الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراجعة نقدية في تشخيص أسباب امتداد مراجعة نقدية في تشخيص اسباب امتداد – ب ك ك – في الساحة الكردية السورية

صلاح بدرالدين

2021 / 5 / 6
القضية الكردية


مراجعة نقدية في تشخيص أسباب امتداد
– ب ك ك – في الساحة الكردية السورية

يكاد مسؤولو الأحزاب الكردية السورية التي كانت قائمة قبل ظهور حزب العمال الكردستاني – التركي ، يجمعون في معرض تفسيرهم لصعود هذا الحزب السريع في البيئة الجماهيرية للمناطق الكردية ، الى هذه الدرجة ،على جملة من الأسباب الأحادية الجانب ، مثل دعم النظام الإقليمي الرسمي لهذا الحزب ، ورفع الشعارات القومية الفضفاضة ، وجذب الشابات والشباب نحو حمل السلاح ، وهي جزء من الأسباب وليس كلها ، مما يضفي الصفة البعيدة عن نهج التحليل العلمي الشامل لكل جوانب المسألة ، والتقييم الموضوعي للظواهر ، والاحداث ، والعوامل القريبة والبعيدة ، والداخلية والخارجية ، التي تكاملت بمرور الزمن ، لتمهد الطريق أمام بروز وانتشار تنظيمات وأنصار – ب ك ك – في الساحة الكردية السورية .
نعم وقعنا جميعا كأحزاب كردية وباشكال متفاوتة في هذا الخطأ الكبير ، عندما أردنا التستر على العامل الأهم في صعود – ب ك ك – في ساحتنا ، وهو تقصيرنا في انجاز مهامنا القومية والوطنية ، وعجزنا عن توحيد صفوفنا واتفاقنا على مشروع برنامج الحد الأدنى لنضالنا ، وقيام البعض منا في التمهيد والتواطؤ لتسهيل اختراقات أجهزة السلطة لحركتنا ، وكانت النتيجة حصول عدم ثقة ، وجمود ، وفراغ في الساحة ملأتها السلطة عبر الوافد الآبوجي الجديد منذ بداية الثمانينات ، وحتى لانضع جميع الأحزاب والتيارات السياسية الكردية في سلة واحدة حول مسؤولية التقصير ، وحتى لا نظلم أحدا ، لابد لنا من تسليط الضوء على مجريات ، وخفايا تلك المرحلة .
المشهد الكردي السوري قبل – ب ك ك –
تزامن قدوم زعيم حزب العمال الكردستاني السيد عبد الله أوجلان بداية ثمانينات القرن الماضي الى سوريا ، واحتضانه من جانب عائلة الأسد ، البدايات الأولى لعملية تعامل النظام الفعلي المباشر ، الى جانب الأمني مع الحالة الكردية كورقة ، وتنظيم إدارة الملف الكردي في الداخل وفي العراق وتركيا عبر مؤسسة وخبراء ، ومستشارين ، موزع بين عدد من فروع المخابرات ( العسكرية ، والسياسية ، وأمن الدولة ، ولاحقا الجوية ) ليصب بالنهاية في دائرة المركز الأمني في القصر الجمهوري ، وبرزت أسماء ضباط كبار تناولوا مسؤولية الملف الكردي في عهد الأسد الاب والابن من بينهم اللواء علي دوبا ، واللواء بدر حسن ، والعقيد يوسف طحطوح ، والعميد عدنان الحمداني ، واللواء مصطفى التاجر ، واللواء محمد ناصيف ، والملازم عارف ، واللواء محمد منصورة وآخرون من الدرجات الثانية والثالثة .
كان الصراع الفكري – السياسي الكردي – الكردي في أوجه حينذاك ، بين نهج قومي ديموقراطي يساري ، ينطلق من وجود شعب كردي سوري ، من السكان الأصليين يستحق من حيث المبدأ ان يقرر مصيره السياسي ، والإداري ، في اطار سوريا تعددية موحدة ، معتبرا القضية الكردية جزء لايتجزأ من النضال الوطني الديموقراطي المعارض للاستبداد ، ومتمسكا باستقلالية القرار الكردي السوري ، وكان يقود هذا النهج ( البارتي الكردي اليساري – حزب الاتحاد الشعبي ) .
النهج الآخر توزع بين أحزاب اما موالية بشكل منتظم للسلطة مثل ( اليمين والوحدة ) ، أو مهادنة مع رفع شعارات – قومية - دون القطع مع النظام مثل ( البارتي ) ، والطرفان كانا يتستران بعض الأحيان بذرائع البعد الكردستاني ، وتوجيه الأنظار نحو الخارج ، فاليمين كان شبه تابع لحزب المرحوم جلال الطالباني الذي تأسس في دمشق عام ١٩٧٥ ، وكان هذا الحزب الأخير منخرطا في تفاهمات مع اللواء علي دوبا بشأن ترتيبات مدروسة حول الحركة الكردية في العراق ، وسوريا ، وتركيا ، اما البارتي فكان يخفي مهادنته للنظام تحت ظل الحرص على علاقات – الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق مع النظام السوري خاصة وان مختلف قيادات الأحزاب الكردية العراقية كانت لاجئة في سوريا الى جانب اطراف المعارضة العراقية ، وهي لم تكن بحاجة الى مهادنة كرد سوريا المحرومون من الحقوق ، والمضطهدون ، والمقموعون ، للنظام ، ولم تطلب ذلك في يوم من الأيام ولكن تلك الأحزاب الكردية السورية كانت تختلق الذرائع للتهرب من دفع الاستحقاقات النضالية وتقديم التضحيات في سبيل تحقيق طموحات الكرد السوريين .
لقد وجد الاتحاد الشعبي نفسه وحيدا على الصعيد الكردي في مواجهة النظام ، وحمل الحقوق والمطالب عبر مشروعه القومي والوطني والكردستاني المعلن بمسودات برامج أقرها مؤتمراته تحت صيغ : ( الجبهة الوطنية الديمقراطية الكردية السورية ومن ضمنها الميثاق القومي لكرد سوريا – والجبهة الوطنية السورية – والجبهة الوطنية الديموقراطية الكردستانية ) ، وقد حققنا خطوة مهمة مع البارتي لم تدم طويلا عندما اتفقنا على برنامج – التحالف الديموقراطي – واصدرنا بيانا مشتركا ( في بيروت عام ١٩٨٠ ) كارضية تمهيدية للتحالف سرعان ما تم التراجع عنه من جانب الاخوة بالبارتي عندما ضموا اليمين اليه وكان ذلك إيذانا بافراغ التحالف من مضمونه خاصة وانه جرى حذف كل ما هو ضد النظام .
لقد سعى الاتحاد الشعبي بكل جهوده من اجل تحقيق جبهة ، او تحالف لكرد سوريا ، ولكنه كان يصطدم على الدوام بالرفض أو التجاهل ، من جانب الأحزاب الأخرى ، والسبب الحقيقي كان مسألة الموقف من نظام الاستبداد ، حتى أنني أقدمت على توجيه رسائل الى المسؤولين الأوائل لتلك الأحزاب في تلك المرحلة اقترحت فيها ان ينسحب المسؤول الأول وأعضاء المكتب السياسي في كل حزب لافساح المجال للدماء الجديدة عسى أن يتفقوا بمعزل عن الذين شاركوا بالصراعات ، ولكن الجميع لم يجيبوا على رسائلي ، وأقولها علنا ان الأحزاب الكردية في تلك المرحلة أصبحوا جزء من حملات النظام الإعلامية الدعائية ضد الاتحاد الشعبي وقيادته ، حتى أن الوفد الثلاثي الذي شكله محمد منصوره وباركه ليشارك في مؤتمر ستوكهولم عام ١٩٩٠ ، كان مكلفا بمقاطعة وفد الاتحاد الشعبي ورئيسه المشارك وقد اخبرني عضو الوفد المرحوم الصديق كمال احمد آغا في منزل وامام قريبه الصديق دارا بلك وهو حي يرزق .
موقفنا المناهض للنظام وتمسكنا بمبدأ حق تقرير المصير لكرد سوريا باطار الوطن الواحد ، واصرارنا على احترام الشخصية الكردية السورية ، وصيانة قرارنا المستقل ، فتحت علينا أبوابا معادية عديدة ، حتى أن وقوفنا الى جانب قضايا أشقائنا في البعد الكردستاني ، وعلاقاتنا النابعة من الحرص ، تأثر بمراحل عديدة مدا وجزرا بنهجنا الصادق والصريح والمبدئي ، فخلال ثورة أيلول كنا الطرف الكردي السوي الأكثر قربا وحميمية مع الاشقاء في كردستان العراق الذين لم تكن لهم حينها علاقات مع النظام السوري ، ولكن بعد نشوء العلاقات وتوسعها اصبحنا في وضع ( الحب من طرف واحد ) .
عندما استقر المقام لقيادات – ب ك ك – في دمشق وتم اعتمادهم من جانب النظام كقوة رديفة لمشروعه في المنطقة عموما وتجاه القضية الكردية خصوصا ، كان الخاسر الأول للوهلة الأولى حزبا اليمين والوحدة بسبب تحولهما الى درجة ثانية من حيث الحظوة ، ولكن بالرغم من ذلك فقد هرولت غالبية الأحزاب الكردية تجاه السيد اوجلان ، واستمرت في علاقاتها ومواقفها السابقة مع النظام ، حتى قادة أحزاب كردستان العراق تواصلوا معه وطلبوا اللقاء به.
في تلك المرحلة حاول الحزبان الشيوعييان السوري والعراقي اقناع الاتحاد السوفييتي لرعاية تحالف سياسي يقوده حافظ الأسد الذي كان يعتبر السوفييت نظامه وطنيا تقدميا ، يتشكل أساسا من الشيوعيين ، وأطراف من الحركة الكردية ، وبعض الفصائل الفلسطينية ، ومجموعات من الشيعية السياسية المدعومة من ايران ، لذلك بدأ نظام الأسد بتوسيع دائرة علاقاته الكردية ، واستقبال اوجلان وقادة حزبه من اجل استخدامهم داخليا ضد الحركة الكردية الاصلية ، وخارجيا ضد تركيا وكل طرف كردي يشق عصا الطاعة للدكتاتور الأسد ( وهذا ماجاء أيضا كتاكيد في شهادات لبعض اركان نظام الأسد المنشقين مثل خدام وحجاب ) ، وبالتدخل في تفاصيل القضية الفلسطينية ، بمافي ذلك زرع جماعات له بصفوفها ، وشق حركة فتح ودعم اتباع النظام ، وكذلك التعاون مع ايران في تشكيل حزب الله وفصائل أخرى موالية .
مراجعة نقدية في تحديد التقصير
وهكذا فقد كان هناك قبولا إقليميا لحزب العمال الكردستاني خصوصا من معظم ان لم يكن كل الانظمة الحاكمة المقسمة للكرد ووطنهم ، لاستعداده التعاون مع تلك الأنظمة ، وانخراطه في الاقتتال الكردي – الكردي ، واعتباره مواجهة الحركات الكردية القائمة ( الخائنة ! ) في سلم الأولويات للحلول محلها بديلا ، ولان هذا الحزب يرفض مبدأ حق تقرير مصير الكرد ، ويعلن ازدراءه للنضال والتاريخ الكردي منذ قرون وحتى الان ويعتبر ان التاريخ بدأ منه ، خلاصة القول فقد وجدت الأنظمة الإقليمية المستبدة والشوفينية ، ضالتها في هذا الحزب من اجل توجيه ضربات للحركة الكردية الحقيقية .
إضافة الى ماتقدم فان الساحة الكردية السورية كانت مهيأة لظهور وامتداد ب ك ك أولا : بسبب إرادة النظام الذي سهل بل شجع انخراط الشباب والشابات في هذا الحزب ، وثانيا لان الحركة الكردية الاصيلة كما ذكرنا أعلاه كانت مفككة ، ومنقسمة ، والغالبية من أحزابها كانت ضعيفة وملحقة بالنظام بشكل وآخر ، ولم تكن تمتلك مجتمعة أي مشروع قومي او وطني ، فقط الاتحاد الشعبي كان يتميز بامتلاك مشروع برنامج وكان أحيانا كمن يغرد خارج السرب ، ولذلك حورب بشراسة من الجميع وخصوصا من النظام الذي كلف محمد منصورة بتنفيذ مخطط شق الحزب ودعم واسناد المنشقين .
لذلك أقول : علينا الاعتراف بالحقيقة المرة وهي تقصير الأحزاب الكردية التي كانت قائمة قبل ظهور ب ك ك ، بل مساهمة بعضها في استكمال مشروع النظام بخصوص القضية الكردية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف فجرت حرب غزة جدل حرية التعبير في الجامعات الأمريكية؟ | ا


.. Amnesty Launches Annual Report on the State of Human Rights




.. وكالة -الأونروا- تنشر مشاهد للدمار في غزة في اليوم الـ 200 ل


.. بطلب من الأرجنتين.. الإنتربول يصدر نشرة حمراء لاعتقال وزير د




.. إسرائيل تستبق الاجتياح البري لرفح بإنشاء مناطق إنسانية لاستي