريا" وأنجب منها مولودة انثى توفيت فيما بعد بشلل الاطفال.

نشر عام 1933 مجموعته الشعرية "حامل المقلاع المتحمس"، ثم الجزء الأول من ديوانه "إقامة في الأرض"، أتبعه فيما بعد بجزء ثان. كما أصبح في ذلك العام قنصلاً عاماً لبلاده في العاصمة الأرجنتينية "بوينوس آيريس" حيث التقى شاعر إسبانيا العظيم "فيديريكو غارثيّا لوركا" خلال إحدى جولاته الأدبية، وتوطدت بينهما صداقة عميقة، ازدادت رسوخاً مع انتقال نيرودا إلى برشلونة عام 1934 لتسلّم عمله كقنصل فيها، ثم إلى مدريد في العام التالي حين أصبح قنصلاً عاماً لتشيلي في إسبانيا، وظهر العدد الأول من مجلة "حصان أخضر من أجل الشعر" التي تراَّس تحريرها. لكن الحرب الأهلية الإسبانية نشبت عام 1936 وقُتل "لوركا" على أيدي أعوان النظام الفاشي بقيادة الجنرال فرانكو الذي كان في بدايات استيلائه على السلطة؛ وتحدث "نيرودا" عن هذه الجريمة الكبرى التي أودت، مع لوركا، بمئات المثقفين والمبدعين؛ في مذكراته "أعترف بأنّي قد عشت": "..الحرب الإسبانية غيَّرت في شعري، وقد بدأَتْ بالنسبة لي باختفاء شاعر؛ وأيُّ شاعر!"

وسرعان ما عُزل نيرودا من منصبه، وسافر إلى باريس وأصدر مجلة "شعراء العالم يدافعون عن الشعب الإسباني". ثم عاد إلى تشيلي عام 1937 ، وأسّس ورأَس "حلف مثقفي تشيلي من أجل الدفاع عن الثقافة"، ثم نشر ديوانه "إسبانيا في القلب"، كما رأَس تحرير مجلة "فجر تشيلي"؛ وتزوج للمرة الثانية من رسامة أرجنتينية كان قد التقاها في مدريد اسمها "ديليا".

عام 1945 انتُخب نائباً يف البرلمان، وانتسب إلى الحزب الشيوعي. ثم صدر أمر باعتقاله، بعد عزله من مجلس النواب، وفر هارباً من تشيلي عبر الجبال؛ وظهر في الاتحاد السوفييتي بحضوره المؤتمر العالمي الأول لأنصار السلام، وعُيّن عضواً في المجلس العالمي للسلام. وفي العام التالي مُنح جائزة السلام العالمي خلال المؤتمر الثاني لأنصار السلام في وارسو.

من أهم دواوينه خلال عقد الخمسينات، "النشيد العام"، و"أشعار القبطان" و"أناشيد أوّلية" و"الأعناب والريح" و"أناشيد أوّلية جديدة" و"كتاب ثالث للأناشيد" و"إبحارات وعودات" و"مائة قصيدة حب". ثم تزوج للمرة الثالثة والأخيرة من "ماتيلده" بعد انفصاله عن زوجته الثانية. وكانت ماتيلده هي الزوجة التي أحبها فعلاً وتغنّى بها يف الكثير من قصائده.

كما جرى اختياره رئيساً لجمعية الكتاب في تشيلي. وفي الستينات نشر دواوين عديدة، من بينها "أغنية مفخرة" و"أحجار تشيلي" و"أناشيد شعائرية" و"صلاحيات كاملة" و"أغنية للبحارة" و"أيادي النهار" و"نهاية العالم"، وديوانه عن الطيور "فن العصافير"؛ ومسرحية بعنوان "بريق وموت" وترجمة لمسرحية شيكسبير "روميو وجولييت"؛ إضافة إلى كتابه الكبير ذي الأجزاء الخمسة "ذكرى الجزيرة السوداء". كما كتب بالاشتراك مع الكاتب الغواتيمالي الشهير "ميغيل آنخل آستورياس" مجموعة مقالات نُشرت في كتاب تحت عنوان "ونحن نأكل في هنغاريا".

عام 1970 نشر ديوانين هما "أحجار السماء" و"السيف المتّقد"، وعُيّن سفيراً لبلاده في باريس. وفي العام التالي 1971 نال جائزة نوبل للآداب، ونشر ديواناً جديداً "ما زال". أما آخر دواوينه فكان عام 1972 بعنوان "جغرافيا باطلة"، قبل عام واحد من وفاته باسباب غامضة (اجري بعدها كثير من التحقيفيات واستخرجت الجثة لفحصها واثيرت الكثير من الاسباب حول وفاته الغامضة)، بعد أن شهد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكم الديمقراطي لـصديقه ورفيقه بالنضال "سلفادور اليندي".

في عام 2013 استخرج الفريق رفات الشاعر الراحل بأمر قضائي، للوقوف على حقيقة السبب الذي أدى إلى وفاته بعد 12 يومًا من انقلاب الجنرال أوغوستو بينوشيه على السلطة، وتأكد الخبراء الـ 16 بنسبة 100% أن شهادة الوفاة التي حددت السرطان كسبب لوفاة الشاعر، لا تعكس السبب الحقيقي لوفاة نيرودا.

وأوضح فريق الباحثين حقيقة الفحص وبانهم وجدوا مادة (باكتيريا) في رفات نيرودا سيعمل على تحليلها... ويضاف لهذا بان نيرودا عانى في حياته من سرطان البروستاتا لكنه لم يكن خطيرًا لدرجة تسببه بالوفاة، وسيجري الخبراء اختبارات إضافية على مواد سامة وجدوها في رفات الشاعر.

وكان سائق نيرودا، مانويل أرايا، قال إنه تلقى اتصالًا من الشاعر يخبره فيه أنه حقن بشيء ما في بطنه، طالبًا منه التوجه إليه في المستشفى سريعًا، قبل أن يفارق الحياة في نفس اليوم.

ويتهم أرايا عملاء بينوشيه باغتيال بابلو نيرودا، في 23 من أيلول 1973، قبل يوم واحد من توجهه إلى المكسيك التي عرضت عليه اللجوء. وكان نيرودا معارضًا للانقلاب والدكتاتورية العسكرية، وصديقًا شخصيًا للرئيس المنقلب عليه، الاشتراكي الشيوعي سلفادور أليندي، وعندما هجم الجنود على بيت الشاعر عقب الانقلاب سألهم ماذا تريدون أجابوه بأنهم يبحثون عن السلاح فأجابهم الشاعر أن الشعر هو سلاحه الوحيد.

مات نيرودا وبقيت اسباب وفاته لغزا حائرا يكتنفها الغموض حتى الان، لكن هي عادة الاسطورة الابدية اذ لا بد لها من ان تعطي صاحبها كل اسباب البقاء وتضفي على صاحبها الاثير كل اسباب الغموض والتشويق كي تبقيه حيا في ضمير الانسانية والذاكرة الشعرية ليتخذ منهما سيرته الخالدة "ان كان لا شيء سيُنقذنا من الموت ، فليُنقذنا الحُب من الحياة على الاقل. يحدُث هكذا أن أتعب من قَدميّ ومن أظافري، ومن شَعري، وظلّي، يحدُث هكذا أن أتعب من كوني إنساناً. إن الكتب التي تساعدك أكثر هي التي تجعلك تفكر أكثر، فالكتاب سفينة من الأفكار، محمل بالحقيقة والجمال".

في مطلع قصيدته “الميلاد” يقول بابلو نيرودا:
أطل إنسان على الدنيا/ وسط كثيرين/ ممّن اجتازوا المخاض/ خاض غمار الحياة، وسط فيض من البشر/ ممّن ضربوا مثله في شعابها.

وتكشف مذكراته أنه عاش بالفعل حياته بكل منعطفاتها: مرارتها وحلاوتها، فقرها وثراؤها، سكونها وصخبها، فحقّ عليه أن يذيّلها بعبارة “أعترف بأنني قد عشت”.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا