الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يتخلص البعض من عقدة مركب النقص والشعور بالدونية؟

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2021 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يلاحظ من يتابع وسائل التواصل الإجتماعي في الآونة الأخيرة, ثمة حديث متزاييد من بعض المتعلمين وممن يحسبون في عداد المثقفين العراقيين , عن عظمة إنجازات الدول الأخرى لحد الإنبهار بهذه الإنجازات , وكأن هذه الدول باتت تحقق اليوم معجزات خارقة , بينما هي في حقيقة الأمر إنجازات عادية يمكن لأي دولة تحقيقها لو توفرت لديها الحكومة الرشيدة القادرة على وضع ستراتيجيات التنمية المستدامة ,ورسم السياسات اللازمة لتنفيذها في بيئات سياسية مستقرة, ورصد المبالغ المالية اللازمة, وهي جميعها أمور تقع في صلب عمل أية حكومة تسعى لخدمة شعبها وبناء بلدها بناء قويا في عالم اليوم الذي لم يعد فيه مكانا للضعفاء.
نقول أن من حق أي شعب أن يفتخر ويزهو بإنجازات بلده التي هي في المحصلة نتاج تضافر جهود جميع أفراده , وهذا أمر طبيعي , إلاّ أن الأمر غير الطبيعي أن يفتخر آخرون بحماس, بإنجازات بلدان أخرى لا علاقة لهم بها أبدا, وكأنهم جزء من هذه البلدان التي لا تقيم لهم أي وزن. ترى البعض يشيد بما حققته تركيا في عهد أوردغان من بناء طرق حديثة ومطارات عملاقة , وما تنعم به تركيا حاليا من رفاهية , غير أبهين لما إرتكبته حكومتها, وما زالت ترتكبه من فضاعات وأعمال عدوانية بحق سورية التي مزقتها أعمال الجماعات الإرهابية التي إتخذت من تركيا منطلقا لها بعلم ودعم مباشر من حكومتها, ناهيك عن أنها مازالت تحتل لواء الأسكندرونة الذي إقطتعته من سورية عشية إستقلالها عام 1945,ويا ليتها عاملت سكانه بسوية مع المواطنين الأتراك , حيث تحرم سكانه العرب من ممارسة أبسط حقوقهم الأساسية , ومنها حق التعليم بلغتهم العربية , لغة القرآن الكريم , وهو حق كفلته جميع دساتير الدول المتحضرة التي تدعي تركيا أنها جزء منها , بهدف صهرهم في المجتمع التركي بطمس هويتهم العربية , كما لا تعترف تركيا بحقوق القوميات الأخرى فيها . ولا عجب أن نرى بعضها يسعى للإنفصال عنها .ولا نريد الحديث اكثر عن أرث الدولة العثمانية الثقيل في البلاد العربية التي يسعى حكام تركيا الجدد إحياءها ثانية في هذه البلدان , فها هم اليوم يطالبون بين الحين والآخر بعائدية محافظة نينوى التي فقدوها في إستفتاء شعبي حر أجري العام 1922 بإشراف دولي , حيث أكد غالبية سكانها بإنتماؤهم لوطنهم العراق , كما لا زالوا يلوحون بعائدية محافظة كركوك بين الحين والآخر .فضلا عن حرمان العراق من حصصه المائية التاريخية بنهري دجلة والفرات خلافا للمواثيق الدولية .
ليس القصد هنا نبش التاريخ , بل ما يعنينا هنا الإهتمام ببلدنا والسعي لتصحيح أوضاعه ووضعها في المسار الصحيح ليأخذ موقعه اللائق بين الأمم , ولا ضير بالإطلاع على تجارب الدول الأخرى بهدف الإستفادة منها , لا أن نكون موظفي علاقات عامة وشركات إعلانات لتلميع صور الآخرين , وأن لا يدفعنا عدم الرضا على أوضاع بلدنا البائسة إلى الشعور بالنقص أو الدونية , إذ أن لكل حصان كبوة , وأن بقاء الحال من المحال , فعلينا أن نشد أزر بعضنا البعض, كي تنهض بلادنا من كبوتها التي نرجو الله أن لا تطول , فنيل المطالب لا يتم بالتمني بل بالعمل الشاق الدؤوب .
هناك أيضا من يقدم مصلحة بلدان أخرى على حساب مصلحة بلده خلافا لكل عرف وعقيدة , حتى وأن تسبب ذلك بأضرار جسيمة لبلده وتهديد أمنه ووجوده , إذ ترى البعض يدافع بقوة عن المصالح الإيرانية في العراق ,دون إكتراث بمصالح العراق, وهي مصالح بات للقاصي والداني تلحق أضرارا بليغة بالعراق, أمنا وإستقرارا وإقتصادا , لدرجة أن البعض عندما يسأل علنا سؤالا إفتراضيا على قنوات التلفاز , عن موقفه فيما لو إندلعت حربا اليوم بين إيران والعراق الذي تحكمه أحزابهم الإسلامية المتعاونة مع إيران على حساب سيادة العراق ومصالحه المشروعة , يعلنون بكل صلافة وقوفهم مع إيران بدعوى أن الحق يكون مع إيران أينما تكون . فلا عجب نراهم يتغاضون عن فقدان العراق لحقوقه التاريخية في مجرى شط العرب , وتضيق الخناق عليه أكثر وأكثر في ممراته البحرية , والعمل بكل الوسائل على تدمير ما تبقى من قدراته الصناعية والزراعية , ليكون سوقا رائجة للمنتجات الصناعية والزراعية الإيرانية , ناهيك عن التدخل في كل شاردة وواردة في الشأن العراقي, لدرجة لا يمكن فيها تنصيب حكومة عراقية بدون إستحصال موافقة الحكومة الإيرانية , كما بات العراق ورقة تفاوضية إيرانية بوجه الولايات المتحدة في صراعها مع إيران على قضايا مختلفة لا علاقة للعراق بها.كان الأجدر بهؤلاء بناء علاقات متوازنة بين العراق وإيران , متخذين من العلاقات الإيرانية العمانية إنموذجا , حيث يمتلك كل منهما حرية قراره السياسي وعدم التدخل بشؤونه الداخلية وسيادته في أرضه ومياهه وتحديد شكل إرتباطاته مع الدول الأخرى,ويحضى كل طرف بإحترام الطرف الآخر.
وينبهر آخرون بإنجازات الصين وكأنها إنجازات عراقية , وهنا نقول أن الصين دولة صديقة لا ضير في ذلك , لها مصالحها في العراق كما للعراق مصالحه بتمتين العلاقة مع الصين , وتوظيف هذه المصالح لمصلحة البلدين , والسياسي الحاذق يمكنه الإستفادة من تناقضات المصالح الصينية والمصالح الغربية بعامة والمصالح الأمريكية بخاصة , لمصلحة العراق. وهذا يذكرنا بإندفاع بعض العراقيين في أعقاب ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 , فريق يتغنى بالإتحاد السوفيتي وفريق آخر يتغنى بمصر عبد الناصر , والنتيجة كانت دمار العراق بتقاتل العراقيين فيما بينهم في هكذا صراعات عبثية إستمرت سنيين طويلة , فما أشبه اليوم بالبارحة ولكن المصيبة اليوم أشد وأعظم.
أن ما أردنا قوله هنا , أن على العراقيين تكريس كل طاقاتهم وقدراتهم لبناء العراق الحر القوي المزدهر الذي يهابه الإعداء ويحترمه الأصدقاء , وأن يكون حبهم وإنتمائهم للعراق أولا وأخيرا, ونبذ كل أشكال الحقد والكراهية فيما بينهم أولا , وفيما بينهم وبين شعوب العالم أجمع , صغيرها وكبيرها على حد سواء , وأن ينظروا إلى أنفسهم على أنهم ليسوا أقل شأنا من كائن من يكون , وبإمكانهم تحقيق كل ما حققه الآخرون لو خلصت نواياهم وتضافرت جهودهم , فالعراق كان وما زال قادرا على الإبداع والإبتكار وتجاوز كل المحن , كما تؤكد ذلك على الشواهد والأحداث التاريخية التي مر بها العراق عبر تاريخه الطويل .كان الفرد العراقي دوما شامخا مرفوع الرأس لا ينحني إلاّ لرب العالمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة