الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة العراقية و - اكلات الشوارع-

محمد رضا عباس

2021 / 5 / 8
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


اليوتيوب مفيد بعض الأوقات , وفي مثل حالتي مفيد جدا جدا وانا بعيد عن بلدي الام العراق واعيش في مدينة أمريكية ليس فيها لكثير لقتل وقت الفراغ. اليوتيوب سمح لي مراقبة برامج متنوعة من الدول العربية والأجنبية , ومنها برنامجي المفضل " اكل الشوارع " او " اكلات الشوارع". هذه البرنامج لا يقتصر على تعريف المشاهد على الاكلات الشعبية في العالم , وانما أيضا يعرف المشاهد على ثقافة الشعوب وعمران مدنهم. المهم , ان الذي يجلب انتباهي من خلال هذا البرنامج الرائع هو تخلف مطاعم العراق الشعبية مقارنة مع العالم , بل حتى مقارنة مع المطاعم الشعبية في الدول المجاورة مثل ايران , تركيا , الأردن , والكويت.
لم ازر تركيا , ولكن من خلال هذا البرنامج اكتشفت ان اكلات الشوارع هناك تعجب الذي لا يعجبه العجب! طريقة عرض الطعام , انارة المطاعم , طريقة تقديم الطعام الى الزائر , نظافة المكان , الديكور , الإضاءة , وملابس العاملين فيها كلها تدعوا الى فتح شهية الماشي , بل حتى الاطمئنان من الاكل. بالمفهوم العراقي , يعني سوف لن يعاني مشتري الاكل من مغص المعدة , وربما الدوران.
طبعا أصحاب المطاعم في تركيا , وهو محل حديثنا, لا يقومون بكل هذه الجهود لوجه الله , وانما بسبب المنافسة الحادة وثانيا احترام المراقبة الحكومية. لا اعلم ما حجم العقوبات على من يخرق التعليمات الحكومية , ولكن اني على دراية من ان الجهات الرقابية الامريكية على المطاعم تصل في بعض الأوقات الى غلق المطعم الذي لا يلتزم بتعليمات النظافة او شروط السلامة.
في العراق هناك منافسة حادة بين أصحاب المطاعم الشعبية حيث اصبح لا يوجد شارع بدون مجموعة من بسطات بيع الطعام , والسبب هو تقلص فرص العمل للشباب , واصبح فتح بسطة اكل هو الطريق نحو كسب العيش لشريحة كبيرة من الشباب العراقي او أصحاب العوائل بعد ان غسلوا ايديهم من عمل محترم يوفر لهم من قبل القطاع العام او الخاص. كيف يدخل القطاع الخاص الى سوق الإنتاج والحكومة تضع جميع العراقيل امامه , حتى يضطر المستثمر الى استثمار ماله في الأردن , او تركيا , او في احد بقاع ارض الله العريضة؟. لقد ذكر صديقا لي , حتى منتج مكانس تنظيف البيت المصنوع من سعف النخيل يحتاج الى موافقة كثيرة منها موافقة الدفاع المدني, الصحة , والبلدية , والضرائب , وفي الأخير يضطر صاحبنا الى استيراد مكانس البيت من خارج العراق. في العراق, الرابح الأول هو من يدير تجارة الاستيرادات , وسوف يحارب كل محاولة لتطوير الصناعة المحلية , حتى لو تطلب الامر استخدام السلاح.
المنافسة بين أصحاب المطاعم موجودة وقوية , والدليل هو كثرتها , ولكن مع كثرتها لا تتوفر في اكثرها ابسط شروط الصحة والسلامة. في بعض الحالات يأخذك منظر بعض المطاعم الى ما قبل القرون الوسطى , حيث كل ما تجد هو بائع طعام على قارعة الطريق في وسط ازدحام الاوساخ والغبار , وطبخات طعام معرضة الى كل الملوثات البيئية في العراق. سوف يوافق القارئ عندما يلاحظ مطعم بيع سمك المسكوف ومن حوله مخلفات تقطيع السمك , الذباب, ملابس البائع , بل حتى الخشب المستخدم في عملية الشواء في بعض الأحيان عبارة عن اخشاب اثاث بيتي محطم. بكلام اخر , لا يوجد مراقبة حكومية دقيقة على هذا القطاع والذي يؤثر مباشرة على صحة المواطن العراقي. وكيف نتوقع المراقبة الحكومية وان مستشفياتنا ليست احسن حال من بائع سمك المسقوف؟
لا ادعوا الحكومة بمعاقبة أصحاب اكلات الشوارع بسبب النظافة و شروط السلامة لان هذا الاجراء سيؤدي الى خسارة ارزاق شريحة كبيرة منهم ويضطرهم الانضمام الى جيش العاطلين , ولكن ادعوا الحكومة صاحبة المال والقوة ان تستقطع جزء من ميزانيتها السنوية من اجل إدارة و مراقبة هذا القطاع وذلك بتوفير الأماكن المناسبة له , قروض صغيرة من اجل الالتزام بشروط الصحة , وتوفير عربات موحدة مستوفية جميع شروط الصحة والسلامة. لا اعتقد ان هذا المطلب كبير وثقيل على كاهل الميزانية العراقية , خاصة وان أسعار النفط الخام بدأت تتحسن في الأسواق العالمية , حيث ان زيادة دولار واحد في أسعار النفط يضيف الى للخزينة العامة ما يقارب 1.5 مليار دولار سنويا. والاحسن من كل هذا , ان وجود مثل هذا التوجه نحو تطوير قطاع " اكلات الشوارع" يضيف جمالية الى مناطق المدن , اطمئنان المواطن من المأكولات المتوفرة , وفرض هيبة الدولة التي فقدت بسبب تراجع الخدمات الحكومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل