الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضاءة حول القرآنيون والسلفية

يوسف يوسف

2021 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تمهيد :
ليس الغرض من هذا المقال المختصر عرض هذين المفهومين المختلفين في المعتقد الأسلامي ، لأن الكتب تعج بالكثير من الأدبيات حول هاتين المدرستين المتناقضتين ، ولكن ما وددت هنا ، هو أن أدلو بدلوي المتواضع في هذا الصدد .
الموضوع :
في بداية هذا المقال ، لا بد لنا أن نعطي لمحة مختصرة عن هذين المفهومين المثيرين للجدل في الفقه الأسلامي .
* القرآنيون : ( اسم يطلق على طائفة منتسبة إلى الإسلام يزعمون أنهم أهل القرآن ، ويرون أن القرآن هو مصدرهم الوحيد للإيمان والتشريع في الإسلام ، وأن السنة لا يُحتج بها ؛ لأنها إنما كُتبت بعد النبي بمدة طويلة ، فهم لا يعترفون بالأحاديث ولا الروايات التي تنسب للنبي على أساس أن الله قد وعد بحفظ القرآن فقط ، ولا ذكر للسنة في هذا الحفظ ، وهؤلاء امتداد لقوم آخرين نبأنا عنهم رسول الله" يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله " - رواه أبو داود والترمذي / نقل من موقع أسلام ويب بأختصار ) . ومن أبرز رجالات القرآنيون هو المصري الأزهري د . أحمد صبحي منصور . * أما السلفية ، فيمكن أن أنقل تعريفا لها مقتطعا من مقال ل محمد عبدالرحمن ، منشور في موقع اليوم السابع في يوم 7.5.2020 – أسرده بشكل مختصر ( .. من بين الطرق والحركات الإسلامية المنتشرة فى وقتنا الحالى هو الحركة السلفية ، والمعروفون لدى البعض بأنهم أحد أكثر الفرق الإسلامية تشددا للتعاليم العقائدية ، ويرفضون المساس بأى مما ذكر فى الكتاب أو السنة النبوية الشريفة ، ويعتقدون أنهم يمثلون صحيح أهل السنة والجماعة . ف " السلفية " : منهج يقصد منه اتباع المنهج الحق ، وهو منهج الصحابة ومن تلاهم من القرون المفضلة ، وهم غير محصورين بأسماء أو أشخاص أو طوائف ، ويدخل فيهم أتباع المذاهب الفقهية ما داموا ملتزمين بمنهج السلف الصالح من العمل بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة .) .
القراءة :
أولا . أرى أن القرآنيون قد أحسوا ، بل تيقنوا أن باقي الجماعات الأسلامية - ومنهم السلفية بالتحديد ، الذين بدأوا يرقعون في المعتقد الأسلامي ، وأخذوا يضيفون لتفاسير النص القرآني شروحات من السنن القولية والفعلية والأحاديث النبوية ، وهاتين الأضافتين كلاهما من أختلاق الفقها ومنهم ، أبن تيمية 1263 – 1328 م ، وتلميذه أبن الجوزية 1292 – 1350 م ، أن الحركة السلفية انتشرت بقوة فى زمنهما ، وأعلن هذا المذهب فى ( جرأة وقوّة وزاد آراءه انتشاراً اضطهاده بسببها ، فإنّ الاضطهاد يُذيع الآراء وينشرها " لكن هذه الصحوة السلفية لم تنجح فيما نجح فيه ابن حنبل ، فلم تصبح مذهباً للدولة ، وإنّما ظلت حركة ، يلقى اعلامها السجن والعنت والاضطها .. "./ نقل من نفس المصدر السابق ) . لأجله أقتصروا القرآنيون على النص القرآني ، وأعتبروه مصدرهم الوحيد معتقديا .

ثانيا . أن القرآنيون على يقين من أن السنن والأحاديث قد أختلقت بعد وفاة رسول الأسلام ، المتوفي سنة 11 هج ، بحوالي قرنين من الزمان على يد البخاري / صحيح البخاري ، ومسلم بن الحجاج / صحيح مسلم ، وعلى يد أبن أسحق وأبن هشام / كاتبا السيرة النبوية .. وغير ذلك . لذا ركزا القرآنيون على أن القرآن فقط بقولهم " أن القرآن يفسر نفسه بنفسه " .

ثالثا . السؤال هنا ، هل يستطيع " القرآن أن يفسر نفسه بنفسه " ، وهل يستطيع الأنسان المطلع ، بل حتى المثقف معتقديا ، أن يفسر النص القرآني ، فكيف الحال مع العامة ! ، فمثلا أية ( الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ / سورة الحاقة ) ، هل يستطيع القارئ أن يعرف ما المعنى وما المقصود منها ! . لذا لجأ السلفيون الى التفاسير المساعدة من السنن والأحاديث ، والى شروحات الأولين من الصحابة والتابعين في تفسير النص القرآني .

رابعا . من أهم ما أعتمد عليه القرآنيون في نهجهم هو الحديث التالي ، " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : ( لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا حَرَجَ ... ) رواه مسلم ( الزهد والرقائق/ 5326) " . ومن موقع الأسلام سؤال وجواب ، نلحظ أن الموقع يعرض أتجاهين مختلفين / أنقلهما بأختصار ، أحدهما " يؤيد كتابة الأحاديث عن الرسول " ، والأخر " ينفي ذلك " ، ( قال ابن حجر : أَنَّ النَّبِيّ أَذِنَ فِي كِتَابَة الْحَدِيث عَنْهُ .. وَهُوَ يُعَارِض حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ القائل ، أَنَّ رَسُول اللَّه َ قَالَ " لا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا غَيْر الْقُرْآن " رَوَاهُ مُسْلِم ) . وهنا أيضا أرى أن الموروث الأسلامي يوقع القارئ في حيرة ، وذلك في أي من الحديثين يؤمن ويعتمد ! .

خامسا . أن السلفيون يؤمنون بأيمان راسخ بأنهم هم الفرقة الناجية من الأسلام ، وهذا يعني أن كل الفرق والمذاهب الأسلامية الباقية في النار / بما فيهم القرآنيون ، وذلك وفق الحديث التالي ( " قال الرسول : افترقت اليهود على إحدى وسبعون فرقة. وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعون فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي / رواه والترمذي وأحمد وغيرهم ، وصححه الحاكم ووافقه " .. والمقصود من قوله الثنتين والسبعين فرقة " كلها في النار" -عند عامة السلف - أن هذه الفرق قد انعقدت عليها أسباب دخول النار بانحرافها عن هدى النبي وهدى أصحابه ؛ فهم مستحقون لدخول النار لانحرافهم ولا يعني ذلك الحكم عليهم بالكفر المخرج من الملة والخلود في النار ، بل إن الدخول الفعلي من عدمه ومدة البقاء فيها له أحوال متفاوتة نقل من موقع أنا سلفي ) ، وأرى أن هذا الأمر يؤسس لأشكالية عقائدية معقدة عند العامة من جمهور المسلمين ! .
الخاتمة :
شخصيا أن الفرد المسلم أراه تائها بين المدرستين / السلفية والقرآنيون - ومدارس أخرى يمكن أن نتناولها في مقالات أخرى ، ويمكن أن نلخص بعضا من الملاحظات في الختام بما يلي :
1 - لم تخدم السلفية العقلية الفردية للمسلم ، لأنها وضعته بين تناقضات النصوص وباقي الشروحات والتفاسير في السنن والأحاديث ، فما حرمته النصوص حللته السنن والأحاديث ! ، والعكس بالعكس . وفي أحيان أخرى ، تأتي الشروحات والتفاسير بأحكام لم تأتي بها النصوص ذاتها ، بل في أحيان أخري تناقضها ! .

2 - أما القرآنيون فوضعت الفرد المسلم في العبث ، فجعلته يقرأ و يرتل ، وهو لا يفهم ما يقرأ أو ما يرتل ! ، وفي ذات الوقت .. أرى أن القرآنيون ، بودقوا النص القرآني في جانب ، وأوقعوا في جانب أخر ، من العقلية الفردية للمسلم في متاهة الفهم ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص