الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحفر في لا وعي النص في قصيدة - أقسمت لها به ...- للشاعرة البابلية ليلى عبد الأمير.

غانم عمران المعموري

2021 / 4 / 19
الادب والفن


حينما ينتصر الموت على الحياة في حربٍ باردةٍ سريعة وخاطفَة, عِنْدها تتوقف نبضات القلب وتنْسل الروح من جسدِ العاشقة المُحبّة فتسير في الحياة وكأنها جثّة هامدة تأكل وتشرب دون أن تحسّ بشيء وتختفي الألوان الزاهيّة من عينيها إلا الأسود يبقى مُهيمن عليها ومن هنا انطلقت مشاعر الحزن والألم والحُبّ من ذّات الشاعرة نتيجة خزيّن تراكم في اللاوعي يتحرك كلما هزّتها ريّاح الشوق, فيرتجف القلم بين الأصابع الحائرة لينزف ما بقي من دماء قانية لترسم لوحة تجريدية رمزيّة يفهمها كلُ ذي ألمٍ قابع في الروح لذا جاءت قصيدة الشاعرة ليلى عبد الأمير تُمَثّل صرخة وجع من قلبٍ مفجوع ونفسٍ مُترعة بالوفاء لشريكٍ تقاسمت معه الأيام والأشهر والسنين بمُرّها وحُلوها " أقسمت لها به ..."
أَشيح بكلي
أتدثر بالأشهر والأيام والساعات
حتى لحظة جنوني المر
أشل حواسي أُرتقها بخيوط واهنة
أتكىء على
بعض من الكذب
أكذب
أكذب
وأكذب
حتى لقبني المدونون
بمسيلمةِ الكذاب
أحلم أن أُنَفِذ وصايا جارتي
بصوتِها الحزين
إذهبي حيث يرقد
ستعودين بغاية الأدب والإتزان
أقسمت لها به
واهنة من الشجاعة
روحي
أحلم أن أزوره
بباقة ورد
وله عاشقين
وبعض من الصمت
بقبلة تنسينا من نكون
أجلس قبالته
كما في أول عشق
فاجبتها
دراما فاشلة
فأنا لا أُجيد التمثيل.
تخط لنا الشاعرة صورة من الحُبّ السامي الخالد في روحها عن طريق البوح الأثيري بصور شعرية متتالية السرّد بتراتيل قُدسيّة حزينة وكأن مقاطع الحروف تخرج من الحزن دون استئذان بلا شعور, تقف شامخةً بوجه اعصار الحياة الجارف لكن ذكرى وفاة زوجها الذي يعيش في كيانها تجْتز جسدها كالسكين المُتغلغل في الأحشاء...
هيمنت الأنا المتألمة في سرّدها الشعري الذي يعتمد على اللقطة الخاطفة المتضمنة غرائبية بمعانٍ ودلالات خاصة وبسياقٍ اعتمد ذكرى الزمان والمكان وعلاقتهما الحميمة بكل التصرفات والمناسبات والأحداث التي مرّت بينهما فكان لها الأثر البالغ في الذّات الشاعرة المولدة والمُحرّكة الرئيسية لعواطفها وأحاسيسها بإيقاع شعري متجانس يعتمد على التردد كما في تكرار الفعل " أكذب " حين أنه " يتجاوز استخدام الشاعر للفعل مهمة نقل الحدث المرتبط بزمن معين. وذلك حين يتحول الفعل إلى لبنة أساسية في بنية النص الشعري، بحيث يولد طاقات تعبيرية هائلة وانبثاقات دلالية مدهشة”1.
أكذب
أكذب
وأكذب
حتى لقبني المدونون
بمسيلمةِ الكذاب
كما أن الشاعرة استعانت بأسماء تأريخية لتفصح لنا عن مدى الألم الذاتي والمعاناة التي خلفها الفَقْد لها وهذا الاسم " مسيلمة الكذاب " مُثير حسيّ جمالي يعطي للنص صفة جمالية وابداعية..
يكون لتكرار الفعل الدور الفعال في بث الروح في الجملة الشعرية عن طريق الانسجام والتناغم بين الإيقاع الموسيقي الداخلي للقصيدة ومثيراتها الحسيّة النسقيّة ضمن سياق لغوي واحد مؤثراً في إحساس المتلقي بإثارته عاطفياً, وإن هذه العلاقة يمكن تسميتها " الاتساق أو الانسجام الذي هو : التماسك الشديد بين الأجزاء المشكلة لنص / خطاب ما ويهتم فيه بالوسائل اللغوية التشكيلية التي تصل بين العناصر المكونة لجزء من خطاب أو خطاب برّمته " 2.


أحلم أن أُنَفِذ وصايا جارتي
بصوتِها الحزين
إذهبي حيث يرقد
ستعودين بغاية الأدب والإتزان
أقسمت لها به
واهنة من الشجاعة
روحي
أحلم أن أزوره
بباقة ورد
وله عاشقين
وبعض من الصمت
بقبلة تنسينا من نكون
أجلس قبالته
كما في أول عشق
فاجبتها
دراما فاشلة
فأنا لا أُجيد التمثيل.
تنقلنا الشاعرة عن طريق حوار متبادل مع الروح إلى عالم الأرواح لتقتفي أثر عشقها الأبدي تبحث عنه في رحلةٍ أثيرية في الريح بين الواحات الخضراء لَعْلها تجده يجلس بين الأشجار ينتظرها فتقدم له باقة وردٍ وتبث كلمات الحُبّ والغزل لتظفر بقبْلة وداع لكن تعود بخطاب مونولوجي مع النفس لتجيب بصوتٍ حزين : دراما فاشلة ..
نحتت الشاعرة بأسلوبها الصوري الحسيّ كلماتها بلغة الحلم والتأمل فاختلط عندها الواقع مع الخيال والشعور مع اللاشعور بضرباتٍ إيقاعية موجعة حفرت في ذاكرة الزمن ذلك الحُبّ الخالد الذي ينسال مع الدموع على خديّها فكانت القصيدة كالنهر تجري بتدفق من المشاعر والاحاسيس بتوهّجٍ في اللحظة التي تعيشها وإيقاعات داخلية وتسلسل للصور الشعرية التي تتحد في فكرة أساسية واحدة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز


.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن




.. هنا تم دفن الفنان الراحل صلاح السعدني


.. اللحظات الاولي لوصول جثمان الفنان صلاح السعدني




.. خروج جثمان الفنان صلاح السعدني من مسجد الشرطة بالشيخ زايد