الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الحرية: كآسريّ النظم المجتمعية واخلاق القطيع ,هم الاحرار الحقيقيون الوحيدون

محمد اسماعيل السراي

2021 / 4 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مفهوم الحرية ,والشائع لدينا كاصطلاح مجتمعي هو مفهوم ناقص او مناقض لمعنى الحرية المطلق فالحرية اليوم _وهي على هذا المنوال منذ امد بعيد _باتت حرية مقيدة بالنظم التي خلقها الانسان من خلال التنظيم المجتمعي الذي هو اساسا نتيجة لتاسيس الجماعات والمجتمعات الاكبر00 فما دامت الحرية مقيدة اذن لاحرية, او هي في الحقيقية استعباد للإنسان بأساليب اخرى00 فمقولة (تنتهي حرية الفرد عند عتبات حرية الاخرين )هي ما اصاب الحرية بمقتل, فمتى مااصطدمت حريتك بحرية الاخرين اذن فقد تم سلب حريتك .وغالبا ماترتبط هذه الجزئية بالاقوى والاضعف ففرض ارادة الاقوى على الاضعف يمثل تمتع الاقوى بالحرية في جانب سلب حرية الاضعف ولهذا جاءت القوانين لتسلب حرية الاثنين معا00
انت اليوم من الممكن ان تمارس حريتك في الغناء مثلا,لكن عندما تزعج الاخرين بصوتك سيترتب على ذلك سلبك هذه الحرية وهنا فقدت حريتك المطلقة واصبحت عبدا للنظم00وانت ممكن ان تمارس حريتك بممارسة احدى غرائز الغاب كالقتل مثلا ,والتي كانت تقريبا ممارسة عادية جدا بين جماعات الصيد والجمع ,, لكن المجتمع اليوم نظم قوانين تعتبر اي نوع من القتل جريمة ويترتب على هذه الجريمة عقاب, اذن هنا تم سلب حريتك التي تدفعها الغريزة الطبيعة المتوحشة الموروثة من تاريخ حياة الغاب, او حرية التخلص من الخصم او الانتقام او الثار,او حتى القتل لمجرد القتل. لتسلبك هذه القيود هذا النوع من الحرية لصالح المصلحة الاجتماعية العامة التي وضعت لحماية الضعفاء او حتى الجبناء00بل ان القوانين اليوم تحاسب حتى على قتل الحيوانات العامة والنبات وليس قتل النوع الانساني فقط ومنعت بعض القوانين استخدام الشمبانزيات في التجارب المختبرية باعتباره نوع ينتمي الى الجنس البشري (الهومو)00
اليوم تمارس قيود تحد حتى من حرية الابداع ,كالفكر الذي يضع محددات وقوالب للتفكير ,وكذلك الشعر, فحرية التعبير الابداعي باتت حبيسة قوالب شعرية محددة وبعضها صارم كقوالب الشعر العربي الكلاسيكي التي تحجر القول الشعري وفق قالب الوزن والقافية ومحددات الاسلوب والتعبير وكذلك القوالب الجملية وفق معايير الجمال المتفق عليها سلفا, وحتى المواضيع او الاغراض التي يقال فيها هذا الشعر. بينما حرية الابداع لاتعترف بهكذا قيود ولذلك كان المبدعين سباقين لكسر هذه القوالب ليصنعوا لنا انواعا او ابوابا اخرى في التعبير الابداعي, ولهذا ضهر التجديد الذي حورب في البداية, لكن لأصالة طرحة فرض نفسه في الاخر لياتي لنا بجماليات اخرى في التعبير وربما حتى سلاسة وسهولة في التعبير كانت تفتقدها القوالب القديمة الصارمة.ان الحجر على حرية الابداع لهو موت الثقافة والمعرفة والابداع في مجتمع يلغم طريق المبدعين ويتمسك بالعرف الموروث .
ولولا الحرية في ممارسة الابداع ,لضل مطمورا في المجهول جمالا لاحصر له, ولربما طمرت وفاتتنا اشياء جميلة كثيرة لانعلمها بسبب القيد الموروث ,لاحظ حتى كلمة بدعة مشتقة من مصطلح ابداع اذن بعض المجتمعات تعتبر الابداع الجمالي والفكري بدعة00
ان المنظومة المجتمعية برمتها وعلاقتها بالحرية العليا يمكن ان نشببها بكرة الثلج التي تتدحرج على جبل جليدي, فالكرة تمثل المنظومة ,والجليد الذي على الجبل هي النظم الجديدة التي تضاف وستضاف لاحقا لحجم هذه الكرة ,والتدحرج هو الزمن او التاريخ واما الذات البشرية فهي مغطاة ومسحوقة داخل هذه الكرة التي تتضخم وتتعملق باستمرار كلما تدحرجت هذه الكرة قدما الى الامام00 فالنظم الاجتماعية سواء دينية او قبلية او قانونية او مؤسساتية وحتى فكرية وابداعية وغيرها فهي قابلة لإضافة كل ما يضعه المشرع لاحقا لتزداد هذه المنظومة حجما اكبر وبالتالي تضغط على الذات الانسانية وفي ذات الوقت فهي سالبة لحريتة شيىا فشيىا ,,لتخلق لنا اخرا ذاتا مستلبة بالكامل00
اليوم حتى اللغة تمارس علينا شيىا من استلاب الحرية حيث ان انماط اللغة وقوالبها المحددة سلفا تجبر الانسان على التعامل والتواصل مع الاخر من خلال هذه القوالب المعدة سلفا فوظيفة اللغة هي وسيلة تواصل مع الاخرين من خلال صوتيات مبهمة متفق عليها انها ذات دلالات معينة وبواسطة هذه الصوتيات اللامنطقية والذي اعطاها منطقيتها فقط اتفاق المجموعة على دلالتها, فمن خلالها يعبر عن الافكار والمشاعر الداخلية ,ولكن لو مارس الانسان حريته ممكن ان يعبر عن افكاره ومشاعرة بصوتيات اخرى قد تكون مبهمة للاخر _اي لغة ذاتية _او حتى وسيلة اتصال اخرى غير صوتيه كاللغة الايمائية ,لغة اشارة او لغة جسدية او غيرها00
وحتى الدين اليوم بات مستلبا لحرية الفرد الروحية00فالدين في نشاته الاولى هو تفاعل روحي بين الفرد والوجود او الموجودات الكبرى _ظواهر الطبيعة وغيرها_ او الكائنات العليا المفارقة للواقع ,وسط شعورات بسيطة وافكار ذاتية تمثل معتقدات اولية ,ولربما لاحقا طقوس بسيطة جدا كالقربان الذي هو اول طقس مارسه الانسان –خوفا-اتجاه الظواهر الطبيعية لينتقل هذه الطقس الى جميع الاديان لاحقا وعابرا للازمان ليمثل حفرية اجتماعية طقسية حية00لكن اتت المنظومة الكهنوتية لاحقا لتعقد المسالة الروحية وفق اساطير معقدة شارحة او حاكية عن المشهد الروحي والمعتقد الذي بات يتشعب تشعبا غائرا في التراث والذات ووضع منظومة ليتورجيا _اي منظومة طقسية شعائرية _ضخمة جدا اثقلت الذات الانسانية والتي تشترط اشتراطات صارمة من حيث التقيد بها اولا والا فانت ان لم تلتزم بها فستحتسب خارج الجماعة المؤمنة الحقة وكذلك فيها محددات واشتراطات واجب التقيد بها لدى تأدية هذا الطقس او ذاك واي اخلال بتلك المحددات يعتبر خللا في صحة تلك الشعيرة او الطقس وبذلك يكون طقسا خاطئا وغير متقبل00
ان سلب الحرية العليا والتي سببها تعملق المنظومة الاجتماعية برمتها كان نتيجة طبيعية للاستقرار البشري وبداية انشاء التجمعات البشرية.. تاريخ سلب الحرية بدا بدايته الحقيقية مع الثورة الزراعية قبل 10 الاف عام قبل الميلاد عندما اكتشفت الزراعة في الشرق الادنى ولربما في اماكن اخرى لكن الاشارات الاثرية والتاريخية تفيد بانطلاقها من الشرق الادنى في الشام, وفلسطين تحديدا لربما او في الأناضول او في بلاد الرافدين او بتاريخ متقارب في تلكم المواطن00ومع الثورة الزراعية بدا تنظيم التجمعات البشرية المستقرة حول المحصول الزراعي المدجن والحيوان المدجن وعلى اثر ذلكم الاجتماع تاسست المنظومة الاجتماعية وفق قوانين اتفق عليها التجمع البشري لتتطور لاحقا وتتعاظم مع مرور الزمن والاحتياج البشري للتنظيم المجتمعي وحتى وصولا لثقافات الفخار ثم لدويلات المدن ثم اقامة الامبراطوريات والدول الاكبر والاكثر تنظيما وقوة وجغرافية واداراة00ومع كل ذلك المسير التاريخي نحو بناء مجتمعات اكبر واكثر تنظيما تاخذ المنظومة بالتعملق اكثر فاكثر لتسلب الحرية الفردية اكثر00ولربما بدا سلب الحرية الفردية في وقت ابكرمن ذلك , ابان قيام التجمعات البدائية القائمة ع الجمع والصيد لكن التنظيم سيكون ابسط واقل تعقيدا لذلك التقيد للحرية سيكون وفق قواعد اقل وطاة بكثير ولربما مورس الاستلاب ع الذات الانسانية منذ نشاة اللغة او اول وسيلة تواصل بداىية00فمجتمع الشنابز الاقرب لنا في سلسلة التطور ايضا يمارس على أفراده قوانين بسيطة تتعلق بتنظيم مجموعة الشنابز وتراتبية المجموعة واداة التواصل البسيطة لدى المجموعة00اذن ممكن ان نعتبر ان البداية الحقيقية لسلب الحرية الفردية كانت مع الثورة الزراعية وان الفرد كان اكثر حرية في الغابة و اكثرحرية_ نسبيا_ في مجتمع الصيادين الجامعين00
اما من يمارس الحرية الحقيقية –ولو نسبيا-اليوم, وكذلك عبر التاريخ البشري برمته _في مواقف معينة وليس دوما _فهم من يمكن ان نطلق عليهم كاسري النظم المجتمعية افاكثر الشخصيات تاثيرا في التاريخ هم كاسري النظم المجتمعية العامة سواء في الفكر او الابداع او العلم او كقادة او ابطال شعبيين او مؤسسي اديان وغيرهم ,وذلك من خلال ممارستهم لجزء من الحرية المتفردة والانقلاب على النظم السائدة في مجتمعاتهم والقوالب النمطية الثابتة, لذلك اغلبهم هم من غير في التاريخ البشري ولم يعد المجتمع الانساني بعد ثوراتهم كما كان من قبل سواء كان تأثيرهم مدويا ام اخف وطاة من غيره,محدود جغرافيا او حدثا عالميا ,محدود زمانيا او عابر للتاريخ000








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل