الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لانتحايل على الله في ليلة القدر

محمد القصبي

2021 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


أمطار حمضية تلك التي تهطل علينا من فوق منابر المساجد وفضائيات مشايخ البترودولار..وغيرهم ..أمطار حمضية تنتهي..بل انتهت بالفعل إلى تصحر عقول الكثيرين .. حيث تم زنزنة الدين في طقوس وسنن مشكوك في صحتها وقصص خرافية عن القرد العادل الذي اقتص من صاحبه بائع اللبن الغشاش وألقى بنصف أمواله في البحر ..أما جوهر الدين ..الدين الحقيقي ..دين الله..دين العدل والأمانة والنظافة والجمال ..دين التكافل والتسامح والسلام..دين أن أراعي حقوقك تماماً مثلما أراعي حقوقي..بل وقبل أن أراعي حقوقي..دين العقلانية والتفكير العلمي ..دين الله هذا ..غاب عن اهتماماتنا عن قصد أو غير قصد..!!
أهي مؤامرة؟!
دعاء وصلني عبر الواتس ؟
شيخ يحثني على أن أنتهز فرصة العشر الأواخر في الاقتراب من الله عساه سبحانه وتعالى يغفر لي ذنوبي ويفتح لي جناته..
وكيف يكون اقترابي من الله عز وجل خلال الليالي العشر؟
من خلال وصفة التحلي والتخلي والتجلي كما سماها شيخنا..
وماهو مضمون وصفته ثلاثية الأبعاد هذه؟
لاجديد ..أدعية وأذكاروقيام وتلاوة للقرآن الكريم والصلاة على النبي مئة مرة..
وإن كان هناك من يحدد العدد بثلاثة وأربعة آلاف مرة
ومن القصص الغريبة التي تحكى في هذا الشأن أن الإمام السخاوي ذكر عن أبي عبد الرحمن المُقري، قال حضرت فلانًا -وذكر رجلًا من الصالحين- في ساعة النزع " ساعة الاحتضار"، فوجدنا رقعة تحت رأسه مكتوبا فيها: «براءة لفلان من النار». وعندما سألوا أهله ماذا كان يفعل؟، فأجاب أهله: إذا ما كان يوم الجمعة صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ألف مرة!!
فهل لو فعلت ذلك في الليالي العشر يبندني الله سبحانه وتعالى ضمن عباده الصالحين؟
وماذا عن الصباحات التالية لكل ليل أمضيته في ذكر الله وفي الصلاة والسجود والابتهال والبكاء والصلاة على النبي خاتم المرسلين آلاف المرات.. وليس مئة كما أوصاني الشيخ.. ؟
ماذا عن أفعالي في تلك الصباحات مع أسرتي وجيراني وفي الشارع ومقر العمل؟ لاشيء ..لم يتطرق أي من مشايخنا لأفعالي هذه من تلويث الشوارع بمخلفاتي..وصراعاتي في العمل لاقتناص كرسي.. هناك من هو أجدر به مني..وارتشائي وغشي و..
لاأحد من مشايخنا الأجلاء يقول لنا أن المسلم لايعبر عن حبه للرسول الكريم ليس بالصلاة عليه آلاف المرات فقط..بل ربما الأهم الاقتداء بأخلاقه..بسلوكه..أن يكون حديث النبي " والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها" هو دستورنا..
مشايخنا زرعوا اعتقاداً في أدمغة الكثيرين أن الطريق إلى الجنة بالطقوس..وليس بالمعاملة ..فأصبح الشكل العام لمجتمعاتنا مثيراً للسخرية ..الخطاب الديني يحثنا على ألا نبدأ عملاً إلا بالبسملة ..دون ذكر إلى طبيعة العمل إن كان حلالاً أم حراماً..
وهذا مايفعله الحرامي قبل كسر الخزنة أن يتمتم: بسم الله الرحمن الرحيم ..فإن وجد مالاً وفيرا ..صلى ركعتي شكر لله قبل أن يغادر المكان!!
.....
منذ عدة سنوات واكبت امتحانات الثانوية العامة شهر رمضان.
وكالعادة استقبلنا شهر "الصوم" بالمهرجان الاعتيادي.. تكديس بيوتنا بأطنان من الطعام ..وكما نوه تقرير صادر عن مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء عام 2014 إن لم تخني الذاكرة ينفق المصريون 17 مليار جنيه على الطعام في الشهور العادية ..أما في رمضان ..شهر "الصيام والزهد" يتضاعف ماننفقه ليصل إلى 34 مليارا..!!
وماذا عن امتحانات الثانوية العامة..؟
كالعادة ..يفطرأبناؤنا على تمرة التزاما بسنة الرسول..ويقضون الليل في الصلاة وتلاوة القرآن والدعاء والصلاة على النبي ..ويصلون الفجر جماعة ..
وصباحا ..يتوجهون إلى مراكز الامتحانات..وبالاتفاق مابين العديد من أولياء الأمور وبعض المعلمين تتحول اللجان إلى معجنة غش!
حينها تجولت بين العديد من المساجد ..بين الفضائيات الدينية..ظناً مني أن مشايخنا سيتجيشون في مواجهة هذا الإثم العظيم ..فلايكون لديهم سوى حديث النبي عليه الصلاة والسلام القاطع الصارم: من غشنا فليس منا!
لكن لاشيء..
فقط فضيلة المفتي د. شوقي علام وحده
الذي وصف الغش بأنه من أخطر المشاكل التي تواجه العملية التعليمية لاشتماله على كثير من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية ، ولما فيه من الإثم والعدوان..
ومع ذلك.. وكما نرى.. تفشى الغش بين "المؤمنين " فاعتدنا عليه ..وما عاد يثير غضب أحد ..حتى مشايخنا
المشغولون بحكي قصص مشكوك في صحتها..مثل تلك القصة التي سمعتها من أحدهم في مسجد بالتجمع الخامس.
عن أبو حنيفة الذي أمضى 40 سنة يصلي الفجر بوضوء العشاء!!!

وماذا بعد أن يحصد بعض من الأبناء النجاح بالغش بمجموع قد يتجاوز 100% !!!!
يسجد الأباء والأمهات والطلاب شكراً وامتناناً ..ومنهم من يقتدي بالرسول الكريم فيمضي الليل حامداً شاكراً!!
هل مايحدث في لجان الامتحانات انعكاس لواحدة من أكثر الظواهر خطرا ؟ تسطيح الخطاب الديني؟
بحثا عن إجابة للسؤال شرعت في تنظيم ندوة بجريدة الأخبار المسائي ضيوفها رجال دين واجتماع وعلم نفس..
لتداهمنا إحدى المتحدثات: كون بعضنا يتمسك ويغالي في بعض الطقوس والأدعية والأذكار..وكون بعض مشايخنا يركزون على هذه الأمور ويتجاهلون السلوك والأخلاق فنحن بذلك وكأننا نتحايل على الله سبحانه وتعالى!!
ولاتعليق!!
.........
ولاأ دري من أين استمد بعض مشايخهم يقينهم هذا
ربما من الفقه البدوي الذي تهب علينا رياحه من شرق البحر الأحمر - - أن العلي العظيم ماأنزل دينه إلا لأمر واحد ..تأديب نسائنا وترويضهن ..نقاباً وغض بصر ..وطاعة للزوج ..فإن طلبها ..وامتنعت باتت ملعونة من الملائكة ..لاشيء لديهم في دين الله سوى إنذاراته سبحانه وتعالى لنسائنا إن حتى سُها على إحداهن وانسلت شعرة من رأسها على جبهتها ..أو مدت يدها لتحية رجل ..أما القضايا الكبرى لنسائنا ..مايتعرضن له من ظُلم بين ..حتى ماشرع لهن الله من حقوق ..لاشيء ..ونادراً إن تطرق أحد من مشايخنا إلى تلك المصيبة المتفشية بيننا.. حرمان النساء من ميراثهن الشرعي، 250 ألف امرأة رفعن دعاوي قضائية خلال عامي «2014 و2015»، للحصول على ميراثهن ..وبالطبع ثمة مئات الآلاف غيرهن يحرمن من حقهن الشرعي ، و يلتزمن صمت العجز وربما الخوف! وثمة دراسة للباحثة الدكتورة سلوى محمد المهدي أستاذة علم الاجتماع بآداب قنا ة
أن المرأة في الصعيد تعاني من واقع أليم فيما يتعلق بميراثها خاصة في محافظتي سوهاج وقنا..
حيث تحرم 95.5% من نساء المحافظتين من ميراثهن.
.........
وكم من المصريين يقعون ضحايا مافيا الفساد ؟ بالطبع ملايين ..وطبقا لتقرير منظمة الشفافية العالمية في برلين "يناير 2020" احتلت مصر المرتبة 118 في قائمة الدول الفسدانة من بين 180 دولة ..وتصدرت الدنمارك " الدولة الكافرة" قائمة أكثر الدول مقاومة للفساد
ولماذا تحتل مصر دولة ال117 ألف مسجد هذا الترتيب المتأخر في مقاومة الفساد؟
أحد الأسباب المحورية أنه من النادر أن يصيح أحدا من معتلي هذه المنابر بهذه الآية الكريمة "
"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدلْ" .
......
مشروع استقطب اهتمامي منذ عامين.. إعداد بحث عن الخلط الغريب بين الخرافي والغيبي في تراثنا الديني..لذت بالقرآن الكريم ..لأفاجأ بأمر آخر قد لايرتبط بموضوع البحث..أكثر من 40 آية يحتوي بنيانها اللغوي على عبارة " الذين آمنوا .." ..ودوماً ثمة معطوف يبدو حتمياً .."وعملوا الصالحات" ..الله سبحانه وتعالى من خلال هذا التشكيل اللغوي يشدد على أن الإيمان به وحده ليس بكافٍ لاكتمال عبوديتنا ..لابد من العمل الصالح "
..لكن وعاظنا يتغافلون عن المعطوف .."العمل الصالح"..جوهر الدين عندهم أن نصلي على النبي 4000 مرة كل يوم ..وقلما تطرق أحدهم إلى الذي لايقل أهمية أن نقتدي بسلوكيات الرسول الكريم وتكون أخلاقياته نصب أعيننا..
و لو وضعنا نصب أعيننا على مدار الساعة حديثه صلى الله عليه وسلم "
" إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة" .. لما ألقينا بمخلفاتنا أينما كان..ولما تحولت مصر إلى أحد أكبر مقالب الزبالة في الكوكب!
........
هل ليلتنا هذه ليلة القدر؟
ربما ..
وأتمنى أن يكون أحد أدعيتنا في تلك الليلة ونحن نوجه وجوهنا شطر السماء في خشوع وإخلاص" اللهم مكنا من العمل الصالح..اللهم امنحنا القدرة على الاقتداء في كل مانقدم عليه من عمل بأخلاق وأفعال نبيك محمد عليه الصلاة والسلام.."..
ليس تلك الليلة فقط ..
بل ليكن هذا أحد أدعيتنا على الدوام !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة