الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تحولت الانتخابات الفلسطينية إلى إشكال؟

إبراهيم ابراش

2021 / 4 / 19
القضية الفلسطينية


سبق أن كتبنا مطولاً أن الانتخابات في الأصل منصوص عليها في اتفاقية أوسلو 1993، ليس لأن من صاغوا الاتفاق ورعوه يريدون أن يكون الفلسطينيون ديمقراطيين، بل لأنهم يريدون تغيير طبيعة الصراع واولوياته بالنسبة للفلسطينيين، كما يريدون أن يتعاملوا مع سلطة فلسطينية منتَخَبة تمثل الشعب في الضفة وغزة حتى يكون هناك شرعية لأية اتفاقات توقع مع الفلسطينيين. كان وما زال التحدي أمام الشعب تحديدا الطبقة السياسية هو كيفية إفشال مراهنة العدو على الانتخابات وذلك من خلال تحويلها لرافعة لعقلنة ودمقرطة النظام السياسي و إشراك الشعب في عملية اتخاذ القرار.
الانتخابات في هذا الوقت ليست مجرد تعبير عن إرادة وطنية بالتغيير وممارسة استحقاق ديمقراطي، بل هناك إرادات أخرى خارجية و توجه دولي إقليمي لتغيير النظام السياسي الفلسطيني من خلال بوابة الانتخابات، وذلك لتطويعه وتهيئته لاستحقاقات تحريك عملية المفاوضات مع إسرائيل، وهذا ما نلمسه من خلال الانسجام والتفاهم بين عدة أطراف على إجراء الانتخابات الفلسطينية، قطر وتركيا والإمارات ومصر والاتحاد الاوروبي وأمريكا وحتى إسرائيل إن تم القبول بشروطها، بالرغم مما بين بعض هذه الدول من خصومات واختلاف في مراهناتها وأهدافها.
سواء كانت بإرادة خارجية أو إرادة شعبية أو بكليهما فإن إجراء الانتخابات أصبح قضية الساعة محلياً، إلا أنه مع مرور كل يوم تبرز إشكالات وتساؤلات جديدة تزيد من حالة ألا يقين من إجرائها ومن قدرتها على تشكيل رافعة تُخرج النظام السياسي من مأزقه، كما أن كل الحديث الطيب حول المصالحة الذي صدر من حركتي فتح وحماس وبقية الفصائل لا يخفي حقيقة أن الشعب الفلسطيني ذاهب لانتخابات في ظل غياب رؤية واضحة لمرحلة ما بعد الانتخابات وشكل التحالفات القادمة وطبيعة النظام السياسي القادم، بمعنى آخر أن الأمور تسير بدون استراتيجية واضحة، الأمر الذي يجعل الانتخابات مغامرة غير مضمونة النتائج.
غياب التوافق الوطني والاستراتيجية الوطنية، كثرة عدد القوائم الانتخابية، الخلل أو التصدع في بعض فصائل منظمة التحرير وخصوصاً حركة فتح ،عدم اليقين من إجراء الانتخابات في القدس، وغياب أي ضمانات دولية حتى الآن بأن الكيان الصهيوني سيلتزم ويعترف بنتائج الانتخابات وبالحكومة التي ستنتج عنها، كل ذلك زاد المخاوف عند الشعب من العملية الانتخابية وخصوصاً بعد تراجع الخطاب التصالحي الذي نتج عن لقاء الفصائل في بيروت ورام الله في سبتمبر 2020 ولقاءات استنبول والقاهرة واخيراً لقاء القاهرة في مارس الماضي .
الشعب الفلسطيني اليوم أمام تحديات كبيرة فإجراء الانتخابات مغامرة للأحزاب منفردة حيث ستكشف الانتخابات أوزانها الحقيقية، كما أنها مغامرة على المستوى الوطني بسبب قوة تأثير الأطراف الخارجية عليها وعلى مخرجاتها، كما أن تأجيلها وبقاء الأمور على حالها مغامرة أكثر خطورة، وأن يفكر البعض في تأجيل الانتخابات لن يحل المشكلة، وفي هذا السياق يمكن التوقف عند القضايا التالية :-
أولا : الأحزاب مُكرهة على المشاركة في الانتخابات
في اعتقادنا أنه لو تُرِك أمر الانتخابات للطبقة السياسية الحاكمة وللأحزاب القديمة ما فكرت بالانتخابات، إلا أن المطالب الشعبية الضاغطة ورغبة الخارج وخصوصاً الأوروبيين في إجرائها جرها جراً للدخول في العملية الانتخابية.
ثانياً: تأجيل الانتخابات ليس حلاً
بالرغم من ارتفاع الأصوات المتخوفة من الانتخابات والمطالِبة بتأجيلها وخصوصا داخل حركة فتح التي تخشى من فقدان أغلبية مريحة تؤَمِن لها استمرار ريادتها وقيادتها لمنظمة التحرير وللسلطة وللنظام السياسي إلا أن من الصعب على الرئيس أبو مازن، الذي يملك وحدة قرار التأجيل من عدمه، تأجيل الانتخابات لأسباب فتحاوية، فهذا سيؤثر على مصداقيته أمام شعبه وأمام العالم كما أن الرئيس يعطي الأولوية لمشروعه السياسي الذي أسس له منذ اوسلو وهو مشروع لا يكتمل إلا بانضواء كل أو أغلب الأحزاب السياسية وخصوصاً حركة حماس في التسوية السياسية والسلطة الوطنية من خلال بوابة المجلس التشريعي، السبب الوحيد الذي قد يدفع الرئيس لتأجيل الانتخابات هو رفض إسرائيل إجراءها في القدس .
مع تفهمنا لتخوفات حركة فتح من نتائج الانتخابات، وتفهمنا أن إجراء الانتخابات بدون القدس سيتم تفسيره بأنه موافقة فلسطينية على أن القدس جزء من إسرائيل وخارج حدود الدولة الفلسطينية الموعودة، إلا تأجيل الانتخابات لن يحل المشكلة حيث سيستمر الانقسام ولن تتغير وضعية القدس، كما أن تأجيل الانتخابات لن يغير من واقع حركة فتح لأن مشاكل فتح الداخلية سابقة للعملية الانتخابية حتى وإن كانت هذه الأخيرة كشفت المستور.
ثالثاً: صراع على السلطة وغياب البرامج السياسية
من الملاحظ أن كل الأحزاب وأصحاب القوائم الانتخابية يتجنبون الخوض في القضايا السياسية الكبرى، البرنامج السياسي للأحزاب والكتل الانتخابية، البرنامج السياسي للحكومة المقبلة، مستقبل المقاومة وسلاحها، الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، شروط الرباعية الخ، صحيح، إن مرحلة الدعاية الانتخابية لم تبدأ إلا أن الأمر يخفي تهرباً مقصودا لغياب رؤية واضحة عند هذه الأطراف، وعند بدء مرحلة الدعاية الانتخابية – في حالة إجراء الانتخابات- سيكتشف الشعب ضحالة وبؤس البرامج الانتخابية.
رابعاً: قوة تأثير المال السياسي والخطاب الديماغوجي
لأن الأحزاب والمُشكلون للقوائم الانتخابية لا يتوفرون على برامج سياسية وإن صاغوا برامج فإنها ستكون باهتة وغير مقنعة للجمهور فإنهم سيعوضون ذلك بالمال السياسي وبمنافقة الشعب، وهذا بدأ بالفعل منذ صدور قرار الرئيس بالانتخابات، فالكل أكتشف الآن معاناة غزة والفقر في غزة وضرورة تحسين أوضاعها المعيشية والكل يطالب بتصحيح (الخلل) المتعلق بالرواتب، كما أن الأموال تتدفق للضفة وغزة بطرق مشروعة وغير مشروعة، والسلطان في الضفة وغزة تمنح تسهيلات مادية وغيرها وتحاول تحسين صورتها عند الشعب، وسيظهر بوضوح دور المال السياسي عند بدء العملية الانتخابية.
خامساً: مجلس تشريعي مختلف عن سابقيه
الذهاب للانتخابات في ظل عدم حل الإشكالات المتراكمة منذ سنين واستمرار الانقسام بل وتمدده حتى داخل الأحزاب كما هو الحال في حركة فتح وفصائل أخرى في منظمة التحرير، وفشل اليسار في تشكيل قائمة واحدة وتعدد القوائم – 36 قائمة- كل ذلك سيؤدي لمجلس تشريعي مختلف عن المجلسين السابقين وستكون التحالفات صعبة ومختلفة عما كان سابقاً عندما كانت فتح وحماس تتحكمان في المجلس التشريعي وفي شبكة التحالفات، كما أن هذا الوضع التعددي بدون مرجعيات متوافق عليها سيضع تحديات أمام تشكل حكومة وحدة وطنية وحتى إن تشكلت قد لا تُعَمر طويلاً.
وأخيراً، يجب استكمال المسار الانتخابي بالرغم من كل ما ذكرناه من عيوب وثغرات وتحديات، حتى يعرف العالم أن الشعب الفلسطيني يؤمن بالديمقراطية وقادر على دفع استحقاقاتها وأن المشكلة تكمن في الكيان الصهيوني الذي يُعيق العملية الانتخابية من خلال رفض إجرائها في مدينة القدس والتضييق على المرشحين للانتخابات والشروط التي يضعها مسبقاً لاستكمال المسار الانتخابي وللتعامل مع الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات.
ملاحظة
إن أصرت الأحزاب على إجراء الانتخابات حتى لو رفضت إسرائيل إجراءها في القدس فعليها التقدم برسالة رسمية للرئيس أبو مازن وللجنة الانتخابات المركزية تعلن فيها أنها مع إجراء الانتخابات بدون القدس .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرقم الصعب م ت ف
ابراهيم الثلجي ( 2021 / 4 / 19 - 23:45 )
اخ ابراهيم المحترم
اوسلو تتويج للاعتراف المتبادل بين م ت ف ودولة اسرائيل باركان شرعيتها حكومتها المنتخبة وبرلمانها المنتخب
الان ما يعني اسرائيل ديمومة الاعتراف بها الذي لا تصدق نفسها انه حصل
مقابل ديمومة اعترافها ب م ت ف
قهي لن تفرط بالمنظمة بصيغة غيرها ديمقراطية كانت ام دكتاتورية فستبقى تدافع عن شرعيتها حفاظا على الاعتراف بها على اكثر من 80 بالماية من فلسطين
وهنا تشكل اقتران مصلحي لا يفرقه انسان
لا قوة او تشكيل يحل مكان المنظمة
مهما اختلفت الظروف و التسميات
اما الانتخابات فهي لمجلس الحكم الذاتي الانتقالي الذي يحتاج للشفافيىة الادارية وجودة ادارة السكان كي يكون مهنيا ومقبولا على السكان لان رفضه يعتبر رقضا للعملية السياسية برمتها
اما عن ان الانتخابات لهاية كما نوقشت سابقا فهي كذلك ان خرجت عن سياق تشريعها كونها لمجلس حكم ذاتي محدود خدماتي
وكما قلنا اعلاه لا احد يتخلى عن الرقم الذهبي او الرقم الصعب

اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح