الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرات يوم القدس العالمي وسؤال المقاومة والتحالفات

عليان عليان

2021 / 5 / 8
القضية الفلسطينية


بقلم : عليان عليان
بعد رحيل جمال عبد الناصر وانقلاب 15 مايو 1971، وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد 1978 هذا ( أولاً) وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وما آلت إليه الأوضاع في العراق بعد احتلاله عام 2003 (ثانياً) وبعد المؤامرات الاستعمارية الرجعية الكونية على سورية ، واندلاق العديد من الكيانات الوظيفية للتطبيع مع العدو الصهيوني (ثالثاً)، أصبح ظهر القضية الفلسطينية مكشوفا ، وأصبحت المقاومة الفلسطينية بدون حليف تسند ظهرها إليه ، جاءت إيران – التي تنكرت لها القيادة المتنفذة في منظمة التحرير - لتعوض عن غياب هذه التحالفات ولتشكل الحليف الاستراتيجي لفصائل المقاومة الفلسطينية والعمود الفقري لمحور المقاومة ، وبات فعلها يسبق قولها في دعم المقاومة بالسلاح وبالمال وبالموقف السياسي المتقدم .
الخلفية التاريخية ليوم القدس
وغداة انتصار الثورة الإيرانية ، أقدم قائدها آية الله الخميني على خطوتين رئيسيتين هما تحويل السفارة الإسرائيلية إلى مقر للسفارة الفلسطينية بعد طرد السفير الإسرائيلي ، والإعلان عن يوم القدس العالمي ، إذ أعلن في آب ( أغسطس) 1978 بأن تكون الجمعة الأخيرة من رمضان يوماً للتضامن العالمي مع القدس ، وتضمن الإعلان ما يلي:
1-دعوة المسلمين في جميع أنحاء العالم ، لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان ليكون يوماً عالمياً للقدس، للتضامن الدولي مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
2- أن يكون هذا اليوم حافزاً لتعبئة الامكانات لتحرير القدس وعموم فلسطين للتخلص من الغدة السرطانية التي زرعها الاستعمار في المنطقة.
ومنذ ذلك التاريخ وفي الجمعة الأخيرة من رمضان بتنا نشهد تضامناً أممياً مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل دحر الاحتلال وإفشال سياسة تهويد القدس .
مسيرات يوم القدس وسؤال المقاومة.
لقد انطلقت المسيرات التضامنية مع القدس وفلسطين يوم الجمعة 5-5-2021 ، في مختلف مدن وعواصم مختلف الدول العربية والإسلامية في عمان وقطاع غزة والقدس واليمن والعراق ولبنان وسوريا ، وفي سائر المدن في مختلف دول العالم ، وإن كانت اليمن كعادتها قد تصدرت المشهد التضامني من خلال مسيرات بعشرات الألوف في العاصمة صنعاء وفي مختلف المدن اليمنية، في حين أدركت بعض الحكومات الغربية خطورة يوم القدس في تحريك أكبر عملية تضامن شعبي عالمي مع القضية الفلسطينية ، إذ أصدرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قراراً بمنع هذه المسيرات في ألمانيا.
وقد أحيت فلسطين يوم القدس بطريقتها الخاصة ، من خلال المواجهات مع قوات الاحتلال في ساحة الأقصى ، إثر انطلاق مظاهرة حاشدة بعد صلاة الجمعة تضامناً مع أهالي الشيخ جراح في حي الشيخ جراح، لمنع المستوطنين من السيطرة على منازلهم ولإحباط قرار المحكمة الإسرائيلية بهذا الخصوص ، ومن خلال عمليات المقاومة النوعية ، إذ أنه بعد عملية حاجز زعترة البطولية التي أدت إلى مصرع اثنين من المستوطنين وجرح آخرين ، جاءت عملية جنين يوم أمس ، لتلبي نداء القدس من خلال مهاجمة قوات الاحتلال عند حاجز سالم والتي ارتقى خلالها شهيدان وإصابة ثالث بجروح خطيرة .
وهذه المسيرات الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني ، تستدعي من فصائل المقاومة أن تزيد من فعالية دورها في مقاومة الاحتلال ،وفي توفير سبل إدامة الانتفاضة الراهنة على الصعيد المادي واللوجستي ، وفي توفير سبل حمايتها من بطش الاحتلال ، ومن أزلام التنسيق الأمني الذين يواصلون الليل بالنهار لحماية الكيان الصهيوني ، وللحيلولة دون استمرار انتفاضة القدس الرمضانية.
لقد مضى على اندلاع الانتفاضة المقدسية حوالي أسبوعين ، ولم تف الفصائل حتى اللحظة بوعدها بتشكيل القيادة الموحدة للانتفاضة ، ذلك الوعد الذي قطعته على نفسها منذ إعلانها عن تشكيل غرفة التنسيق المشاركة، غداة المواجهات مع قوات الاحتلال في باب العامود في الثاني والعشرين من شهر أبريل( نيسان) الماضي ، وبالتالي يتوجب على الفصائل أن تبادر إلى تشكيل القيادة الموحدة لتقود المعركة المحتدمة مع الاحتلال في باب العامود، وفي ساحات الأقصى وفي معركة الشيخ جراح ، وفي عموم مدن وقرى الضفة الغربية التي تتعرض لهجمات المستوطنين بتغطية من قوات الاحتلال ، اولتي أدت مؤخراً إلى استشهاد الشاب الفلسطيني يوسف عودة برصاص قوات الاحتلال في قرية " أودلا" في محافظة نابلس .
قيمة يوم القدس في السياق المبدئي والاستراتيجي
وتتمثل أهمية إحياء يوم القدس في السياقين المبدئي والاستراتيجي بما يلي :
1- أنه لا يتعامل مع قضية القدس الشرقية ، بل يتعامل مع القدس ككل بجزئيها الشرقي والغربي كمدينة عربية إسلامية واحدة ،عاصمة لدولة فلسطين التاريخية الممتدة من النهر إلى البحر ومن رأس الناقورة وحتى رفح .
2-التأكيد على أن فلسطين والقدس درتها هي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية بما يرتب عليهما المشاركة بكل الوسائل لدعم الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني.
3- أنه رد من قبل أكثر من مليار عربي ومسلم على ما جاء في صفقة ترامب بأن القدس عاصمة موحدة وأبدية باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني ، والذي تم تبنيه من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ، وهذا الرد يقول: " أن القدس كانت ولا تزال وستظل ليس عاصمة لفلسطين فحسب ، بل عاصمة للأمة بكاملها.
4-أن هذا اليوم مناسبة للتعبئة القومية والأممية والإسلامية ضد الاحتلال ، ومن أجل تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني من دنس الاحتلال الصهيوني.
5-قيمة هذا اليوم لا تكمن في السياق المناسبي ، بل أنه حافز لمقارعة الكيان الصهيوني الغاصب للقدس ولعموم فلسطين ، ولدعم المقاومة الفلسطينية بوصفها رأس الحربة المتقدم في مواجهة هذا الكيان الغاصب.
6- قيمة هذا اليوم أنه يركز على البعد الاستراتيجي في الصراع مع العدو الصهيوني باعتباره صراع وجود وليس صراع حدود ، وأن لا حل للقضية الفلسطينية إلا بزوال هذا الكيان.
7- قيمة هذا اليوم في السياق التاريخي بعد رحيل آية الله الخميني أنه بمنطلقاته وشعاراته يرفض نهج التسوية مع العدو الصهيوني ( كامب ديفيد – اوسلو – وادي عربة ) ويرفض المساومة على أي من الحقوق التاريخية الوطنية للشعب الفلسطيني .
تطورات حاسمة لمصلحة مشروع المقاومة
يمر يوم القدس هذا العام في ظل تطورات غاية في الأهمية ، تبشر بعناوين انتصارات جديدة على طريق دحر الاحتلال والحفاظ على عروبة القدس وهويتها ، وبهذا الصدد أشير إلى ما يلي:
1-أن أبناء الشعب الفلسطيني وخاصةً في القدس ، أخذوا زمام المبادرة وأطلقوا انتفاضتهم الرمضانية الجديدة ، التي انتقلت إلى عموم أرجاء الضفة ، معلنةً عن دفن صفقة القرن وعن التأكيد على أن القدس عاصمة أبدية لفلسطين ، وعن أهدافها في دحر الاحتلال وفي الحفاظ على عروبة وهوية القدس ، وفي رفض مشاريع التسوية الأوسلوية وغيرها.
2- أن فصائل المقاومة في قطاع غزة نجحت في خلق توازن نسبي للردع مع العدو الصهيوني ، وها هي ترسي معادلة صواريخ غزة في مواجهة محاولات العدو السيطرة على المنازل العربية في حي الشيخ جراح ، وقد صدرت بيانات من كتائب القسام وأبو علي مصطفى وكتائب القدس، تؤكد على أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام عدوان المستوطنين على الحي المقدسي ، وأن صواريخها ستدك عمق الكيان الصهيوني في حال الاستيلاء على أي بيت مقدسي في الحي.
3- أن محور المقاومة بعد أن شارف على تحقيق الهزيمة النهائية للمؤامرة على سورية، وبعد أن بات اليمن على مسافة قريبة من تحقيق الانتصار ، انتقل هذا المحور من تحقيق توازن الردع إلى مرحلة جديدة ، وجاء صاروخ ديمونة السوري ، ليشكل مؤشراً حول بداية التحول الاستراتيجي في المواجهة القادمة من الردع إلى الهجوم ، وباتت وسائل الإعلام والمراكز الأمنية والبحثية الإسرائيلية، تتحدث عن التطويق الصاروخي للكيان الصاروخي من كل الجهات ، من سورية ولبنان وقطاع غزة والعراق واليمن ، ما يشكل تهديداً وجودياً (لإسرائيل).
4- أن اندلاق العديد من الكيانات الوظيفية في الخليج العربي وغيره على التطبيع والتتبيع للعدو الصهيوني ، لم يدفع الشعب الفلسطيني لطرح شعار ( يا وحدنا) ، ولم يفت في عضد المقاومة ومحورها ، بل زادت من إصرارها على تحقيق ذات الأهداف الاستراتيجية بالاستناد إلى محور المقاومة وإلى العمق الشعبي العربي.
5- أن الكيان الصهيوني يعيش في أصعب الظروف التي يمر بها منذ نكبة 1948 ، فهو من جهة يعيش أزمة سياسية مستفحلة بعد أن أجرى أربع انتخابات خلال عامين لم ينجح خلالها في تشكيل الحكومة ، وهو في طريقه لإجراء انتخابات خامسة ، وراح البعض مثل الوزير الصهيوني السابق أفيغدور ليبرمان يتحدث عن إمكانية نشوب حرب أهلية داخل الكيان... هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هنالك أزمات متراكمة داخل الكيان الصهيوني سياسية واجتماعية وأخلاقية وأزمات في قمة الهرم الحاكم وما يكتنفه من تهم الفساد ، ومن جهة ثالثة أن حكومة العدو فشلت في الضغط على الإدارة الأمريكية الديمقراطية، بعدم الرجوع للاتفاق النووي مع إيران إذ بتنا نشهد في مفاوضات فيينا رضوخاً أمريكيا للشروط الإيرانية ، بإلغاء العقوبات المفروضة على إيران ، ما يمكنها من تطوير اقتصادها وقدراتها العلمية ، ومن توفير دعم أكثر لفصائل المقاومة.
6- أن ميزان القوى العالمي لم يعد لمصلحة إمبريالية الولايات المتحدة وحلفائها وأدواتها الرجعية ، ولعل هزيمة المشروع الصهيو أميركي السعودي في اليمن ، وفشل المشروع الصهيو أميركي الرجعي في سورية ، وفشل الكيان الصهيوني في تثبيت سياسة الأمر الواقع في القدس والضفة الغربية ، وفشل الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها من خلال قعقعة السلاح في بحر الصين وقرب سواحل شبه جزيرة القرم ، التي قوبلت بتحد روسي صيني جعل الولايات المتحدة تعيد حساباتها، في إطار قراءة للواقع الجديد للتوازنات الدولية .
مهمات تنتظر قوى المقاومة
أمام التطورات سالفة الذكر ،يترتب على قوى المقاومة العربية أن تنجز مهاماً محددة في مناخ يوم القدس على نحو :
1-إنجاز تكامل ميداني بين قوى المقاومة في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن في إطار غرفة عمليات مشتركة.
2- تحقيق نقلة نوعية في التحالف الاستراتيجي مع إيران .
3- رفع وتيرة الدعم للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
4- توفير الدعم المادي لصمود أهل القدس في مواجهة سياسة التضييق الاقتصادي والتهجير.
5- اشتقاق أساليب جديدة في مواجهة أنظمة التطبيع، التي دخلت المعركة إلى جانب الاحتلال لفرض الوقائع التهويدية والاستيطانية في القدس وعموم الأراضي المحتلة.
وفي إطار استعراض هذه المهام ، يترتب على فصائل المقاومة أن لا تظل مرتهنة لسلطة أوسلو ، وأن تتخذ خطوات عملية لإسقاط نهج السلطة ونهج التنسيق الأمني.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن