الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (195/اتحادية / اعلام / 2018) في 28/1/2019 بخصوص تولي العراقي مزدوج الجنسية للوظائف السيادية والامنية الرفيعه

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 5 / 3
دراسات وابحاث قانونية


تُعرف الجنسية باعتبارها شرطاً لتولي الوظائف العامة بأنها (رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة يترتب عليها حقوق والتزامات متبادلة بينهما) ، والجنسية تعتبر من أهم شروط شغل الوظائف العامة المدنية والعسكرية ، ويجد هذا الشرط أساسه في الدستور والقانون المدني العراقي ، حيث نصت المادة (18/أولاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على أن (الجنسية العراقية حق لكل عراقي وهي أساس مواطنته) ، كما نصت المادة (37) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 المعدل على أن (الجنسية العراقية ينظمها قانون خاص) كما نصت على شرط الجنسية معظم تشريعات الخدمة المدنية منها المادة (السابعة /1) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل، والمادة (4/1) من نظام الموظفين العموميين اللبناني رقم (112) في 12/6/1959، والمادة (21) من قانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية في الامارات العربية المتحدة رقم (21) لسنة 2001، والمادة (14/1) من قانون الخدمة المصري رقم (81) لسنة 2016، إلا أنه يلاحظ على قانون الجنسية العراقي رقم (26) لسنة 2006 قد خالف اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/4/1930 التي أكدت الجهود الدولية في القضاء الكامل على ظاهرتي التعدد وانعدام الجنسية، عندما اعتنق مبدأ تعدد الجنسية في المواد (10) و(12) من قانون الجنسية رقم (26) لسنة 2006 استناداً إلى ما جاء في دستور 2005 الذي اعتمد على مبدأ جواز تعدد الجنسية للعراقي كخيار تشريعي ، حيث نصت المادة (18) الفقرة (رابعاً) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على أن (يجوز تعدد الجنسية للعراقي وعلى من يتولى منصباً سيادياً أو أمنياً رفيعاً التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة وينظم ذلك بقانون) ، وعلى الرغم من كون الدستور العراقي أجاز تعدد الجنسية إلا أنه قيد جواز الاستمرار في شغل المناصب السيادية والأمنية الرفيعة بالتخلي عن أي جنسية أجنبية مكتسبة، إلاّ إن الواقع العملي يشير إلى استمرار حالة ازدواج الجنسية لمن شغلوا مناصب سيادية وأمنية، كما أن مصطلح (المناصب الرفيعة) هو مصطلح غريب عن القوانين العراقية ويضاف إلى قائمة المصطلحات الجديدة التي تحتاج لتحديد مدلولها بدقة لغرض تحديد المراكز القانونية لشاغليها، إذ يعطي مجالاً للاجتهاد في تفسير هذا المصطلح لما تخلفه من مركز قانوني مضطرب اما الجهات القضائية والإدارية، وهنا يثور التساؤل هل يعتبر ذو الدرجات الخاصة من ذوي المناصب الرفيعة فيما إذا كانت هذه الدرجات ضمن ملاك الوزارات السيادية أو الأجهزة الأمنية؟ وهل يجوز تعيين الموظف مزدوج الجنسية؟ والراجح حسب وجهة نظرنا جواز تعيين الموظف مزدوج الجنسية استناداً لنص الدستور وقانون الجنسية النافذ، الا أن هذا الاتجاه يحتاج لاعادة النظر فيه والأخذ بتجارب الدول المتقدمة التي تحظر على المواطن شغل منصب قيادي كبير في الدولة كمدير عام أو وكيل وزير وهو يحمل جنسية دولة أخرى إلا بموافقات، أما شغل منصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزير والسفير وغيرها من المواقع السيادية لا يتم إلا بعد التنازل عن الجنسية الأجنبية المكتسبة، أو التنازل عن المنصب والاحتفاظ بجنسية الدولة الأجنبية وهذا ما معمول به في فرنسا وأغلب دول العالم كذلك حيث نصت المادة (50) من لائحة الخدمة المدنية الفرنسي المرقمة (95/244) في 4/فبراير/1959 على حضر استخدام الاجانب ابتداءً إلا بصفة مؤقتة وبعقود محدودة المدة، اما في مصر فإن قرار رئيس الجمهورية المرقم (114) لسنة 1968 بشأن قواعد توظيف الاجانب نص في مادته الأولى على عدم جواز اسناد أية وظيفة إلى أجنبي إلا إذا اقتضت الضرورة وذلك للإفادة من ذوي المؤهلات أو الكفاءة والخبرة الخاصة التي لا تتوافر في رعايا جمهورية مصر العربية ، اما المحكمة الاتحادية العليا فقد اكدت في قرارها المرقم (195/اتحادية / اعلام / 2018) في 28/1/2019 على ان مسالة تحديد اليات التخلي عن الجنسية المكتسبه ووقت التخلي وتحديد ماهية ( المناصب الامنية الرفيعه ) وماهيه ( المناصب السيادية ) هي من المسائل التي يجب تنظيمها بموجب القانون استناداً للمادة (18/رابعاً) من الدستور ، وهذا القرار جاء في قضية تتلخص وقائعها بانه سبق وان تم الطعن بتكليف السيد ( عادل عبد المهدي ) من قبل رئيس الجمهوريه بتشكيل مجلس الوزراء كونه يحمل الجنسية الفرنسيه وهذا مخالف لحكم المادة (18/رابعاً) من الدستور والمادة (9/رابعاً) من قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 المعدل ، حيث طلب الطاعن من المحكمة الاتحادية العليا التثبت من تنازل رئيس مجلس الوزراء المكلف عن جنسيته الفرنسية المكتسبه وبخلاف ذلك الحكم بعدم دستوريه التكليف والغاء امر رئيس الجمهورية بتكليف الموما اليه بتشكيل مجلس الوزراء ، حيث جاء في حيثيات قرارها ( .....دققت المحكمة الاتحادية العليا ما ورد في في عريضه الدعوى ووجدت ان موضوع التخلي عن الجنسية الاجنبية من قبل العراقي الذي يتبؤ منصباً سيادياً او امنياً رفيعاً قد نصت عليه المادة (18/ رابعاً) من الدستور والمادة (9/رابعاً) من قانون الجنسية العراقية ، الا ان المادة الدستورية المذكورة قد اشترطت ان يكون التخلي عن الجنسية الاجنية المكتسبة بقانون يصدر تطبيقاً لاحكام المادة (18/رابعاً) من الدستور، وهذا ما يقتضيه حسن ودقه تطبيقها لان المادتين الدستورية والقانونية اللتان سبق ذكرهما لم تحدد ماهية ( المناصب السيادية ) او (الامنية الرفيعه ) ولم تبينا كيفية ووقت التخلي عن الجنسية المكتسبة وتركت ذلك الى القانون الذي يصدر كما قضت بذلك احكام المادة (18/رابعاً) من الدستور ، والتي لايمكن اعمال حكمها الا بصدور هذا القانون ، وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية العليا في القرار الذي اصدرته بتاريخ 19/1/2015 بالعدد (100/اتحادية/2013) ، (لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان تعبير (المنصب السيادي ) او (الامني الرفيع ) الذي تنص عليه المادة (18/رابعاً) من الدستور مناط تحديده الى التوجهات السياسية في العراق ، والقائمون عليها هم من يحدد هذه المناصب ومدى تاثيرها في السياسة العامة للدولة وتنظيم مدلولاتها وفقاً لذلك القانون ) ،......هذا من جانب ، ومن جانب اخر فان طلب المدعي من المحكمة الاتحادية العليا القيام بالتثبت من تخلي المدعى عليه الثاني رئيس مجلس الوزراء (اضافة لوظيفته ) عن جنسيته الفرنسية المكتسبة امر يخرج عن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا المحدد في المادة (4) من قانونها رقم (30) لسنة 2005 والمادة (93) من دستور جمهوريه العراق ، وبناء عليه قرر الحكم برد الدعوى ....) ، ولنا على قرار المحكمة الاتحادية اعلاه الملاحظات الاتية :
1. ان الطعن انصب على عدم دستورية امر التكليف الصادر من رئيس الجمهوريه لرئيس مجلس الوزراء لمخالفته احكام المادة (18/ رابعاً) من الدستور كون المكلف يحمل الجنسية الفرنسية وهذا يتطلب منه التخلي عن جنسيته قبل شغل منصب رئيس الوزراء ، وبالرجوع الى طبيعه التكليف نراه امراً صادراً من رئيس السلطه التنفيذية ، والاوامر والقرارات تقع ضمن مهام المحكمة الاتحادية العليا الرقابية استناداً للمادة (4/ثانياً) من قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005 التي نصت على ( الفصل في المنازعات المتعلقه بشرعية القوانين والقرارات والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة من اي جهة تملك حق اصدارها والغاء ....الخ) .
2. تذرعت المحكمة لرد الدعوى بعدم قيام المشرع باصدار قانون ينظم اليات وتوقيتات التخلي عن الجنسية المكتسبة لشاغلي ( المناصب السيادية ) او ( الامنية الرفيعه ) ، في حين كان على المحكمة بعد ان شخصت امتناع المشرع عن سن قانون كان من الواجب عليه سنه وان القانون يتعلق بصميم الحياة السياسية ان توعز الى مجلس النواب لسن هذا القانون خلال فتره محددة والا اعلنت عدم دستورية امر التكليف لمخالفته للمادة (18/رابعاً) من الدستور ، فالاحكام الايعازية هي احد الوسائل المهمة التي تملكها المحاكم الدستورية لمواجهة امتناع المشرع عن سن قانون كان من الواجب سنه وفقاً لنص دستوري آمر ، ولاسيما مرت مدة زمنية كافية على صدور الدستور تمكن المشرع من سن كافة التشريعات التي ورد بتشريعها الزام دستوري ، فتشريع قانون ينظم اليات وتوقيتات وجزاءات مخالفته لا يعد من قبيل ملائمات المشرع وبالتالي فان تدخل القضاء الدستوري لايعد تجاوزاً على اختصاص المشرع وخرق مبدأ الفصل بين السلطات ، كما ان استمرار المشرع بالامتناع عن تشريعه رغم مرورة مدة زمنية معقولة ورغم صدور تنبيه من المحكمة الاتحادية العليا بضرورة تشريعه يوجب قيام مسؤولية المشرع السياسية .
3. تذرعت المحكمة لرد الدعوى بعدم قيام المشرع باصدار قانون يبين ماهية ومدلولات المناصب السيادية والمناصب الامنية الرفيعه ، وهذه ذريعه تتفق والمنطق القانوني السليم فيما لوكان الطعن يتعلق بشغل منصب غير منصب رئيس الوزراء ، ذلك ان منصب رئيس الوزراء لاشك سيادياً بامتياز ومن المؤكد ان يأتي في قمة المناصب السيادية فيما لو اصدر المشرع قانوناً ينظم ماهية هذه المناصب ، وبالتالي فأن تسبيب المحكمة لم يكن موفقاً وفيه تنصل عن دورها الرقابي لانها سمحت بخرق المادة (18/رابعاً) من الدستور .
لما تقدم ندعو المشرع العراقي الى تنظيم موضوع شغل مزدوجي الجنسية للوظائف العامة عموماً والوظائف العليا على وجه الخصوص طالما انه تبني مبدأ ازدواج الجنسية كخيار تشريعي رغم تحفضنا على هذا المبدأ لانه يسمح للاجانب بتولي الوظائف الوطنية وهذا يشكل انتهاك للسيادة الوطنية بسبب فرض اجندات الدوله الاجنبية التي يحمل جنسيتها ويسمح للمسؤول من التهرب من مسؤوليته والتهرب من القضاء الوطني ، في ظل غياب تام للتنظيم التشريعي لهذا الموضوع ، وهذا يقتضي من المشرع اصدار تشريع يلزم مزدوج الجنسية بالتخلي عن عن جنسيته الاجنبية حال مصادقة البرلمان على الكابينه الوزارية و قبل شغل المنصب مع تنظيم اليات وتوقيتات التخلي والجزاءات المفروضه على مخالفتها ، وبخلاف ذلك لايجوز ان يتسنم المنصب المرشح له والله ولي التوفيق د.احمد طلال البدري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تواصل الاستعدادات لاقتحام رفح.. هل أصبحت خطة إجلاء ا


.. احتجوا على عقد مع إسرائيل.. اعتقالات تطال موظفين في غوغل




.. -فيتو- أميركي يترصد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة | #رادار


.. مؤتمر صحفي مشترك لوزيري خارجية الأردن ومالطا والمفوض العام ل




.. ليبيا - الأمم المتحدة: بعد استقالة باتيلي.. من خذل من؟