الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصاروخ الصيني التائه في دهاليز الإعلام المسيسْ ...!

آدم الحسن

2021 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يُفْترضْ أن يتم التعامل مع حدث كخروج صاروخ صيني عن السيطرة , إن كان فعلا قد خرج عن السيطرة , من جوانب علمية بحتة فقط و بعيدا عن السياسة إلا أن البشرية تعيش عصرا يمتاز بتسيس كل جوانب الحياة .

في هذه الظروف التي تمر بها علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع بعض الدول و خصوصا مع الصين من تعقيدات غامضة ربما ضمن ما يسمى بالغموض الاستراتيجي كجزء من سياسة امريكا الخارجية يكون الحدث اكثر إثارة في وسائل الإعلام اذا كانت الصين طرفا فيه و ذلك لما نشهده في هذه الطروف مِنْ تنافس شديد بين مصالح العملاقين الاقتصاديين الأمريكي و الصيني .

من جهة امريكا تعمل بكل نشاط و جِدْ مِنْ اجل البقاء على عرش التسلط على الاقتصاد العالمي و مِنْ الجهة الأخرى تتحدى الصين الصاعدة التسلط الأمريكي في شتى مجالات العلوم و التكنولوجيا .

و بمجرد ورود معلومات غير مؤكدة عن وجود صاروخ صيني تائه في مدار حول الأرض حتى تحركت الماكنة الإعلامية التي تمولها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر بأجزائها كافة و بأساليبها المتنوعة بإعلان خروج صاروخ صيني عملاق عن السيطرة و كأنهم يريدون الإيحاء بأن مهمة الصاروخ الصيني قد فشلت و أن سقوطه سيسبب كارثة عالمية هائلة , أما حين وصل الخبر الى وسائل التواصل الاجتماعي فقد ظهر هذا الحدث بطرق و بصور مختلفة و عجيبة , رافقت هذا الحدث اسئلة عشوائية لكنها موجهة من الخلف :
ماذا لو ضرب الصاروخ الكَعبة ...؟!
أو ماذا لو كانت منطقة سقوط الصاروخ الصيني الخطير هي المسجد الأقصى ...؟!
هل هي مؤامرة صينية على الدول العربية ... ؟!
هل هي مؤامرة صينية على الإسلام و المسلمين ... ؟!
وسائل الأعلام الممولة امريكيا ركزت على نقطة واحدة هي احتمال سقوط الصاروخ في منطقة في احد البلدان العربية رغم انهم يقولون أن الصاروخ يسير بسرعة كبيرة , اكثر من عشرين الف كم في الساعة , و انه يدور حول الأرض مرة واحدة كل تسعين دقيقة و أن مكان سقوطه غير معلوم لكنهم يتعمدون اختيار احد البلدان العربية مكانا محتملا لسقوطه لأثارة خوف العرب تحديدا و المسلمين عموما من الشبح الصيني القادم .

الصورة التي يريد الأعلام الأمريكي زرعها في ذهن العرب من خلال هذا الصاروخ الصيني هو أن الصين هي مصدر الخطر على أمن و مستقبل و استقرار و تطور البلدان العربية ... !! و ليس غريبا حين نرى بعض وسائل الأعلام العربية و قد سارت متعمدة أو غير متعمدة خلف هذا الأعلام الأمريكي المُسيسْ .

و يستمر زرع الخوف من الصين من خلال وسائل الأعلام و وسائل التواصل الاجتماعي في الدول الإسلامية لإشاعته في نفوس شعوب هذه الدول ضمن خطة مدروسة ليرتبط ذلك مع ما تروج له امريكا من اضطهاد الحكومة الصينية للمسلمين الأيغور و لكي تبتعد هذه الدول عن المشروع الصيني الكبير المعروف باسم طريق الحرير ,

ثم تطور هذا المشهد بشكل سريع و غريب دفعت ببعض الجهات للبحث بين الآيات القرآنية أو بين الأحاديث النبوية الواردة في كتب الحديث لمعرفة لماذا ... و كيف ... و ما ستؤول اليه الأمور جراء الكارثة المحتملة على البشرية التي سيسببها هذا الصاروخ الصيني و على وجه الخصوص على الأمة الإسلامية ... !
و بذلك امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالتسجيلات المصورة و التقارير و الصور و التعليقات عن اخبار الصاروخ الصيني التائه الذي وزنه كذا و طوله كذا و بعضهم صوره و كأن سقوطه على الأرض سيحدث دمارا شاملا في بلدان أو مدن ..!

كل هذا النشاط المحموم للإعلام الغربي هو للتغطية و التعتيم و لإبعاد الأنظار عن النجاح الكبير الذي حققته الصين بواسطة هذا الصاروخ في وضع أول جزء من محطتها الفضائية في المدار المخصص لها بنجاح و هنالك عشرة رحلات أخرى قادمة لصواريخ صينية مماثلة لنقل الأجزاء الأخرى للمحطة الفضائية الصينية و التي سيتم ربط و تركيب اجزائها في الفضاء من قبل رواد فضاء صينيين .

سقط حطام كل الصواريخ التي أُطْلقتْ منذ اول صاروخ أُطلقَ للفضاء قبل اكثر من 60 سنة و ليومنا هذا في مقابر لها في البحار أو في المحيطات بعد انتهاء مهمتها في وضع ما تحمله من اقمار صناعية أو غيرها في مداراتها و عدد هذه الصواريخ التي سقطت هو بالآلاف و تعود للعديد من دول العالم روسيا , امريكا , الصين , دول اوربية , اليابان , الهند , ... و غيرها من الدول .
السؤال هو لماذا هذا التضخيم لمخاطر سقوط حطام هذا الصاروخ الصيني بالذات ...؟
للإجابة على هذا السؤال لابد من الإشارة الى أن امريكا سبق و رفضت مشاركة الصين في المحطة الفضائية الدولية التي تشترك فيها كلْ مِنْ روسيا و امريكا و كندا و اليابان بالإضافة الى 11 دولة اوربية , لقد ضنت امريكا أن حرمان الصين من المشاركة في المحطة الفضائية الدولية سيوقف تطور الصين في مجال الفضاء لكن النتيجة جاءت معاكسة فقد اعتمدت الصين يشكل رئيسي على نفسها و على تعاون روسيا معها في مجال تكنولوجيا الفضاء و نجحت في اول مرحلة تنفيذية لبناء محطتها الفضائية .

هذا التطور السريع للصين في كل مجالات العلوم و التكنولوجيا هو الذي يرعب امريكا و هو وراء هذه الحملة الإعلامية التي تشنها امريكا و معها بعض من حلفائها حول الخطر الوهمي لما اسموه بخطر الصاروخ الصيني التائه , هذه الحملة الإعلامية التي و صفها الأعلام الصيني بالحملة السخيفة إذ قال إن امريكا تعلم من إن حطام الصاروخ هو من سبيكة الألمنيوم التي تحترق بسهولة بسبب الاحتكاك عند دخوله الغلاف الجوي اذا استمر لفترة كافية لتفتيته و صهره و من ثم سقوطه في احدى مقابر الصواريخ في البحار و المحيطات , و بهذا الخصوص لابد من الإشارة الى أن ليس هنالك من امكانية للسيطرة على سقوط حطام اي صاروخ إن كان هذا الصاروخ صيني أو امريكي أو روسي أو عائد لأي دولة , فالسيطرة على الصاروخ تنتهي عندما يتحول الصاروخ الى حطام و يتحدد مكان سقوط الحطام بموجب حسابات رياضية فيزيائية و ليس من خلال سيطرة موجهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي