الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 4-5

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2021 / 5 / 7
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


معاداة البرجوازية للديمقراطية و للحرية الحقيقة
للوهلة الأولى ، تبدو العلاقة بين الحرية (وعي الضرورة من طرف الفرد و المجموعة) و الديمقراطية (حكم الأكثرية في المجموعة) هي علاقة تناحرية ظاهرياً على الأقل : الحرية تعني غياب القيود ، في حين أن الديمقراطية مصممة لفرض القيود عن طريق تشريع القوانين . هذا التناقض ليس نظرياً و ظاهرياً فحسب ، بل هو ما يحصل على أرض الواقع الرأسمالي طوال قرنين من الزمان . لقد بات ضرب الحرية الحقيقية بالديمقراطية المزيفة و بالعكس هو شكل و محتوى ديالكتيك اشتغالهما بالمقلوب في كل دكتاتوريات الأنظمة الرأسمالية السابقة و اللاحقة عن طريق تكبيل الديمقراطية بالقيود التي تفرضها حرية تحرك قوة السلطة التشريعية الرهيبة لرأس المال عبر تعليب الرزم المتكاملة مع بعضها لمختلف القوانين التحكمية التي لا تحصى و لا تعد ضد الديمقراطية : فرض العتبات الاعتباطية بنسب للحد أدنى من العدد الكلي للمصوتين الذي يجب الحصول عليه كشرط للدخول للبرلمان بغية سرط أصوات ناخبي الأحزاب الصغيرة (النسب الاعتباطية لقانون "سانت ليغو" مثلاً) ، زائدا تطبيق قانون "الغالب هو الذي يستحوذ على كل الأصوات" ، زائداً التزوير بمختلف أشكاله ، زائداً تنصيب ارادة مؤسسات غير منتخبة فوق إرادة الناخبين (الكلية الانتخابية في أمريكا و مجلسي صيانة الدستور و تشخيص مصلحة النظام في دكتاتورية ولاية الفقيه الايرانية) ، و/ أو تقطيع الدوائر الانتخابية أفعوانياً على نحو يلغي ارادة سكان المناطق المعارِضة ، زائداً شراء الأصوات بهذا الشكل أو ذاك ، زائدا منع الناخبين غير المرغوب فيهم من الإدلاء بأصواتهم ، زائدا شن الحملات الشعواء لنشر الأكاذيب و الأراجيف لتشويه الآخر ، زائداً الترهيب المليشياوي للناخبين... بمثل هذه القوانين و التسلكات و غيرها الكثير ، ادعت و تدعي دكتاتوريات الأنظمة الرأسمالية كلها الحرية و الديمقراطية لنفسها للتغطية على حقيقتها الفعلية : حرية دكتاتورية زمرة الحاكمين الراعين للمصالح العليا لرأس المال على سواد المحكومين المظلومين ممن لا صوت لهم في تقرير مصائرهم . و لقد بلغ احتقار ذئاب رأس المال الوطني الذين كتبوا الدستور الأمريكي عام 1787 للديمقراطية حد تعمدهم رفض ذكرها تماماً في كل نصوص دستورهم المسخ ذاك الذي عملوا فيه كل شيء ممكن لتعطيل اشتغال الديمقراطية لغير الاوربيين البيض في الانتخابات التشريعية . دكتاتورية رأس المال للجنس الأبيض هي العدو اللدود للديمقراطية الماركسية الحقيقة على طول الخط .
و لهذا لا يجب على القارئ أن يستغرب أبداً من قول الدكتور البرجوازي توما حميد المحترم :"ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية" لكونه مروِّجاً برجوازياً أميناً على خدمة مصالح سيده رأس المال العالمي باعتباره ينتمي للحزب اللاشيوعي اللاعمالي العراقي لصاحبه الحزب اللاشيوعي اللاعمالي الإيراني الممول – باعتراف زعيمه البرجوازي منصور حكمت سابقا و زوجته لاحقاً بكل صراحة و حرية – من طرف كل خدم الامبريالية في المنطقة : صدام و نتنياهو و آل سعود و آل نهيان وووو و أسيادهم في واشنطن . من الواضح أن هذين الحزبين المعاديين للماركسية و للشيوعية فكراً و ممارسة هما حزبان برجوازيان للإيجار لمصلحة دكتاتوريات رأس المال التابع في المنطقة بغية تدمير الحركة الشيوعية العمالية فقط لا غير . لذا نجدهما لا شغل و لا مشغلة لهما سوى تزوير و تزييف أركان النظرية الماركسية و تشويه سمعة الاحزاب الشيوعية المناضلة في المنطقة بمناسبة و بدون مناسبة . و بُعيد الانتخابات التشريعية المصيرية في العراق حصراً حصراً حصراً - و ليس في أي وقت آخر - يحرصون كل الحرص على البث الموجه عبر أشهر الفضائيات العربية الرجعية بمن يفتي منهم بفرية : "الشيوعيون يؤمنون بالحق التام لكل امرأة بالحرية الجنسية الكاملة" لكي يسجِّل الدينجية الواقفين للشيوعية بالمرصاد هذا البث الفيديوي و يوصلوه لكل بيت و حارة و شارع في العراق لمنع الناخبين من التصويت للشيوعيين بالقول لهم : "هل تقبلون لأمهاتكم و لزوجاتكم و لأخواتكم و لبناتكم أن يفعلن كذا ؟" ! كما أن أعداء الشيوعية هؤلاء يحرصون اليوم بكل اندفاع على مهاجمة كل قوى اليسار ومعهم موقع الحوار المتمدن التقدمي الناجح الذي وفَّر و يوفِّر لخزعبلاتهم البرجوازية الرثة منبراً جماهيرياً معتبراً و ذلك جزاءً منهم لسنمّار و تنفيذاً لأجندات أسيادهم الإمبرياليين .. و الحبل على الجرار في مساعيهم المحمومة في تنفيذ المهمة الملقاة على عاتقهم لتدمير الحركة الشيوعية في الشرق الأوسط على الأقل بشتى الأحابيل و التي يؤمن كل واحد منهم أنها مهمته المقدسة الأسمى التي تعلو لا يُعلى عليها .
بدون إدراك هذه الحقيقة لا يمكن فهم الواقع المخزي لمهاجمة الدكتور توما حميد المحترم للرفيق رزگار عقراوي المحترم لمجرد أن الأخير قد طالب عن صدق و اخلاص بالمزيد من الديمقراطية في حشع . الدكتور توما حميد المحترم هو و ليدرييه العراقيين و رهبرييه الايرانيين لا يريدون لأي حزب شيوعي حقيقي أن يصبح حزباً جماهيرياً قوياً في العراق و لا في ايران و لا في أي دولة شرقأوسطية . و إلا هل يمكن تصور وجود أي شيوعي حقيقي مؤمن بالماركسية فعلاً - لا زعماً كاذباً - و هو يهاجم مثل هذا الطلب المشروع مائة المائة لتطوير الممارسة الديمقراطية في الحركة الشيوعية في ضوء هذه الأقوال لماركس عن الديمقراطية في "نقد فلسفة الحق لهيجل" ؟ :
"الديمقراطية هي لغز جميع الدساتير . هنا يعود الدستور ، ليس فقط في حد ذاته ، وفقًا للجوهر ، ولكن وفقًا للوجود والواقع إلى أرضيته الحقيقية ، إلى الإنسان الفعلي ، الشعب الفعلي ، ويؤسَّس كعمل خاص بالشعب . يظهر الدستور كما هو ، المنتَج الحر للإنسان . "
"الديمقراطية هي الوجود البشري ، بينما في الأشكال السياسية الأخرى ليس للإنسان سوى وجود قانوني فقط . هذا هو الاختلاف الأساسي للديمقراطية ."
و كيف يمكن لمن يقول "ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية " أن يطبق هذا المبدأ من مبادئ الشيوعية الحقيقية الذي اعتبره إنجلز أنه "فوق كل شيء" ؟ :
"وفوق كل شيء ، ستؤسس البروليتاريا دستورًا ديمقراطيًا ، و (تؤسس) من خلاله لهيمنة البروليتاريا المباشرة وغير المباشرة . " فريدريك إنجلز ، مبادئ الشيوعية ، 1847 .
و من المعلوم أن هذا المبدأ بدون تطبيقه دستورياً في المنظومة الشيوعية الحقيقية تنتفي كل و أي إمكانية لـ "أؤكد على ما سبق حول ان الشيوعية تعني الحرية بالمعنى الكامل للكلمة" التي يبربر بها الدكتور البرجوازي توما حميد المحترم طالما كانت الحرية الحقيقية حسب الماركسية لا تتحقق بالضبط إلا بإخضاع المجتمع للدولة ديمقراطياً :
" الحرية تتمثل بتحويل الدولة من جهاز مفروض على المجتمع إلى جهاز خاضع له تمامًا".
كارل ماركس نقد برنامج غوتا ، الفصل 4" .
و كيف يمكن لمن يقول "ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية " السير قدماً في الطريق البروليتاري الثوري لماركس و انجلز الذي يعتبر أن الديمقراطية هي الطريق المؤدي للشيوعية ؟ :
"إن الخطوة الأولى في ثورة الطبقة العاملة ، هي رفع البروليتاريا إلى موقع الطبقة الحاكمة ، لكسب المعركة من أجل الديمقراطية"
- البيان الشيوعي ، 1848 .
و من نافلة القول بالنسبة للشيوعيين البروليتاريين الحقيقيين فإن الديمقراطية تعني الهيمنة السياسية للطبقة العاملة :
"... في إنجلترا ، حيث تشكل الطبقة العاملة الصناعية والزراعية الغالبية العظمى من الناس ، الديمقراطية تعني هيمنة الطبقة العاملة ، لا أكثر و لا أقل . إذن ، هذه الطبقة العاملة تعد نفسها للمهمة المخزَّنة لها ، و هي حكم هذه الإمبراطورية العظيمة ؛ دعهم يفهمون المسؤوليات التي ستقع حتماً على عاتقهم . المشاركة . و أفضل طريقة للقيام بذلك هي استخدام القوة الموجودة بالفعل في أيديهم : الأغلبية الفعلية التي يمتلكونها في كل مدينة كبيرة في المملكة ، لإرسال رجال من صفوفهم إلى البرلمان. [...] علاوة على ذلك ، يستحيل أن يوجد في إنجلترا حزب ديمقراطي حقيقي ما لم يكن حزباً للعمال ".
مقال فريدريك إنجلز 1881 في "معيار العمل" .
اما بالنسبة لأعداء الطبقة العاملة من مدمري الشيوعية فـ "ليس للديمقراطية مكان في منظومتهم اللاشيوعية" مثلما يتبجحون علناً بمعاداتهم الفجة لأبسط و أوضح أسس الماركسية . هذه هي بعض الأوجه القبيحة الظاهرة لمعاداتهم للشيوعية العمالية الحقيقية في العمل ، أما الغاطس منها فسيتكفل التاريخ بفضحه .

يتبع ، لطفاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فالح معطوف
ابو عادل البصراوي ( 2021 / 5 / 8 - 08:45 )
تعلم تحجي وتناقش اي واحد ينتقدكم يصير تافه وانتوا تشتمون 24 ساعة
هيجي علمكم منصور حكمت ادب الحوار
لو سكرتيرك
اكيد هيجي تتنافشون بحزبكم اللاعمالي بيناتكم يوميه منشقين
صرتو عشرين كتله


2 - الديمقراطية
رائد محمد نوري ( 2021 / 5 / 8 - 11:57 )
1 الديمقراطية التي دعا إليها كارل ماركس وأنجلز هي ديمقراطية الطبقة العاملة هذا كان في القرن التاسع عشر.
2 الديمقراطية حسب لينين لا تتحقق إلا بإلغاء النظام الطبقي.
3 في العالم اليوم لا تشكل البروليتاريا أكثر من 20 % من السكان إذ تهيمن البرجوازية الوضيعة على كل شيء، إذن، مبدأ الأكثرية المغلوب على أمرها انتفى وانتفت معه هيمنة البرجوازية الديناميكية.
السؤال المهم اليوم: كيف نحطم هيمنة البرجوازية الوضيعة وصولاً إلى الجنة الشيوعية؟
وثانياً:
في العراق ليس من بروليتاريا اليوم فمن تمثل الأحزاب الشيوعية؟
تحياتي رفيقي


3 - المشكلة ليست في البروليتاريا العراقية
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 8 - 16:43 )
الرفيق العزيز الاستاذ الفاضل رائد محمد نوري المحترم
ت 2
تحية حارة
جزيل الشكر على تشريفي بالزيارة الميمونة
سؤالكم مهم جدا و يتطاب بحوثا مفصلة .
باختصار شديد و مخل بالموضوع ، تشير الاحصائيات المتوفر على الشبكة - الأرقام تقريبية - أن عدد سكان العراق في هذا العام هو حوالي 40 مليون و ربع المليون و عدد القوى العاملة يزيد على عشرة ملايين و ربع المليون وعدد العمال في القطاع الصناعي عام 2018 هو 83375 عامل و نسبة البطالة حوالئ 14% و نسبة الفقر 31.7% . هذه الأرقام توفر - برأيي المتواضع - تربة خصبة جداً للحركة الشيوعية التي لا يشترط لقيامها توفر نسبة تطور رأسمالي عالي و لانسبة محددة من العمال مثلما هو منصوص عليه بوضوح في البيان الشيوعي ..
إجتماعيا ، مشكلة الشيوعية في العراق هي ليست عدم وجود البروليتاريا ، بل اضمحلال الطبقة الوسطى التي وفرت معينا تاريخيا ماديا و معنويا للنضال الشيوعي .
أما مشاكل الحركة الشيوعية العراقية فهي كثيرة و متشعبة و أهمها ضعفها ماديا و عدم القدرة على تثوير الشارع شيوعيا و هو ما أدى إلى بقاء ثورة تشرين بدون بوصلة و لا قيادة حقيقية .
كل الحب و التقدير و الاعتزاز .


4 - الرفيق العزيز الاستاذ أبو عادل البصراوي المحترم
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 8 - 16:51 )

ت1
تحية حارة
جزيل الشكر على تشريفي بالزيارة الميمونة
يؤلمني كثيرا أن أرى هذا الوضع التعس للشيوعية في العراق بسبب تفشي وباء المتمركسين فيه .
كل الحب و التقدير و الاعتزاز .


5 - الاستاذ الدكتور فالح مكطوف المحترم
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 8 - 17:00 )

ت1 على الفيس
تحية حارة
جزيل الشكر على تكرار الزيارة
رسالتكم سبق و أن وصلت ، و تتفقون معي -حتما - بأن قافلة الشيوعية الحقيقية تسير ...
كل الاحترام .


6 - تعقيب
رائد محمد نوري ( 2021 / 5 / 9 - 11:15 )
شكراً رفيقي على ردك لكن ألا تتفق معي أن التعليق رقم 3 يشكو وهناً ماركسياً!
ماركس في البيان الشيوعي حذّر من الطبقات الوسطى إذ عدها أكثر محافظةً من المحافظين لهذا فيمكن انقلابها على البروليتاريا وارد وهذا ما حصل ويحصل .
اقرأ حنا بطاطو يصف ثورة تموز عام 1958 فهو يعدها من الثورات التي تتسم بالميوعة لأنها ثورة خاضعة لهيمنة الطبقة الوسطى.
تحياتي


7 - توضيح
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 9 - 14:44 )
الرفيق العويو الاستاذ رائد محمد نوري المحترم
ت 6
تحية متجددة
يبدو ان قصدي لم يكن واضحا بما فيه الكفاية .
ضعف الطبقة الوسطى الوطنية يؤدي الى ضعف التوجه نحو تطوير الانتاج المحلي بكافة قطاعاته ، و بالتالي عدم تزايد كثافة الطبقة العاملة وهي الركن البشري الأهم للشيوعية
مالدينا هو نمو طبقة الكومبرادور و هي طبقة نذلة وطنيا من مصلحتها تدمير الانتاج المحلي لارتباط مصائرها برأس المال الخارجي لذا فهي لا تستسثمر ألا في وسائط النقل و المولات . ثم هناك النمو الهائل للطبقة الطفيلية التي تعتاش على سرقة المال العام و خصخصة القطاعات الانتاجية المربحة جدا وهذه تؤثر استخدام العمالة الاجنبية و هو امر واضح اشد الوضوح في كردستان العراق و في بغداد و البصرة .
إقرأ مقالي نمو الطبقة البرجوازية الطفيلية في العراق المتوفر على موقعي في الحوار المتمدن
كل التقدير .


8 - تصحيح
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 9 - 16:31 )
الرفيق العزيز الأستاذ رائد محمد نوري المحترم
تحية متجددة
أغفر لي اغلاطي الطباعية في تعليقي 7 فالنظر ضعيف ويزداد ضعفه يوميا .
كل التقدير و الاعتزاز

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا