الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي الأيام الستّة لخلق السماوات والأرض ؟ وهل تعني كأيامنا نحن كما يقول التراثيون ؟

سامر عبد الحليم

2021 / 5 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما هو الزمن ؟!! ، وما معنى كلمة ( يوم ) وما معنى كلمة ( شهر ) وكلمة ( سنة ) وهل هي مجرد مقادير رياضيّة ؟!!..
الزمن لا يمكن أن يكون عبارة عن مقدار رياضي رقمي مجرَّد عن حركة المادّة في المكان ، إطلاقاً ، فلا يمكن إدراك الزمن إلا من خلال حركة المادة ، وتغيُّر هيئات المكان الذي تحتله هذه المادة ، الزمن مفهوم مادّي مكانيّ ، له بعد حسِّي ، وهو في جوهره عبارة عن حركة وتغير للمادّة في المكان ، فأنت عندما تنقل الكرسي من غرفتك إلى غرفة أخرى.. هذه النقلة بالنهاية عبارة عن زمن ، كان الكرسي في الغرفة وصار في غرفة أخرى..
ومثال آخر ، مرور جسم الإنسان ـــــ أثناء حياته ــــ لتغيّرات جسدية وفسيولوجية ( تغيٌّرات مكانيّة ماديّة ) من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة ثم الموت ، لأكبر دليل على أن الزمن ليس مجرد مقادير رياضية ، ومعادلات ، وإنما هو قانون التغيٌّر في المادة والمكان . (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ )) [ الروم : 54 ]
ومرور الزمن على الجنين في بطن أمّه يعني مرور الجنين من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام ، إلى اللحم ، ثم إنشاؤه خلقاً آخر ..{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين* ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ* ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ* وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طرائق وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافلين} (12ـ17).
ومثال آخر ، على أن الزمن ليس مجرد مفهوم رياضي أن الله تعالى لم يجري قانون الزمن على الطعام ، يقول تعالى : [[ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ ]] ، أي لم يتغيّر ، وفي هذا أعظم دليل على أن الزمن هو قانون التغيُّر ، فعلى الرغم من مرور مائة عام ، بقي الطعام كما هو تماماً ، طازجاً وطيّباً ، وذلك لأن الله تعالى لم يجري قانون الزمن على الطعام وإلا لتعفن الطعام وفسد ثم صار إلى التحلل ..أما الحمار ، فقد جرى عليه الزمن ، فتحول إلى عظام مبعثرة !!! ((.وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )))
ــــــ لو نظرنا سريعاً في معنى الواحدات الزمنيّة ( يوم ، شهر ، سنة ، عام ...) لرأيناها تحمل بعداً مكانيَّاً فلكياً ، فكلمة ( عام ) تعني عودة الهيئة المكانيَّة ، فمثلاً ، دوران الأرض حول الشمس [ 19 ] دورة مكانيّة كاملة يعني العودة الكاملة إلى الهيئة المكانية الثلاثيَّة ( أرض ، شمس ، قمر ) ، فيعاد كل شيء بمكانه بالضبط ، لتكرر هويات الأيام والشهور بذاتها ، وبما أن كلمة ( عام ) تعني عودة الهيئة المكانية ، وبما أن السنة الواحدة التي نعد بها ، تتم فيها عودة الأرض إلى ذات النقطة التي إنطلقت منها بالضبط ، فإن السنة الواحدة مما نعد تسمى ( عاماً ) أيضا ، و كلمة ( يوم ) في معناها الحقيقي ، تحمل بعداً مكانيَّاً ماديَّاً ، فهي تعني دوران المسألة حول نفسها دورة كاملة ، فيوم الحساب ، يعني دوران مسألة الحساب من بدايتها إلى نهايتها ، أي من بداية حساب آدم عليه السلام على أعماله إلى نهاية حساب آخر إنسان ، ويوم القيامة يعني دوران ما يتعلق بمسألة القيامة من بدايتها إلى نهايتها ، أي من بداية الإنقلاب الكوني إلى نهاية الإنقلاب الكوني ، بحيث يتم تشكيل سماوات وأرض الآخرة ، ويوم الجُمُعة يعني دوران مسألة الكسوف ( إجتماع الشمس والقمر في كبد السماء ) من بدايتها إلى نهايتها ، ويوم الخروج هو دوران مسألة الخروج من بدايتها إلى نهايتها ، أي من بداية بعث نفس آدم وخروجه من القبر البرزخي إلى نهاية بعث آخر إنسان ممتحَن ، ويوم الخلود هي دورة دخول الفجار إلى جهنم وخلودهم فيها من أول فاجر إلى آخر فاجر ، ودخول الأتقياء إلى الجنة وخلودهم فيها من أول تقي إلى آخر تقي ، وهكذا ..
وعندما يقول تعالى مثلاً : ﴿ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ﴾ ، فعبارة ﴿ في يوم ...﴾ تعني في دورة كاملة فيها يتم تدبير الأمر من السماء إلى الأرض ثم العروج إليه ، فمن بداية التدبير إلى نهاية العروج تسمى ( يوماً ) ، و هذه الدورة المكانيّة مقدارها حسب زمننا ﴿ ألف سنة مما نعد ﴾ وهي لا تعني مجرد مقدار رياضي ، وانما تعني الدورات المكانية المتمايزة للأرض حول نفسها ال(365) أمام الشمس × 1000 .
وعندما وردت كلمة ( يوم ، يوما ) في القرآن بمجموع ( 365 ) مرة ، فهذا المجموع يعبِّر عن الدورات المكانية المتمايزة ال(365) للأرض حول نفسها أمام الشمس ، فكل دورة مكانيَّة كاملة متمايزة للأرض حول نفسها يساوي ( يوم ) ، حتى كلمة ( الشهر ) ، ( شهر ) فهي تعني دوران القمر حول الأرض دورة مكانية كاملة ، فعندما نقول مرَّ ( يوم ) يعني مرَّت دورة مكانية كاملة للأرض حول نفسها ، وعندما نقول مرَّ ( شهر ) يعني مرَّت دورة مكانية كاملة للقمر حول الأرض ، وعندما نقول مرَّت ( سنة مما نعد ) يعني مرّت ( 365 ) دورة مكانيّة متمايزة للأرض حول نفسها ، وهكذا ، فالزمن ليس مجرد مقادير رياضيّة ، وإنما قانون مادّي لا يتم إدراكه إلا عبر حركة المادّة وتغيّر الهيئات المكانيّة .
والآن نأتي إلى السؤال ، ما هي الايام الستة لخلق السماوات والأرض
؟!! وهل يمكن أن تحاكي الأسبوع البشري ؟!!!
الأيام الستّة للخلق تعني بكل وضوح أن المادّة الأولى للسماوات والأرض والتي أوجدها اللّه تعالى بكلمة ( كن ) ، هذه المادّة الأولى مرَّت عليها ستُّ دورات متمايزة من الحَرَكة والتغيُّر نحو النظام ، والبناء ، والقانون ، حتى أخذ الكون صورته التي عليها الآن ، فكل دورة من الحركة والتغيير نحو النظام والدقة والبناء ، مرّت وطرأت على المادّة الأولى للسماوات والأرض ، يعني مرَّ عليها ( يوم ) ، يعني مرَّ عليها زمن ، ولا يمكن إخضاع الأيام الستّة لخلق السماوات والارض للأزمنة المتعلّقة بالأرض والشمس والقمر ثم إعتبار الأيام الستّة الأصل الفلكي للأسبوع ، لأن الإجابة بكل بساطة وبكل وضوح ، هي أنه لم يكن هناك ــــ أثناء عملية الخلق ــــــ شمس ، وأرض تدور حولها ، وتدور حول نفسها ، ولم يكن هناك قمر يدور حول الأرض ، وما يتولد عنها من أزمنة متعلقة بها ، فهل اللّه تعالى حينما خلق النجوم ، هل خلقها في وقت العصر أم المغرب أم الفجر ؟! وهل كان اليوم آنذاك هو يوم الأحد أم يوم الإثنين ؟!!!!!!!!!!!!.
ولا يمكن للأسبوع ( 24 × 7 ) أن يحاكي الأيام الستة لخلق السماوات والأرض ، فلا وجه للمقارنة بين الزمن المتعلق بحركة بضع كواكب تافهة في الكون الكبير من جهة ، وبين الزمن المتعلق بخلق السماوات والأرض بأكملها وبعظمتها من جهة أخرى ، هؤلاء يفرضون تصوٌّراً مفاده أن جسم السماوات والأرض ينحصر بكليّته في جسم المجموعة الشمسيّة ، أو بالأحرى في الهيئة المكانيّة لمسار دوران الأرض حول الشمس، فلو فرضنا مثلاً أن جسم الكون الحالي ينحصر بكليّته في الهيئة المكانيّة لمسار دوران الأرض حول الشمس ، أي أنَّ هناك فقط سماء وشمس وأرض تدور حولها وحول نفسها ، وأن البنية الأولى لهذا الكون المفترض دارت حول نفسها ست دورات مكانية ثم إستوى الله على هذا الكون الإفتراضي في اليوم السابع ، عندئذٍ يمكن القول أن الأيام الستة لخلق هذا الكون المفترض يحاكي الأسبوع ..ولكن المجموعة الشمسية ليست هي عين جسم السماوات والأرض ، وبالتالي لا يمكن لزمن متعلق بحركة بضع كواكب كجزء من المجموعة الشمسيّة ، والتي تعد تافهة نسبة إلى الكون الفسيح ، لا يمكن أن يتم مقارنته بالزمن المتعلق بالمادَّة الأولى لخلق السماوات والأرض بأكملها !!!
و قوله تعالى : (( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم .................)) ، يشير إلى حقيقة هامة جداً وهي أن مرور الزمن على المادة الأولى ما قبل الإنتهاء من خلق السماوات والأرض ، يختلف عن الزمن الذي يمر الآن على السماوات والأرض بعد الإنتهاء من خلقها ، فالزمن في كلتا الحالتين هو في جوهره واحد وهو قانون الحركة والتغيُّر ، ولكن ، ولكن ، الذي كان يطرأ على المادة الأولى للكون ، أثناء الخلق ، هو دورات من التغيير نحو الإنتظام والبناء والقانون والشمولية ،وعددها ست دورات ، حتى إنتهى الكون بشكله الحالي ، أما الزمن الذي يطرأ الآن على مادة الكون ــــ بعد الإنتهاء من الخلق ـــــ فهو ذاهب به نحو الإنهيار والتجزء ، والإنقلاب الكوني مثل انقباض التوسع الكوني ، وطمس النجوم ، وتكور الشمس وذهاب ضياؤها.....إلخ لأكبر دليل على ذلك ،ومن هنا لا يمكن أن لزمننا أن يحاكي الزمن الموجود أثناء خلق السماوات والأرض .
فالذهاب إلى التأكيد أن الأسبوع ( 24 × 7 ) يحاكي الأيام الستة للخلق ثم الإستواء على العرش هو مذهب مغلوط ، وفيه سعي للدفاع عن أصنام الموروث ، وفيه إفتراض أن هناك أرض تدور حول نفسها أمام الشمس !!!!!!
أما القول أن اللّه تعالى إستوى على عرشه في اليوم السابع ، فهذه كارثة ، فاللّه تعالى لا يحكمه قانون التغيُّر ، فهل الله تعالى قبل حلول اليوم السابع لم يكن مستوياً على عرشه ثم طرأ عليه تغيُّر مكانيُّ فإستوى على عرشه بعد أن لم يكن مستوياً ...؟!!!!!!!!!!!!!!!!! ...
كيف يمكن فهم الإستواء على العرش بعيداً قانون المكان والزمان ..وكيف ننزه ربنا عن مقولة ( إستوى على عرشه في اليوم السابع ) ؟!!!!!!!!!
الإستواء على العرش يعني بإختصار أن اللّه تعالى قبل خلقه للسماوات والأرض ( العرش ) هو ذاته بصفاته وأسمائه بعد خلقه للسماوات والأرض ( العرش ) ، فصفاته وذاته بعد عملية الخلق لم يتغير فيها أي شيء ولم يصبها أي تعب ولغوب وإعياء وهذا ما تعنيه كلمة ( استوى ) أي تماثل وتطابق ، هذا المعنى اللغوي واضح كما في قوله تعالى ــ مثلا ــــ (( هل #يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) ....ولا تعني ( إستوى على العرش ) علا وارتفع على مركز القرار تحمله الملائكة أو إكتمل بيان أمر الله في حكم الكون بعد أن كان لم يكن مكتملاً !!!!!!!!!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما هذا الهراء
نور الحرية ( 2021 / 5 / 2 - 11:43 )
تحية طيبة
هل براي الكاتب ان المسلمين الاوائل فهموا اليوم بما شرحته بالمقال، ام فهموه انه ستة ايام ارضية، وارتاح باليوم السابع لذا وجد الاسبوع عندنا لحد الآن
هو مجرد نقل من الكتاب المقدس دون تمحيص
ثم لو اخذنا بما قلته، فما هي المراحل الستة التي مر بها الكون حتى وصل لحالته الان، وهل توقف التغير بعد ذلك ام هو مستمر
حسب علم الفلك فالتغير مستمر ولم يتوقف، وهناك خلق جديد لشموس، ونهاية لعوالم
محاولتك هي اضافة لمحاولات عديدة للتوفيق بين العلم والدين، والتي لن تجدي نفعا، لانه بكل يوم ياتي العلم بتحدي جديد لا يستطيع الدين مواجهته
فما راي الكاتب بالعرش اذا
تحياتي


2 - اللعب بالكلام
بلبل ( 2021 / 5 / 2 - 23:45 )
لعب بالكلام وبالمصطلحات لمحاولة اقناع الناس بالخرافات التي لا ترتكز على علم فهل هذا الكوت اللا منتهي والمترامي الاطرف بلا حدود قد تم خلقه في ستة ايام او في شهر او في مليون سنة مما تعدون ومما لا تعدون واذا كان هناك حق خالق لهذا الكوت فالديانات المسماة سماوية تسيئ اليه بخزعبلاتها وبخرافاتها

اخر الافلام

.. رحيل أبو السباع .. 40 عاماً من إطعام زوار المسجد النبوي


.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال




.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..


.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام




.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-