الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسحاب الولايات المتّحدة من أفغانستان : النهاية الرسميّة لحرب وحشيّة و عدوان إمبريالي

شادي الشماوي

2021 / 5 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


جريدة " الثورة " عدد 696 ، 19 أفريل 2021
https://revcom.us/a/696/us-withdrawal-from-afghanistan-en.html

في الأسبوع الفارط ، أعلنت الولايات المتّحدة أنّها في النهاية ستسحب فيالق جيشها من أفغانستان عقب عشرين سنة من الحرب . (1)
و قد نعتها الرئيس الأمريكي ، بيدن ، بأنّها حرب " عادلة " حينما أعلن الانسحاب مع 11 سبتمبر هذه السنة . و إثر سنوات من نعت ما يجرى بأفغانستان على أنّه " حرب جيّدة " ، تعاملت وسائل الإعلام السائدة و أجهزة دعاية هذا النظام و وكالات أنبائه على أنّها نهاية جهد أمريكي بنيّة طيّبة و إن كان شاقا و لم يقع التفكير فيه كما يجب .
لكن ما هي الحقيقة الفعليّة ؟ الحقيقة الفعليّة هي أنّ الحرب الأمريكيّة في أفغانستان 2001-2021 و تدخّلاتها لعقود قبل لك وصولا إلى تلك الحرب كانت وحشيّة و حربا غير عادلة كلّيا من أجل الإمبراطوريّة تسبّبت في تحطيم حياة تماما ملايين الأفغانيّين و دمّرت البلاد و المجتمع .
خلفيّة سريعة : حرب الولايات المتّحدة بالوكالة ضد الإتذحتاد السوفياتي ، 1979 - 1989
في ديسمبر 1979 قام الإتّحاد السوفياتي بغزو أفغانستان (2) . و كان ذلك لمزيد تقديم العون إلى نظام كان صديقا للاتحاد السوفياتي . و جاء ردّ الولايات المتّحدة ، خاصة في ظلّ الرئيس ريغن في العقد الموالى بتمويل و تسليح و تنظيم المجاهدين الأصوليّين الإسلاميّين الرجعيّين ( بمن فيهم أسامة بن لادن و القادة المستقبليّين لطالبان ببرنامجهم القروسطيّ و البطرياركي / النظام الذكوري (3) في حرب " بالوكالة " (4) خبيثة دامت عقدا من الزمن ل " إسالة دم " السوفيات و قتل جنود القوى السوفياتيّة .
و النتيجة : بين 800 ألف و 15 مليون أفغاني ( إلى جانب 15 ألف جنديّ سوفياتي ) قتلوا في حمّام دم رجعيّ و إضطرّ خمسة ملايين أفغاني إلى مغادرة البلاد . و من الهام لفت النظر إلى كون هذا كان من العوامل الكبرى في إطلاق العنان و إنتشار آفة الأصوليّة الإسلاميّة الرجعيّة و الجهاد عبر المنطقة و عبر العالم ،و قد ساعد في تعبيد الطريق لهجوم 11 سبتمبر (5).
و قد تسبّب هجوم 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك و البنتاغون بطائرات في إختطاف حياة ما يناهز ثلاثة آلاف شخص . و كان الناس في الولايات المتّحدة مصدومين و غلب عليهم شعور بالأسى فإستغلّ جورج بوش الإبن ، الرئيس آنذاك ، الوضع لشنّ سلسلة من الحروب و العمليّات العدوانيّة الأخرى بهدف الهيمنة على الشرق الأوسط و آسيا الوسطى و هما منطقتان تمثّلان جزءا إستراتيجيّا هاما من العالم .
و كانت أفغانستان هي الضحيّة الأولى .
غزو الولايات المتّحدة لأفغانستان في أكتوبر 2001
طوال العقدين الأخيرين ، خرجت علينا فئات مختلفة من الإمبرياليّين المريكيّين بنصف دزّينة أو أكثر من التبريرات لهذا الغزو و الاحتلال : الثأر من 11 سبتمبر و الحيلولة دون حدوث 11 آخر و وضع نهاية للإرهاب و تحرير النساء و جلب الديمقراطيّة و غير ذلك. و في الواقع ، مثلما شرح بوب أفاكيان زمنها ، كانت تلك حربا وحشيّة من أجل الإمبراطوريّة الإمبرياليّة لوضع المنطقة تحت هيمنة الولايات المتّحدة ، و تستهدف بعث رسالة متنمّر إلى العالم بأنّ أي هجوم على الولايات المتّحدة سيقع الثأر منه بثمن مضاعف مئات المرّات ، و مواجهة حاجة معيّنة ، واقعيّة و مرئيّة ، ألا وهي " بالوعة المستنقع " في الشرق الأوسط و جنوب آسيا للأصوليين الإسلاميّين الذين يكرهون و يهاجمون الولايات المتّحدة " موسومة مجدّدا " بأنّها " حرب على الإرهاب " بشكل شامل.
و بُعيد هذا الغزو بالذات ، شرح بوب أفاكيان في " الوضع الجديد و التحدّيات الكبرى " :
" تطمح الولايات المتّحدة أساسا في إعادة تشكيل و إعادة تنظيم الوضع برمّته – لكن حتّى أبعد من ذلك ، على النطاق العالمي . هذا هو " النظام العالمي الجديد المنقّح " أو النظام العالمي الجديد عدد 2 الذى يسعون إلى تكريسه على صعيد أعمق و أشمل ممّا قد رسموا للقيام به لحربهم ضد العراق قبل عقد من الآن . و قد رسموا لأنفسهم أجندا بعيدة المدى بتبعات هائلة ".
و " كأيّة عصابة مافيا – و هم كذلك على نطاق وحشيّ و عالمي – لا يسمحون حتّى بظهور أي شخص يقف و ينظر إليهم وجها لوجه و لا ينال عقابا مع ذلك . إن كنتم تمثّلون طبقة عالميّة من العصابات و عصابات عالميّة مثلهم ، إن كنتم مستغِلّين عالميّين و تملكون جهاز قتل و تحطيم جماعيّين لفرض ذلك و توسيع مداه ، ببساطة لن تسمحوا حتّى بأن يظهر شخص يمكن أن لا ينال عقابا بعد أن يوجّه إليكم لكمة ".
ما الذى جلبته الولايات المتّحدة لأفغانستان ؟
قدرا مترنّحا و متصاعدا من العنف و الموت و الدمار و العذاب و الإضطهاد ! بين 2004 و 2018 ، ألقت ما يزيد عن 38 ألف قنبلة ، و مع مارس 2020 ، كانت قد نفّذت أكثر من 12 ألف ضربة بطائرات دون طيّار .
و مع أوت 2016 ، قتل حوالي 11 ألف و جرح أكثر 116 ألف في هذه الحرب . و مع 2013 ، قدّرت دراسة أنّ الحرب تسبّبت بصفة مباشرة أو غير مباشرة في 2020 ألف وفاة . و في قمّة هذه المجزرة ، إضطرّ زهاء الخمسة ملايين أفغانيّ إلى مغادرة ديارهم جرّاء الحرب .
و اليوم أكثر من نصف ال35 مليون أفغاني يظلّون في فقر و ما يناهز النصف لا يملكون ما يكفى من الغذاء . و سوء التغذية المزمن ، أفضى إلى إنتشار أمراض ذهنيّة لدي 41 بالمائة من الأطفال الأفغانيّين الذين لم يتجاوز عمرهم الخمس سنوات . و يعيش نصف السكّان على أقلّ من دولار واحد في اليوم .(6) و غذّت حرب الولايات المتّحدة صعود طالبان و القوى الأصوليّة الإسلاميّة الرجعيّة الأخرى ، و الآن عقب كلّ هذا الموت و الدمار ، سيواجه الشعب الأفغاني أكبر الفظائع التي سينزلها به و لا شكّ هؤلاء الوحوش الرجعيّين .
نقطتان ختاميّتان لا بدّ من تسجيلهما
(+ ) بعيدا عن أن تكون " قوّة جبّارة تماما " كما يتشدّقون ، الولايات المتّحدة ، مع كلّ تبجّحها و عنجهيّتها ، عسكريّا تمزّقت أوصالها و هُزمت في أفغانستان . و قد شرح بوب أفاكيان هذا التناقض بعدُ منذ سنة 2006 في " التقدّم بطريقة أخرى " :
" هؤلاء الإمبرياليين جيّدين في غزو البلدان و تركيز أنظمة قمعيّة إلاّ أنّهم بعد ذلك حين يجدون أنفسهم في موقع قوّة إحتلال للبلد و ينتفض ضدّهم السكّان ، تحدث ديناميكيّة مغايرة و يغدو الأمر غير يسير جدّا بالنسبة إليهم . ليس من اليسير جدّا عليهم الحفاظ على " النظام " و فرض التغييرات التي يرجون فرضها من فوق خدمة لمصالحهم . ليس من اليسير جدّا عليهم أن يفرضوا ذلك " من الأعلى إلى الأسفل " وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن للمحتلّين الإمبرياليّين أن يفرضوا بها تغييراتهم " . ( أنظروا ، " التقدّم بطريقة أخرى " لبوب أفاكيان من أجل المزيد من تحليل هذه التناقضات و الصعوبات التي يواجهها الإمبرياليّون في " الحرب على الإرهاب " عبر العالم و المركّزة في العراق و أفغانستان ).
(+) حرب أفغانستان هي - مع ذلك مرّة أخرى – تجسيد لما يقال عن جيش الولايات المتّحدة في " بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة " الذى أصدره الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة [ و قد ترجمه و نشره شادي الشماوي على الأنترنت على صفحات الحوار المتمدّن ] :
" الجيش في هذه البلاد ليس بصدد تقديم " خدمات مشرّفة " و ليس قوّة ما " خلفيّة " على الناس إحترامها . إنّه يقوم بالدور نفسه حول العالم ، على نطاق أوسع ، الذى تقوم به الشرطة هنا : جهاز قتل و إرهاب جبانين و ذلك خدمة لأكبر المضطهِدين في العالم ، حكّام هذه البلاد . وهو من أهمّ المتسبّبين في تحيطم البيئة . " (7)
لنوقف حروب الإمبراطوريّة و جيوش الاحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة !
الثورة لا شيء أقلّ من ذلك !
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
1. The U.S. currently has thousands of contractors and other operatives in Afghanistan besides the troops it’s withdrawing, and it has also raised the spectre of continuing its military aggression with forces stationed outside the country. See, “How the U.S. Plans to Fight From Afar After Troops Exit Afghanistan,” New York Times, April 15, 2021 “Afghanistan: Biden Vows to End Nation’s Longest War by 9/11 After Decades of Bloodshed & Destruction,” Democracy Now!, April 14, 2021.
2. From 1917 until the mid-1950s, the Soviet -union- (-union- of Soviet Socialist Republics,´-or-USSR) was the world’s first socialist state, and this marked a huge advance for humanity. However, following the death of Joseph Stalin in 1953, capitalism was -restore-d in the Soviet -union-. By the late 1970s, the Soviet -union- had become a capitalist-imperialist power, and it was locked in a fierce, reactionary rivalry with the U.S. for global dominance. The Soviet -union- collapsed in 1991.
3. Osama bin Laden was a member of a prominent family in Saudi Arabia who became a fanatical Islamic fundamentalist and joined with the Mujahideen to wage war against the Soviet -union- in Afghanistan. He later helped form the jihadist group Al Qaeda, turned against the U.S., and helped plot the 9/11 attacks in the U.S. The U.S. assassinated him in 2011. The Taliban are Islamic fundamentalists, rooted mainly among Afghanistan’s Pashtun people, who also emerged from the 1980-88 war against the Soviet -union- and ruled Afghanistan during the 1990s until they were overthrown by the U.S. in 2001-2002.
4. Proxy wars refer to wars in which the warring parties—often rival world powers—do not fight each other -dir-ectly, but through local forces especially in the Third World which these powers fund, arm, and often -dir-ect.
5. American Crime Case #24: U.S. Proxy War Against the Soviet -union- in Afghanistan, 1979-1988, revcom.us, February 25, 2019.
6. America Leaves Afghanistan After Killing Over 100,000 People in Its “Good War,” revcom.us, March 9, 2020.
7. FROM THE REVCOMS (REVCOM.US): A DECLARATION, A CALL TO GET ORGANIZED NOW FOR A REAL REVOLUTION








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي