الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (4)

عادل صوما

2021 / 5 / 7
كتابات ساخرة


طالب عدد من خبراء القانون والدستور والعمل المدني في لبنان ، نواب البرلمان بالقيام بالتحرك والتصويت من أجل محاكمة الرئيس ميشال عون، وفق المادة 60 من الدستور اللبناني بتهمة خرق الدستور.
الورقة تحمل اسم "وثيقة اتهام دستوري بحقّ رئيس الجمهوريّة"، وقد صاغها القاضي شكري صادر والمرجع الدستوري حسن الرفاعي والدكتور أنطوان مسره، ومجموعة من الكُتّاب السياسيين والإعلاميين والقانونيين، تمهيدا لإحالة الرئيس عون إلى المحاكمة التي قد تعزله عن السلطة، أو تخلص إلى قرار آخر، وسيتم إرسال هذه الوثيقة إلى منظمة الأمم المتحدة بعد استكمال حملة توقيعها.
كانت خروقات رئيس الجمهورية للدستور، كما ورد في الوثيقة، عدم توقيعه مرسوم التشكيلات القضائية، والتوقيع على مرسوم التجنيس (الذي سيسبب خللا طائفياً عظيما في لبنان وزيادة عدد سكان في بلد فقير الموارد)، وخروجه عن دوره كحَكَم والمطالبة بحصة وزارية وبثلث معطل وبوضع شروط على رئيس الحكومة المكلّف.
كما اتهمت الوثيقة الرئيس عون بالتقاعس عن دوره في التوقيع على المرسوم 6433 الخاص بالحدود البحرية، وعدم حضّ الحكومة على تحديد موعد لإجراء الإنتخابات الفرعية لملء الفراغ الذي نجم عن استقالة ووفاة بعض النواب، علاوة على التماهي مع "حزب الله" على حساب مصالح لبنان، والسكوت عن تصرف وزير الاقتصاد الذي وجّه كتاباً الى المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، يطلب منه "إلغاء الأعمال الحربية والإرهابية من دائرة الأسباب التي أدت إلى انفجار مرفأ بيروت".
وعلى عادة ميشال عون الذي يحارب عسكريا وسياسيا بحماسيات استبدادية لا علاقة لها بالواقع، ولم يُعرف عنه أي ثوابت سياسية ما عدا موالاة "حزب الله" المطلقة، أوعز إلى مستشاره وزير العدل السابق سليم جريصاتي بالرد، وجاء رد وزير العدل السابق بشكل لا يليق بمقام منصبه السابق ولا بوظيفته كقاض دستوري سابق أيضا، بل يليق بموظف تشريفات يعتبر سيده الناس جميعاً جهلة وفلاحين أميين في اقطاعية سياسية/اقتصادية، لأنه أسمى صائغو الوثيقة بالكتبة، وقال إن "جُلّهم ليسوا من أهل القانون، واثنان أو ثلاثة منهم ملمّون بالعِلم الدستوري إلماماً موجّهاً وفئويّاً وسياسيّاً. تنادوا فوضعوا ما أسموه وثيقة اتهام دستوري بحقّ رئيس الجمهوريّة"، وأضاف أن الدراسة "انطلقت مما يئدها في مهدها من أنّ خرق الدستور هو مفهوم سياسي وليس قانونيّاً أو جزائيا" ، وقد ردّ القاضي والقانوني الكبير شكري صادر ووصف جريصاتي " تلميذي الراسب في الامتحان".
الرئيس عون يشبه آخر ملوك مصر الملك فاروق الأول، الذي كان ملكا دستورياً لكنه تدخّل بجهله في ألعاب سياسية كانت أكبر من خبراته وأدت إلى عزله، وأصبح بسبب تدخلاته خصماً ومُعطلا للبرلمان وناسفاً لأي حكومة لا يروق رئيسها له ( لحزب الله في الواقع اللبناني)، لكن الجنرال السابق تفوق على الملك بتحويل النظام السياسي الرئاسي من برلماني إلى ملكي، بالتجاوزات التي يقوم بها مستشارون مقربون منه وبعلمه لخدمة أجندة "حزب الله" طويلة المدى.
الدستور اللبناني يعطي الرئيس صلاحيات، لكن عون يستخدمها للتصادم مع الفرقاء بسبب عقليته العسكرية الاستبدادية التي تحكم لخدمة أجندة إيران في نهاية المطاف، وهذه هي المخالفة الدستورية والسياسية الأهم والأخطر، التي ستصل بلبنان إلى أنقاض بلد ينتظر أن يُرفع على أراضيه كافة علم إيران كجزء من الاراضي التي تقع تحت حكم ولاية الفقيه، بعدما أصبح الميثاق الوطني اللبناني مجرد كُتيِّب منسي في البرلمان والمكتبات، وأصبحت أرض لبنان منصة صواريخ لن تحرر جنوبه كما يزعم "حزب الله"، بل ستوقع لبنان في حروب لا شأن له بها، كما صار لبنان أرض التهريب الذي يتولاه ويحميه من يقومون بمهمات أجهزة الدولة وبدلا منها، في جمهورية فاشلة مباحة لمصالح الاقطاعيات السياسية والاقتصادية، وهدف رئيسها توريث الحكم لزوج ابنته. وهذه اقتبسها من حسني مبارك العسكري أيضا، الذي أطاحت به ثورة شعبية يستحيل أن تحدث في لبنان، الذي تحوّل شعبه إلى فئات دينية بعضها متزمت وبعضها مترهل، لا انتماء وطنيا خالصا لها ولا يمكنها الاتحاد حول هدف لبناني واحد.
هل هناك دليل أعظم على فشل الرئيس ميشال عون من اعتباره أن تحقيق الإصلاحات والتدقيق المالي، الذي يشكل البند الأول من المبادرة الفرنسية المعلنة في سبتمبر الماضي، أمر أساسي للنهوض بلبنان، واستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي؟
واضح أن الرجل لا أجندة له للدولة اللبنانية، بل ينتظر أجندات دول أخرى لتنفيذها، ويطلب بوقاحة الاقطاعيين السياسيين خلال استقباله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، مساعدة باريس والدول الأوروبية على استعادة الأموال المهربة إلى خارج لبنان، مؤكداً أن ذلك يساعد على تحقيق الإصلاحات، وملاحقة من أساء استعمال الأموال العامة، أو الأموال الأوروبية المقدمة إلى لبنان، أو هدر الأموال بالفساد، أو بتبييضها. الوقاحة هنا لأنه هو شخصيا وزوج ابنته ليسا بعيديّن عن الشبهات في كل ما طلبه من وزير الخارجية الفرنسي!
من المؤكد أن محاكمة الرئيس عون لن تحدث، لأن اتهام رئيس أي جمهورية يجب أن يصدر عن مجلس نواب بأكثرية ثلثي أعضائه، وهذا الأمر مستحيل في برلمان سيء السمعة، طالبت الجماهير بمحاكمة نوابه الاقطاعيين الفاسدين، الذين تداول كثير من اللبنانيين فيلما ساخرا صوّر ممثلة تتقمص شخصية زوجة رئيس مجلسه، وهي تمسح دموعها بورقة من فئة مائة دولار أميركي، بينما تتحدث عن متاعب الشعب اللبناني الذي بلغت نسبة البطالة فيه 60%.
"الورقة" التي قدمها القانونيون وبعض الكتّاب السياسيين والاعلاميين مجرد صرخة استغاثة من سفينة مختطفة يعلم قراصنتها تماماً إلى أين تذهب، لكنهم يهتمون بمغانمهم من القرصنة على ركابها داخلياً ودولياً، وتهمة الخيانة العظمى يصعُب اثباتها على قائد السفينة، ولو تمت فالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء منذ تأسيسه وُجد للوجاهة والتنفيعات المالية والسياسية، وهو الوحيد بين دول العالم الذي يجمع بين نواب وقضاة، ولا يحمل بالتالي لا يحمل صفة محكمة عُليا قضائية.
أما القول بأن "الورقة" للتاريخ في مواجهة هذه المستحيلات، فكلام إنشائي لا قيمة له، ولا يصح قوله لشعب يتألم ويجوع ويُسرق علاينة، فالتاريخ مملوء بأوراق تدين ملوك ورؤساء وأباطرة بل وأنبياء عاشوا كآلهة، لكن الخراب وقع على حاضر ومستقبل الدول، وجعل البشر عبيداً خاضعين أو ضائعي الهوية والمصير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب


.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً




.. عوام في بحر الكلام - الفن والتجارة .. أبنة الشاعر حسين السيد