الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة والدولة

محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)

2021 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


اغتيال الدولة
المقاومة والدولة

في ندوة عن المقاومة والدولة أقيمت في حسينية كفررمان بتاريخ 4-3-1993، وبحضور النائب محمد رعد عرضت هذا التحليل والموقف والعلاج، جاءني الاعتراض يومئذ من الحزب الشيوعي ولم يصدر عن حزب الله أي تعليق. تبدلت أحوال وتغيرت ظروف وما زال حل المعضلة هو هو : الحل بالدولة
أولاً: المقاومة والمشروع السياسي
لا شك أن هدف المقاومة المباشر هو تحرير الأرض، لكنه لا يستقيم إذا كان هدفها الوحيد والأخير، بل عليه أن يندرج في سياق مشروع أعم وأشمل، وأن يكون خطوة تكتيكية على طريق استراتيجية، أي على طريق إنجاز مشروع سياسي هو، بحسب مشاريع أطراف المقاومة، ذو أفق اشتراكي أو قومي أو ديني. المشروع السياسي هو الذي يمنح المقاومة التحريرية أفقاً ويوفر لها الأدوات التعبوية والأيديولوجية والوضوح في الرؤيا، وهو الذي قد يتحول عنصر ضعف، بل، مأزقاً. قوة التحرير إذاً من قوة المشروع السياسي وضعفه من ضعفه. وهذا ما يفسر انحسار المقاومة المسلحة لدى أصحاب المشاريع الاشتراكية، لا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانسداد الأفق الاشتراكي، ولو مؤقتاً، ولدى أصحاب المشاريع القومية بعد أن تكرس انهيار حركة التحرر العربي والعالمي في حرب الخليج. وبالمعايير ذاتها يمكن النظر إلى المشروع الإسلامي، لا سيما بعد أن تخلت القوى الإسلامية في المقاومة، على الأقل في خطابها المعلن، عن مشروع إقامة دولة إسلامية، وانخرطت فعلياً في أجهزة الدولة القائمة، الأمر الذي جرد المقاومة من أفق الوضوح الستراتيجي، وجعلها تكافح من أجل التحرير فتستظل مشروعاً سياسياً متردداً بين عناصر من مشاريع شتى بعضها إسلامي، بعضها قومي، وبعضها ليبرالي
ثانياً: المقاومة والعمق الخارجي
إن تجارب المقاومة الحديثة منذ بداية القرن تثبت أن نجاح المقاومة متوقف إلى حد بعيد على العمق الخارجي الجغرافي والسياسي (تجربة المقاومة في فيتنام ضد الولايات المتحدة، وفي فرنسا ضد النازية، في أقغانستان ضد الشيوعية) وقد أمكن للمقاومة في لبنان أن تحظى بهذه المزية مستندة إلى عمق عربي وإقليمي (سوريا، إيران) وعمق دولي ممثلاً بالمعسكر الاشتراكي قبل انهياره. إلا أن عنصر القوة هذا قد يتحول بدوره مأزقاً إذا غدا العمق الخارجي هو المهيمن وهو الذي يحتل موقع الصدارة والأولوية في صياغة خطة المقاومة، الأمر الذي يضعف رصيدها الداخلي وحصانتها الشعبية وهو ما حصل فعلاً بعد أن أخذ زخم المقاومة وشعبيتها بالتراجع.
ثالثاً: المقاومة والكفاح المسلح
يكون الكفاح المسلح ضرورة عندما يندرج ضمن سياق يرى في المقاومة ثقافة وتراثاً وتاريخاً. فالمقاومة في لبنان لم تنطلق بسبب وفرة السلاح وصنوف الأيديولوجيا، بل هي استمرار لكفاح الشعب اللبناني دفاعاً عن "وحدة لبنان وعروبته وتطوره الديموقراطي"شعار "الحركة الوطنية اللبنانية" وهي ظاهرة ترقى إلى عوامل جنوبية، سياسية وربما دينية أيضاً، علينا أن نتعمق في درسها.
إن حصر أهمية المقاومة بتقنيات السلاح والحرب يغفل أهمية المواجهات المدنية التي قام بها المواطنون العزل من أبناء الجنوب ويغفل الدور الأساسي الذي لعبه أهالي قرى الجنوب في حماية المقاومين وتأمين الغطاء السياسي لهم دونما تمييز بين مقاوم وآخر. وبهذا المعنى فإن قوة المقاومة تكون في مقدرتها التوحيدية.
تبرز مبررات هذا الكلام واضحة جلية، لا في ظاهرة الانقسام حول هوية المقاومة وأدوات نضالها فحسب، بل، وفي شكل خاص، حول مستوى تمثيلها للشعب اللبناني، إذ ليس من قبيل القوة للمقاومة أن تتحول جناحاً عسكرياً لطائفة أو طوائف، في مواجهة إسرائيل صراحة، وفي مواجهة طوائف أخرى مضمرة خصوصاً أن تاريخ الحرب أفرز مقاومات متعددة لدى كل الطوائف. والحقيقة أن الانقسام الطائفي يشكل أحد أهم المآزق أمام مواجهة الشعب اللبناني للاحتلال الإسرئيلي.
رابعاً: المقاومة والسلطة الرسمية
يشهد لبنان، للمرة الأولى في تاريخ صراعه مع إسرائيل، شكلاً من الاعتراف المتبادل بين المقاومة والسلطة. لكنه اعتراف مبني على محاذير متبادلة أكثر مما هو مستند إلى تكامل وتعاون. إنه نوع من الهدنة يأمل كل طرف أن يستفيد منها لتعزيز مشروعه. وإذا كان التحرير هو الهدف المشترك فإن المشاريع التي يندرج فيها هذا الهدف تثير المخاوف لدى بعض الأطراف، ذلك أن السلطة تخشى من إدراجه في مشروع تحرير فلسطين كلها وبناء الدولة الإسلامية، أو إقامة النظام الاشتراكي، وتخشى المقاومة من إدراجه في النظام العالمي الجديد والمصالحة مع إسرائيل.
ما الحل إذاً إزاء هذا المأزق المتعدد الجانب؟ إنه في تجديد الفكر السياسي الرسمي والشعبي بحيث تكف السلطة عن النظر إلى قوى المعارضة الشعبية بصفتها العدو الأساسي، وتكف هذه الأخيرة عن محاربة السلطة بصفتها العدو الأساسي، وبحيث لا يعود رسم المستقبل السياسي للبلاد من مسؤولية السلطة ورسم الخطط لقلب نظام الحكم من مسؤولية الأحزاب. بعبارة أخرى، ينبغي أن تستقيم العلاقة بين الطرفين على أساس المساومة الديموقراطية التي من شأنها وحدها تحصين الوضع الداخلي في مواجهة مخاطر الخارج.
مثل هذا الأمر متوقف، إلى حد بعيد، على اتفاق اللبنانيين، اتفاقاً لا رجعة فيه، على بناء هذا الوطن ودولته وسلطته على أسس حديثة من الديموقراطية والمساواة في المواطنية بمعزل عن البنى الطائفية الوسيطة، وعلى تغيير الخطاب السياسي الرسمي الذي يجنح دوماً إلى تجديد بنى الانقسام بأشكال شتى ليس أقلها الميل إلى إعادة بناء أجهزة السلطة، ومنها الإدارة من غير الكفاية والنزاهة والاستقامة، وعلى تغيير الخطاب الحزبي الذي يميل دوماً إلى عدم الاعتراف بالأزمة البنيوية التي عصفت بالأحزاب ومشاريعها. إن تجديد أسس الانقسام هذه ستبقى هي الراجحة في ظل العقم الذي يصاب به الحوار السياسي وفي ظل غياب مشروع وطني وديموقراطي يوحد اللبنانيين ويشرّع لهم اختلافاتهم السياسية والطائفية ويعترف بحق الاختلاف من داخل الوحدة الوطنية.
إن ذلك كله يحتاج إلى حركة سياسية نوعية، حركة من طراز جديد تعوض هذا الفراغ الوطني وتستند إلى الجوانب المنيرة والإيجابية في تاريخ لبنان وتاريخ حركته السياسية وأحزابه.
نعم إن حل مأزق المقاومة يبدا من حل مأزق بناء الوطن والدولة والسلطة، على أساس العدل والكفاية وسيادة القانون وحقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخطاء لا تغتفر
فؤاد النمري ( 2021 / 5 / 8 - 11:51 )
المفاومة في فرنسا وفي غيتننام إنبثقت من الشعب
أما المقاومة في أفغانستان فمستوردة من خارج الحدود وقد أنفق عليها ملك السعودية فهد 55 مليارا من الدولارات
ومقاومة حزب الله مستوردة من إيران باعتراف نصرالله ولا يشارك فيها أي لبناني غير مأجور لإيران وثمة شواهد كثيرة على أن حزب الله هو عملياً ضد الشعب الفلسطيني وهو بالتعاون مع حزب الليكود أسقط اتفاقية أوسلو وحارب في العام 96 تحت شعار -العمل والليكود وجهان لعملة واحدة- أسقط العمل وجاء بالليكود الذي ما زال يقمع الشعب الفلسطيني بوحشية
ألا يذكر مقلد حسن نصرالله على التلفزيون يناشد أحداً من الشرطة الغلسطسنية بأن يفرغ رشاشه في رأس ياسر عرفات !؟
ايجال عامير اغتال اسحق رابين وهو ينشد للسلام وحسن نصرالله اغتال سياسياً نائبه شمعون بيريز وهو يعمل للسلام
لماذا يا مقلد لا تقرأ التاريخ كما هو ؟
ذلك هو نهج ماركس


2 - الغراب و الحمامة
عبد الحسين سلمان ( 2021 / 5 / 8 - 13:20 )
تعليق رقم 1 ( التعليق الخزي).

لماذا يا مقلد لا تقرأ التاريخ كما هو ؟
ذلك هو نهج ماركس .

هذه الجملة ( تقرأ التاريخ كما هو ) ليس لها علاقة بماركس ( والنمري يتعامل مع ماركس , تعامل المسلم مع البخاري).
بل هذه الجملة السالفة الذكر هي جملة ( هيجلية Hegelian ) وبدون أن يعرف ( النمري ) هذا الفخ الذي وقع فيه , لأنه كما لا يعرف ماركس , كذلك لا يعرف ( هيجل Hegel).

كيف ؟
يقول هيجل:
All that is real is rational-;- and all that is rational is real
كل ما هو واقع هو معقول , وكل ما هو معقول هو واقع.

يقول إنجلز عن هذه المقولة:
هذه الموضوعة كانت , في الظاهر تبريراً لكل ما هو موجود , كانت بَرَكَة فلسفيّة للاستبداد , والدولة البوليسيّة .

بينما قراءة التاريخ عند ماركس هي:
The history of all hitherto existing society is the history of class struggles.
إن تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ صراعات طبقية.

التاريخ عند ماركس هو ( تاريخ صراعات طبقية) بينما عند ( هيجل) تاريخ ( كما هو) ,( لكل ما هو موجود). و ( النمري) كان ومايزال مثل ( الغراب الذي أراد تقليد مشي الحمامة )







3 - معاداة الديمقراطية والغرب جعلكم في احضان الرجعية
منير كريم ( 2021 / 5 / 8 - 16:16 )
تحية للاستاذ الكاتب
هل صدقت ان ما هو موجود هو مقاومة ؟
هذه الاراضي المحتلة هي سورية وسوريا صامتة وكل مشروع نصرالله هو جزء من المشروع الامبراطوري الفارسي للهيمنة على لبنان واول من كتب ذلك هو الرئيس الجميل قبل زمن واليسار وخاصة الشيوعي انتهازي اومخدوع ويخدع الشعب
حزب الله حزب رجعي طائفي ارهابي مارس القتل ضد اللبنانيين ومنهم قادة شيوعيون وهل هذا الحزب يستشير اللبنانيين حينما يشعل حربا مع اسرائيل او حينما ذهب الى تفاهمات نيسان مع اسرائيل
الشعار اللعين الذي بداه لينين العداء للامبريالية جمع كل الارهابيين والعنصريين والرجعيين والشيوعيين في خانة واحدة هي العداء للحرية والحضارة
شكرا

اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل