الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عصر الاتحادات و التكتلات الاقتصادية الدولية الكبيرة ( 1 )
آدم الحسن
2021 / 4 / 29مواضيع وابحاث سياسية
بعد الحرب العالمية الثانية و ليومنا هذا تسعى دول عديدة لتشكيل اتحادات أو تكتلات اقتصادية كبيرة تهدف من خلالها الحصول على منافع اقتصادية و تجارية و تحقيق تنمية اكبر و اسرع و ذلك من خلال توسيع و تطوير التعاملات التجارية و تبادل المعرفة في مجالي العلوم و التكنولوجية بين اعضاء هذه التكتلات و ضمن اطورها .
من اهم هذه التكتلات الاقتصادية التي اصبح لها تأثير متنامي على مسيرة الاقتصاد العالمي هي الاتحاد الأوربي و منظمة شنغهاي للتعاون .
الاتحاد الأوربي : يضم هذا الاتحاد حاليا , بعد خروج بريطانيا منه , 27 دولة اوربية تقودها اقتصاديا المانيا و فرنسا و يشترط في الدولة التي يمكن لها أن تنتمي لهذا الاتحاد أن تكون من الدولة الأوربية ذات نهج يتوافق مع المعايير التي وضعها هذا الاتحاد لنفسه .
يختلف هذا الاتحاد عن باقي الاتحادات و التكتلات كونه يسعى لتشكيل امة اوربية موحدة متنوعة الثقافات و الأعراق , فهو ليس اتحادا اقتصاديا بحتا و انما هو اتحاد اقتصادي ثقافي سياسي يسير باتجاه الاندماج الطوعي التدريجي للدول الأعضاء فيه لتكوين هيكل دولة جديدة ناشئة ذات نمط جديد قد يكون اسمها الولايات المتحدة الأوربية , أو الدول الأوربية المتحدة أو اي اسم آخر له نفس الدلالة .
فبعد النجاح الذي حققه الاتحاد في رفع الحواجز الجمركية و القيود و الرسوم على التجارة البينية للسلع و الخدمات بين دوله باشر بإصدار عملة موحدة (اليورو ) لهذا الكيان و انشاء بنك مركزي اوربي ضم لحد الآن 19 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي تحت مسمى دول منطقة اليورو التي وقعت على اتفاقية ماسترخت و كنتيجة لذلك تخلت الدول الموقعة على هذه الاتفاقية تماما عن عملاتها الوطنية و اعتمدت اليورو بدلا عنها .
إن النتائج المتوقعة من الدخول في منطقة اليورو تشبه الى حد كبير الأواني المستطرقة فالاقتصاد الأضعف يحصل على مكاسب على حساب الاقتصاد الأقوى و قد قبلت المانيا و فرنسا التضحية ببعض المكاسب بسبب اسنادهما و دعمها لاقتصاد الدول الأضعف كاليونان مثلا حيث كانت الإرادة السياسية و وعي شعوب هاتين الدولتين من أن الذي يريد مستقبل افضل لاوربا موحدة ذات اقتصاد قوي يعوض الدول التي فقدت بعض المكاسب و يحقق نموا متصاعدا لكافة دول الاتحاد عليه التضحية من اجل ذلك .
اما الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي التي لازالت خارج منطقة اليورو فهم صنفين :
الصنف الأول : بشمل دول غير مستوفية للشروط و المعايير التي تؤهلها للدخول في هذه المنطقة و عليها أن تنتظر لحين توفر تلك الشروط و تمكنها من تحقيق تلك المعايير و من بين هذه الشروط و المعايير معدل دخل الفرد من الناتج المحلي , مستوى تطور قوى الإنتاج , معدل مقبول من التضخم , نسبة بطالة لا تزيد عن حد معين , قَدرْ محددة للعجز في الميزانية الحكومية و غيرها من المعايير .
الصنف الثاني : يشمل دول مستوفية للشروط إلا انها لا ترغب في الدخول في منطقة اليورو في المرحلة الحالية لأنها غير مستعدة لفقد بعض المكاسب لصالح دول اضعف منها اقتصاديا و معدل دخل الفرد فيها ادنى منها .
لقد تجاوزت دول منطقة اليورو المراحل الصعبة من عملية دمج النظام النقدي لهذه الدول في نظام نقدي موحد و كانت النتائج بعكس توقعات المتشائمين الذين شككوا بإمكانية نجاح عملية دمج الأنظمة النقدية لدول متباينة القدرة الاقتصادية بنظام نقدي موحد ليس هذا فحسب و انما قد اصبح واضحا ايضا من أن منطقة اليورو ستتوسع و ذلك لسببين اساسيين :
السبب الأول : هو أن الدول الغير مستوفية للشروط و المعايير للدخول في هذه المنطقة تعمل بكل جد للتغلب على المصاعب التي تحول دون دخولها لأن مصلحتها هي في الانضمام لهذه المنطقة و هي المستفيدة من الدخول بالإضافة إلى أن هذه الدول تتلقى الدعم من دول منطقة اليورو لمساعدتها في تجاوز هذه المصاعب .
السبب الثاني : هو أن الدول التي امتنعت بموجب استفتاء شعبي من الدخول في هذه المنطقة كالدنمارك على سبيل المثال تجد أن مكاسبها في الدخول تصبح يوما بعد يوم اكثر من خسارتها و حين تتساوى المنافع مع الخسائر المترتبة على الدخول في منطقة اليورو و حين تصبح المنافع هي الأكبر عندها سيختار الدنماركيون الدخول في منطقة اليورو في استفتاء قادم لأن بقائهم خارج منطقة اليورو سيصبح ليس فقط غير مبرر و إنما سيكون مضرا على انتعاشها الاقتصادي .
اما في مجال رفع الحواجز عن حركة مواطني دول الاتحاد الأوربي فقد حققت اتفاقية شنغن حرية كاملة لحركة المواطنين و المقيمين في الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية و عددها 26 دولة حتى اصبح من ينتقل من احدى هذه الدول الى اخرى يشعر و كأنه يتحرك من مدينة الى مدينة اخرى من نفس البلد .
ليس من المستبعد أن نجد بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوربي و هي تطرق باب الاتحاد الأوربي للدخول فيه من جديد إذ إن خروجها الحالي من الاتحاد هو خروج جزئي حيث بقت السلع و الخدمات المتبادلة بين بريطانيا و الاتحاد الأوربي بموجب اتفاقية خروج بريطانيا معفاة من الرسوم الجمركية بالإضافة الى وجود مؤشرات حقيقة لضغط داخلي من قبل اقليمي ايرلندا و اسكتلندا البريطانيين للعودة للاتحاد الأوربي أو أن يكون الخيار الأخر هو خروج هذين الإقليمين من المملكة البريطانية المتحدة و انضمامهما الى الاتحاد الأوربي .
منظمة شنغهاي للتعاون : هذه المنظمة التي تنمو و تتطور اقتصاديا و تنمويا بوتائر عالية هي نواة لأتحاد اسيوي يتشكل بقيادة الصين , تضم هذه المنظمة حاليا ثمانية دول اسيوية هي الصين و روسيا و الهند و باكستان و اربعة دول من اسيا الوسطى و تشترط هذه المنظمة في الدولة التي يمكن أن تنتمي لها أن تكون من الدول الأسيوية وقد وضع الأعضاء المؤسسون لهذه المنظمة اهداف و مسارات لنشاطاتها في هذه المرحلة تتعدى كونها اهداف اقتصادية و هذه الأهداف و النشاطات قابلة للتطوير و التحديث مستقبلا و قد يمكنها تدريجيا من التحول الى رابطة بين دون مستقلة و في هذه النقطة تحديدا نلاحظ أن اهداف منظمة شنغهاي لا تشبه اهداف الاتحاد الأوربي الذي يسعى لأن يكون هيكل لأوروبا موحدة اقتصاديا و سياسيا يتخلى اعضائها عن الجزء الأكبر من سيادتها الوطنية لصالح السيادة الأوربية .
(( يتبع ))
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي
.. صدامات بين الشرطة وإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم
.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية ليلية تستهدف مناطق في مدينة ر
.. احتجاجات حرب غزة تقاطع حفل تبرعات للرئيس بايدن
.. ضربات إسرائيلية على مدينة حلب تسفر عن مقتل 38 شخصا من بينهم