الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوامل تراجع الواقع التربوي في العراق بعد 2003

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 4 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اعتبر العراق حسب المنظمات الدولية المتخصصة من اسوأ بلدان العالم في مستوى وجودة التعليم , حيث تراجع التعليم كثيرا بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 والى اليوم فهو يسير بخطى حثيثة نحو الكارثة . وقد ساهمت عدة عوامل في هذا التراجع اولها تفشي الفساد في وزارة التربية كباقي الوزارات العراقية الاخرى وبدون رادع, وابرز مؤشر على ذلك الفساد هو عقد طباعة الكتب المدرسية حيث سبق وان تم شراء اجهزة طباعة من المانيا لغرض طباعة الكتب المدرسية في العراق وبمبلغ 22 مليون دولار , بينما سعرها الاصلي 15 مليون دولار حسب التقارير ووزعت السبعة ملايين دولار بين الفاسدين.؟ غير ان المطبعة لم تدخل الخدمة بسبب معارضة بعض الفاسدين في وزارة التربية الذين لهم ارتباطات بالأحزاب المتنفذة وبالتالي تم احالة طباعة الكتب المدرسية الى مطابع خاصة تعود ملكيتها الى أولئك الفاسدين بعقود تصل الى ملايين الدولارات , غير ان كثير من مدارسنا تعاني من النقص في التجهيز بالكتب والقرطاسية ولكل عام على الرغم من صرف ملايين الدولارات لطباعة تللك الكتب والتي تتم طباعتها بورق رديء ما يعرضها للتلف السريع بهدف اعادة طبعها كل عام لأغراض الربح بدلا من طباعتها بجودة عالية لتستمر لأعوام. وقد اثر هذا النقص في الكتب والمناهج الدراسية سلبا على المستوى التعليمي للطلاب , وقد تمر فترة طويلة من العام الدراسي دون حصول الطلاب على كتبهم وقرطاسيتهم والمتمكن منهم قد يلجأ الى شراءها من باعة الكتب المتوفرة لديهم والمفقودة من مخازن التربية وبأسعار عالية لا يتمكن اولياء امور الطلبة من ذوي الدخل المحدود من شرائها خاصة اذا كان لديهم اكثر من طالب في المدرسة . ان أمر توفير الكتب والقرطاسية من مسؤولية الدولة ووزارة التربية. خاصة وان هناك عائلات فقيرة قد تجبر ابنائها على ترك المقاعد الدراسية بسبب عدم قدرتهم المادية في توفير ما يحتاجه ابنائهم في المدارس .
يلاحظ ايضا انهيار البنى التحتية للتعليم وتعرض ابنية المدارس والجامعات والمعاهد ومراكز الابحاث والدراسات العلمية وابنية المكتبات العامة الى عمليات سلب وحرق وتخريب في احداث 2003 وما بعدها, وكشف تقرير لوزارة التربية عام 2009 عن وجود 6690 مدرسة بحاجة الى ترميم و 6879 مدرسة غير صالحة للاستخدام واشار التقرير الى الحاجة لبناء 1600 مدرسة ابتدائية ومتوسطة واعدادية واليوم ازدادت الحاجة لبناء المزيد من المدارس بسبب زيادة اعداد السكان . ومعظم مدارسنا اليوم تعاني من نقص الماء الصالح والحمامات الصحية النظيفة وتردي التجهيزات والمعدات الكهربائية ونقص المراوح والانارة وضعف الاهتمام بالنظافة والافتقار الى زجاج النوافذ ونقص الرحلات حيث يفترش الطلاب الارض في بعض المناطق الى جانب وجود مدارس طينية واكتظاظ الصفوف بأعداد غفيرة من الطلبة ونقص الملاكات التدريسية والتعليمية وخاصة لبعض المواد كالرياضيات والفيزياء واللغة الانكليزية وغيرها .اضافة الى بعض الادارات السيئة وغير الحريصة والفاسدة .فكيف سيكون التعليم بمستوى جيد في ظل هذه السلبيات وعدم اهتمام الحكومة ؟
لقد انعكست هذه الاوضاع السلبية في التعليم على مستوى الطلبة وقدراتهم اللغوية والعلمية بشكل كبير اضافة الى تفشي المعتقدات الطائفية المتطرفة وتفاقم الغيابات والتسرب من المدارس لأسباب اقتصادية وتفشي الامية والجهل بعد ان كاد العراق يقضي عليها عام 1991.
وسجلت الحكومة العراقية اسوأ سلوك لها تجاه التعليم حينما عجزت عن طبع المناهج الدراسية للعام 2015 – 2016 وحملت الطلبة واسرهم مسؤولية توفيرها علاوة على عدم توفيرها مباني مدرسية وتبديد الاموال المخصصة لذلك ضمن ملفات الفساد. كما انتشرت في العراق ظاهرة الدروس الخصوصية على نطاق واسع وعلني في ظل تغاضي الحكومة. الى جانب المدارس والكليات الخاصة التي تثقل كاهل العائلات ضمن سياسة الحكومة بخصخصة التعليم.
يلاحظ ايضا الطبيعة الطائفية التي سيطرت على واقع التعليم في العراق حيث تجبر الفتيات على ارتداء الحجاب وبعض المدارس تعلم اللطم وصلاة الجنازة وبث سموم الطائفية ومنع الاختلاط في المدارس وتحريمه . اذكر في سبعينات القرن الماضي وعن تجربة شخصية كانت المدارس التي عملت فيها مدرسا في ثانوية العزير وثانوية المجر الكبير في محافظة ميسان وثانوية ام قصر في البصرة مدارس مختلطة بالجنسين ولم تحدث فيها اي مشاكل جراء الاختلاط وكذلك الحال في اعدادية الفاروق المسائية في محافظة البصرة كانت مختلطة وكانت الدروس الخصوصية محرمة وتؤخذ التعهدات على المدرسين بعدم ممارستها. كما لم تكن هناك اية توجهات طائفية في مدارسنا كما هي اليوم .
من الضروري اليوم العمل على اصلاح المنظومة التربوية والتعليمية في مختلف مراحلها واعتبار هذا القطاع من الأولويات المهمة وتخصيص الموارد المالية والمادية والبشرية اللازمة له مع توفير الابنية المدرسية وفق المواصفات العالمية, واعتماد فلسفة تربوية – تعليمية تقوم على قيم المواطنة وعلى تعزيز الفكر التنويري ونقل المعارف المستندة الى احدث ما توصلت اليه العلوم في جميع مجالات المعرفة وتنمية قدرات الطالب على التفكير النقدي وعلى فهم واستيعاب منجزات العلم والحضارة المعاصرة واعادة النظر في نظام ومناهج التعليم وطرائق التدريس بما يتفق وتأمين مستلزمات التقدم التقني والمادي وارساء قاعدة تعليمية متطورة وتشجيع البحث العلمي والابتكار وربط العملية التعليمية بعملية التنمية الشاملة في البلاد واهدافها الكبرى وادراج تعليم المعلوماتية ضمن المناهج في مرحلة مبكرة واشاعة استخدام وسائلها في المدارس . وعلى وضع خطط علمية لاستكمال عملية مكافحة الامية وضمان مجانية التعليم في المراحل الدراسية كافة وتفعيل الزاميته في الدراسة الابتدائية ومعالجة ظاهرة التوسع المتنامي للتعليم الاهلي واثاره على النظام التعليمي ككل. مع شمول مرحلة رياض الاطفال بالسلم التعليمي والزامية التعليم على وفق ما جاء في الدستور. وضرورة اصلاح التعليم العالي والعمل بمبدأ استقلالية الجامعات وصيانة الحريات العامة فيها , خصوصا حرية الطلبة في التعبير عن مطالبهم وطرح مشاكلهم وفي اختيار ممثليهم وعلى ترسيخ ثقافة التعدد واحترام الرأي الاخر ونبذ الاقصاء والتهميش ورفض التعصب والتطرف بكافة اشكالهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف