الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ما زلنا في العراق نعمل بقوانين وقرارات ما يسمى بمجلس قيادة الثورة المنحل؟ وماذا يعني ذلك ؟!!

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 4 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


على الرغم من مرور ثمانية عشر عاما على سقوط النظام الدكتاتوري المقبور , وعلى الرغم من تجريم حقبة ( حزب البعث ) في العراق بعد 2003 والحديث المتكرر من قبل القوى السياسية المتنفذة عن ان النظام السابق كان نظاما دكتاتوريا ويقوض حرية التعبير عن الرأي ويمارس تكميم الأفواه , الا ان النظام الحالي في العراق لم يلغ القواعد القانونية المشرعة في عهد النظام السابق ولا يزال العمل بها جاريا .
وتشير التقارير وتصريحات اللجنة القانونية النيابية الى ان آلاف القوانين والتشريعات التي اصدرها النظام الدكتاتوري المقبور واكثر من ثلاثة آلاف من قرارات ما يسمى بـ ( مجلس قيادة الثورة ) المنحل ما زالت سارية المفعول على الرغم من ان اغلبها مخالف لقواعد البناء الديمقراطي والدستور العراقي لعام 2005 النافذ. فماذا يعني ذلك ؟ الا توجد القدرة لدى البرلمان العراقي بتشريع قوانين جديدة تتناسب مع اوضاع العراق الجديد ومع البناء الديمقراطي ؟!
ومن بين تلك القوانين التي ما زال العمل بها ساريا هو قانون العقوبات العراقي رقم ( 111 ) لعام 1969 , اضافة الى قانون حرية الرأي والتعبير الذي صدر ايضا ابان حكم النظام الدكتاتوري المقبور . كما ان قوانين وتشريعات النظام الدكتاتوري السابق لا تنسجم مع الواقع الديمقراطي الجديد في العراق ( ولو ان الديمقراطية في العراق مقزمة !) , ويحتاج البرلمان العراقي الى ارادة سياسية قوية لتعديل هذه القوانين او القرارات واستبدالها بقرارات وتشريعات جديد-ة تنسجم مع الواقع الجديد للعراق لما بعد 2003 .
ويتضمن قانون العقوبات العراقي رقم ( 111 ) لسنة 1969 الكثير من المواد الخاصة بحرية النشر والتعبير عن الرأي فضلا عن مواد مختصة بـ ( اهانة السلطة والرئيس ومؤسسات الدولة ). كما ان هناك اربعة مواد مختصة بمعاقبة من يهين السلطات او الرئيس وهي المادة ( 225 ) التي نصت على :(( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس من اهان بإحدى طرق العلانية رئيس الجمهورية او من يقوم مقامه )) , في حين نصت المادة ( 226 ) من قانون العقوبات على :(( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس او الغرامة من اهان بإحدى طرق العلانية مجلس الامة او الحكومة او المحاكم او القوات المسلحة او غير ذلك من الهيئات النظامية او السلطات العامة او المصالح او الدوائر الرسمية او شبه الرسمية )).
اما المادة ( 227 ) من قانون العقوبات فنصت على : (( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين او بغرامة لا تزيد على مائتي دينار كل من اهان بإحدى طرق العلانية دولة اجنبية او منظمة دولية لها مقر بالعراق او اهان رئيسها او ممثلها لدى العراق او اهان علمها او شعارها الوطني متى كانا مستعملين على وجه لا يخالف قوانين العراق ولا تقام الدعوى عن هذه الجريمة الا بناء على اذن تحريري من وزير العدل )) , ولكن ماذا عن قصف الميليشيات المنفلتة للسفارات الاجنبية في المنطقة الخضراء في بغداد بالصواريخ ؟ اليست مشمولة بهذه المادة ؟!!
كما تناولت المواد 228 و433 و434 وو435 وغيرها من قانون العقوبات موضوع النشر عما دار في الجلسات السرية لمجلس الامة او ما يتعلق بمسألة السب والقذف. فالعديد من القوانين وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل لم تلغ لحد الان خاصة وانها تعسفية ومخالفة لأحكام الدستور العراقي النافذ . وان ما حصل مع الباحث السياسي ابراهيم الصميدعي هي قضية تكميم الافواه كون المادة التي تم اعتقاله بها هي المادة ( 226 ) وهي اهانة السلطات , علما ان هناك العشرات ممن يقومون بهذا الفعل يوميا . ويذكر ان المواد في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 الخاصة بإهانة السلطات كانت تستخدم بشكل واسع خلال فترة حكم النظام الدكتاتوري المقبور . فلماذا لم تلغ التشريعات السابقة المعادية للشعب والمخالفة للدستور العراقي وللنظام الديمقراطي وخاصة ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير فضلا عن مواد جرائم النشر في قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969 الذي يتضمن كثيرا من المواد الخاصة بحرية النشر والتعبير عن الرأي . ومن اكثر هذه المواد جدلا تلك التي تتعلق بـ ( اهانة السلطة والرئيس ومؤسسات الدولة ومنها على وجه الخصوص المادتان ( 225 و226 ) اللتان علق العمل بها الحاكم المدني الامريكي بول برايمر في 10 حزيران / يونيو 2003 الا ان السلطات الحاكمة ندمت على ايقاف العمل بهذه المواد وقامت بتفعيلها مرة اخرى في عام 2007 .
ومنذ سقوط النظام السابق في 2003 وحتى اليوم لم تفلح السلطة التشريعية في العراق في اصدار قاعدة تشريعات جديدة تلغي او تستبدل القوانين والتشريعات الصادرة عن ما يسمى بمجلس قيادة الثورة المنحل والبالغة اكثر من ثلاثة آلاف قرار ما زال العمل بها ساريا . فماذا يعني ذلك ؟! ولو ان هناك صعوبة في تشريع القوانين الجديدة بسبب الصراع السياسي الدائر بين القوى السياسية المتنفذة داخل البرلمان وكل منها يريد مصلحته اولا خاصة وان البرلمان العراقي يهتم فقط في القوانين التي تمس مصلحته ومنها مثلا قانون اسقاط الجنسية لكون الكثير من السياسيين والنواب كانوا مشمولين بهذه الفقرة لذلك حرصوا على تعديلها . اضافة الى اهتمامهم بتشريق القوانين الخاصة برواتبهم وامتيازاتهم على الرغم من ان دوامهم غير منتظم ولم يقدموا لحد الان اي قانون يمس حياة المواطنين مقابل رواتبهم الخيالية الغير موجودة في برلمانات العالم وهذا ما دعا صحيفة الديلي ميل البريطانية الى وصف مجلس النواب العراقي بأنه افسد مؤسسة في التاريخ .
هذا وتثير مسألة عدم وجود تعريفات او حدود واضحة في قانون العقوبات لعبارات مثل (( الاهانة )) في نصوصه مخاوف الصحفيين والناشطين من امكانية تأويلها لصالح النظام السياسي . وتتناقض مواد قانونية في قانون العقوبات متعلقة بجرائم النشر مع المادة ( 38 ) من الدستور العراقي النافذ التي تكفل حرية التعبير والتي نصت على : (( تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب :
اولا : حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل .
ثانيا : حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر .
ثالثا : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون )) .
وكان ينبغي على البرلمان العراقي استبدال تلك القوانين التي شرعها البعث المحظور بأخرى جديدة , الا انه لم يتم تغييرها طوال 18 عاما من سقوط النظام السابق وهو ما يعزوه المراقبون الى عدم رغبة الفاعلين السياسيين في تعديلها لأنها توفر منافذ لقمع الحريات في الوقت المناسب وتساعدهم على التشبث بالسلطة ومغانمها . وهذا ما حصل فعلا من خلال القمع الوحشي للتظاهرات السلمية واستخدام القوة المفرطة في قتل المتظاهرين السلميين اضافة الى اعتقال الناشطين المدنيين والمحللين السياسيين الذين ينتقدون سلبيات النظام واغتيال البعض منهم كما حصل مع المحلل السياسي الشهيد هشام الهاشمي وغيره الكثير .
ويلاحظ المراقبون ان ما شرع من قوانين بعد عام 2003 ومن بينها قانون ( حماية الصحافيين ) جاءت لتفعيل قوانين النظام الدكتاتوري المقبور .
فإلى متى نبقى نعمل بقوانين وقرارات البعث المقبور وهي مخالفة للدستور العراقي ولقواعد البناء الديمقراطي ؟ وماذا يعما مجلس النواب العراقي اذا لا يشرع القوانين التي تمس حياة الناس ولا يراقب اداء السلطة التنفيذية في ظل الرواتب الخيالية التي يتقاضاها ولا يلتزم بالدوام وانما يمارس لعبة كسر النصاب والجلوس في الكافيتريا على حساب مصلحة الشعب والوطن ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي