الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث عن الخسارة

حسن مدن

2021 / 5 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ليست المرة الأولى، وليست الأخيرة بالطبع، التي تطلق فيها الدعوات لإعادة النظر في كل شيء، في الرؤى، والوسائل، والتدابير التي يدير بها البشر أمور حياتهم، وغاياتهم من المستقبل الذي هو ملك لأجيال قادمة لم تولد بعد، علينا أن نسلّم لها الكوكب وهو في وضع أفضل من ذاك الذي ورثناه عليه، لا العكس.
هذه الدعوات لإعادة النظر في كل شيء أتت من مختلف بقاع الأرض، على ألسنة مفكرين، وعلماء، وقادة للمجتمع المدني، وحركات اجتماعية وبيئية ونقابية ونسوية وشبابية.. إلخ، تحذر من المآلات البائسة لعالمنا إن استمرت إدارته بمنظومة الأفكار، والإجراءات المتبعة.
ولم يكترث من بيدهم مقاليد الأمور، وتتجمع في أياديهم مفاتيح الثروة، والسلطة، والقوة في معناها المباشر الفج، بهذه الدعوات، وما أكثر ما كان مصير الداعين إليها مؤلماً، ليسكتوا، ويصبحوا عبرة لسواهم.
ومناسب أن نعطي مثالاً، أو أكثر على هذه الدعوات التحذيرات من الغرب، من أوروبا، قلب هذا الغرب، وخزان تراثه على الصعد المختلفة، فلأن مساحة الحرية في التعبير عن الرأي فيها أرحب، ولو نسبياً، أمكن للداعين لإعادة التفكير في كل شيء أن يتركوا بعض الصدى الإعلامي، لم يتيسر لنظرائهم في القارات الأخرى أن ينالوه.
وقبل عقود من الآن، صدر للأديب الألماني جونتر جراس الحائز على «نوبل للآداب» عام 1999، كتاب، أو بالأحرى كتيب صغير، بعنوان: «حديث عن الخسارة»، ومع أنه حصر الحديث فيه عن أحوال بلاده ألمانيا، بعد إعادة توحيدها، لكن ما حذر منه من عواقب، إن لم تجر معالجة أوجه الخلل، ينطبق بنسب مختلفة، لا على أوروبا وحدها، أو الغرب وحده، وإنما على العالم كله.
وفي الحوار الشهير الذي جرى، لاحقاً، بين جراس، والفيلسوف الفرنسي الراحل بيير بورديو، يمكننا أن نمسك بشكل أكثر ملموسية بالمعضلات التي يواجهها العالم المعاصر، والتي حذّر فيها الرجلان من تبعات النهج «النيوليبرالي»، الذي قطع مع تراث أوروبا الثري، لا في مجال الاقتصاد وحده، وإنما في الفكر، والثقافة، والسياسة، لذا خلص الرجلان إلى إطلاق دعوة لما وصفاه ب«الإحياء التقدمي».
ولا نحسب أن هناك وقتاً أكثر مناسبة من الذي نحن فيه لإعادة النظر في كل شيء، وللمضي في «الإحياء التقدمي» المنشود، بتحقيق العدالة الاجتماعية، والكفّ عن التعامل الوحشي مع البيئة، وصوغ تقسيم دولي جديد للعمل، وإعادة رسم السياسات الخارجية للدول على أسس التعاون، بدلاً من المواجهة، والتوسع، والعسكرة، فهل يتوب العالم عن ضلاله؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن