الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يتامى في شارع يتيم

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 4 / 25
الادب والفن


أذكر من أيام الطفولة والصبا، زيارات السياح الأجانب لسوق الصناعات الشعبية التقليدية في بغداد، سوق النحاسين، الذي يسمى شعبيا بسوق الصفافير، حيث لا تتوقف المطارق عن طرق النحاس ليصنع النحاسون منه، أوانٍ وأباريق، أو صحون ينقشون عليها صورا تمثل معالم أثرية عراقية كأسد بابل، أو المئذنة الملوية أو إيوان كسرى، كان السياح يجدون في ضجيج المطارق المتواصل على الفضة والنحاس شيئا غير مألوف يستمتعون بلا مألوفيته، ويشتري بعضا منهم قطعا كهدايا تذكارية.

الآن أشعر بشيء من الحزن، حين تطالعني على صفحات التواصل الاجتماعي، صور يضعها أصدقائي العراقيون المغتربون، عن زياراتهم لشارع المتنبي في بغداد. يؤلمني أن أراهم كسواح في بلدهم، الذي لم يعد فيه ما يزار سوى شارع يتيم، يمثل جزرة ثقافية متواضعة في محيط من مواسم الحزن ومهرجانات الكآبة، وأنا أعرفهم حين كانوا - وكنت معهم - فتيانا يتوهجون عزيمة، ويمتلؤن أحلاما وآمالا بحتمية الغد المشرق الجميل، غد العدالة والنزاهة وحب الجميع والتضحية ونكران الذات.

تغير بلدهم وشاخ، وما عادت ذاكرته تستحضرهم فتيانا بواسل أحبوه، واسترخصوا من أجله الدم وتحملوا العذاب.

هم أيضا شاخوا، وبعضهم ربما تغير، يعودون الى الوطن الأم فلا يجدون في أرجائه الشاسعة سوى شارعا يتيماً واحدا، يتوافق مع أحلامهم المتبددة. أقرأ في وجوههم شعورا عميقاً بإغتراب يجهدون في مواراته، وأنا أشعر باليتم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/