الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الهاوية -7-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 4 / 24
الادب والفن


حان الرّحيل . لا تحزني ، عانقيني بهدوء، دون دمع أو عويل
كان الربيع جميلاً ، لكنّه ممل. شعرت أحياناً أنّني أنفّذ عقوبة اسمها " الوحدة في الربيع" تساءلت دوماً: لماذا لا يوجد حياة هنا؟ النهار الطويل يرهقني ، الحياة تمرّ أمام ناظري كبحر تتلاطم أمواجه.
لماذا تخاف النّساء مني؟ أرغب أن أجيب على هذا السّؤال دون أن أدخل في نقاش . تخاف النساء مني لأنّني وحيدة ، وليس لدي زوج ، ولا منصب ولا جاه . هل سوف أحبّ رجلاً له زوجة و أولاد؟ هم لا يعرفونني . فقط يخافون منّي ، قبل أكثر من عام أرسلت لي صديقتي رسالة على الموبايل . قالت لي: أتمنى لو كنت معنا . طرحت الفكرة على زميلاتي أن تأتي معنا إلى البحر فرفضن. قالوا لي : سوف تتضايق من حضورنا ، فكلّ واحدة منا أحضرت زوجها كي تضع رأسها على كتفه، وتنشر الصّورة على الفيس، و أنت ليس لديك أحد تضعين رأسك على كتفه. بكيت يومها. احترمت صدق صديقتي، وفي نفس الوقت جرحني الأمر.
هل أنا قوية ؟
لا. جسدي نخرته الأيّام ، لكنّني تعوّدت على القساوة تجاه نفسي، هم يعتقدون أن القساوة قوة، و الملامح الصارمة حقيقية.
سوف أعيش ، الأمر ليس بيدي . هل أقتل نفسي هرباً من النّاس ؟
عليّ أن أصبح غنيّة فقط ، و إن طلبني أحد الذين يتهامسون عليّ سوف أرفضه. عندما أصبح غنيّة سوف أختار رجلاً يصلح لي. فالحبّ ليس له وجود في حياتي منذ قتل لدي آخر حلم. رجل يصلح لي يعني : أن أكون أنا صاحبة المال و السلطان ، و أن يكون راضياً بالحياة معي كشريك في الحبّ. يمكننا صنع الحبّ، فتلك القصص التي قرأتموها عن الحبّ لا تمت إلى الواقع بصلة. نحن نصنع الثياب، نصنع البيتزا، نصنع التبولة، نربي الكلاب، فهل سوف نعجز عن صناعة الحبّ؟
من مذكرات نوال



لم يمض سوى لحظات على اللقاء
خبأت لك مفاجأة كنت سوف أظهرها بعد حين
اختفت ، بقيت أنت تنتظرين
مسافر أنا بعد حين
لا تنظري إلي . يوجعني الحنين
ليكن وداعك لا ئقاً
صامتاً
يحتمل التأويل
ودون دمع أو عويل
أحزن عليهم لأنّهم لا يعرفون
يؤمنون بالسعادة ، بينما ، يصارعون الوحدة
يحذوهم الأمل ، على أنفسهم يكذبون
حان رحيلي
تعالي نحتفي معاً
نضحك ، نرقص ، ألوح لك ، وتبقين .
ليتك معي ترحلين.
لا أعرف من أين تأتي تلك الأصوات ، كأنّ منشداً يرتّلها على مسامعي ، لماذا يهددني هذا المنشد بالرحيل ؟ ربما هو ما يسمى ملاك الموت!
-وهل للموت ملائكة ياسر؟
-هكذا درسنا في كتب الدّين يا نوال!
-أعتقد أن على ملاك الموت -إن وجد- أن يخبر الله بأن حياتنا حتى الآن هي نوع من التجربة على الحياة، لا بأس إن كنا سوف نولد من جديد مع تجربتنا .
. . .


نثرثر حول جميع الأشياء
نؤمن أننا نقوم بعمل رائع سوف تتناقله من بعدنا الأجيال
ننتظر أن يصبح الحلم الذي ثرثرنا حوله واقعاً
نحاول أن نقبض عليه كل يوم
نحن نؤمن بأحلامنا
وبأننا يمكن أن نفعل المستحيل
ننسى ضعفنا وهواننا
وداخلنا المنخور
ننفخ صدورنا
نمشي بخيلاء
نحرّض الناس كي تحسدنا
وعندما يحلّ المساء
نبلل وسائدنا بالدموع
وإذا لم نستطع منع أنفسنا من العويل
نعض على طرف الوسادة
نلعن ماضينا وحاضرنا
أنظر إلى الماضي ، أشعر بسذاجتي . كان بإمكاني أن لا أقبل بالحياة بتلك الطريقة المذلة ، أحاورني : ماذا كنت أستطيع أن أفعل، و أجيب: الكثير . لو فعلت هذا وذاك لتغيّرت حياتي ، أذرف دمعة ، أستكين ثم أعود للحوار فها أنا أعيش الحاضر، ولا تغيير .
لم تكن تستطيع ، فالعالم لا يقبل
لم تكن لتفعل. تعودت على العبودية
لم تكن إنساناً . لا زلت بعيداً عن ذلك العالم
تسأل: أين يعيش الإنسان
الإنسان لا يعيش
هل تدري معنى مجاهل التّاريخ ياسر ؟
-لا أحد يعرف ماهي، لكن قد تكون عندما كان الإنسان يعيش في كهف ، و يعتمد على الصيد في حياته، ثم تعلّم بعض الزراعة.
-إنّ ذلك جميل . قد يكون الكهف أجمل من بيوتنا، وبين الكهف و الآخر مسافة أمان . لو عدنا إلى مجاهل التاريخ لكنت سعيدة ، ولوضعت علماً أبيض على كهفي . الحياة ممكنة حسب رأيك .
-يبدو أن الحقّ معك ، فأبي بدأ في بناء بيتنا عندما كنت في العام الأول من عمري، وحتى الآن لم ينته ، لو مررت من قربه لاعتقدت أنّه خربة ، أو خراباً . كانت أمي تتفنّن في التوفير ، فمثلاً كان طعامنا على الغداء بعض القرنبيط ، أو الحشائش الي تمتدح أمي فائدتها . لم أكن أشبع ، كنت أحلم بالبرغل مثلاً، أقول لها : اطبخي لنا مجدرة ، فتجيب أنّ مونة البرغل قد انتهت، وسوف يتم تحضير المونة في تموز، ونكون نحن في نيسان . أي علينا أن نصبر أشهر ونحن نأكل الحشائش.
-هذا يعني أن أهل الكهف محظوطون . لديهم اللحوم، وحولهم الحشائش . كيف يمكننا إعادة التّاريخ إلى مجاهله؟ الأمر مثير ، وهام أيضاً .
-لا نستطيع ! لقد قمنا بتدمير الحياة. نحن الآن قبل المجاهل بحقب كثيرة ، الوصول إلى المجاهل يعادل الوصول إلى المريخ.
إنسان المجاهل كان رقيقاً لا يقتل سوى الحيوان الذي يساعده على العيش، إنسان اليوم يقتل كل شيء ، رغم أنّ بين البشر اليوم أناس عادوا من المجاهل ، يدعون إلى حماية الطبيعة ، و إلى الإنسانية .
-هل يمكن لنا أن نؤسس حركة" إنسانية" تدعو إلى إعادة مجاهل التاريخ ؟
-بالطبع. سوف تكون شركة غير ربحية كي نستطيع أن نربح الكثير .
-لم أفهم!
-نحن نرغب من خلال دعوتنا بالعيش في هذا العالم الموحش ريثما نصل إلى المجاهل، و المؤسسات غير الرّبحية تفتح فروعاً لها لأنّ التمويل وفير .
-فلنبدأ إذاً!
نحتاج إلى مسؤول ، كي يوافق على طلبنا ، و إلى مفتاح يصلنا به، وهذا يلزمه المال للمفتاح و المسؤول.
-قل إن الأمر مستحيل . لا يحق لنا حتى أن نحلم بتلك المجاهل الرّائعة
أسرفت في حلمي
جعلت منه هاجساً يشغل الجميع
لم أسع إليه
أردت أن يجلبه أحد إليّ
و أن يطعمني إياه و أنا متمدد
أفتح فمي فيزودني بلقمة منه
وهكذا أمضغ اللقمات ، أنهض من سريري
يكتمل الحلم في ذلك اليوم
نحتاج أن نشبع كل يوم
هذا هو الحلم
سعيت مرّة إلى حلم ، فركضت إليه، ثم مشيت، ثم زحفت، ثم استلقيت على ظهري أنتظر من يزودني بالطاقة . من يومها عرفت أنّ أحداً غيري يجب أن يعمل على هذا الحلم، ويطعمني إياه .
. . .
ذلك الوهم الذي اسمه المرض يحاصرنا ونستسلم له
هو صراع بيننا وبين الوهم
الوهم هنا هو الحياة
وفي النهاية تخسر ، و ينتصر الوهم
أمرّ على الوهم ، أشبك يدي بيده
نتصالح ، نعيش في أفضل حالاتنا
في مرّة استسلمت لبعض التجارب
شكرته-أعني الوهم- على تغيّر حالي
بقيت لساعة ونصف الساعة هادئة
أين أنا منّي ؟ أين ذهب ذلك القلق المزمن ؟
هل أنا شخصية قلقة ؟
نعم. لست شخصية قلقة فقط
أنا شخصية غارقة في الماضي
لا تعرف معنى الوقت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض