الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مسودات مدينة -:خرابٌ أينما ذهبت.

عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).

2021 / 4 / 28
الادب والفن


يخضع كتاب " مسودات مدينة " لعبد اللطيف الحسيني إلى أكثر من بحث على المستوى المعرفي العميق في جذور مدينة هي باقية منذ آلاف السنوات في الذاكرة الجمعية الحميمة التي تلهبها رخاوة الأرض و هشاشة الحجر وهو ينمط بطريقة متخبطة ومهزوزة من جميع الجوانب كما هي المدينة عليه .
و المدينة ليست معرفة الأمكنة وما يتبعها من تفاصيل ، بل هي استيراد الحضارة الخالية من الانتصارات والعمارات التي شيدوها لتبقى أثراً باقياً لا مسكناً هاديا.
"مدينة عامودا" موضوع الكتاب والتي أخفاها هؤلاء التاريخيون قدام أعين الأريين كي تبقى أقل من مدينة أو خيال مدينة، وليست ميراثاً لأحد أو قاعة واقفة أبدية ،وكأن عبد اللطيف من خلال هذه المسودات ، يشيد بإنجازاتها الخفية أو خيباتها الواضحة للجميع ، يفتح ألف كيلومتر من العراء أمام الميديين الجدد الذين لا يريدون لأحد العبور من سمائها أو تحت جلد الأرض حيثُ خُبئت فيها مهارة مئات الرجال الذين قتلوا في ترتيب اسمها أو عنوانها .
و الذي يميز( مسودات مدينة) هو ذلك الصخب ( الصامت) لهضبة شرمولا الواقفة على طرفٍ مهمل من المدينة المنسية ، وهي هضبة مستحيلة الصعود عليها لما عليها من تراب سميك و نباتات الشوك التي تدمي الأرجل كما تدمي القلب والنظر إلى جوانبها المترامية خلف حقول الحنطة المندفعة نحو الشمال من تركيا :
"شرمولا الآن ، يسهل على الصبي صعود قمته ،ويصعد عليه اللعب فوقه لفقره وموته ،ليس فوقه إلا مساحة صغيرة متشققة تخاف أن تبتلعك ، تخاف أن تتجه إلى اليمين و اليسار ، تخاف أن تقودك قدماك على إلى اليمين أو اليسار ، وتسقط في هوة أو تتدحرج من فوقه كما حجرٍ يتزحلق من فوق منحدر" وأكثر رموز عامودا حضوراً في الكتاب هو نهر الخنزير الهادر من تركيا دون مراقبة أي سهل أو أية رابية ، نهر ينحدر بخجلٍ مميت ، كأنه نهر دم يراق للتو على أرض مراقة من قبل ،نهر له دلالته الخاصة: الدلالة المكانية و الاجتماعية ، وهو النهر الذي قُتل فيه خنزير ذات يوم إذ ليس نهراً طبيعياً إذا ،بل فيه مسٌّ جنوني وأن قتل فهو عصبيٌّ في قتلهِ ،ساحرً لو أردت زيارته ذات ليل ، فسوف لن تلتقي به هكذا وهو مسترخٍ على طرفيه ، سوف يجرك نحو شمال آخر حيثُ نهايتك هناك ، وحيث المكان المعادي الذي ينشف ساكني هذه المدينة "عامودا " ويسرد عبد اللطيف في كتابه محاولاً فك رموز ودلالات معاني هذه المدينة عبر أشخاصها التاريخيين الذين أبقتهم الحياة في زوايا مظلمة لا يبارحون أمكنتهم قط ومن هذه الشخصيات "شيخ عفيف "و"طريق الأشجار و"مقبرة عامودا" و"شخصيات هي خارجة عن الزمان والمكان كان لها دور في تأليف معجم ."مسودات عامودا "إحاطة بمملكة تسقط يومياً تحت براثن النسيان ،ولا أحد ..لا أحد ..يلمها في كتاب روحه ..
إن مسودات مدينة هي روح عبد اللطيف الحسيني وقد تناثرت على هذه المسودات .
إبراهيم حسو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج