الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن التعايش مع إسرائيل حقاً ؟!

عماد يوسف

2006 / 8 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


الحرب التي تدور اليوم في لبنان ليست أولى الحروب الإسرائيلية، ومن المؤكد أنها لن تكون الأخيرة، فقد كان الفشل هو النتيجة الحتمية لكل الإختبارات والفرص التي مرّت فيها إسرائيل في مفاوضات السلام التي حكمت الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى الرغم من كل المناسبات التي كانت بمثابة اختبار حقيقي لإسرائيل حكومة وشعباً لإثبات نواياهم الداخلية حول شكل ومستقبل الحياة التي يريدونها في المنطقة " والحق يقال بأن الجانب العربي قد قدّم اعترافاً جلياً واضحاً بوجود إسرائيل ككيان ودولة وحقها في الحياة على الأراضي التي احتلت قبل الخامس من حزيران عام 1967 " ، وعلى رغم كل ذلك لم تلقى هذه المبادرات النجاح، فالأرض مقابل السلام هو المبدأ الذي طرحته أغلب المبادرات العربية على كل الجبهات . ولكن ماذا عن إسرائيل ؟ هل قبلت يوماً لشعوب المنطقة ما ترتأيه لشعبها من استحقاقات حضارية معاصرة.؟! لقد أثبتت كل التجارب والمفاوضات التي مرّت بها جميع الدول العربية بأن إسرائيل لن تتنازل عن شوفينيتها و فوقيتها، ونظريتها القائلة بأنهم مختارون وقد اصطفاهم الله دوناً عن شعوب الأرض قاطبة، وتحت هذا الشعار العنصري اندرجت معطيات ومبادىء كثيرة وجهت وتوجه دفّة السياسة الإسرائيلية !
لايختلف الأداء السياسي الإسرائيلي عن هذه المبادىء، و هي تلقى تأييداً واسعاً من الشارع والمجتمع الإسرائيلي، و الرعب الحقيقي يكمن في بنية العقل الصهيوني، الذي لا تنفع معه لا خطوط سياسية ولا خطوط دبلوماسية ، فهم مراوغون حتى في أدق تفاصيلهم، وكاذبون، وجميعهم متشابهين في الأداء، والتطرف، ونظرتهم الدونية إلى العرب بوصفهم رعاع ، و هم عالة على الحضارة والإنسانية ..! وهذا كله مبني على نفس العقلية التي تتمتع بكل الخصائص التي يتحلى بها هؤلاء السياسيون، أوليس بن غوريون ودايان وغولدا مائير وبيريز ونتياهو وباراك وشارون واولمرت، وجهاً لشخص واحد لا يختلف بأي تفصيل مهما كان دقيق عن الآخر، أليست مجزرة قانا عام 1996 و2006 هي نفسها مجزرة دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وغيرها وغيرها وغيرها ...؟؟!
لقد كرّ س الكثير من المفكرين الفلسطينيين حياتهم لقلب المعادلة في المنطقة والرضوخ للأمر الواقع بقبول دولة إسرائيل، قدموا الكثير من الأفكار التي لم تلقى لها قبولاً لدى الطرف الإسرائيلي، كان منهم المفكر إدوارد سعيد الذي قضى حياته يطالب بتعايش إنساني بين دولتين، ثم المفكر عزمي بشارة الذي فضّل أن يناضل من قلب الكنيست الإسرائيلي، ومنهم هشام شرابي، والشاعر الكبير محمود درويش وغيرهم وغيرهم كثر من رواد ونخبة الشعب الفلسطيني والعربي، وفي الجانب الآخر لم نرَ مفكراً إسرائيلياً واحداً يطرح ماطرحه نظرائه الفلسطينيون، ولم نرَ يوماً الشعب الإسرائيلي يهب متظاهراً معتصماً مطالباً بحياة مشتركة مع شعوب المنطقة، تنتفي فيها نزعات القتل والإلغاء لللآخر المختلف في الدين والعرق، ونزعة التفوق العرقي التي يمارسها الإسرائيليون على كل شعوب العالم، بل ما رأيناه كان على العكس تماماً مما يتوقعه المرء من مجتمع من المفترض أن تقبل به وتتعايش معه، مارأيناه هو نزعات متزايدة للقتل والتدمير، كان آخرها تصويت الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية على استمرار الحرب على لبنان بالرغم من مجزرة قانا الفظيعة والتي لايمكن لكلمات اللغات أن تعبر عن فظاعتها، وقبل ذلك كانت فتوى حاخاماتهم بجواز قتل المدنيين والأطفال بحسب التوراة، ومنذ زمن ليس ببعيد كان الجدار العازل الذي يعبر عن الفكر الحقيقي والذي لا يمكن أن يتبدل لبني إسرائيل، وقبل عشر سنوات خرج من شذ ّ عن الطوق الإسرائيلي وطالب بالسلام الشامل، وأبدى استعداده لإعادة الأرض، وكاد أن يصل إلى هدفه، ولكن اليد الإسرائيلية الصهيونية المتطرفة كانت سبّاقة، وقتلت اسحاق رابين الذي شذ ّ عن مبادىء الصهيونية، وأغلب الظّن بأن أحداً في إسرائيل لم يترحم عليه ولا حزن على موته بإستثناء زوجته ربما وعائلته المقربة ..!
فأمام هكذا واقع، كيف يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور، وكيف يمكن أن نأمن الطرف الإسرائيلي، فتجربة قطاع غزة ماثلة أمام أعين الجميع، اتفاق سلام ’يلغى في ساعتين وتعود الدبابات لاصطياد الأطفال الفلسطينيين وقتل كل مقومات الحياة في المجتمع الفلسطيني على قلّة موارده وفقر امكاناته، هم يفهمون السلام هكذا ، أن يبقوا متفوقين لا يسمح لغيرهم حتى بالتعبير عن مآسيه وآلامه، فهل يمكن قبول هذا المنطق ؟ وعلى فرض قبوله من قبل السلطات السياسية العربية في المنطقة، كما حصل في مصر بعيد اتفاقيات كامب ديفيد 1979، ومع الأردن بعيد اتفاق وادي عربة 1994 واتفاق أوسلو مع عرفات 1993، ولكن كل هذه الاتفاقات لم تعبر عن ارادة شعوبها، والدليل على ذلك أن كل الشعوب العربية اليوم تنادي بمحاربة إسرائيل، ودحرها، بل وذهبت بعض الدعوات إلى تدميرها وإلغاءها من الوجود، فكيف والحال هذه يمكن لهذه التراكمات التي لا تغتفر أن تنسي شعوب المنطقة جروحها وتتعايش مع شعب يلبس ثوب الذئب المستشرس الذي يرى شعوب المنطقة قاطبة نعاجاً لزمن جوع قادم ! القضية هنا بالغة التعقيد، والصراع ليس صراعاً تقليدياً عادياً، فهناك عوامل عديدة تحكم هذا الصراع لتجعله من أكثر الصراعات إستثناءً في تاريخ البشرية ربما، فللتاريخ قسطاً كبيراً في هذا الصراع، وكذلك الدين والجغرافيا وصراعات القوى العالمية في منطقة لكالما كانت مركزاً لاستقطابات القوى الكبرى، ومرتعاً للنزاعات الإقليمية تمتد سنوات طويلة في عمر التاريخ القديم، وتدخل فيه المذاهب والبنية الاجتماعية والثقافية والحضارية لأبناء المنطقة، كل هذا وهناك المزيد من العوامل التي تسم هذا الصراع الغريب والفظيع في آن، فهل ستكون حرب الجنوب آخر حروب إسرائيل؟ وإذا كان هناك من هدنة أو سلام في المنطقة، ألن يكون سلام الرماد الذي يغطي تحته جمرات حارقة من نار جهنمية ..؟؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل