الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجرة مندائيوا اورشليم الى بلاد الرافدين / من كتاب صابئة فلسطين والغنوصية المحدثة -أحمد راشد صالح/ القسم الثاني

أحمد راشد صالح

2021 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القسم الثاني

من جانب آخر، نرى الرسوم المندائية هي الاخرى تستخدم طريقة الرسم البدائي، والتي غالبا ما كان يرسمها انسان العصر الحجري في الكهوف، (نعتذر لعدم وجود امكانية نشر الصور في الموقع) تلك التي تحمل معان توضيحية أكثر منها تعبيرية، وهذا ما من شأنه ان يؤكد عمقها التاريخي الضارب في القدم. كما ان تركيز الرسوم على الزوارق الشراعية، واشجار النخيل والماء، دليلا اخر على بيئتها الرافدينية، وهذا ما يقودنا الى الترجيح من ان انتقالها الى المناطق المجاورة ومنها فلسطين قد حصل في وقت لاحق. وهذا ما نراه جليا في الرسوم التي أشرنا اليها في كهف صابا، والتي تشير الى ذات الأدوات الرافدينية المشار اليها في أعلاه . وبالتالي فان الهجرة باتجاه بلاد الرافدين، تمثل في حقيقتها عودة لا انتقال. إلا ان محدودية النصوص التي تناولت فترة ما بعد الهجرة، مضافا اليها الرمزية الشديدة التي لم تكن تخلوا من مبالغة في تقييم الاحداث، أَضافَ ضبابية على ذلك الجزء المهم من تاريخ المندائية.الامر الذي يرجح جملة أمور، فإما ان هنالك مجاميع من اللفائف فقدت كنتيجة للحرائق التي غالبا ما كانت تلتهم بيوت القصب، او ان ذلك جاء كنتيجة للغزوات والتي غالبا ما كان يتعرض لها المندائيون، فيعاد كتابة ما فقد منها بين الحين والأخر اعتمادا على الذاكرة. ولان ما يورث من الأجداد غالبا ما كان ينظر له بقدسية، وعليه يتحول النص من نص تاريخي الى نص مُشوش، الا اننا ومع كل ذلك سنحاول الاستدلال من خلال ما هو متوفر من اخبار للبحث في الموضوع، من خلال رسم خارطة تتوافق او تقترب على اقل تقدير من المعطيات التأريخية المتوفرة.

تذكر لنا لفائف حران التالي:
1- مندائيو فلسطين انتقلوا الى بلاد ما بين النهرين تحت حماية الملك الفرثي اردوان ملكا بعد وفاة النبي يحيى.
2- انتشار المندائية في شمال حران وشمال العراق امتدادا ومن ثم بغداد وجنوب العراق.
3- حصول احتكاك بين المندائيين من جهة واليهود من جهة أخرى، تمكن خلالها المندائيون من دحر اليهود واخذ السلطة منهم، وتم على أثر ذلك تعيين سبعة حكام حكموا عدد من المناطق تحت رعاية الملك اردبان وهم كل من:

زازاي بن هيبل اثرا حكم او استوطن منطقة بغداد
فافا بن كودا حكم اعلى مصب نهر كارون
انوش بن نطار هيي حكم منطقة النبع
انوش شايار بن نصاب حكم منطقة الفرات
بريخ ياور بن بهداد حكم دار العلوم في سورا من مدينة بابل
نصاب بن بهرام حكم منطقة جبل كلازلاخ
اسكا مندا حكم منطقة جبل بروان
المخطوطة ذاتها تشير أيضا الى ان أحد احفاد الملك اردوان كان قد اعتنق المندائية وأضحى من الناصورائيين.
فيما يخص النقطة الأولى والمتعلقة بهجرة المندائيين، فان لفائف حران تذكر ان المندائيون اتجهوا من خلال التلال الميدية في الجزء الشمالي من وادي الرافدين ومنه الى الجنوب. الهجرة هذه وبحسب حران كويثا تمت بمساعدة من الملك الفرثي اردوان، الا ان النص لم يحدد أي اردوان منهم، سيما وان هنالك عدد من الملوك الفرثيين تسموا بذات الاسم (اردوان الأول، الثاني، الثالث...). من جانبه يرجح عالم الانثروبولوجيا كورت رودولف ان يكون الملك اردوان الرابع او الخامس هو المقصود، فيما السيدة دراور وهي من اهم علماء الانثروبولوجيا الذين درسوا المندائية عن قرب، لفترة تجاوزت الخمسة والعشرون عاما، ترجح ان يكون اردوان الثالث هو المقصود، والمرجح بشكل عام واعتمادا على المعطيات التاريخية، والتي سنأتي عليها تباعا، ان الهجرة وكما يبدوا بدأت في زمن اردوان الثالث، لما وجد من احداث حصلت في زمنه تتوافق من حيث المبدأ مع ما تذكره لنا نصوص حران كويثا. ومن الممكن جدا انها استمرت لفترة زمنية ليست بالقصيرة، ولربما امتدت الى اردبان الخامس، فصعوبة التنقل آنذاك وبطء الحركة، يجعل من الصعب اكتمال الهجرة في عقد او عقدين. ومن المهم ان نذكر ان الهجرة المندائية هذه، لها ما يؤيدها من خارج المندائية. فيوسيفوس يذكر لنا ان الاسينيون تركوا اورشليم الى مكان مجهول، متخذين من هضاب حران باتجاه الشمال طريقا لهم اثناء الحرب اليهودية الأولى، وهو ذات الطريق الذي سلكه المندائيون، الامر الذي يعزز ما ورد في لفائف حران بهذا الخصوص. وبحسب ما بين أيدينا من مصادر عن الفرثيين، فقد عرف عنهم عدم ممارسة أي اضطهاد ديني ضد شعوب الأقاليم التابعة لهم، لا بل على العكس من ذلك، فما ورد من اخبار يشير الى انهم كانوا متسامحين الى حد بعيد في التعامل مع المعتقدات الدينية الأخرى، كما ولم يتدخلوا بعموم المفاهيم التي كانت سائدة في تلك الأقاليم. ومن قبيل هذا التساهل اقتباسهم الكثير من مقومات الحضارة البابلية التي استمرت كمفاهيم عامة، رغم سقوط بابل على يد الاخمينيين. وليس ذلك وحسب، وانما انتشار اللغة الآرامية بشكلها المندائي كلغة رسمية في الادب والثقافة العامة والمعاملات وفي سك النقود، من بابل وحتى عيلام مرورا بمملكة ميشان. كما وهنالك العديد من اللقى الاثرية التي عثر عليها مخطوطة بخط مندائي، خاصة في مناطق الطيب و بسماية و نفر، والتي يرجح انها تعود الى القرن الأول قبل الميلاد. ما يعني ان المفاهيم المندائية كانت حاضرة وذات تأثير كبير في الثقافة المجتمعية، باعتبار ان اللغة هي الحامل لمفاهيم المجتمع، وبالتالي فان انتشارها سيقود بالضرورة الى انتشار تلك المفاهيم، وهذا الامر من شأنه ان يضفي مصداقية على ما تذكره لنا نصوص مخابئ حران في هذا الشأن.
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتتع

ملاحظة : لمن يرغب في متابعة الصور التوضيحية المتعلقة بالمقال يرجى زيارة الصفحة الشخصية في الفيسبوك ( Ahmed Salih)
بعد يوم واحد من النشر في هذا الموقع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد