الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة : أفول الحُلم و ضلال الاتجاه

محمد بن زكري

2021 / 5 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


تنويه :
كان هذا المقال قد نشر عام 2010 (بموقع ليبيا جيل ، المغلق منذ مطلع 2012) ، و ذلك تفنيدا لفكرة " الولايات المتحدة الأفريقية " ؛ بدلالة أزمة الرهن العقاري ، التي عصفت باقتصاد الولايات المتحدة الأميركية ، و امتدت آثارها السالبة إلى كل الاقتصادات الراسمالية الكبرى . و لأن التشابه كبير بين أزمة الرهن العقاري و الأزمة الحالية التي يتخبط فيها الاقتصاد الأميركي ، تحت ضربات كوفيد 19 . أعيد نشر المقال ، ربطاً بقراءة - غير محايدة - لاحقة في (أزمة كورونا) ، محتفظا برأيي في أن أميركا امبراطورية شائخة آيلة للأفول .
========
* كمقدمة :
إذا كانت وقائعُ التاريخ قريبةُ العهد ، و تحولاتُ الواقع قيد الفعل والتفاعل ، قد أثبتت و لا زالت أن الاتحاد الافريقي لم يكن في الفضاء النظري و في المحصلة العيانية (السياسية / الاقتصادية / الاجتماعية) سوى منحىً استبداليّا مُفرّغا من أيِّ محتوى تغييري لواقع قارة بائس ، لم يزل يرزح تحت ثقل ماضٍ شديد التخلف ، صاغته عواملُ ثقافاتٍ بدائية و انتماءاتٌ إثنية و تكويناتٌ مجتمعية قبلية ما قبل قروسطية ، و كرسته حقائق الجغرافيا السياسية الموروثة عن حقبة الاستعمار القديم ، في شكل كيانات سياسية مصطنعة عاجزة بحكم طبيعة تكوينها عن إحداث أي تنمية أو تقدم أو استقلال ؛ الأمر الذي يجعل من مجموع الأصفار العديدة صفرا واحدا ، هو الاتحاد الأفريقي .
و إذا كان إطلاق فكرة الولايات المتحدة الأفريقية ، إنما هو - في الانطباع الأولي و في التحليل الموضوعي الأخير - ليس إلا هروبا إلى الأمام و قفزا فوق معطيات الواقع ، في محاولة استنساخ لاتاريخي لتجربة الولايات المتحدة الأميركية ، بوهم صلاحيتها لتجاوز فشل الاتحاد الأفريقي في تحقيق أي إنجاز يُذكر ؛ سواء على مستوى مستهدفات الإعلان البانورامي عن قيامه ، أم على مستوى تطلعات الأهداف التنموية للألفية الثالثة حتى العام 2015 ، فضلا عن بذخ الاستجابة لاستحقاقات الحكم الرشيد و النزاهة و الشفافية . و لكأنما استنساخ الإطار السياسي أو استبدال اسم بآخر هو التدبير الأمثل لتلبية طموح الخروج بالقارة من موقعها على هامش العولمة ، أو التطابق مع شروط انتشال الدول أعضاء الاتحاد من نقط دورانها في فلك التبعية الإستلحاقية للإرادات و الستراتيجيات و المصالح الأجنبية ، و انتشال الإنسان الأفريقي من ثالوث الفقر و الجهل و المرض ، فضلا عن تطلعات مؤشرات الرفاه الاجتماعي و سلامة البيئة و حرية الرأي و مجتمع المعلومات ؛ بصرف النظر عن مدى ملاءمة الكيان المستنسخ للحياة في المكان الخطأ و في الزمان الخطأ .
إذا كان ذلك كذلك ، و هو لا يبدو إلا كذلك . فإنه لا بد من القول أيضا بأن وقائع التاريخ المعاش و تحولات الواقع الملموس ، تشير بقوة و بما يقطع الشك باليقين ، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ؛ كإطار سياسي ، و كنظام اقتصادي ، و كنمط عيش اجتماعي ، موشكة على الانهيار . و قد لا تمضي إلا سنوات - وربما عقود - قلائل إلا و تأخذ في التفكك ، لتتساقط النجوم من على رقعة سماء العلم الأميركي ، معلنة بذلك عن انفصال أكثر من ولاية لتصبح دولة مستقلة عن سلطة الدولة الاتحادية .

* بداية النهاية :
ليس من مقياس أكثر دقة و دلالة على مدى رشاد الحكم و قوة الدولة إلا قوة أدائها الاقتصادي ، المنعكسة في شكل و درجة الرفاه الاجتماعي و ارتفاع مستوى معيشة السكان و الدخل الفعلي للفرد . و لقد اثبت التاريخ دائما أن السبب الرئيس لانهيارات نظم الحكم و الكيانات الدولتية الكبرى ، هو انهيار اقتصاداتها .
و واقع الحال هو أن اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية ، ما انفك - بحكم طبيعة نمطه الراسمالي - يعاني من الأزمات الهيكلية الدورية العميقة ؛ ما أن يخرج من أزمة ، إلا ليقع في أزمة أعتى من سابقتها .
و إنه لمن الاحتمالات المرجحة التي تطرح نفسها بقوة ، أن تؤدي الأزمة الحالية ، التي يتخبط فيها الاقتصاد الأميركي منذ العام 2001 ، إلى اضمحلال قوة الدولة و سلطتها المركزية ، إيذانا بانفراط عقد الفدرالية ؛ فالشواهد على ترنح الاقتصاد الاميركي تتزايد طوال الوقت ، لتؤكد استمرار عجز الموازنة ، و ارتفاع مؤشر الدين العام ، و إفلاس الشركات العملاقة ، و تفاقم البطالة ، و تورط الناس في ديون فاحشة تتراكم ليجدوا انفسهم غير قادرين على سدادها ؛ في حين لا تقدِّم لهم سياسات الليبرالية الجديدة أيَّ أمل بالخروج من الفخ الذي أوقعهم فيه أسلوب الحياة الأميركية ، الذي يقوم على اعتبار البشر كائنات استهلاكية أكثر من كونهم مواطنين .

* تفكك الولايات المتحدة :
إن الأزمة المالية و الاقتصادية ، التي تهز رموز قوة الاقتصاد الأكبر في العالم ، و تدفع بها نحو الإفلاس ، قد أدخلت الاقتصاد الأميركي في حالة من الكساد و الانحسار ، لم تفلح كل تدابير الإنعاش التي اعتمدتها الإدارة لإنقاذه من الانهيار . بل إن التكلفة الباهظة لخطط الإنقاذ ، التي لا تبدو لها نهاية واضحة و لا يبدو لها أي انعكاس إيجابي ملموس ، قد أفرزت اتجاهاتٍ و قوى معارضة واسعة ، أخذت تشكك صراحة بشرعية السلطة الفدرالية ، و تتهم الإدارة المركزية بالخضوع لإرادة و إملاءات اللوبي الصهيوني ، الذي يضغط باتجاه تغذية حروب أميركا في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل ، و الخضوع لإرادة و إملاءات مركز المال في وول ستريت ، الذي يضغط باتجاه تحميل دافعي الضرائب تكلفة خطط الإنعاش الاقتصادي اللامجدية ؛ الأمر الذي يبدو معه من غير المستبعد (عند نقطةٍ ما) ألا تلتزم بعض الولايات الغنية - بمواردها الطبيعية والسيادية - بدفع فاتورة إنعاش الاقتصاد و تمويل الموازنة الاتحادية .
فعلى خلفية ترنح الاقتصاد الأميركي ، تحت وقع السقوط المريع لأسماء كبيرة لامعة في عالم المال و الأعمال ، و مع تبخر أموال الشركات المفلسة ، و لجوء الحكومة الاتحادية إلى استعمال أموال الضرائب لتمويل الحروب العبثية و عمليات الانتشار العسكري بالخارج و تنفيذ خطط الإنعاش الاقتصادي غير ملموسة النتائج المتوخاة ؛ أخذت الأصوات تتصاعد مطالبة بالانفصال عن الفدرالية الأميركية ، حتى لقد تجاوز عدد الولايات التي أبدت رغبتها في الانفصال - تحت الفصل العاشر من الدستور- ثلاثين ولاية ، من أصل خمسين ولاية غير العاصمة الاتحادية واشنطن . و منها على سبيل المثال ولايات : فيرمونت ، بنسلفينيا ، هاواي ، مونتانا ، أريزونا ، ألاسكا ، تينسي ، تكساس ، و كاليفورنيا .
و لقد بلغ الأمر بحاكم ولاية تكساس (ريك بيري ) حد الإعلان بأنه يؤيد مطالب الحركة القومية في الولاية بالانفصال عن الفدرالية ، و أبعد من ذلك ذهب المشرعون في ولاية (أريزونا ) إلى إعداد مشروع قانون لإعلان الاستقلال .

* المارينز لا يقدم الحل :
تقوم هيبة الولايات المتحدة على دعامتين اثنتين : قوة المال و الاقتصاد ، و قوة السلاح ؛ فإذا انهارت إحدى هاتين الدعامتين انهار البناء كله .
و بانحسار قوة الاقتصاد الأميركي و تداعيه للانهيار ، فإن الشيء الوحيد الذي لازال يحتفظ للولايات المتحدة ببعض مظاهر الهيبة هو آلتها الحربية ؛ غير أن جنود المارينز الذين يطوفون حول العالم ، لن يوقفوا زحف الصناعات الصينية على أميركا (فالصين قوة عسكرية عظمى) ، و لن يوقفوا ارتفاع مؤشر المديونية الخارجية (و الداخلية أيضا) ، و لن يوقفوا مسلسل انهيار مؤسسات المال و مؤسسات الاقتصاد الحقيقي (العيني) و إعلان إفلاساتها ، المنذرة بإفلاس و انهيار الولايات المتحدة و تفككها .

* تهويل أمْ تحليل :
و حتى لا نُتهم بالتهويل و البناء على الوهم و التمني (من موقع : اللي ما يحبكش يحلملك الحلم الشين) ، فلتكن مرجعيتنا المصادر الرسمية التابعة للسلطة الفيدرالية الأميركية ذاتها ؛ لنورد فيما يلي بعض المؤشرات و البيانات و المعلومات ، نقلا من واقع التقارير الصادرة عن : وزارة الخزانة ( department of the treasury) و مجلس الاحتياطي الاتحادي (federal reserve system) و الهيئة الأميركية لتأمين الودائع (federal department insurance corporation) .

* المديونية :
- كان الدين العام سنة 2008 يقدر بنحو 9,985,6 تريليون دولار ، و بدلا من أن تفلح تدابير الإدارة في خفضه ، فقد ارتفع عام 2009 إلى 12,311,4 تريليون دولار ، أي ما نسبته 86,1 % من الناتج المحلي الاجمالي .
- بتاريخ 30 يوليو 2010 أعلنت وزارة الخزانة ان الدين العام للولايات المتحدة ، وصل إلى نحو 13,500 تريليون دولار ، ليصل بذلك حجم الدين إلى نحو 93 % من الناتج الإجمالي . و من المتوقع أن يصل مع نهاية العام الى 14,456,3 تريليون دولار بنسبة 98,1 % من الناتج الإجمالي .
- تتوقع وزارة الخزانة ان يصل حجم الدين العام سنة 2011 الى ما يتراوح بين 15- 16 تريليون دولار ، أي ما نسبته 100 % - 111 % من الناتج المحلي الإجمالي ، و سيصل عام 2014 إلى 18 تريليون دولار .
- و يؤكد خبراء الاقتصاد في الوزارة ان الدين الداخلي يزداد بنحو 1,4 مليار دولار يوميا ، أي حوالي مليون دولار كل دقيقة ، و قد بلغ حتى منتصف العام الجاري 2010 : 9,13 تريليون دولار .

* الديون الخارجية :
الدين الخارجي هو قيمة السندات المالية التي تضمنها خزانة الولايات المتحدة ، و التي تحتفظ بها الدول و المؤسسات و الجمهور بالخارج .
و على الرغم من تخفيض نسبة الفائدة للتخفيف من الاثار السالبة للازمة المالية ؛ فقد تزايدت أرقام العجز الأميركية لصالح الدائنين الخارجيين المالكين لسندات الخزانة الأميركية ، ليبلغ عجز الولايات المتحدة في مايو 2010 لصالح كل من : الصين الشعبية 867,7 مليار دولار ، اليابان 786,7 مليار ، المملكة المتحدة 350,0 مليار ، البرازيل 161,4 مليار ، هونغ كونغ 145,7 مليار ، روسيا 126,8 ، و تايوان 126,2 مليار دولار .

* الانهيار و الإفلاس :
يقول المؤرخ و المفكر الانجليزي بول كيندي في كتابه : صعود وأفول القوى العظمى (paul kennedy . the rise and fall of the great powers . 1987 ) ما ننقل عنه بتصرف : " إن الانتشار المفرط للإمبراطورية خارج حدودها ، مع تنامي الإنفاق للمحافظة على ذلك الانتشار ، بشكل يفوق معدل الإنفاق على المتطلبات الداخلية ، يؤدي مع الوقت إلى اختلال البنية الاقتصادية ، و من ثم إلى الانحسار و الاضمحلال " . و هو ما يبدو واضح الانطباق على حالة الولايات المتحدة الأميركية ، فبالإضافة إلى تكلفة الانتشار الإمبراطوري العسكري للولايات المتحدة خارج حدودها ، تضافرت عدة عوامل أخرى لتضعها على شفا منحدر الانهيار ، و من تلك العوامل : العجز المالي ، و ضعف الأداء الاقتصادي ، و إفلاس المؤسسات المالية و الاقتصادية .
لقد بدأ مسلسل انهيار و إفلاس الشركات الأميركية منذ العام 2001 ، و يُتوقع أن تبلغ دورة الإفلاس ذروتها عامي 2011 و 2012 ، تأسيسا على أن الدورة غالبا ما تستمر حوالي خمسة أعوام ، و ذلك على اعتبار أن تساقط الرموز الكبيرة في الاقتصاد الأميركي ، بدأ عام 2007 ، تأثرا بأزمة الرهن العقاري . و يقدم مسلسل انهيار الشركات الأميركية البيانات التالية :
- خلال مدة سنة واحدة من سبتمبر 2001 إلى سبتمبر 2002 ، تم الإعلان عن إفلاس 60 ألف شركة أميركية ، و تم تسريح أكثر من 140 ألف عامل . كما بلغ الافلاس الشخصي خلال نفس الفترة 391 ألف حالة ، قُدِّرت فيها الخسائر بنحو 8,6 تريليون دولار .
- تكبدت شركات الطيران الأميركية عام 2001 خسارة 9 مليار دولار ، لتصل عام 2002 الى نحو 10 مليار دولار ، و أعلنت شركتا : يو إس إيرويز ، و يونايتد إيرويز إفلاسهما ، نتيجة للركود الزاحف على مفاصل الاقتصاد الأميركي ، كما توقفت الشركات الصغيرة عن العمل ، و فقدت حوالي 300 ألف وظيفة .
- في شهر مارس 2008 تم إلغاء 80 ألف وظيفة ، ليصل بذلك عدد الوظائف المفقودة خلال الربع الاول من العام الى 232 ألف وظيفة .. وجد المُسرَّحون منها أنفسهم في مهب المجهول . هذا مع الأخذ في الاعتبار أن اقتصاد أيّ بلد يُعتبر قد تدهور ، من حالة الأزمة إلى مرحلة الكساد ، إذا استمرت خسارة الوظائف لثلاثة أشهر متتالية .

* انهيار مؤسسات المال :
بانفجار فقاعة الرهن العقاري عام 2007 ، و تطور تداعياتها من أزمة مالية إلى أزمة اقتصادية شاملة ، انهارت مؤسسات مالية كبرى كان أهمها بنك بيرستيرنز و بنك ليمان براذرز .
و قد أُعتبر انهيار ليمان براذرز أسوأ كارثة تتعرض لها أسواق المال الأميركية ، منذ أحداث برجي مركز التجارة العالمي . و صدقت وسائل الإعلام في وصفها سقوط ليمان براذرز بالصدمة التي هزت العالم و عصفت بالمؤسسات المالية في الولايات المتحدة ..
- فقد أعلن 240 مصرفا اميركيا افلاسه عام 2009 ، و خلال النصف الأول من العام الجاري 2010 ، تم إعلان إفلاس 103 مصارف أميركية ، و يقول خبراء الاقتصاد في الوكالة الأميركية لتامين الودائع ، إن ما بين 175 - 200 مصرف ، معرض للانهيار مع نهاية العام .
- سرّح قطاع الخدمات المالية 100 ألف موظف ، تبعهم 50 ألف موظف آخرون نتيجة إفلاس ليمان براذرز .
- من المتوقع ان تتكبد مؤسسة ضمان الودائع الاميركية هذا العام 2010 ما بين 49 - 56 مليار دولار .

* أمثلة على الخسائر :
- واصلت ديون الشركات الأميركية (غير المالية) ارتفاعها ، لتصل في النصف الاول من العام 2006 الى 4,870 تريليون دولار .
- و مع استحكام أزمة الرهن العقاري عام 2007 ، اضطرت الإدارة الأميركية إلى تأميم شركتي تأمين الإقراض العقاري : فريدي ماك و فاني ماي ، بما يصل إلى 200 مليار دولار ، في اكبر عملية انقاذ حكومي في تاريخ الولايات المتحدة ، و ذلك باستخدام أموال دافعي الضرائب ، الذين وصلت خسائرهم عام 2009 حوالي 50 مليار دولار ، جراء الأزمة المالية .
- و ابتداءً من سبتمبر 2009 حتى يوليو 2010 ، دعمت الخزانة الأميركية مؤسستي : فريدي ماك و فاني ماي ، بما يزيد عن 5 تريليون دولار ، تنفيذا لقانون الإنعاش الاقتصادي .

* نماذج من الشركات العملاقة المفلسة :
1) 1) شركة إنرون : شهد العام 2001 انهيار إحدى أكبر شركات الطاقة الأميركية ، بعد أن كانت تتحكم في رسم و إدارة سياسات النفط و الغاز و الكهرباء ، و بعد أن كان نشاطها قد امتد ليشمل القارات الخمس ، و كان قد سبق لإنرون تمويل انتخابات الرئاسة الأميركية .. فمولت حملة بل كلنتون بمبلغ 100 ألف دولار ، و مولت حملة جورج بوش الثاني بمبلغ 2,3 مليون دولار ؛ حيث ظل مديرها على علاقة وثيقة مع بوش منذ كان حاكما لولاية تكساس .
و لقد بلغت شركة إنرون من القوة و التأثير في صناعة القرار الاميركي الى درجة انها كانت وراء امتناع الولايات المتحدة عن توقيع بروتوكول كيوتو للحد من تلوث فضاء العالم .
و نتيجة للتدليس ، كانت مؤشرات و أسواق الأوراق المالية ، تشجع على الاستثمار في سهمها ، التي ارتفعت قبل شهر واحد من إفلاسها إلى 90 دولارا ، لتعود فتهوي فجأة إلى 90 سنتا ، و تضع نفسها تحت حماية البند 11 من قانون الإفلاس .
2) شركة وورلد كوم : تُعتبر شركة وورلد كوم للاتصالات صاحبة اكبر عملية إفلاس في التاريخ ، حيث وضعت نفسها (يوليو 2002) تحت حماية الفصل الحادي عشر من قانون الافلاس الاميركي . و كانت وورلد كوم واحدة من رموز قوة الاقتصاد الأميركي ، حيث تشمل عملياتها 65 دولة ، و يصل عدد موظفيها إلى 85 ألفا ، و تشير البيانات إلى أن قيمة أصولها تبلغ 107 مليارات دولار . و لقد وصل سهمها في اسواق التداول 65 دولارا سنة 2001 ، ليهوي في يوليو سنة 2002 إلى 8 سنتات ، و لتصل خسائرها إلى 7,6 مليار دولار ، ما دفعها إلى طلب إشهار إفلاسها .
3) شركة جنرال موتورز : كانت شركة جنرال موتورز لصناعة السيارات اسما لامعا ، يمثل قوة الاقتصاد الأميركي في العالم ، حتى يونيو 2009 ، حيث تنتشر فروعها عبر 35 دولة ، و يعمل بها 266 ألف موظف ؛ على أنه في ذلك التاريخ تقدمت G M بطلب إشهار إفلاسها ، لتنتهي الأسطورة بالسقوط تحت ثقل ديون قدرها 172,8 مليار دولار ، لا يقابلها سوى 62 مليار هي مجمل قيمة أصول الشركة ، و على أن تستولي الحكومة الفدرالية على نسبة 60 % من الشركة المفلسة ، مقابل رفع حجم التمويل الحكومي إلى 50 مليار دولار ، لإنقاذ G.M ، و بالتالي إنقاذ صناعة السيارات الأميركية .
خاتمة :
أختم بسؤالين بسيطين : هل يستقيم ، مع كل اعتبارات الخصوصية ، و مع كل ما تقدم تبيانه من أمر انهيار الأصل ، أن يُعلق أيُّ أحد أيَّ أمل على استنساخ الصورة السالبة ؟! و هل يستقيم أصلا ، في العقل العلمي ، استنساخ نظام ما ، هو نتاج الظروف التاريخية النوعية لمجتمع ما ؛ لاستنباته في ظروف تاريخية مغايرة ، لمجتمع آخر مختلف نوعيا ؟!
الجواب بالنفي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟| المسائية


.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات جديدة على إيران




.. لماذا أجلت إسرائيل ردها على الهجوم الإيراني؟ • فرانس 24


.. مواطن يهاجم رئيسة المفوضية الأوروبية: دماء أطفال غزة على يدك




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا الحربية أغارت على بنى تحتية ومبان