الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحالة الاقتصادية لدول الشرق الاوسط النفطية في ظل وباء كورونا

محمد رضا عباس

2021 / 4 / 19
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لا يوجد طريق واحد للتنمية الاقتصادية والازدهار. الاقتصاد الوطني ينمو ويزدهر وفق ما هو متوفر من موارد طبعيه وبشرية في البلاد, ولهذا السبب فان طرق التنمية متعددة وتختلف من بلد الى بلد . توفر الفحم الحجري في المملكة المتحدة كان السبب في انطلاق الثورة الصناعية في هذا البلد , وتوفر الاراضي الصالحة للزراعة ووفرة غابات الاخشاب في الولايات المتحدة الامريكية مكنت هذا البلد من ان ينمو ويتطور , وتوفر الايدي العاملة الماهرة في اليابان وألمانيا أدت الى ازدهار البلدين في الصناعات الدقيقة , فيما ان توفر الايدي العاملة الرخيصة في الصين وكوريا الجنوبية ودول شرق اسيا ثورت صادرات هذه البلدان وأصبحت المحرك وراء النمو الاقتصادي فيها.
كان من المفترض ان يظهر نموذج نمو اقتصادي اخر يخص الدول المصدرة للنفط , خاصة وان هذه الدول قد تمتعت بسيولة مالية هائلة عدد من السنين , ولكن هذه الدول قد فشلت في هذا المضمار. حتى المملكة العربية السعودية والتي تعد من أكبر المصدرين للنفط ومن الدول التي شاهدت استقرارا امنيا طيلة العقود الماضية لم تصل بعد الى مرحلة الاستغناء عن الواردات النفطية , بل كشفت جائحة وباء كورونا الى ان المملكة مازلت تعتمد اعتمادا كبيرا على الموارد النفطية , حيث جاء في تصريح وزير المالية السعودي محمد الجدعان في أوائل أيار 2020 , ان المملكة ستتخذ إجراءات " مؤلمة" لخفض النفقات في ظل تراجع الإيرادات بسبب ازمة كورونا. وأضاف الجدعان في مقابلة مع قناة " العربية" , ان السعودية يجب ان تخفض مصروفات الميزانية بشدة , نظرا لانخفاض الإيرادات النفطية لأقل من النصف وتراجع الإيرادات غير النفطية بسبب الاغلاق في إطار إجراءات مكافحة كورونا. واضاف ان بلاده " ستتخذ إجراءات صارمة جدا" , وقد تكون "مؤلمة " , وان الجميع الخيارات مفتوحة حاليا "التعامل مع الازمة. واكد على ان بعض المشاريع سيحدد اجل تنفيذها بسبب إجراءات مواجهة كورونا.
ونشرت صحيفة " فايننشال تايمز " مقالا يعلق على الحالة المالية للمملكة في ظل جائحة كورونا قالت فيه ان الصدمة المزدوجة التي تعرضت لها السعودية تهدد الخطط الطموحة لولي العهد محمد بن سلمان. وقالت الصحيف ان الاثار التي تركها فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط ستؤدي الى تأخر الكثير من البرامج الطموحة التي أعلن عنها ولي العهد. فعندما كشف عن خطة اصلاح اقتصادي , كان عام 2020 هو العام الذي سيتم فيه تحقيق الأهداف الرئيسية الأولى بما فيها تخفيف معدلات البطالة وزيادة الموارد في القطاع غير النفطي وخلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص. ولكن هذا العام سيكون عام وضع الكوابح على هذه الطموحات , حيث ان ازمة كورونا وانهيار أسعار النفط أجبرت الحكومة على إعادة النظر بالأولويات. فالحكومة بدأت تسحب من احتياطيها الأجنبي في وقت حذرت فيه وزارة المالية من " الازمة الكبيرة" التي تواجه البلاد مع انها أعلنت عن خفض النفقات بنسبة 5%.
اما جمهورية إيران الإسلامية والتي تملك رابع خزين نفطي في العالم وقدرة تصديرية تقدر ب 6 ملايين برميل في اليوم الواحد , كانت قريبة جدا من تحقيق نموذج متميز من التنمية الاقتصادية جديرة باحترام العالم له لولا استمرار الحصار الأمريكي عليها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979. الحصار الأمريكي الأخير والذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2019 يعد الأسوء , حيث في هذا العام بدا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وإعادة فرضها عقوبات قاسية ذات تأثيرات فعالة على الاقتصاد الإيراني. إدارة الرئيس ترامب فرضت أكثر من 3,900 قرار عقوبة , حوالي نصف هذه العقوبات كانت من حصة إيران. لقد بلغت خسارة الاقتصاد الإيراني من هذه العقوبات ما يقارب 70 مليار دولار, وحصة المواطن الإيراني من الحصار هو ارتفاع عام بالأسعار على نحو 45% وخسارة العملة الإيرانية ما يقارب 75% من قيمتها منذ إعادة فرض العقوبات الامريكية , 48% خلال هذا العام.
وتوقع البنك الدولي تراجع في الاقتصاد الايراني قدره 10% وبطالة ما يقارب الخمسة ملايين عام 2020 , فيما توقع مركز البحوث الجامعية انخفاض النمو الاقتصادي لعام 2020 الى 4.17% إذا قامت الحكومة الإيرانية بتعويض اضرار كورونا بالكامل , وفي حالة عجز الحكومة عن تعويض الأضرار فان الاقتصاد قد ينكمش بمقدار 17.5%. حالة الاقتصاد أصبحت تقلق هاجس كبار المسؤولين في البلاد , فقد جاء في حديث قائد سلاح الجو بالحرس الثوري الإيراني امير علي حجي زاده " نحن الان على اعلى مستوى من الاستعداد الدفاعي في إيران , مشكلتنا الكبرى الان هو الاقتصاد". وصرح وزير النفط الإيراني بيجن زنغتة ان الوضع صعب للغاية وان " الوضع الحالي في البلاد أصعب مما كان عليه خلال سنوات الحرب الثمانية مع العراق". وتحدث امين مجمع تشخيص النظام محسن رضائي من "ان الحرب القائمة الان ضد إيران بصورة اشد وأكبر دنأة من الحرب التي فرضت على إيران في القرن الماضي". وأضاف قائلا " انهم يسعون من وراء الحظر لفرض الضغوط على الشعب الى الحد الذي يصبح غير قابل للتحمل وان تنخفض قدرته الشرائية يوما بعد يوم".
وتوقعت وكالة " استندار أند بورز" ان يرتفع دين حكومات دول الخليج برقم قياسي يبلغ حوالي 100 مليار دولار هذا العام بسبب تنامي متطلبات التمويل وازمة كورونا وانخفاض أسعار النفط. وذكرت الوكالة في بيان لها انه " استنادا لافتراضاتنا الخاصة بالاقتصاد الكلي , نتوقع ان تشهد ميزانيات حكومات مجلس التعاون الخليجي تدهورا حتى عام 2023". وأضافت ان " الحكومة المركزية لدول مجلس التعاون ستسجل عجزا بنحو 180 مليار دولار هذا العام".
عراقيا , فان البلد أصبح يعتمد على صادرات النفطية منذ عام 1952 , وهي السنة التي اصبحت حصة القطاع النفطي في حساب الإنتاج الإجمالي المحلي تزيد على حصة الزراعة , وأصبح أكثر اعتمادا عليه بعد تغيير 2003 ولأسباب عدة منها: أولا, ان قادة البلد الجدد استلموا العراق مع خزانة مفلسة , حيث سرق قصي صدام حسين اخر مليار دولار فيها. ثانيا , ان النظام البائد لم يترك العراق مثل مدينة لندن او باريس او نيويورك او أبو ظبي , انه ترك العراق وبنيته التحتية منهارة. ثالثا, ان العمليات الإرهابية بعد التغيير عطلت التنمية الاقتصادية واضطر المستثمر الأجنبي الهروب من العراق. ورابعا , ان النظام الجديد قد انتشر فيه وباء الفساد الإداري والمالي إضافة الى ما تعاني دوائر الدولة من روتين قاتل. وهكذا دخل العراق عام 2020 وهو أكثر حاجة الى الأموال النفط وأكثر حاجة الى البناء والاعمار وتوفير فرص العمل لمواطنيه , وما التظاهرات التي اندلعت في تشرين اول عام 2019 واستغلتها اعداء العملية السياسية الجديدة الا انعكاسا للواقع الاقتصادي المتردي التي يمر بها العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست