الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الفشل

عبدالواحد حركات

2021 / 4 / 20
الادارة و الاقتصاد


عبدالواحد حركات

ولدنا لنفشل أولاً..!
الشيء يعرف بضده.. الخير بالشر.. الأعلى بالأسفل.. اليمين باليسار.. الطويل بالقصير.. السهل بالصعب.. النور بالظلام.. البداية بالنهاية.. والمسافة أو الوقت أو الفعل الفاصل بين الأضداد هو حياتنا.. زمن حياتنا.. وجهة حياتنا.. فعل حياتنا، هو ما نؤديه لقلب زهر الحياة على الوجه الذي نرغبه..!

لكل إنسان رسالة يؤديها، فالإنسان مؤدٍ فقط..!
الأداء ترقبه أعين كثر، كل عين وراءها فكر، وكل فكر تدعمه معرفة، وكل معرفة لها أسس، وكل الأسس بنيت على مبادئ وثوابت، وكلما انطلق من مبادئ سيصل إلى نتائج، والنتائج هي ما تقيمه العقول وتحكم على أساسه وتصنف به الأداء كله، وهذه طامتنا وأعنف كوارثنا وأخطر أفعالنا، فإغفال الفكر والمعرفة والأسس والقواعد والمبادئ وعدم تقييمها وتصحيحها سيؤدي إلى سوء النتائج لا محالة..!

المعلومة أصبحت قوة وسلعة وانتماء ووطنا..!
الحياة تغيرت بشكل كلي وعلى جميع مستوياتها، وهذا التغير لم يعد مجرد تطور متوقع بل تطور أسي "E^x" وعميق، فالسنة من حياة التكنولوجيا يساوي تطورها عشر سنوات من حياة البشر، لم يعد الإنسان ومعنى شكل الحياة وتفاصيلها كما كانت، ورؤية الإنسان لذاته ووجوده وحاجاته وإدراكه تبدلت بشكل جذري..!

لم يؤسس الدبلوماسي الإنجليزي سيمون آنهولت ميليشيا أو يبني قصراً في تركيا بأموال مختلسة أو يتاجر بالأفارقة السود أو يشتري عقارات بمالطا، بل أسس دولة افتراضية على القيم المشتركة، وليس على تاريخ أو أرض أو ماضٍ أو عرق أو دين مشترك، وابتكر مؤشر الدولة الجيدة الذي تتربع ليبيا في آخره بالمرتبة 149 لعام 2020، ويفكر آنهولت في إصلاح العالم خلال جيل واحد أي ثلاثة وثلاثين سنة، ولا ينظر إلى الدول بعيون السليك بن السلكة بل يرى للدول ماركات وللهويات تنافسية وللحياة دروب مستقبلية تفوق الخيال..!


الفشل في التخطيط هو تخطيط للفشل..!.

لا يملك دبيبة المصباح السحري ولا مارد الخاتم ولا قدرات بابا سنفور لينهي مشاكل وأزمات ليبيا خلال وقت قصير، والأدهى أنه لم يتمكن حتى الآن من تشخيص مشكلة ليبيا أي أحد، والكل يتغافل عن الحقيقة إما لعجز عن رؤيتها أو لمآرب أخرى، ويتماهى الجميع في أساليب تقليدية قاصرة عن إحداث تغيرات إيجابية في ليبيا، وذلك لعدم وجود أسس ومناهج واضحة للإصلاح، ولعدم وجود هياكل مؤسساتية ونظم وعمليات إدارية تناسب التغيرات الإيجابية وتسهم في ترسيخها، فالإدارة في ليبيا عموماً لا يسمح مستواها وأساليبها التقليدية بأداء دور فاعل وتلبية متطلبات الإصلاح والتنمية..!

لا يمكن لحكومة دبيبة الاعتماد فقط على حزمة قرارات لسحب الأموال ودسها في جيوب المواطنين، خصوصاً أن القرارات جميعها غير مبنية على معلومات وإحصائيات ودراسات معمقة وتوقعات مستقبلية، فلا يمكن حل مشكلة شعب لا يوجد رقم محدد لعدده، ولا معلومات دقيقة عن الإيرادات غير النفطية والمصروفات العامة، ولا علم لأحد بعدد موظفي القطاع العام الأحياء، إذ يوجد أموات يتقاضون مرتبات في ليبيا، ولا عدد موظفي الخارجية المنعمين بعواصم العالم ويعيشون وأبناؤهم على حساب شعب يقاسي الأزمات بشكل يومي، ولا إحصائيات بقيمة أصول الشركات العامة وخسائرها وقيمة الاستثمارات، ولا توجد آلية شفافة لمعرفة حجم نفقات البرلمان والحكومة..!

مع هذا الضباب تُرى الخطوط بشكل سيئ..!
متسلسلة ضعف الفكر التنظيمي، وضعف المؤسسات، وضعف الهياكل الإدارية، وضعف عناصر الإدارة، وضعف البنية التكنولوجية للقطاعات العامة والخدمية، ينبغي أن تعمل حكومة دبيبة على تفكيكها وحلها، وهي المهمة الأساسية التي يفترض أن تنجز قبل التورط باتخاذ قرارات تؤثر على المواطنين والسوق وقيمة العملة، وليس من الأنجع اتخاذ قرارات تمس السوق وتسهم بشكل مباشر في خفض قيمة العملة المحلية، فليست لدى المواطن خيارات من صناعات محلية كي يقلع عن شراء السلع المستوردة، وقيمة العملة الليبية مرتبطة بنظام سعر صرف معوم بأسلوب شاذ، فضعف الاقتصاد الليبي ونمو التجارة الداخلية أسهم في زيادة العجز في الميزان التجاري، فالواردات الليبية أضعاف أضعاف الصادرات، فلا تصدر ليبيا غير النفط وبعض المواد الخام، وتعيش بشكل كلي على الواردات من الخارج..!
الهيكلة مطلوبة في جميع القطاعات.. وهي الخيار الأصوب..!

كل ما ينبغي فعله يجب أن توضع له قواعد قوية يرتكز عليها، والمناداة المتكررة لاستعادة هيبة الدولة وتطبيق اللا مركزية وإنفاذ القانون وتوحيد المؤسسات ليست مجرد قرارات تتخذ وتنشر، بل تزداد حاجة عمليات اتخاذ القرارات وآليات تطبيقها إلى مؤسسات قوية ومرنة وذات فاعلية كبيرة، فالحاجة باتت ضرورية إلى مؤسسات أفقية ومدمجة ومنح بعض المهام لمؤسسات وسيطة، لمواكبة روح العصر وتلبية متطلبات المواطنين بجودة وكفاءة ترضيهم..!

الجميع يفكر في تغيير على المستوى الشخصي، لكن لا أحد يفكر في تغيير عام..!
بلا شك.. ستكون هنالك مقاومات نشطة وسلبية، وتبريرات للجمود، ومناقشات متطرفة، وإلهاءات رجعية دافعها الخوف من السير للأمام، خاصة في هذه المرحلة التي تتطلب تغييرات كبيرة وطرقًا بديلة وجديدة للأداء، وتستوجب تغييرا بنيويا كليا وكاملا ومستقبليا لمواجهة تحديات الإصلاح والتنمية، وتوفير رؤية قابلة للتنفيذ يمكن تطبيقها، وإدارة التغيير بجدارة وتوجيه الجهود بأكملها نحو وجهة جديدة وأهداف تنموية محددة..!

المخاوف نمور من ورق..!
إذا لم تتفهم حكومة دبيبة الحالة السائلة التي أصبحت سمة لأغلب الدول والمؤسسات، وتعاملت بما تقتضيه هذه الحالة وما يلائم عمرها القصير جداً فلن تنجز شيئاً على الإطلاق، بل ستقوم بزيادة العجز في الميزان التجاري وتخفض قيمة العملة وتكون مزيدا من المآسي على رؤوس الليبيين، وسيكون على الحكومة التي بعدها إلغاء كل قراراتها بعدما يصبح الإصلاح مستحيلاً وبعيد المنال..!

إذا لم تكن الحكومة قادرة على إصلاح بنيوي غير عادي، فيتعين عليها تسوية الأمور العادية فقط.!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في المغرب لا?لغاء ا?ضحية العيد المقبل بسبب الا?وضاع ال


.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم




.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م


.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ




.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ