الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سومرية بين جدلية حب الوطن والحبيب في... (وأقشر قصائدي فيك) للشاعرة رند الربيعي مقاربة نقدية

طالب عمران المعموري

2021 / 5 / 1
الادب والفن


مجموعة شعرية بعنوان وأقشر قصائدي فيك ( And so I peel my poems at you) ط1 صادرة عن دار تأويل للنشر والترجمة 2021
المجموعة بغلافها الذي زين بلوحة فنية ومدخل موحياً ومفتاحاً إجرائياً في التعامل مع النص في بعديه الدلالي والرمزي للولوج الى أغوار النص العميقة، لوحة تشكيلية قد علقت على جدار تعكس ايقونة فتاة قد اقتطع جزء من وجهها تحمل في طياتها الم وحزن يخترق فضاء المكان والزمان
اقف ابتداءً عند العنوان بما يحمله من اللغة الدلالية التي جاءت محبوكة بالبلاغة (واقشّر قصائدي فيك ) جملة فعلية مسبوكة بالبيان ، توحي بالحركة والديناميكية 1
وهو العتبة الاولى للنصوص وبما له دور مهم مع النص في تشكيل الدلالات ووظيفة تأويلية من خلال المد العاطفي والرومانسي ومستأنفا للوحة المعبرة مبتدأ بواو الاستئناف او واو الابتداء(وأقشّر) عنوان يحمل (التجريدية) تحاول ان تضع فلسفتها التجريدية في ابداعها الانساني والنفوذ عميقا بمشاعر وجدانية صادقة يفتح لنا باب الولوج الى عوالم نصوصها الشعرية وبإيقاع داخلي التي تعبر عن حزنها الطاغي من معاني لهيب الاسى والاحتراق والوجع والآهات بلغة انسانية شفيفة تنطوي على مضامين وجدانية ،وهي تقشر قصائدها ببوحها الصريح والجريء دون مرواغة.
عنونة شعرية مائزه ولافتة وهو العتبة الاولى للنصوص وهو أقرب للومضة الشعرية والتي تعرف على انها "لحظة أو مشهدٌ أو موقفٌ أو إحساس شعريّ خاطف يمّر في المخيلة أو الذّهن تصوغُهُ الشاعرةُ بلغة انزياحية ومفارقة لفظية .
وانا اتأمل ذلك التدفق العذب من لسان الشاعرة انثيالا جميلا
عبر منلوج داخلي في سيل متدفق انثيالات بوح.. نبش الذاكرة فتمطر عليها وابلا من المفردات الرومانسية والعاطفي العذبة والرجوع بطريقة الفلاش باك تفاصيل دقيقة وحنينها للحبيب وذاكرة المدينة بيئتها الجنوبية التي يتجلى ذلك في استهلال مجموعتها بعنوان 2:
(ذاكرة) :
حين تظاهرت بنسيانك لقبلة على الشفاه
كنت انا غارقة في التذكر
في مكان البوح
ورذاذ عطر مناديل الليل
كل تلك البقع السوداء على قمصانك حرائق شوق
لمشاكسة رجل خمسيني
ينعم بعّد كم شعرة علقت بقميصه
ومن المناصات 3 المهمة الاخرى الاهداء بما له اثر في نتاج الدلالات كعنوان استهلالي والتي من خلالها التعرف على البعد السيكولوجي للشاعرة ومصدرا مهما في ارهاصاتها الشعرية العميقة وبمفردات انزياحية تشكل صورة شعرية وخروجها عن المألوف واللغة النثرية المباشرة :
الى ...
كل نخيل الارض
من أول نخلة زرعت في قلب هذا العالم
وحتى أمي التي شاخ جريدها وما انحنت أبدا
0
0
0
كن بخير
ومن خلال قراءتي لمنجزها الشعري (واقشر قصائدي فيك ) أجد ها شاعرة ملهمة شفافة مليئة بالعاطفة والرومانسية وحبها للوطن وتفاخرها بسومريتها وبيئتها الجنوبية الاصل ، كما أستلهمت التأريخ وشخصيات وأساطير ، كما في النص ( سومريات) ص89:
أي جينات هذه التي احملها؟!
أشم عطر القصب والبردي عل مسافة يوم ،
سومرية أنا بامتياز ،
لم تنل مني المدينة ولا اتكيتات بغداد
فيرتعد كلي
كناسك في محراب ،
حين يعتلي الجرغد رأس أمي
أو أرى المشاحيف في لوحات عبد الرضا الخياط
رائحة خبز أمي تحملني في عربات شبعاد
تنور الطين
أما على مستوى النصوص فان اللغة ،عند الشاعره رند الربيعي، ففيها من الجمال والصور الشعرية مليئة بالإنزياحات اللغوية ومن استعارة ومجاز واضداد وأنسنه للأشياء والامكنة ومفارقات لفظية تبهر المتلقي كما في بعض العنونة التي وردت في المجموعة :
موعد مع ظلي /سراب /كلي جرح / ياحريمة /لهيب الاسى /ارتديت الحزن مرتين /...
تمتاز بانزياحها، عن كل ما هو عاد ومألوف، حيث ترتدي من الإيحاء، والرمز والتشبيه والاستعارة، ما يجعلها متميزة. مما يخرجها عن المعتاد والمتداول.نرى ذلك جليا في جملها :
قبلات معتقة/ يموت الندى/ مناديل الليل /رفوف الذكريات / غربان الموت/ صناديق البوح / أضاع آهاتي / خاصرة الوطن /...
اختارت الشاعرة عنونة لنصوصها بلغة شعرية تعبيرية مؤثرة تستقطب المتلقي ويدفعه الفضول لقراءتها
قصائد المجموعة الشعرية تتنوع عتباتها العنوانية الا انها ذات مناخ شعري واحد يكاد يهيمن على تجربة قصائدها مناخ العشق، لوعة، والوجع والعذابات وحب الوطن والحنين الى المدينة:
صروف الدهر/أسرار الليل / كلي جرح / لهيب الاسى / وداعاً حسن/ ارتديت الحزن مرتين/ ...
نصوصها الشعرية بين الوطنية والرومانسية والوجدانية وبزخم التساؤلات والعمق والتركيز ونهجها التأملي حيث صارت الرمزية والتعبيرية الوجه الراسخ في نصوصها مما يجعل قصائدها تدخل في نطاق الشعرية الحداثوية التي تبحث عن شاعرية الرؤيا ، كما في قصيدته ( مليكة النخل والطين )
يا سيدي المبجل هل كتبت قبلي اليك امرأة ؟
واخبرتك انها الحاضرة والحضارة.
وانها مسلة زقورةٌ، بل انها تاريخنا عراقةٌ...
وشارع الموكب ومواكب العذارى
ذي حضارة وفجرها بغداد
حناؤها البصرة
اكليلها ذي قار
ربيعها نينوى
قنديلها شبعاد
اسمي من السماء حورية انا
وردة حمراء ياعطرها المندى ايقونة حسناء
من قال اني هكذا ؟ من قال اني خرافة؟
الله... حتى الله ها قد خصني بكتابه
مَنْ سالبٌ حقوقي؟
البيئة الشعرية للنص فالشاعرة بنت بيئتها التي تؤجج عواطفها فتثير ملكتها الشعرية كاشفة حالتها النفسية وما يعتريها من انفعالات فمن خلالها يتولد ابداع الشاعرة وارهاصاتها الشعرية فتشهد لها بسعة ثقافتها وذوقها العالي وتمكنها اللغوي .
ذاتها الشاعرة وهي ما تعانيه من ألم الوجد والعشق والتي تتجلى في الافعال: يموت /تفقد/يبتهل / تطرق/يسابق /يحمل/اخلع / تنفرط / تتوهج
الفضاء الدلالي للأفعال التي تزيد من الحركة والتوتر تنشئ حَراكا شعريا يشرع يتجلى ذلك في نصها:
( قبلات معتقة )
حين يموت الندى
في غمرة الظلام
وتفقد الرسائل عطرها
بين رفوف الذكريات
أسرق القوس من قزح
لئلا تبتلعه غربان الموت
ساعة فجر كاذب
تطرق الاقدار جماجم الابرياء
بين كل هذا الغياب
أراك جنديا
يبتهل في محراب القتال
لا تندهش ...
حين يضرجني الوجع
شهيدة أنا مثلك
الطابع الحزين ارى ذلك جليا من خلال المفردات المتشظية في نصوصها
والتي تحاول ان تعبر عنه بإرهاصات شعرية وجدانية وما تحمله من خلفية ثقافية ويظهر ذلك من خلال التناص الظاهر في مفردات نصوصها الشعرية مضمخة بعبق التاريخ؛ و الأشخاص، و الأمكنة:
سليمان ، النملة، شارع الموكب، بغداد ، نينوى ،البصرة، شبعاد، قميص يوسف ، السياب ، حسب الشيخ، انكيدو ، كلكامش...
ومن المظاهر الاسلوبية التي اعتمدتها الشاعرة هو التكرار، التناص ، المفارقة ، ويعد التكرار من الظواهر الاسلوبية ذات القيمة العالي والمبدعون يكثرون من توظيفه في النص الشعري لأنه يمنحه جمالا ويكسبه ثراء دلالياً خاصة عند شعراء الحداثة الذين أدركوا القيمة الجمالية للتكرار نراه جليا في تكرار الحرف في نصه( موعدي معك) :
سأرتدي معطف أشواقي في هذا المساء
في موعدي معك
سأحمل كل ملامح الانوثة
بين الحروف
فلا تنسى صرح حبك الممرد
مر الهدهد بغلق جفنيه
سأخوض لجته
سد عين الشمس
سألعن مجاعة العشق
أما بالنسبة الى قضية الوطن في مجموعتها الشعرية هي القضية الكبرى ، فمفردة الوطن لا تغيب عن نصوصها مثل/ وطن متغير، من رأس وطن، جرح وطن، موطني، طريق وطني...
ويتجلى ذلك في نصه:
وطن
ذات حنين
أدور
كدولاب عيد
حول مساءات بلا
صبح...
لا شيء الا كلمات
عرجاء
وأيد مبتورةٌ
نصف وجه عار
شاخ قبل أوانه
سنابل شوق
انحنت لتلامس خيالاتٍ
موؤودةٍ...
وفي نص أخر
ترمق في مرايا الذاكرة
أشياء... وأشياء... مازالت
تفوح منها رائحةُ
البنفسج
والوطن
المصادر
1- سيميائية العنوان/ رسالة ماجستير، ليندة جنادي، جامعة جيلاني، كلية الآداب، قسم اللغة والادب العربي،2015.
2- .عبد الحق بالعابد/ عتبات جيرار جينت من النص الى المناص. الدار العربية للعلوم ناشرون، الجزائر ،2008.
3- وأقشر قصائدي فيك/رند الربيعي ط1،صادرة عن دار تأويل للنشر والترجمة ، بغداد ،2021 .
4- الخصائص الاسلوبية (رسالة ماجستير)، فوزية بنت محمد بت ابراهيم، كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية / المملكة العربية السعودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا