الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر عن المواطنة والدولة المدنية فى مِصْرَ

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2021 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ما أكثر ما يُقال فى مِصْرَ أن المصريين المسلمين مسؤولون "شرعاً" عن حمايةِ أرواحِ وأموالِ المصريين المسيحيين. وهذا ضربٌ من الجنونِ. فمن العته أن يقول أيُّ مصريّ ما يدل على جهلِه بمفهومِ المواطنةِ.

فالمصري المسلم لا يمتنع عن إيذاءِ المصري المسيحي لأن حديثاً فى صحيحِ البخاري يحض على عدمِ إيذاءِ المسلمِ للمسيحي ولكن لأن المصري المسيحي هو مواطنٌ مصريٌّ له ما للمصري المسلم من حقوقٍ وعليه ما على المصري المسلم من واجباتٍ.

فالمواطنةُ فقط هى التى تحدد حقوق مواطني مِصْرَ ووجباتهم بصرفِ النظرِ (كليةً) عن الدينِ والجنسِ واللونِ.

وهناك كلمات يرددها بعضُ الشيوخ فى مِصْرَ ترقي لأفقٍ أعلي من آفاقِ العته كأن يقال أن المصريّ المسلم إن قَتَلَ مصرياً مسيحياً فإنه لا يُعدم لأن دمَ المسلمِ أعلى قيمةً من دمِ المسيحي. وينتظر مثلي أن يُحاكم و يُعاقب من يدلي بهذا القيء.

ومن الظواهرِ التى أراها متعارضةً كليةً من فهمي للمواطنةِ أن يهتف جنودُ الجيشِ المصري ب "الله أكبر" ، وهو هتاف لاشك أن رقائقاً دينية إسلامية تكتنفه. وكان المنطقُ يحتم أن يهتف الجنودُ المصريون ب "تحيا مِصْرَ ".

ومن تجليات هذا الدهس لمفهوم المواطنة فى مِصْرَ اليوم كوَّن معظم مادة اللغة العربية من السور القرآنية. فمكان هذه السور هو مادة الدين الإسلامي. أما مادة اللغة العربية فيجب أن تكون نصوصها النثرية والشعرية من روائع الأدب العربي (القديمة والحديثة). حتى الروايات التى يدرسها تلاميذ وطلاب التعليم العام حكمها نفس الفكر المضاد لمعاني المواطنة. فمن المضحك أن يدرس تلاميذ التعليم فى مِصْرَ رواية "وا إسلاماه" للأديب اليمني عليّ أحمد با كاثير ولا يدرسوا روايات عن مِصْرَ القديمة مثل "عبث الأقدار" و "رادوبيس" و "كفاح طيبة" وكلها من روائع نجيب محفوظ الذى شَرَعَ جهادي فى ذبحه ذات يوم !

وقبل إحصاءِ الأمثلة (وما أكثرها) على هدرِ معاني المواطنةِ ، فالأهم هو وضع رؤيةٍ vision رسميةٍ لمفهومِ المواطنةِ ثم تنبثق من هذه الرؤية سياساتٌ policies تكفل ضمان تطبيقِ مفهومِ المواطنةِ فى كل المجالاتِ وسائرِ المناحي.

ومن المؤسفِ أن المجتمعَ المصريّ قد أصيبَ بجرثومةِ فكرِ السلفيين بشكلٍ ودرجةٍ كبيرين. فمتابعةُ تصريحات وأحاديث كثيرٍ من كبارِ المسؤولين ومعظمِ الإعلاميين تُظهر بوضوحٍ لأيّ حدٍ أصبح هؤلاء يطعنون فكرتي "الدولة المدنية" و "المواطنة" فى مقتلٍ بمفرداتٍ وصيّغ تقول الكثيرَ عن بعدِ عقليتِهم وأفكارِهم عن مفاهيمِ الدولةِ المدنيةِ ومن أهمِها مفهوم المواطنةِ.

ويقتضي دعم مفاهيم الدولةِ المدنيةِ ومفهوم المواطنةِ مراجعة حجم مؤسساتِ التعليمِ الديني. ففى مِصْرَ كليات للطب والعلوم والهندسة والطب البيطري والصيدلة والتجارة والآداب بها مئات الألوف لا يدخلها غيرُ المسلمين رغم أن الدولةَ هى التى توفر ميزانياتها (من ضرائبٍ سددها مسلمون ومسيحيون).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل