الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل يوم كتاب؛ الحفار رواية لصالح مرسي

مهند طلال الاخرس

2021 / 4 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


#كل_يوم_كتاب
الحفار رواية لصالح مرسي تقع على متن422 صفحة من القطع المتوسط والصادرة بطبعتها الرابعة سنة 1990 عن دار ابوللو للنشر والتوزيع في القاهرة.

نحن امام رواية حقيقية من ملفات المخابرات المصرية وقعت ذروة احداثها (العملية) صباح يوم الاحد الموافق 8/3/1970، وهي رواية تجسد ذروة الصراع مع العدو الاسرائيلي في فترة حرب الاستنزاف، اذ أصبحت الحرب المخابراتية والعمليات الفدائي بعد 1967 عنوان المرحلة وابرز صور الصراع في حرب الاستنزاف وهذا ما برعت فيه المخابرات المصرية بالاضافة الى بقية اذرع القوات المسلحة المصرية كسلاح الصاعقة والضفادع البشرية .

بعد نكسة 1967 خذت الأحداث تتسابق لتلقي فوق النار المتأججة مزيدًا من الوقود، ومع قيام حرب الاستنزاف، وعبور الفدائيين إلى سيناء لتدمير المنشآت الإسرائيلية وأسر الجنود ونسف المواقع... وصلت الحرب الخفية في المنطقة إلى ذروة مخيفة حقًّا.

ووسط هذا الجو الملتهب، أعلنت إسرائيل عن عزمها التنقيب عن البترول في سيناء، وشفعت هذا الإعلان بإعلان أكثر استفزازًا يقول إنها بالفعل استأجرت حفارًا لهذا الغرض وصاحبت ذلك بضجة اعلامية مزلزلة، بينما في نفس الوقت احتاطت اسرائيل في عملية شراء او استئجار الحفار وشحنه باجراءات امنية غاية في السرية والكتمان.

وبدا واضحًا للقيادة المصرية أن الغرض الرئيسي من استئجار هذا الحفار لم يكن اقتصاديًّا فحسب،...ولا استيطانيا لتثبيت اقدام الاحتلال وإنما كان هو في الدرجة الاولى الغاية منه إذلال مصر عالميًّا، وإظهارها أمام الأصدقاء والأعداء بمظهر العاجز، لا عن حماية أرضها فقط، بل وعن موارده الطبيعية.

كانت مصر تحاول أن توقف وصول هذا الحفار، ولقد قالت بوضوح أنها لن تسكت حتى ولو أدى الأمر إلى ضرب الحفار بالطيران المصري في البحر الأحمر وقبل وصوله خليج العقبة وسواحل سيناء او تدمر هذا الحفار بعملية مخابراتية غاية في التعقيد.

الالغام هنا ليست الغاما قابلة للتفجير فقط، لكنها ترتفع الى مستوى نوع من الاسرار التي تولد وتموت في صدور اصحابها، وفي ملفات لا تصل اليها يد إلا للضرورة القصوى، وفي كتمان شديد!

وهكذا، وجدت المخابرات العامة المصرية نفسها تسابق الزمن وهي كمن تبحث عن إبرة في جبل من القش، فقد يكون الحفار على شواطئ أستراليا، أو آسيا، أو أوربا، أو إفريقيا، أو أمريكا الشمالية أو الجنوبية...

أن تبحث عن حفار بترول في مكان ما على الكرة الأرضية، و تضع خطة لتدميره قبل وصوله للبحر الأحمر، أشبه بمهمة وهمية تلاعب بها الأطفال باستخدام خارطة العالم. لا يمكن تصديق القصة إلا بقراءتها بتركيز و هدوء، و الانبهار بعبقرية جهاز المخابرات المصري.

كان مطلوبًا منها أن تتعامل مع الحفار وتدمره قبل أن يعبر مضيق باب المندب، مهما كانت النتائج والعواقب، وعليه بدأت المخابرات المصرية واحدة من اغرب واعنف واعقد المعارك واشدها سرية وتعقيدا في هذا العالم السري الرهيب.

وبدأت واحدة من أغرب وأعظم الجولات، وسجلت المخابرات المصرية انتصارها المؤزر في عملية تعتبر واحدة من أهم العمليات السرية، ولقد اشتهرت هذه العملية في العالم كله باسم: «عملية الحفار».

عملية الحفار كانت تمثل معركة الكرامة الوطنية لمصر ونجحت فيها مصر نجاحا باهرا وقدمت نموذجا للعمل المخابراتي الوطني المتفاني بخدمة الوطن والحرص على مصالحه دون ادنى تردد ببذل الغالي والنفيس لاجل ذلك، كل هذا كان مرفقا بكوادر وضباط وقيادات على مقدرة عالية في الحنكة والذكاء ومقدرة عالية في ادارة العمليات المعقدة المتعددة المسالك والدروب والاحتمالات.

عملية الحفار معركة مريرة اشتعلت فيها حرب العقول، ووصلت الى ذروة حبس بها العالم انفاس، فكانت واحدة من اهم العمليات السرية في القرن العشرين، ولقد تحدثت عنها التقارير الصحفية عبر العالم كله، وعلقت عليها معظم الدول ، وتحدثت عنها كل الاطراف، ما عدا مصر، التي لزمت الصمت طوال خمسة عشرة عاما كاملة، وعندما تحدثت مصر كان هذا الكتاب.

لم يفت الكاتب صالح مرسي ان يعبر عن بالغ سعادته في مقدمة الكتاب لكل قاريء يتواجد بين يديه هذا الكتاب، وله اسبابه في ذلك واهمها ان هذا الكتاب وامثاله من الصعود الى الهاوية ودموع في عيون وقحة ورافت الهجان وغيرها كل منها يعتبر قرعا لجدران الخزان، وبحيث يكون شعاع ضوء يكشف خرافة الاسطورة التي زرعتها المخابرات الامريكية والاسرائيلية في نفوس الكثيرين في وطننا العربي، اسطورة المخابرات الاسرائيلية التي لاتُقهر!! وحتى يعرف القاريء العربي انا الانسان العربي لم يفقد جوهره النبيل، وان الامل في تحقيق النصر ليس ضربا من المستحيل، وان عليه مواصلة الصراع للتغلب على كل امواج الاحباط واليأس...

بقي ان نشير الى سيرة الكاتب والروائي والوطني الغيور والمتحفز والمحفز صالح مرسي بشيء من التقدير والعرفان، كيف لا وهو صاحب الفكرة النبيلة والسامية وصاحب الهمة والعزيمة الباقية.

صالح مرسي من مواليد مدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية بمصر 1929 والمتوفي سنة 1996، كان يعمل مع جهاز المخابرات العامة المصرية فيما يخص الروايات الخاصة بالجهاز، ويعتبر من المدنيين الذين عملوا مع المخابرات المصرية.

صالح مرسي مبدع من طراز خاص أطلق عليه رائد أدب الجاسوسية، ليس لأنه أول من كتب فيه، لكنه أول من برع في كتابته، حيث يعاني هذا النوع من الأدب في العالم العربي الذي يعتمد على الروايات المنقولة من ملفات المخابرات، من ندرة في عدد الكُتاب الذين تصدوا لخوض تجربة كتابة قصص مستوحاة من هذا العالم الغامض، الذي يتمتع بقدر كبير من السرية بسبب طبيعته الخاصة .

اقتحم «مرسي» عالم أدب الجاسوسية فى أواخر السبعينيات، وبدأ بكتابة مسلسل للإذاعة عن جاسوس مصري كان يعمل لصالح إسرائيل بسكرتارية المؤتمر الأفروآسيوى من واقع ملفات المخابرات، ثم نشر رواية «دموع في عيون وقحة» كقضية في مجلة المصور، بعدها عرض عليه كتابة عملية "الحفار" كرواية فأثار ذلك مخاوف «مرسي»، وعلل ذلك بأن أغلبية كتابات الجاسوسية إما وقائع تسجيلية، أو خيال مطلق، ولكنه قرر خوض التجربة، وكانت شاقة جدا خصوصا بعد مقابلته لأبطال العملية الحقيقين، والتحدث معهم عن تفاصيل العملية الحقيقة .

ومن اهم اعماله:
دموع في عيون وقحة رواية من ملفات المخابرات المصرية.
رأفت الهجان، الجزء الأول 1987، الحزء الثاني 1990، الجزء الثالث 1991، رواية من ملفات المخابرات المصرية.
الحفار رواية من ملفات المخابرات المصرية.
الصعود إلى الهاوية، 1978، رواية من ملفات المخابرات المصرية
أنا قلبي دليلي
زقاق السيد البلطي
البحار موندي
الكداب، 1975، فيلم
صور من مصر
قصة زواج عصري
رواية المهاجرون
حرب الجواسيس رواية من ملفات المخابرات المصرية.
حب للبيع
الخوف
سمية فهمى
هم و أنا
السير فوق خيوط العنكبوت
البحر
ثورة اليمن

صالح مرسي مبدع من طراز فريد، نجح بتوظيف الادب كأداة للمقاومة والرفعة والعفة والجمال، صالح مرسي كتب وارخ ووثق لملاحم وطنية تسهم في التعبئة الوطنية بشكل كبير، وقدم لمكتبتنا العربية نصوصا ادبية وملاحم وطنية تستحق ان تزين رفوف مكتباتنا بجدارة.

صالح مرسي ومن على شاكلته قليلون جدا، لكننا نحبهم بشدة، وذلك مرده لاننا نعرف ان امثالهم لا توجد كلمة مستحيل في قاموسهم ولا يحبوا ان يسمعوها حتى، فتلك الكلمة لا تتواجد إلاّ في قاموس الضعفاء، هذا ما قاله نابليون وهذا ما نؤمن نحن به ايضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا