الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلقة ديمنغ لتطوير الانتاج

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2021 / 4 / 21
الصناعة والزراعة


مقدمة :
لقد سعت المؤسسات منذ العشرينات في بداية القرن الماضي لتطوير نفسها وتحسين أدائها لأسباب عديدة منها الحاجة لتأصيل وجودها في سوق المنافسة وتطوير المنتجات وتحسين جودتها بهدف الحصول على ثقة الزبائن على اختلاف أطيافهم . يعد ديمنج هو المهندس المؤسس لجودة الإنتاج ورقابة الجودة فقد ابتكر ما يسمى بدائرة ديمنج للجودة وخطواتها هي: خطط، نفذ، افحص، تصرف التي اعتمدت لاحقا من معظم الشركات الأمريكية والعالمية في تحقيق جودة المنتج ورقابة الجودة وتأكيد الجودة .

من هو الدكتور ديمنغ؟
الدكتور ويليام إدواردز ديمنغ ( 1900-1990 ) W. Edwards Deming مهندس تصنيع أمريكي مبدع . حصل على الدكتوراه في الرياضيات والفيزياء وفي لحظة من اللحظات أدرك ديمنغ أن الموظفين هم وحدهم الذين يتحكمون بالفعل في عملية الإنتاج دون غيرهم . فقام بطرح نظريته المسماة "حلقة ديمنغ" التي بناها على أربعة محاور أساسية (خطط – نفذ – افحص – باشر Plan -Do - Check -Act). وطرحها كوسيلة لتحسين الجودة إلا أن قادة الصناعة في الولايات المتحدة لم يلتفتوا إليه في البداية . سافر ديمنغ إلى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية بناءً على طلب الحكومة اليابانية لمساعدة الصناعة اليابانية في تحسين الإنتاجية والجودة. وقد نجح ديمنغ في مهمته نجاحا باهرا لدرجة أن الحكومة اليابانية أنشأت في عام 1951 م جائزة أسمتها باسمه (جائزة ديمنغ) تمنح سنوياً للشركة التي تتميز من حيث الابتكار في برامج إدارة الجودة. وقد عُرف "ديمنغ" بلقب "أبو الجودة" في اليابان. لكن الاعتراف بنبوغه في هذا المجال تأخر كثيراً في بلده الأم الولايات المتحدة الأمريكية. لقد علم اليابانيين أن الجودة الأعلى تعني تكلفة أقل. لكن هذه الفكرة لم تكن في حسبان صناع القرار في إدارات الشركات الأمريكية.
هناك من يطلق على فلسفة ديمنغ أسماء متنوعة مثل : حلقة ديمنغ – دورة ديمنغ – عجلة ديمنغ – سلسلة ديمنغ وكل هذه التسميات تختصر فكرة ديمنغ الأساسية وهي : (خطط – نفذ – افحص – باشر Plan -Do - Check -Act) والتي تختصر بالأحرف PDCA .

حلقة ديمنغ:
أراد ديمنج بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إنشاء طريقة لتحديد سبب فشل المنتجات في تلبية توقعات العملاء. وقد بحث عن الحل ووجد أن الشركات يجب أن تعمل على تطوير فرضيات حول ما يجب تغييره ، ثم اختبارها في حلقة تقييم مستمرة.

إن حلقة ديمنج هي منهج تكراري مكون من أربع مراحل لتحسين العمليات أو المنتجات أو الخدمات باستمرار ، ولحل المشكلات. وهو ينطوي بشكل منهجي على اختبار الحلول الممكنة ، وتقييم النتائج ، وتنفيذ الحلول التي أثبتت نجاحها.

مراحل حلقة ديمنغ:
تتألف الحلقة من أربع مراحل رئيسية هي :

خطط Plan : تحديد المشكلة أو الفرصة وتحليلها
نفذDo : اختبار الحل المحتمل ، من الناحية المثالية على نطاق صغير ، وقياس النتائج.
تحقق/ دراسة Check : دراسة النتيجة ، وقياس الفعالية ، وتحديد ما إذا كانت الفرضية مدعومة أم لا.
باشر Act : إذا كان الحل ناجحًا ، فقم بتنفيذه.
وقد أثبتت هذه الحلقة نجاعتها في الخمسينات من القرن العشرين ولا تزال معتمدة لدى الكثير من علماء الإدارة حتى اليوم .

مبادىء ديمنغ الأربعة عشر :

قدم ديمنغ المبادئ التالية لضمان الجودة :

المبدأ الأول : وضع هدف دائم يتمثل في تحسين الإنتاج والخدمات عن طريق وضع أهداف تؤدي لتحسين جودة المنتج والخدمة لتحقيق المركز التنافسي في السوق وضمان الاستمرار والبقاء.

المبدأ الثاني : انتهاج فلسفة جديدة حيث يتم اتخاذ قرار مشترك يتحمل مسئوليته كل فرد في الشركة لتحقيق الحماس خاصة وأن تحسين الجودة عملية متكاملة .

المبدأ الثالث :التخلص من الاعتماد على التفتيش الشامل واستبدال الرقابة العلاجية بالرقابة الوقائية لمنع حدوث الخطأ وتصحيحه في الوقت المناسب .

المبدأ الرابع :إلغاء تقييم العمل على أساس السعر فقط بحيث يعتمد الموردون على الجودة لا على السعر فقط .

المبدأ الخامس : وجود تطوير مستمر في طرق اختيار جودة الإنتاج والخدمات مع متابعة المستجدات التي ترافق الأداء وتحسين الأداء بشكل مستمر، فمهما وصل مستوى الجودة اليوم لا بد أن يكون أساسا للتحسين في المستقبل ، فالمعايير الثابتة وغير المتغيرة من أسباب انهيار الشركة أو المنظمة.

المبدأ السادس : إنشاء مركز للتدريب الفعال الذي يشمل كافة الموظفين ، فيجب أن يدربوا على طريقة أداء الأعمال المنوطة بهم ، ومناسبة للمسئولية التي تحملوها، مع تكثيف تدريبهم على الإنتاج.

المبدأ السابع : وجود قيادة فعالة تعمل على تحقيق التناسق بين الإشراف والإدارة وذلك بالتفاعل والالتزام ، فالقائد الفعال يكون المساعد والمساند والحريص على تحسين أداء ومهارة مرؤوسيه ، وزرع الثقة في أوساط العاملين , والسعي للتحسين المستمر .

المبدأ الثامن : إزالة الخوف وشعور الموظفين بالأمان داخل الشركة أو المنظمة التي ينتمون لها ، وتوفير عنصر الاستقرار الوظيفي لهم ، لأن ذلك يكفل للمنظمة الولاء والشعور بالانتماء لها .

المبدأ التاسع : إزالة الحواجز بين الإدارات والسعي لحل الصراعات القائمة بين العاملين ، والقائمة بين الإدارات وإحلال التعاون بينهم ، وجعلهم يشعرون أن الهدف هو الجودة وليس منافسة بعضهم البعض ، والعمل بروح الفريق الواحد ، لإنجاز وإنتاج النوعية الملائمة سواء كانت منتج أو خدمة التي ترضي وتفوق توقعات العملاء.

المبدأ العاشر : التخلص من الشعارات والنصائح لأنها تركز الاهتمام على الرغبة في عمل الشيء أكثر من التركيز على الكيفية في عمل هذا الشيء .

المبدأ الحادي عشر :استبعاد الحصص العددية والتركيز على انتهاج مسلك الفريق الواحد داخل الشركة أو المؤسسة ، فالتفوق على توقعات العميل التي لها علاقة بالجودة تكون لها قيمة طويلة الآجل ، أكثر من توقعاته الخاصة بكمية الإنتاج المصنعة.

المبدأ الثاني عشر : إزالة العوائق التي تعترض الفخر بالصناعة. يركز التقييم السلبي للأداء الذي على التفاصيل السلبية التي تدمر أي رغبة لدى العاملين أو الموظفين في تحسين الأداء ، فمعظم العاملين والموظفين يرغبون في أداء أعمالهم بالشكل الجيد ، ولا يرغبون أن تصدر ضدهم أحكام غير دقيقة.

المبدأ الثالث عشر : إعداد برنامج قوي للتعليم والتحسين وذلك بتنفيذ برامج تطويرية مستمرة ، والتركيز على عملية التطوير والتحسين الذاتي ، واكتساب المعارف والمهارات الجديدة .

المبدأ الرابع عشر : إيجاد التنظيم اللازم لمتابعة هذه التغييرات ويستلزم الأمر العمل على ترسيخ المبادئ السابقة بين كل أفراد الشركة أو المؤسسة ، وجعلها أمر حقيقي وليس مجرد شعارات ، والحث على تطبيقها والالتزام بها بشكل دائم ومستمر ، ويجب أن يهتم ويلتزم بذلك جميع من في المنظمة أو المؤسسة .



خلاصة :
لم يعرف الحقل الإداري وحقل الأعمال عموما ، مفارقة أكبر من مفارقة نجاح أفكار ديمنغ الأمريكية الخالصة في اليابان، وازدهار الصناعة اليابانية القائمة عليها في وقت قياسي قصير لم يتجاوز عقدين من الزمان . ولم تلبث الصناعات اليابانية، بجودتها الشاملة، أن غزت العالم أجمع بدءا ببيوت الأمريكيين وشوارعهم وأسواقهم؛ لتكتشف الولايات المتحدة متأخرا أنها تمتلك كنزا لم تعرف قيمته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر