الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحولات الرأسمالية بين آدم سميث واقتصاد السوق المتوحش

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 4 / 23
الادارة و الاقتصاد


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى خطاب مدراء الشركات الذي يقدمون أنفسهم بأنهم المتفانون في اجتهادهم لتحسين مستوى حياة البشر وتيسير الاستحصال على كل أنواع المنافع والتسهيلات ورغد الحياة وتقديمها لأولئك البشر بأقل التكاليف، بينما هم نفسهم يقودون كوكب الأرض عبر ممارسات شركاتهم إلى حافة الهاوية والكارثة البيئية التي لا عودة منها؟

مصعب قاسم عزاوي: من الناحية المبدئية فإن كل خطاب يصدر عن مؤسسة قائمة ومبنية على أساس أن ضالتها الحصرية تعظيم حصتها في اقتصاد السوق الوحشي عبر آليات السعي وراء الربح السريع بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى لأي أضرار جانبية يمكن أن تنتج عن الممارسات التي سوف تفضي إلى تدفق ذلك النمط من الربح السريع، هو في جوهره أداة للدعاية السوداء «البروباغندا» لأجل تعزيز قدرات تلك المؤسسة التنافسية في اقتصاد السوق البربري، وإيهام المستهلك بأي وهم يمكن أن يؤدي إلى زيادة تصريف نتاج تلك الشركة، و تسريع عملية إدراك ذاك الربح السريع المنشود؛ وهو ما يعني ضرورة إخضاع أي خطاب صادر عن أي شركة منخرطة في اقتصاد السوق الوحشي إلى غربال معرفي دقيق يتفحص الأهداف الكامنة ما بين السطور لأي خطاب صادر عنها قبل التفكر في التفاعل معه سلباً أو إيجاباً.
ومن ناحية أخرى فإن مدراء الشركات بشر يخضعون إلى قانونية نفسية تتقارب في آلياتها الداخلية ونتائجها مع تلك التي أشرت إليها سالفاً في كيفية صناعة عقل الجلادين، وأعني هنا بالخصوص آليتي «العقلنة السلبية والاستبطان المعرفي» لأطروحات تلفيقية لغرض التبرير العقلي لسلوك يدرك و يوقن صاحبه بخطئه وخطله أخلاقياً، ولكن تطابقه مع المصالح الشخصية الآنية الضيقة التي يسعى إليها ذلك الفرد تدفعه للقفز فوق كل مبادئ التعقل و الرشاد للاتكاء على تلك الآليات السلبية النكوصية لأجل تبرير سلوكه وتعزيزه و دفعه ليتقولب بعد حين على شكل منظومة متكاملة يقينية تكاد تَنْظُمُ كل حركات وسكنات صاحبه.
وهناك جانب آخر يتعلق بالتعضي المتعملق والسرطاني للشركات في نسق الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي المتوحش، بشكل لم يتوقعه آدم سميث المفكر المؤسس والذي يتكئ عليه كل المنافحون عن الرأسمالية في الغرب، إذ أن سميث كان يكتب في وقت كانت فيه الرأسمالية مدارة من قبل أفراد وشخوص من لحم ودم هم الرأسماليون، و هم الذين كان يظن سميث نفسه بأنهم لا بد أن يكونوا مصدراً لطوفان من العقابيل الكارثية لأنشطتهم الرأسمالية على مجتمعاتهم عبر سعيهم لنقل أنشطتهم الاقتصادية إلى مجتمعات أخرى تنخفض فيها تكاليف الإنتاج لتعظيم أرباحهم، لولا الميل الفطري الغريزي لدى الرأسماليين لكونهم بشر ذي مشاعر وغرائز فطرية للبقاء والاستثمار في مجتمعاتهم التي لا يرغبون بهجرانها والابتعاد عنها، و هو ما سوف يبقيها على قيد الحياة في شبكة الرأسمالية التقليدية كما تصورها منظروها الأوائل.
أما في حالة الشركات الأخطبوطية العابرة للقارات، فإن التعضي الأفعواني لتلك المؤسسات ألغى كل عنصر بشري إنساني من معادلة توجيه دفة الاستثمار والإنتاج في أي من تلك الشركات، وتركه محصوراً بمقياس شبه أوحد هو مستوى الأرباح الذي حققته أي من تلك الشركات خلال الفترة المنصرمة، وتوقعات تزايد معدلات أرباحها خلال الفترة القصيرة القادمة في ظل قيادة مدراء متخصصين وظيفتهم الوحيدة تحقيق أعلى مستوى من الربحية في أقصر الآجال، وإلا تم استبدالهم بمدراء آخرين قادرين على القيام بتلك المهمة بكفاءة أكثر وفق قوانين اقتصاد السوق الرأسمالي المتوحش، ودون أي اعتبار لأي خسائر جانبية قد تحدث في سياق تحقيق تلك الأرباح، سواء على المستوى المجتمعي أو البيئي أو حتى حيوات العمال المشتغلين في تلك الشركات، بغض النظر عن رتبتهم في سلم التدرج الوظيفي، حيث أن تلك جميعها معطيات لا قيمة لها في صيرورة تخليق الأرقام التي تعبر عن قيمة ومستوى الربح السريع الذي تم تحقيقه، ويراد الحفاظ على ديمومته بأي شكل كان و فق قوانين الرأسمالية الوحشية المنفلتة من كل عقال كما هو حالها البائس في عصرنا الراهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110