الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تملص حاكم الزاملي من القصاص رغم انف التهم بالارهاب

سعد السعيدي

2021 / 5 / 8
الارهاب, الحرب والسلام


قطعا لم تكن بالمفاجأة تلك التي اقدم عليها موقع الترا عراق لدى اعادة نشره رابط خبر وصورة مذكرة القاء القبض بحق حاكم الزاملي حسب المادة 4 ارهاب. وذاك ضمن مقالة حول حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد. فالكثيرين كانوا على معرفة بامر الزاملي وتياره. إلا ان المفاجأة تكمن في تجديد التذكير بما كان معروفا سابقا حيث يرى محرر الموقع احتمال سير الامور حاليا نحو نفس الاوضاع التي ربما كان ثمة تصور بانها اصبحت من الماضي.

المعلومات التي احتواها رابط الخبر يمكن ايجادها في اخبار ومواقع اخرى متفرقة على الشبكة تحتوي على تفاصيل اخرى كثيرة. وهي للتذكير تبين تورط الزاملي الذي ذكر عن كونه ضابط مخابرات لدى النظام السابق بقيادة فرق للموت خلال فترة ما درج على تسميته بفترة الاحتراب الطائفي عامي 2006 و2007. إذ كان يشرف على قتل اطباء واختطافهم خلال توليه منصب وكيل وزارة الصحة. وكانت القوات الأمريكية قد اعتقلته وسلمته الى القضاء العراقي بتهمة اختطاف العشرات من الأبرياء حيث اعترف على وزير الصحة آنذاك علي الشمري الذي هرب إلى إيران. وقدم للمحققين الأميركيين أسماء 61 من قادة فرق الموت في بغداد والنجف والسماوة. واعترف باستخدامه عربات الإسعاف لنقل الأسلحة والمختطفين إلى منطقة خلف السدة في جانب الرصافة من بغداد لقتلهم هناك. كما اقر بدوره في بيع الجثث لذوى القتلى الذين يتم العثور عليهم فى بغداد ، والمناقصات المالية التي قالت القوات الأمريكية إنها كانت قضايا فساد مالي تستخدم عائداتها لتمويل فرق الموت التي يقودها حيث أن وزارة الصحة كانت من نصيب كتلة التيار الصدري. وتورط الزاملي بهذه الجرائم يشير الى احتمال حيازته ايضا على سجل جنائي قبل سقوط النظام السابق. المفاجأة الاخرى في الموضوع هو ان تاريخ المذكرة يعود للعام 2014. وقطعا قد تساءل الكثيرين عن سبب عدم تنفيذها طوال كل هذه السنوات منذ تاريخ اصدارها. سنورد الاسباب التي يعرف الجميع بعضها.

لم تنفذ المذكرة بفضل مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية الذي كان بجيب الاحزاب الاسلامية مثل ائتلاف المالكي. وذلك منذ ان جرى ابتزازه بملف تجاوزات جنائية كان متورطا بها. وقد جرى هذا بطريق اداتهم النيابية صباح الساعدي. فهو قد اتهم المحمود العام 2013 بكونه مشمولا باجراءات اجتثاث البعث علاوة عن ارتكابه عدة جرائم منها قطع صيوان الاذن للهاربين من الخدمة العسكرية فترة النظام السابق. علاوة عن جرائم اخرى مثل تلك المتعلقة بانتحال الصفة لثلاث مؤسسات قضائية في آن واحد. وهو ما كان مستمرا به منذ 13 عاما وقتها. بهذا ضمنت تلك الاحزاب تعطيل اية اجراءات قضائية يمكن ان تطالهم مع امكانية استخدام القضاء ضد معارضيهم. وبما ان المحمود قد تقاعد من عمله في المحكمة الاتحادية منذ اسابيع ، فلا بد من القبض عليه لايقافه تنفيذ مذكرة الاعتقال بحق الزاملي ، والتي لم تكن إلا رضوخا للابتزاز. والاخير هو جريمة يعاقب عليها القانون. ولتورطه كذلك بكل جرائم الفساد الاخرى التي قام بها بمعية فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الاعلى والتي ذكرناها في مقالة سابقة العام الماضي.

وكان الزاملي قد القي القبض عليه بداية في شباط 2007 في مستهل الخطة الأمنية (فرض القانون) بتهم كثيرة منها الآنفة. بعد تسجيل اعترافاته سلمه الامريكيون الى القضاء العراقي الذي برأه من هذه التهم. لكن نرى الآن اعادة اصدار مذكرة القبض بتهمة الارهاب. ومن الواضح بان هذه قد اطلقت لغاية ضغط المالكي على الصدريين وسط صراعهم اثر محاولة الصدريين سحب الثقة منه. والمالكي هنا يستخدم ملف جنائي كملف سري بقصد الابتزاز لا التنفيذ. ونقصد به ملف الزاملي علاوة على ملف المحمود قبله. وتحويل الملفات الجنائية الى سرية لاهداف سياسية هو فساد واستخفاف وتجاوز للسلطة القضائية. وكان يجب ان تكون عقوبة التلاعب بالاوامر القضائية الحبس ، ومعها تحقق انتهاء حالات التلاعب هذه واستغلال الاوامر لاغراض لا علاقة لها بالقضاء. ولا بد من التشديد على ان القضاء هو الوحيد المخول بتنفيذ المذكرة بعد اصدارها ، لا السياسيين. فإن اخفق القضاء او تقاعس او ترك الامر للتلاعب السياسي فمن حقنا مساءلة سلطاته التي يجب ان تكون حسب الدستور مستقلة وبعيدة عن السياسة ولا سلطان عليها إلا للقضاء. وان اي اخفاق لن يمر من دون تبعات على السلطة نفسها وعلى البلد. فالمذكرات تصدر لكي تنفذ. ومع هذا يجب تثبيت ان المذكرات القضائية لا يبطلها إلا القضاء نفسه ، لا ان تبقى معلقة في الفضاء من دون تنفيذ. وذلك لقطع الطريق امام استخدامها لغايات اخرى.

ثمة اسئلة حول العلاقة الامريكية مع الصدريين بعد قبضهم على احد اعضائهم واعترافاته الكاملة ثم تبرئته. إذ يقول رابط الخبر الآنف بان القضاء المسيّس آنذاك أسقط التهم الموجهة ضد الزاملي وأطلق سراحه. وذلك بعد ان عجز الشهود وأصحاب الدعاوى عن الوصول إلى المحكمة للإدلاء بشهاداتهم بسبب تهديدات القتل التي تلقوها من مساعدين ومتعاونين مع الزاملي. لنا ان نتساءل عن اسباب تساهل الامريكيين الذين كانوا يسيطرون على البلد مع اعوان الزاملي لدى تهديدهم للشهود ؟ لعل حادثة سابقة تلقي بعض الضوء على هذه العلاقة هي عندما اطلقوا سراح ايهم السامرائي وزير الكهرباء من داخل قاعة المحكمة حيث كان ماثلا بتهم فساد. وهو ما يوحي في حالة الزاملي بوجود اتفاق مسبق بين الطرفين ادى الى هذه النتيجة وانقذ الزاملي من السجن والاعدام. ولا يمكن استبعاد تحويلهم الامر برمته الى ملف ابتزاز مثلما فعلوا مع مدحت المحمود.

ولنا في السياق ان نتساءل كذلك عن علاقة الزاملي مع الامريكي جون نكروبونتي. ففرق الموت هي فكرة امريكية اصلا طبقت لاول مرة في امريكا اللاتينية في الثمانينيات على يد نكروبونتي هذا. وهو من جلبه الامريكيون الى العراق بعد احتلالهم له للاستفادة من خبرته حيث انتبهت اليه الصحافة العالمية فالعراقية. فهل كانت فرق الزاملي ابتكارا صدريا محضا ام كانت لها صلة مع نكروبونتي ؟

والآن فمع تعاون وتخادم الكاظمي مع الصدريين جرى تناسي هذه المذكرة كما اسلفنا في المقالة السابقة وقطعا اية ملاحقات قضائية اخرى. وهو ما يعني التضحية بالحق العام وحقوق ضحايا فرقة الاجرام هذه لغاية المصلحة الخاصة ، والتي هي نفس مصلحة من اتى بالكاظمي الى الحكم. وليس الكاظمي والمالكي وحدهما هما من اوقف تنفيذ مجرى القانون ، إنما ايضا كل من العبادي وعبد المهدي بينهما. فكلهم تستروا على هذا القاتل لاجل مصالحهم الخاصة ومصالح من اتى بهم.

كم من السياسيين وغيرهم عدا المذكورين كان يعرف بامر فرقة الموت هذه وفضل الصمت عنها ؟ نسأل عن السيستاني الذي سكت هو ايضا عن الزاملي وماضيه الاجرامي والمذكرة القضائية. إذ انه فضل عدم التفكير بضحايا فرقة الموت هذه. فالمرجع لا يتدخل في السياسة ولا في سير القضاء. ومن غير الممكن توقع جهل المرجع وحشده الحوزوي بهذه التجاوزات وحيث قد اثير العام الماضي امر علمه بتورط الصدر وميليشياته بالتفجيرات الاجرامية. والتظاهر بالجهل في امور مثل هذه يسميه القانون تواطؤ وتستر.

نكرر هنا المطالبة بتنفيذ مذكرة القاء القبض على حاكم عباس الزاملي. وباستقالة الحكومة إن لم يجر تنفيذها كونها ستعتبر متسترة على الارهاب. ومع الزاملي يجب القاء القبض على مدحت المحمود وباقي السياسيين آنفي الذكر ، ومحاكمتهم جميعا بتهمة التستر على الارهاب.

نعيد التذكير انه في حال تعذرت محاكمة الزاملي والباقين في العراق وهو امر متوقع ، فيمكن القيام بها في اية دولة خارج العراق اسوة بتلك المقامة ضد عادل عبد المهدي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا